القاسم المشترك الأكبر بين درعا وإدلب هو المواجهة التي تشنها «جبهة النصرة» ضد مجموعات «الجيش الحر»، لأسباب تمتد من محاولة إيجاد موطئ قدم يمهّد لـ«الإمارة» المتوقع إعلانها، إلى البحث عن مصادر تمويل قد تؤمنها المعابر الحدودية في منطقتين، تتعدد فيهما الفصائل المقاتلة من دون راية تجمعها معاً.

ومع أن سهل حوران ما زال بعيداً عن اقتتال الفصائل «الجهادية» الكبرى، فإن المشهد العسكري يبدو في غاية التعقيد، بالرغم من أن السواد الأعظم من المقاتلين ينتمون إلى «الجيش الحر»، لكن الفصائل هناك بمثابة جسم من دون رأس، بدليل ما حدث قبل أيام عند اعتقال «جبهة النصرة» قيادات من «لواء الحرمين» و«كتيبة عمر المختار».

وتوقع ناشطون اندلاع مواجهة بين «الحر» و«النصرة»، وهو ما لم يحدث على الإطلاق، ما ينذر بإمكانية تصاعد التوتر في الفترة القليلة المقبلة، بينما ترى مصادر ميدانية أن كل ما جرى ما زال ضمن إطار ما يمكن وصفه بـ«جس النبض» من قبل «النصرة»، التي انتقل عدد من قادتها مع عتادهم إلى حوران.

ولم تحتك الجبهة بعد بالمجموعات الكبرى، مثل «ألوية العمري» و«جيش اليرموك» و«فرقة الحمزة»، وهي فصائل تملك قدرة تسليحية كبيرة، ومقاتلين ينتمون إلى مناطق قريبة من بعضها، يضاف إلى ذلك دور الفزعة العشائرية في مجتمع مثل حوران.

لكن ماذا عن الجانب الأردني؟

تؤكد مصادر ميدانية أن الأوضاع تزداد خطورة كلما تقدمت «النصرة» أكثر لجهة الحدود الجنوبية، مع العلاقة السلبية بين «الجهاديين» وعمان، التي لطالما تدخلت أجهزتها الاستخبارية لعرقلة مشاركة «النصرة» في عدة معارك، وإن وصل الأمر إلى إلغاء بعض العمليات، فيما تسعى «الجبهة» إلى موطئ قدم لها في المنطقة من خلال إضعاف دور «الجيش الحر» ومحاولة استمالة بعض العشائر، وهي سياسة ترى بعض المصادر أنها تكرار لخطأ فادح ارتكبته في دير الزور، حين سارع كبار شيوخ القبائل لمبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش»، فظهر أن الانتماء العشائري في المنطقة ما زال يتفوق على الانتماء الديني.

ومن درعا إلى إدلب، حيث تمر المنطقة بفترة هدوء نسبي بعد المواجهة بين «النصرة» ومعها «أحرار الشام» وبين «الجيش الحر» و«جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم»، بعد اشتباكات كان الهدف الأبرز منها هو السيطرة على معبر باب الهوى الذي ما زال بقبضة «حركة حزم» ما خلق توترات كبيرة بينها وبين «أحرار الشام» دفعها إلى اعتماد النأي بالنفس والانسحاب تدريجياً إلى جبهات حلب.

وتتوزع بالقرب من المعبر مكاتب ومخازن لعشرات الفصائل المنتشرة في ريف إدلب، حيث تشهد تقاسماً للسيطرة بين «أحرار الشام» و«صقور الشام» و«النصرة» و«ثوار سوريا»، ولعل الأخيرة هي الهدف الأساسي للمواجهة مع «النصرة»، حيث تشير مصادر ميدانية في المنطقة إلى تدفق دعم عسكري ومالي إلى قائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف، بالتزامن مع دعم تركي واضح يمنع انتشار «النصرة» أو سيطرتها على الحدود.

يتخوف الناشطون من إمكانية عودة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» إلى المحافظة، مستغلا حالة الاقتتال الجماعي. ولعل المفارقة أن التمدد «الداعشي» يأتي من الداخل مع خلايا نائمة وشراء ولاءات بشكل خفي في المنطقة، لتنفجر في أي لحظة وعندها لن تنفع كل نداءات العمل المشترك التي يطلقها الناشطون، فلدى التنظيم القدرة على إنهاء وجود كافة الفصائل كما سبق وفعل في الرقة قبل أشهر.

وفي المقابل، تركز «النصرة» جهدها لتوطيد حضورها في ادلب، لإيجاد مصدر تمويل جديد يعوض ما خسرته في دير الزور. والبديل الأكثر جهوزية هو معبر باب الهوى الذي يدر على القائمين عليه أرباحا كبيرة، مع حركة التنقل اليومية من تركيا واليها، يضاف إلى ذلك التحكم بالطرق في محيط المعبر، وهو ما يتطلب منها إضعاف شوكة الفصائل المناهضة، وخاصة تلك التي لا تتفق مع فكرة «الإمارة» والحكم الإسلامي.

  • فريق ماسة
  • 2014-07-25
  • 11199
  • من الأرشيف

الطلاق بين «إخوة» السلاح من درعا إلى إدلب

القاسم المشترك الأكبر بين درعا وإدلب هو المواجهة التي تشنها «جبهة النصرة» ضد مجموعات «الجيش الحر»، لأسباب تمتد من محاولة إيجاد موطئ قدم يمهّد لـ«الإمارة» المتوقع إعلانها، إلى البحث عن مصادر تمويل قد تؤمنها المعابر الحدودية في منطقتين، تتعدد فيهما الفصائل المقاتلة من دون راية تجمعها معاً. ومع أن سهل حوران ما زال بعيداً عن اقتتال الفصائل «الجهادية» الكبرى، فإن المشهد العسكري يبدو في غاية التعقيد، بالرغم من أن السواد الأعظم من المقاتلين ينتمون إلى «الجيش الحر»، لكن الفصائل هناك بمثابة جسم من دون رأس، بدليل ما حدث قبل أيام عند اعتقال «جبهة النصرة» قيادات من «لواء الحرمين» و«كتيبة عمر المختار». وتوقع ناشطون اندلاع مواجهة بين «الحر» و«النصرة»، وهو ما لم يحدث على الإطلاق، ما ينذر بإمكانية تصاعد التوتر في الفترة القليلة المقبلة، بينما ترى مصادر ميدانية أن كل ما جرى ما زال ضمن إطار ما يمكن وصفه بـ«جس النبض» من قبل «النصرة»، التي انتقل عدد من قادتها مع عتادهم إلى حوران. ولم تحتك الجبهة بعد بالمجموعات الكبرى، مثل «ألوية العمري» و«جيش اليرموك» و«فرقة الحمزة»، وهي فصائل تملك قدرة تسليحية كبيرة، ومقاتلين ينتمون إلى مناطق قريبة من بعضها، يضاف إلى ذلك دور الفزعة العشائرية في مجتمع مثل حوران. لكن ماذا عن الجانب الأردني؟ تؤكد مصادر ميدانية أن الأوضاع تزداد خطورة كلما تقدمت «النصرة» أكثر لجهة الحدود الجنوبية، مع العلاقة السلبية بين «الجهاديين» وعمان، التي لطالما تدخلت أجهزتها الاستخبارية لعرقلة مشاركة «النصرة» في عدة معارك، وإن وصل الأمر إلى إلغاء بعض العمليات، فيما تسعى «الجبهة» إلى موطئ قدم لها في المنطقة من خلال إضعاف دور «الجيش الحر» ومحاولة استمالة بعض العشائر، وهي سياسة ترى بعض المصادر أنها تكرار لخطأ فادح ارتكبته في دير الزور، حين سارع كبار شيوخ القبائل لمبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش»، فظهر أن الانتماء العشائري في المنطقة ما زال يتفوق على الانتماء الديني. ومن درعا إلى إدلب، حيث تمر المنطقة بفترة هدوء نسبي بعد المواجهة بين «النصرة» ومعها «أحرار الشام» وبين «الجيش الحر» و«جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم»، بعد اشتباكات كان الهدف الأبرز منها هو السيطرة على معبر باب الهوى الذي ما زال بقبضة «حركة حزم» ما خلق توترات كبيرة بينها وبين «أحرار الشام» دفعها إلى اعتماد النأي بالنفس والانسحاب تدريجياً إلى جبهات حلب. وتتوزع بالقرب من المعبر مكاتب ومخازن لعشرات الفصائل المنتشرة في ريف إدلب، حيث تشهد تقاسماً للسيطرة بين «أحرار الشام» و«صقور الشام» و«النصرة» و«ثوار سوريا»، ولعل الأخيرة هي الهدف الأساسي للمواجهة مع «النصرة»، حيث تشير مصادر ميدانية في المنطقة إلى تدفق دعم عسكري ومالي إلى قائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف، بالتزامن مع دعم تركي واضح يمنع انتشار «النصرة» أو سيطرتها على الحدود. يتخوف الناشطون من إمكانية عودة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» إلى المحافظة، مستغلا حالة الاقتتال الجماعي. ولعل المفارقة أن التمدد «الداعشي» يأتي من الداخل مع خلايا نائمة وشراء ولاءات بشكل خفي في المنطقة، لتنفجر في أي لحظة وعندها لن تنفع كل نداءات العمل المشترك التي يطلقها الناشطون، فلدى التنظيم القدرة على إنهاء وجود كافة الفصائل كما سبق وفعل في الرقة قبل أشهر. وفي المقابل، تركز «النصرة» جهدها لتوطيد حضورها في ادلب، لإيجاد مصدر تمويل جديد يعوض ما خسرته في دير الزور. والبديل الأكثر جهوزية هو معبر باب الهوى الذي يدر على القائمين عليه أرباحا كبيرة، مع حركة التنقل اليومية من تركيا واليها، يضاف إلى ذلك التحكم بالطرق في محيط المعبر، وهو ما يتطلب منها إضعاف شوكة الفصائل المناهضة، وخاصة تلك التي لا تتفق مع فكرة «الإمارة» والحكم الإسلامي.

المصدر : الماسة السورية/ طارق العبد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة