قد تجد تركيا صعوبة في أن تلعب دورا علنيا في الائتلاف الذي تشكله الولايات المتحدة لضرب أهداف لتنظيم داعش في العراق وربما سوريا، خوفا من أن ينتقم التنظيم المتشدد من عشرات الأتراك الذين يحتجزهم رهائن.

 وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يأمل أن يضع استراتيجية إقليمية للتصدي لتنظيم داعش الذي استولى على مناطق واسعة من العراق وسوريا، لكن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين توقعوا أن تنأى تركيا بنفسها عن لعب دور علني كبير، وفقا لـ«رويترز».

 وتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، هي البلد المسلم الوحيد في ائتلاف أساسي أعلنت الولايات المتحدة عنه أول من أمس الجمعة خلال قمة للحلف في نيوبورت بويلز. ويضم الائتلاف عشر دول التزمت بمحاربة مقاتلي «داعش» في العراق.

 ولم يتضح إلى أي مدى قد يستهدف الائتلاف تنظيم داعش في سوريا، حيث يتمتع المتشددون بملاذ آمن. وعلاقات تركيا بدول سبع مجاورة لها حساسة، وأحيانا ما تعاني هذه الدول من اضطرابات. ويحتجز تنظيم داعش نحو 46 مواطنا تركيا، بينهم دبلوماسيون خطفوا من القنصلية التركية في الموصل عندما اجتاح التنظيم المدينة، وهي ثاني كبرى مدن العراق، في يونيو (حزيران) الماضي.

 وتقديرا للمأزق الذي تجد تركيا نفسها فيه، تهدف واشنطن إلى حمل أنقرة على التركيز على وقف تدفق المتشددين الأجانب، وبينهم كثيرون من الولايات المتحدة وغرب أوروبا يعبرون أراضيها للانضمام للقتال في سوريا. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه «الكل يدرك أن الأتراك لهم وضع خاص»، في إشارة إلى سلامة الرهائن الأتراك وعدم رغبة دولة في مهاجمة دولة مجاورة خشية حدوث رد فعل انتقامي. وتابع «تركيا ستكون جزءا من الائتلاف، لكن ما الذي يعنيه ذلك؟.. لن يتطلب الكثير».

 وذكر مسؤول ثان أن واشنطن ستطلب من أنقرة أن تبذل جهدا أكبر لمنع المقاتلين الأجانب من دخول سوريا، وهي رسالة وجهها أوباما بشكل دبلوماسي الجمعة، وسيكررها وزير الدفاع تشاك هيغل خلال زيارة لتركيا هذا الأسبوع. وعندما اجتمع بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قال أوباما للصحافيين «أريد أن أعبر عن تقديري للتعاون بين القوات المسلحة وأجهزة المخابرات الأميركية والتركية في التعامل مع قضية المقاتلين الأجانب، وهي قضية لا تزال تحتاج لجهد أكبر».

 وسعت تركيا لفترة طويلة لدفع الولايات المتحدة كي تتحرك بشكل أكبر لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام والتي أودت بحياة نحو 200 ألف شخص. وقال مسؤولون أتراك إن تركيا وضعت قائمة تضم أسماء ستة آلاف شخص ممنوعين من دخول أراضيها للاشتباه في أنهم يسعون للانضمام للمتشددين في سوريا، بحسب معلومات من وكالات مخابرات أجنبية.

 وقال المسؤول الأميركي الثاني إن «ملف المقاتلين الأجانب معروف جيدا. إنها مشكلة، وهي حتما تسهم في تقدمهم في سوريا والعراق.. هذا حتما أمر نتطلع لتركيا كي تساعدنا فيه».

 ودفع التقدم الخاطف لتنظيم داعش في العراق أوباما لاستئناف الغارات الجوية في العراق خلال شهر أغسطس (آب) الماضي للمرة الأولى منذ انسحاب القوات الأميركية في 2011. وحتى يوم الخميس كانت الولايات المتحدة قد نفذت 127 ضربة جوية. وزادت التوقعات بأن أوباما قد يستهدف «داعش» في سوريا. وبالإضافة لإيفاد هيجل لتركيا سيتوجه وزير الخارجية جون كيري للشرق الأوسط الأسبوع المقبل لحشد شركاء للائتلاف. وتسلط معضلة تركيا الضوء على طبيعة التحديات التي يواجهها كيري في تشكيل ائتلاف فعال من الدول التي لها مصالح والتزامات مختلفة في المنطقة. وفي مؤشر على مدى حساسية المسألة في تركيا، شدد مسؤولون أتراك، في أحاديث خاصة، على أن أيا من الطائرات الأميركية التي تنفذ غارات في العراق لم تأت من قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا.

 وقال هنري باركي، وهو أستاذ بجامعة ليهاي وعضو سابق في إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية «لن يسمحوا باستخدام انجرليك لتنفيذ ضربات جوية». وأضاف، في إشارة إلى مقطع الفيديو الذي نشر يوم 19 أغسطس وأظهر مقاتلا ملثما وهو يذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي «إعدام فولي لم يكن رسالة لنا فحسب، بل أيضا للأتراك». ونشر التنظيم مقطع فيديو آخر يوم الثلاثاء يظهر إعدام صحافي أميركي ثان هو ستيفن سوتلوف.

 ورغم تشديد تركيا على احترام التزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي الذي انضمت إليه في 1952، فقد عبر مسؤولون أتراك عن عدم استعدادهم للمخاطرة بحياة رهائنهم. وقال مسؤول تركي طلب عدم نشر اسمه «تركيا عضو بحلف الأطلسي. نشترك في المبادئ والقيم نفسها مع الغرب، لكن لدينا 46 رهينة». وقال دبلوماسي غربي في أنقرة «إنهم عاجزون. لا يستطيعون - وهذا أمر مفهوم حقيقة - أن ينضموا بحماس للتحرك العسكري. أنا واثق أنهم يبدون تأييدهم في الأحاديث الخاصة لكنهم لا يشعرون أن بإمكانهم إبداء هذا على الملأ».

 وقال محللون في الولايات المتحدة بينهم اللفتنانت جنرال المتقاعد ديفيد بارنو، وهو قائد أميركي كبير سابق في أفغانستان، إن تركيا ستقدم المساعدة من وراء الكواليس بالسماح لدبابات وطائرات استطلاع وطائرات من دون طيار بالعمل من أراضيها. وقال بارنو الذي يعمل الآن في مركز الأمن الأميركي الجديد في واشنطن إن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أنهم قد يكونون على استعداد لاستخدام هذه القواعد لأنشطة غير قتالية.. وليس الطائرات التي تحمل قنابل.

 لكن استهداف التنظيم في سوريا يتطلب إقناع دول مثل تركيا والسعودية والأردن وغيرها بأن الولايات المتحدة باقية لبعض الوقت رغم إحجام أوباما عن التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط. وقال فريد هوف، وهو خبير سابق بالشؤون السورية في وزارة الخارجية الأميركية «أي شخص يفكر جديا في الانضمام للائتلاف ويتخذ القرار في نهاية المطاف ينبغي أن يقنعه رئيس الولايات المتحدة بأن بلاده ستكون موجودة لفترة زمنية ولن تتخلى عنه».

  • فريق ماسة
  • 2014-09-06
  • 9841
  • من الأرشيف

تركيا تجد صعوبة في لعب دور علني بالتحالف الدولي ضد «داعش»

قد تجد تركيا صعوبة في أن تلعب دورا علنيا في الائتلاف الذي تشكله الولايات المتحدة لضرب أهداف لتنظيم داعش في العراق وربما سوريا، خوفا من أن ينتقم التنظيم المتشدد من عشرات الأتراك الذين يحتجزهم رهائن.  وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يأمل أن يضع استراتيجية إقليمية للتصدي لتنظيم داعش الذي استولى على مناطق واسعة من العراق وسوريا، لكن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين توقعوا أن تنأى تركيا بنفسها عن لعب دور علني كبير، وفقا لـ«رويترز».  وتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، هي البلد المسلم الوحيد في ائتلاف أساسي أعلنت الولايات المتحدة عنه أول من أمس الجمعة خلال قمة للحلف في نيوبورت بويلز. ويضم الائتلاف عشر دول التزمت بمحاربة مقاتلي «داعش» في العراق.  ولم يتضح إلى أي مدى قد يستهدف الائتلاف تنظيم داعش في سوريا، حيث يتمتع المتشددون بملاذ آمن. وعلاقات تركيا بدول سبع مجاورة لها حساسة، وأحيانا ما تعاني هذه الدول من اضطرابات. ويحتجز تنظيم داعش نحو 46 مواطنا تركيا، بينهم دبلوماسيون خطفوا من القنصلية التركية في الموصل عندما اجتاح التنظيم المدينة، وهي ثاني كبرى مدن العراق، في يونيو (حزيران) الماضي.  وتقديرا للمأزق الذي تجد تركيا نفسها فيه، تهدف واشنطن إلى حمل أنقرة على التركيز على وقف تدفق المتشددين الأجانب، وبينهم كثيرون من الولايات المتحدة وغرب أوروبا يعبرون أراضيها للانضمام للقتال في سوريا. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه «الكل يدرك أن الأتراك لهم وضع خاص»، في إشارة إلى سلامة الرهائن الأتراك وعدم رغبة دولة في مهاجمة دولة مجاورة خشية حدوث رد فعل انتقامي. وتابع «تركيا ستكون جزءا من الائتلاف، لكن ما الذي يعنيه ذلك؟.. لن يتطلب الكثير».  وذكر مسؤول ثان أن واشنطن ستطلب من أنقرة أن تبذل جهدا أكبر لمنع المقاتلين الأجانب من دخول سوريا، وهي رسالة وجهها أوباما بشكل دبلوماسي الجمعة، وسيكررها وزير الدفاع تشاك هيغل خلال زيارة لتركيا هذا الأسبوع. وعندما اجتمع بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قال أوباما للصحافيين «أريد أن أعبر عن تقديري للتعاون بين القوات المسلحة وأجهزة المخابرات الأميركية والتركية في التعامل مع قضية المقاتلين الأجانب، وهي قضية لا تزال تحتاج لجهد أكبر».  وسعت تركيا لفترة طويلة لدفع الولايات المتحدة كي تتحرك بشكل أكبر لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام والتي أودت بحياة نحو 200 ألف شخص. وقال مسؤولون أتراك إن تركيا وضعت قائمة تضم أسماء ستة آلاف شخص ممنوعين من دخول أراضيها للاشتباه في أنهم يسعون للانضمام للمتشددين في سوريا، بحسب معلومات من وكالات مخابرات أجنبية.  وقال المسؤول الأميركي الثاني إن «ملف المقاتلين الأجانب معروف جيدا. إنها مشكلة، وهي حتما تسهم في تقدمهم في سوريا والعراق.. هذا حتما أمر نتطلع لتركيا كي تساعدنا فيه».  ودفع التقدم الخاطف لتنظيم داعش في العراق أوباما لاستئناف الغارات الجوية في العراق خلال شهر أغسطس (آب) الماضي للمرة الأولى منذ انسحاب القوات الأميركية في 2011. وحتى يوم الخميس كانت الولايات المتحدة قد نفذت 127 ضربة جوية. وزادت التوقعات بأن أوباما قد يستهدف «داعش» في سوريا. وبالإضافة لإيفاد هيجل لتركيا سيتوجه وزير الخارجية جون كيري للشرق الأوسط الأسبوع المقبل لحشد شركاء للائتلاف. وتسلط معضلة تركيا الضوء على طبيعة التحديات التي يواجهها كيري في تشكيل ائتلاف فعال من الدول التي لها مصالح والتزامات مختلفة في المنطقة. وفي مؤشر على مدى حساسية المسألة في تركيا، شدد مسؤولون أتراك، في أحاديث خاصة، على أن أيا من الطائرات الأميركية التي تنفذ غارات في العراق لم تأت من قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا.  وقال هنري باركي، وهو أستاذ بجامعة ليهاي وعضو سابق في إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية «لن يسمحوا باستخدام انجرليك لتنفيذ ضربات جوية». وأضاف، في إشارة إلى مقطع الفيديو الذي نشر يوم 19 أغسطس وأظهر مقاتلا ملثما وهو يذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي «إعدام فولي لم يكن رسالة لنا فحسب، بل أيضا للأتراك». ونشر التنظيم مقطع فيديو آخر يوم الثلاثاء يظهر إعدام صحافي أميركي ثان هو ستيفن سوتلوف.  ورغم تشديد تركيا على احترام التزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي الذي انضمت إليه في 1952، فقد عبر مسؤولون أتراك عن عدم استعدادهم للمخاطرة بحياة رهائنهم. وقال مسؤول تركي طلب عدم نشر اسمه «تركيا عضو بحلف الأطلسي. نشترك في المبادئ والقيم نفسها مع الغرب، لكن لدينا 46 رهينة». وقال دبلوماسي غربي في أنقرة «إنهم عاجزون. لا يستطيعون - وهذا أمر مفهوم حقيقة - أن ينضموا بحماس للتحرك العسكري. أنا واثق أنهم يبدون تأييدهم في الأحاديث الخاصة لكنهم لا يشعرون أن بإمكانهم إبداء هذا على الملأ».  وقال محللون في الولايات المتحدة بينهم اللفتنانت جنرال المتقاعد ديفيد بارنو، وهو قائد أميركي كبير سابق في أفغانستان، إن تركيا ستقدم المساعدة من وراء الكواليس بالسماح لدبابات وطائرات استطلاع وطائرات من دون طيار بالعمل من أراضيها. وقال بارنو الذي يعمل الآن في مركز الأمن الأميركي الجديد في واشنطن إن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أنهم قد يكونون على استعداد لاستخدام هذه القواعد لأنشطة غير قتالية.. وليس الطائرات التي تحمل قنابل.  لكن استهداف التنظيم في سوريا يتطلب إقناع دول مثل تركيا والسعودية والأردن وغيرها بأن الولايات المتحدة باقية لبعض الوقت رغم إحجام أوباما عن التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط. وقال فريد هوف، وهو خبير سابق بالشؤون السورية في وزارة الخارجية الأميركية «أي شخص يفكر جديا في الانضمام للائتلاف ويتخذ القرار في نهاية المطاف ينبغي أن يقنعه رئيس الولايات المتحدة بأن بلاده ستكون موجودة لفترة زمنية ولن تتخلى عنه».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة