ألم يقل، ذات يوم، لبشار الأسد «سيكون الجيش التركي جنباً إلى جنب مع الجيش السوري في تحرير مرتفعات الجولان؟».

ألم يقل، ذات يوم، لجورج دبليوبوش اذا احتليت العراق أصبحت ملك الشرق والغرب، ربما مستعيداً قول امبراطور الصين للرحالة القرشي عقب ثورة الزنج «إن الملوك خمسة أوسعهم ملكاً الذي يملك العراق في وسط الدنيا، والملوك محدقة به».

وكان بوش يعتقد أن الكرة الأرضية التي تقف على قرن ثور، كما في أساطير الغال، لا يجرها سوى ثور واحد.

ألم يقل، ذات يوم، لباراك اوباما ان دوايت ايزنهاور الذي تتخذ منه مثالاً في الرؤية الاستراتيجية، وهو بطل النورماندي، من اعتبر أن دخول تركيا في حلف شمال الأطلسي يعني أن أميركا أصبحت على أبواب موسكو.

وعلى هذا الاساس، ناشد اوباما نصب منشآت الدرع الصاروخية في بلاده لتدجين الصواريخ الايرانية والروسية على السواء.

الم يقل، ذات يوم، لحاكم عربي «تريدون إزالة النظام السوري؟ ما عليكم إلا أن تمدوا اليد إلى بنيامين نتنياهو الذي يمكنه بين ليلة وضحاها أن يصل إلى ساحة الأمويين في دمشق؟».

كم تبدو سذجاً حين نطلب من رجب طيب اردوغان أن يرفع صوته، أو إصبعه، في وجه تل أبيب؟ لا تصدقوا انه ضد عبد الفتاح السيسي، وإلى حد وصفه بالطاغية (وهو المسيح العثماني)، لأن سيادة المشير لم يمد يده إلى غزة، وإنما لأنه قطع الطريق عليه بعدما كان قد خطط، وعبر «الإخوان المسلمين»، لوضع اليد على مصر وسورية. يسقط العراق تلقائياً، وتعود المتصرفية إلى جبل لبنان تحديداً، وينصب نفسه حامياً لدول الخليج ونفط الخليج.

الم يكن يسرائيل شاحاك هو من تحدث عن «الكوندومينيوم التركي ـ الإسرائيلي» لإدارة الشرق الأوسط؟ لا ندري أي دور أعطاه احمد داوود اغلو لأورشليم في الـ «نيو عثمانية». لكن سعادة المنظّر الاستراتيجي هو من القائلين بعدم الاحتكاك السياسي أو العسكري مع إسرائيل إلا في الإطار التكتيكي ما دام هناك من يضحك على العرب وعلى ذقون العرب.

الآن، يلعب، بعد كل اللعب العبثي الذي دفع به إلى الحائط. قال لمسعود برزاني أن الجيش التركي تحت إمرة قيادة البيشماركة. المهم أن يتفكك العراق، وتقوم الدولتان الكردية، وعاصمتها اربيل، والسنّية، وعاصمتها الموصل، تحت الوصاية العثمانية إياها. فوجئ بالموقف الإيراني القاطع «سنعمل بكل قوتنا ضد أي دولة كردية في العراق»، فيما كانت واشنطن تتخوف من تفاعلات عسكرية خطيرة في المنطقة، بما لذلك من انعكاسات على مصالحها الاستراتيجية.

الآن يحاول أن يغري طهران بمحور ثلاثي ( تركيا- ايران-قطر) في مواجهة محور ثلاثي آخر (مصر- السعودية- الامارات). قال انه مستعد لكي يطرد رئيس وأعضاء «الائتلاف الوطني السوري» بالمكنسة. متى لم يتعامل مع هؤلاء على أنهم الغبار البشري؟

لا الإيرانيون يصدقونه، ولا الروس يصدقونه. بالأحرى لا أحد يصدق الرجل الذي ينتقل قريباً من منصب الصدر الأعظم إلى منصب الباب العالي. وقيل لنا انه يفكر بإعادة تأهيل قصر يلدز الذي تم تحويله إلى متحف. كل شيء ممكن في رأس السلطان. هو الرأس الذي قال كمال كليتشدرا اوغلو أن الشيطان يرقص الفالس في داخله.

اسألوا رمضان عبد الله الشلاح، الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي ماذا قدمته أنقرة لغزة. هل قدمت رصاصة واحدة، بندقية واحدة، صاروخاً واحداً؟ لا شيء سوى المواقف البهلوانية، بدءاً من دافوس وغوغائية النقاش مع شمعون بيريس وانتهاء بالضجيج الحالي، وهو الذي حاول أن «يبيع» الضفة لنتنياهو في مقابل إقامة دولة مستقلة في القطاع.

الكل يحدثونك عن «استراتيجية الثعبان». الثعبان العثماني الذي يلعب في كل الاتجاهات، ويسقط في كل الاتجاهات، فأين هو المسلم أو الإسلامي فيه عندما لا يترك مناسبة، ومعه اوغلو، إلا ويذّكر فيها بـ «إننا أحفاد العثمانيين والسلاجقة» بعدما كان قد ضحك كثيراً عندما سأله ذلك الصحافي الخليجي ما إذا «كنت تسعى لتعريب تركيا». الإجابة كانت «ألا تعتقد أن تتريك العرب أفضل بكثير؟».

لا أحد إلا ويعلم ما هو دور الاستخبارات التركية في تهريب «داعش»، وفي استيلائها على الرقة، وكيف أن هؤلاء المغول الذين دمروا أضرحة الصحابة، كما دمروا تماثيل ابن الأثير وأبي تمام، لم يقتربوا البتة من قبر سليمان باشا، جد العثمانيين، والذي تحرسه ثلة من الجنود الأتراك. نعلم أن العرب لم يعودوا معنيين بالقضية الفلسطينية. أعادوا ترتيب أوراقهم، كما ترتيب أولوياتهم. لا عدو هناك سوى إيران التي إذا ما قرأت ما يكتبه البعض (البعض النجوم) عنها لحسبت أنها امبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وأنها لا الصين ولا روسيا، القطب الثاني في العالم. في هذا العالم. أي فارق بين شيخ القبيلة والمهرج؟

ولنسأل متى كان أردوغان مع العرب، وهو الذي كان يحسب أنه بأصبعه يزيل النظام في سورية، ويفكك العراق قطعة قطعة، ويعرض قواعد العسكرية في «العزيزة اذربيجان» على الإسرائيليين من أجل ضرب إيران.

أين هو الآن؟ وهل يكفي بأن يصف السيسي بالطاغية، فيما يقول لـ «الإخوان الأوروبيين» أن الجيش التركي هو الذي يحمي ظهوركم من حملة السواطير. من غيره يقود (ويخترع) حملة السواطير؟

  • فريق ماسة
  • 2014-07-24
  • 5598
  • من الأرشيف

أين جيشك يا أردوغان ؟

ألم يقل، ذات يوم، لبشار الأسد «سيكون الجيش التركي جنباً إلى جنب مع الجيش السوري في تحرير مرتفعات الجولان؟». ألم يقل، ذات يوم، لجورج دبليوبوش اذا احتليت العراق أصبحت ملك الشرق والغرب، ربما مستعيداً قول امبراطور الصين للرحالة القرشي عقب ثورة الزنج «إن الملوك خمسة أوسعهم ملكاً الذي يملك العراق في وسط الدنيا، والملوك محدقة به». وكان بوش يعتقد أن الكرة الأرضية التي تقف على قرن ثور، كما في أساطير الغال، لا يجرها سوى ثور واحد. ألم يقل، ذات يوم، لباراك اوباما ان دوايت ايزنهاور الذي تتخذ منه مثالاً في الرؤية الاستراتيجية، وهو بطل النورماندي، من اعتبر أن دخول تركيا في حلف شمال الأطلسي يعني أن أميركا أصبحت على أبواب موسكو. وعلى هذا الاساس، ناشد اوباما نصب منشآت الدرع الصاروخية في بلاده لتدجين الصواريخ الايرانية والروسية على السواء. الم يقل، ذات يوم، لحاكم عربي «تريدون إزالة النظام السوري؟ ما عليكم إلا أن تمدوا اليد إلى بنيامين نتنياهو الذي يمكنه بين ليلة وضحاها أن يصل إلى ساحة الأمويين في دمشق؟». كم تبدو سذجاً حين نطلب من رجب طيب اردوغان أن يرفع صوته، أو إصبعه، في وجه تل أبيب؟ لا تصدقوا انه ضد عبد الفتاح السيسي، وإلى حد وصفه بالطاغية (وهو المسيح العثماني)، لأن سيادة المشير لم يمد يده إلى غزة، وإنما لأنه قطع الطريق عليه بعدما كان قد خطط، وعبر «الإخوان المسلمين»، لوضع اليد على مصر وسورية. يسقط العراق تلقائياً، وتعود المتصرفية إلى جبل لبنان تحديداً، وينصب نفسه حامياً لدول الخليج ونفط الخليج. الم يكن يسرائيل شاحاك هو من تحدث عن «الكوندومينيوم التركي ـ الإسرائيلي» لإدارة الشرق الأوسط؟ لا ندري أي دور أعطاه احمد داوود اغلو لأورشليم في الـ «نيو عثمانية». لكن سعادة المنظّر الاستراتيجي هو من القائلين بعدم الاحتكاك السياسي أو العسكري مع إسرائيل إلا في الإطار التكتيكي ما دام هناك من يضحك على العرب وعلى ذقون العرب. الآن، يلعب، بعد كل اللعب العبثي الذي دفع به إلى الحائط. قال لمسعود برزاني أن الجيش التركي تحت إمرة قيادة البيشماركة. المهم أن يتفكك العراق، وتقوم الدولتان الكردية، وعاصمتها اربيل، والسنّية، وعاصمتها الموصل، تحت الوصاية العثمانية إياها. فوجئ بالموقف الإيراني القاطع «سنعمل بكل قوتنا ضد أي دولة كردية في العراق»، فيما كانت واشنطن تتخوف من تفاعلات عسكرية خطيرة في المنطقة، بما لذلك من انعكاسات على مصالحها الاستراتيجية. الآن يحاول أن يغري طهران بمحور ثلاثي ( تركيا- ايران-قطر) في مواجهة محور ثلاثي آخر (مصر- السعودية- الامارات). قال انه مستعد لكي يطرد رئيس وأعضاء «الائتلاف الوطني السوري» بالمكنسة. متى لم يتعامل مع هؤلاء على أنهم الغبار البشري؟ لا الإيرانيون يصدقونه، ولا الروس يصدقونه. بالأحرى لا أحد يصدق الرجل الذي ينتقل قريباً من منصب الصدر الأعظم إلى منصب الباب العالي. وقيل لنا انه يفكر بإعادة تأهيل قصر يلدز الذي تم تحويله إلى متحف. كل شيء ممكن في رأس السلطان. هو الرأس الذي قال كمال كليتشدرا اوغلو أن الشيطان يرقص الفالس في داخله. اسألوا رمضان عبد الله الشلاح، الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي ماذا قدمته أنقرة لغزة. هل قدمت رصاصة واحدة، بندقية واحدة، صاروخاً واحداً؟ لا شيء سوى المواقف البهلوانية، بدءاً من دافوس وغوغائية النقاش مع شمعون بيريس وانتهاء بالضجيج الحالي، وهو الذي حاول أن «يبيع» الضفة لنتنياهو في مقابل إقامة دولة مستقلة في القطاع. الكل يحدثونك عن «استراتيجية الثعبان». الثعبان العثماني الذي يلعب في كل الاتجاهات، ويسقط في كل الاتجاهات، فأين هو المسلم أو الإسلامي فيه عندما لا يترك مناسبة، ومعه اوغلو، إلا ويذّكر فيها بـ «إننا أحفاد العثمانيين والسلاجقة» بعدما كان قد ضحك كثيراً عندما سأله ذلك الصحافي الخليجي ما إذا «كنت تسعى لتعريب تركيا». الإجابة كانت «ألا تعتقد أن تتريك العرب أفضل بكثير؟». لا أحد إلا ويعلم ما هو دور الاستخبارات التركية في تهريب «داعش»، وفي استيلائها على الرقة، وكيف أن هؤلاء المغول الذين دمروا أضرحة الصحابة، كما دمروا تماثيل ابن الأثير وأبي تمام، لم يقتربوا البتة من قبر سليمان باشا، جد العثمانيين، والذي تحرسه ثلة من الجنود الأتراك. نعلم أن العرب لم يعودوا معنيين بالقضية الفلسطينية. أعادوا ترتيب أوراقهم، كما ترتيب أولوياتهم. لا عدو هناك سوى إيران التي إذا ما قرأت ما يكتبه البعض (البعض النجوم) عنها لحسبت أنها امبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وأنها لا الصين ولا روسيا، القطب الثاني في العالم. في هذا العالم. أي فارق بين شيخ القبيلة والمهرج؟ ولنسأل متى كان أردوغان مع العرب، وهو الذي كان يحسب أنه بأصبعه يزيل النظام في سورية، ويفكك العراق قطعة قطعة، ويعرض قواعد العسكرية في «العزيزة اذربيجان» على الإسرائيليين من أجل ضرب إيران. أين هو الآن؟ وهل يكفي بأن يصف السيسي بالطاغية، فيما يقول لـ «الإخوان الأوروبيين» أن الجيش التركي هو الذي يحمي ظهوركم من حملة السواطير. من غيره يقود (ويخترع) حملة السواطير؟

المصدر : الديار /نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة