دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تتوزع اهتمامات "حزب الله" على جبهات عدة، فُتحت دفعة واحدة من غزة إلى العراق مرورا بسورية والحدود الشرقية وانتهاء بعرسال، في تعبير عن التحديات المصيرية التي تواجه المنطقة عموما، والمشرق العربي خصوصا، على وقع هجمتين متزامنتين تحملان توقيعي الارهاب: الاسرائيلي والتكفيري.
تتفاوت نسبة حضور الحزب وأشكاله على كل واحدة من هذه الجبهات، لكن الأكيد أنه يعتبر نفسه معنيا بها جميعا، وان ما سيؤول إليه مخاضها سينعكس عليه بشكل أو بآخر، ولذلك فهو يحاول قدر الإمكان أن يؤثر فيها وأن يساهم في منع وقوعها في قبضة المحاور المضادة.
وبرغم الضغوط التي يرتبها الانشغال بكل هذه الملفات الملتهبة على الحزب، يبدو أمينه العام السيد حسن نصر الله مرتاحا إلى المسار العام للأحداث، ومطمئنا إلى المستقبل انطلاقا من رؤية واضحة وواثقة، كما يستنتج من تسنى لهم الالتقاء به مؤخرا.
يلاحظ نصر الله أن البعض لا يزال يصر على تضخيم أعداد شهداء الحزب خلال المعارك الأخيرة في سورية، خصوصا في جرود القلمون ومنطقة السلسلة الشرقية، مؤكدا أن هناك تضخيما للأرقام، علما بأن الحزب لا يخفي اسم أي شهيد، بل هو يفخر بالتضحيات التي يقدمها..
يملك نصر الله معرفة وافية وتفصيلية بتركيبة القوى التكفيرية ونمط تفكيرها، لا سيما تنظيم "داعش"، ما أتاح له أن يقدم لزواره شرحا موسعا عنه، كما فعل مع النائب وليد جنبلاط الذي سمع من "السيد" ما جعله أشد قناعة بمخاطر ظاهرة التطرف العابرة للحدود.
واستنادا إلى هذه المعرفة، توقع نصر الله حصول مواجهة بين الأكراد و"داعش" في العراق، قبل أن تحدث فعلا، منطلقا من وقائع الأرض التي بيّنت له أن هذا التنظيم الباحث عن مقومات للاستمرار يريد متنفسا له، عبر الرئة الكردية، بعدما باتت مساحات واسعة في العراق مقفلة بإحكام أمامه، بعدما تم استيعاب "الصدمة الأولى" التي أحدثها سقوط الموصل.
وإذا كانت الجماعات التكفيرية، وفي طليعتها "داعش"، قد تمكنت من اختراق الساحة اللبنانية وتنفيذ عمليات إرهابية، إلا أن نصر الله يعتبر أن ما من بيئة حاضنة حقيقية لهذه الجماعات في لبنان، لافتا الانتباه إلى أن مشروع "داعش" من دون أفق، ولا يملك قابلية للاستمرار على المدى الطويل، ولو استغرق سقوطه بعض الوقت.
ويرى نصر الله أن التجارب والحقائق تثبت أن "داعش" لا يستطيع أن يبني على أرض العراق دولة، مشيرا إلى انه حتى الأخوة السنّة هناك لا يقبلون أن يحكمهم أو يتحكم بهم هذا التنظيم.
ويبدي نصر الله تأثرا بتهجير المسيحيين من الموصل، معربا عن تعاطفه معهم، ومشيرا إلى أن ملف وجودهم في الشرق يشكل همّا أساسيا له.
ويؤكد "السيد" انه تابع شخصيا وضع المسيحيين في معلولا وقارة في سورية، وكان حريصا على مواكبة عودتهم إلى بلداتهم وتقديم كل مساعدة ممكنة في هذا الاتجاه.
وقد استحوذت هذه القضية على مساحة من اللقاء بين نصر الله ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية الذي يؤكد في مجالسه الخاصة أن ما يجري في سورية والعراق من استهداف للمسيحيين أدى إلى تحول في المزاج المسيحي، خصوصا في الشارع المؤيد لـ"14 آذار" والذي بات قادته محرجين أمام جمهورهم.
أما على مستوى استحقاق رئاسة الجمهورية، فان "السيد" لا يزال يتمسك بـ"ثابتة" دعم حق العماد ميشال عون في الوصول إلى الرئاسة، وهو مصمم على المضي في هذا الخيار حتى النهاية ما دام الجنرال باقيا على موقفه، وهذا ما أبلغه نصر الله لجنبلاط خلال الاجتماع الأخير بينهما.
المصدر :
السفير/ عماد مرمل
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة