دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
شكل الوجود الكثيف للاجئين السوريين ملفاً ضاغطاً على الدولة التركية، التي شجعتهم لأسباب سياسية على النزوح، وايضاً على المجتمعات التركية التي أقاموا بين ظهرانيها.
وإذا كان حوالي 200 ألف نازح قد أقاموا في المخيمات - المعسكرات التي أقامتها الحكومة حتى قبل قدومهم، فإن أكثر من مليون سوري توزعوا على كل المدن التركية، ومن بينها اسطنبول، التي يقال ان فيها ما لا يقل عن 300 ألف نازح.
ومع ذلك تبقى مدن المحافظات المجاورة للحدود السورية هي الوجهة المفضلة للسوريين بسبب قربها من سوريا، ولأنها أكثر رخصاً من مدن الغرب التركي.
وما لم تكن تتوقعه سلطة «حزب العدالة والتنمية» - ضمن عدد كبير آخر من الامور التي لم تتوقعها - ان يتحول ملف اللاجئين وأوضاعهم ومتطلباتهم المختلفة الى لغم قابل للانفجار في أي لحظة، ولا سيما على الصعيد الاجتماعي.
ورغم أن حوادث عدّة وقعت، ولا تزال، في كل مكان يقيمون فيه، ومن بينها اسطنبول، إلا أن غازي عينتاب كانت ولا تزال العنوان الأبرز لهذا الانفجار الذي لم يعد في دائرة الاحتمال بل أصبح واقعاً.
وفي الأيام القليلة الماضية، قرعت المدينة بسلطاتها البلدية والأمنية جرس الإنذار بعد خروج تظاهرات احتجاجية على وجود 200 الى 300 ألف سوري، ما دفع برئيسة البلدية الوزيرة السابقة فاطمة شاهين الى الدعوة مع منظمات المجتمع المدني الى الهدوء والتحلي بالصبر.
وذكرت صحيفة «ميللييت» ان السبب الأساسي للاحتجاجات هو ارتفاع إيجار البيوت وأعداد العاطلين من العمل بسبب مزاحمة العمالة السورية النازحة لهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن أسعار إيجارات المنازل ارتفعت ثلاث مرات، فالمنزل الذي كان يؤجر بـ150 ليرة تركية (حوالي 70 دولاراً) بات الآن بـ400 ليرة. كما يتقاضى العمال السوريون أجوراً أقل بكثير من الأجور المحلية، ولا يدفعون ضرائب على محال عمل فتحوها من دون ترخيص، فضلاً عن البسطات المتنقلة التي أقاموها.
ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في التحريض على النازحين حيث لم تهدأ منذ شهرين في الدعوة إلى النزول الى الشارع والتجمع والتظاهر ضد السوريين. وفي كل مرة كانت الشرطة تفرق التجمعات.
وجاءت حادثة مقتل أحد أصحاب المنازل الأتراك على يد أحد المستأجرين السوريين بطعنات سكين قبل أيام، لتصب الزيت على النار، حيث أثارت الواقعة موجة غضب عبر تظاهرات ضد السوريين منذ يوم الاثنين الماضي، فقام المتظاهرون بضرب أي سوري يرونه، وتكسير المحال والبسطات العائدة لسوريين. وبات الليل في غازي عينتاب مسرحا لحياة مختلفة حيث يخرج الشبان الأتراك حاملين العصي والهراوات والسكاكين الى الشوارع هاتفين «لا نريد السوريين» مستهدفين خصوصاً السوريين المفترشين الحدائق العامة، والذين لم يجدوا بيوتا يستأجرنها للإقامة ومسببين إصابة العشرات منهم بجروح نقلوا على اثرها الى المستشفيات، فضلاً عن تكسير كل سيارة تحمل لوحات سورية يصادفونها. واذ لم تنجح الشرطة في تفريق المتظاهرين، فإنها زجت بآلياتها المدرعة لهذا الهدف من دون نجاح.
ونتيجة لذلك بادرت عائلات سورية الى ترك مقار إقامتهم في البيوت كما في الحدائق العامة وتوجهت بناء على نصيحة القوى الأمنية الى المخيمات المقامة على الحدود.
واعتقل العديد من السوريين على خلفية قتل المالك التركي. ورأت رئيسة البلدية فاطمة شاهين ان اردوغان بعدما انتخب رئيساً للجمهورية سيعمل على الاستقرار في المنطقة وفي الداخل التركي.
وقالت «انها مرحلة مؤقتة نأمل ان تمر بأقل قدر من الأضرار والمشكلات».
وأشارت شاهين الى ان العمل قد بدأ لإقامة مخيم جديد في غازي عينتاب يتسع لـ25 ألف لاجئ، مع خطة لإنشاء مخيم آخر في وقت قريب.
فهل تكون هذه الأحداث دافعا آخر لحكومة «حزب العدالة والتنمية» لتدرك ان سياساتها السورية ستنقلب عليها عبر المزيد من التوترات والاحتقانات، فضلا عن الخسائر الاقتصادية
المصدر :
- السفير - محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة