هناك عنوان هام جداً، وخطير في الآن ذاته، جاء رئيسياً في خطاب القسم للرئيس بشار الأسد، وهو عنوان لم يكن عابراً، أو حتى مُرتجلاً، كما أنه لم يكن قائماً على تصفية حسابات،

لكون الرئيس الأسد عوّدنا دائماً ألّا يشتبك من أجل الاشتباك، وألا يصفّي حساباته من خلال استعراض إعلامي أو حتى دبلوماسي، كما أنه لم يعتد على أن يطلق النار السياسي إلا في المكان الصحيح، والمكان الذي لا يمكن أن يفكّر بالعودة إليه..
كما أن المتابع جيداً لخطاب الرئيس الأسد في مجمله يصل إلى قناعة بحثية تفيد، بأنّه لا يقدّم خدمات مجانية لأحد، ولا يشعل النار في علاقات مع أحد، حتى يصل إلى قناعات مطلقة، أن العودة لنفخ الروح فيها غير وارد، باعتباره يتقن إلى حدّ بعيد وهائل الاستثمار جيداً ببذور أي علاقات يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، مهما كانت هذه البذور ومهما كانت هذه الاحتمالات بسيطة..
إضافة إلى ذلك يمكن أن نلاحظ أن سيادته لا يمكن أن يؤخذ إلى زوايا انفعالية، مهما كانت سخونة التراشق السياسي، ومهما فعل الخصم أو العدو بهذه العلاقات، كون أنه يمتلك أعصابا سياسية فذّة، وبرودة عقل هائلة، لا يمكن أن تستثار أو حتى تستفز، الأمر الذي يجعلنا نقف وقفة طويلة أمام كلام ساقه سيادته في خطاب القسم الأخير، حول العلاقات مع «مملكة آل سعود»!!..
كون أن الرئيس الأسد لم يكن بحاجة كي يقدّم درسا في التاريخ لأحد، حول تاريخ هذه المملكة، وتأثيرها السلبي على مجمل أحداث المنطقة منذ عشرات السنوات، ولم يكن بحاجة لاستعراض كلامي كي يقول إن هذه المملكة وتلك العائلة كانت ذات مواقف سلبية تدنو لدرجة الخيانة والعمالة، التي أضرت بالعالم العربي والمنطقة وشعوبها..
كما أنه لم يكن بحاجة للتذكير أو الاستذكار كي يعيد كلاما معروفا من الكثيرين، أو بحاجة للاستدلال على الدور الذي تلعبة هذه العائلة، كي يصل إلى نتيجة معروفة بالنسبة له، ولنا، أو أنه بحاجة للدليل التاريخي والبحثي الذي سيؤكد الدور الذي لعبته العائلة نفسها؟!!..
ثمّة إضافة مهمة كان قد سكت عنها، وثمّة شيء أراد أن يوصله إلى الجميع، أوّله أن العلاقات لن تعود مع «المملكة»، وخاصة عندما يطلق النار على كل مفاصلها التاريخية، وعندما يفتح كل الصفحات التي لا تفتح في العلاقات الدبلوماسية، ولا يتم الاقتراب من كامل محطاتها وأشخاصها، باعتبار أن العلاقات لا تقوم ولا تقطع بمثل هذا الاستعراض، أو هذا التركيز المباشر..
الرئيس الأسد ليس «ردّاحا» أو «شتّاما»، هذه الصفة بعيدة عنه كل البعد، وهو لا يتقن هذا الشكل من التعامل مع الآخرين، لا في علاقاته الخاصة الشخصية الحياتية، ولا في مدرسته السياسية، باعتبار أنه لا يجيد هذا النوع من الخطاب مع الآخرين، ولا ينزل له، حتى مع عدوّه التاريخي..
الرئيس الأسد لعله أراد أن يطلق رصاصة الرحمة على العلاقات السورية مع «مملكة آل سعود»، جملة واحدة، وأراد ألّا يبقي مكانا للعودة إليها، إذ إنه تجاوز وصف الراهن أو التعليق عليه، لكونه لم يتوقف عند فعل سياسي راهن، أو عند موقف سياسي محدّد، بمقدار ما أراد أن يضرب العائلة من جذورها، وهذا بحدّ ذاته يحمل دلالات كبيرة وواسعة، ولعله لم يشأ أن يقولها، أو يصرّح بها..
كما أن مدرسة الأسد ذاتها تقول، بأن سيادته لا يحدث طلاقا مطلقا مع مكون حاضر وموجود، فهو صاحب النظرية الأساسية التي تتحدث عن تصفير المشاكل مع المحيط القريب والبعيد، وهو صاحب الطاقة الهائلة على إيجاد مفردات مشتركة مع أي من حكومات أو قيادات المنطقة، مقابل أن يبقى العدو الرئيس له في حالة عزلة، ولا يمكّنه من الاقتراب من مكون من مكونات المنطقة، أو الاستفادة من خطأ يمكن أن يكون سبيلا لالتهام هذا المكون!!..
مدرسة الرئيس الأسد في العلاقات بالمحيط العربي والإقليمي والدولي مدرسة باردة، مدرسة لا تؤمن بالتخلي حتى عن فريسة يمكن للعدو الصهيوني أن يفكر بها، وبالتالي فإن سيادته شديد الانحياز لجهة الدفع بعيداً عن الفرائس التي يفكر بها هذا العدو، ولا يلقي له بها بالشكل السهل أو الطريّ!!..
وفي الآن ذاته يدرك الرئيس الأسد أن المنطقة في لحظتها قائمة على تحالفات، ويدرك أكثر أن محاولات جادة باتجاه تقارب، أو قل، باتجاه غزل «سعوديإيراني»، ويدرك أكثر أن المعادلة الأساسية تقول بأن أي تخلّ عن هذه العلاقات مع المملكة سوف يؤدي إلى الدفع بها باتجاه أحضان العدو الرئيسي للمنطقة!!..
والسؤال الكبير، ما الذي سكت عنه الرئيس الأسد في إطلاقه هذه الرصاصة على العلاقات مع «مملكة آل سعود»؟!، نعتقد أن مثل هذا السؤال يجيء مفصليا ورئيسيّا، ونعتقد أنه يمتلك أبعاداً مهمة جدا، وأنّ هناك ملحقات وتبعات له، وهي ملحقات وتبعات يمكن ألا يراها كثيرون، ويمكن إلا يشعر بها آخرون أيضا!!..
وكي نتمكن من فهم جزء من هذه الملحقات والتبعات، علينا إدراك أن الذي يتحدث في هذه اللحظات هو الرئيس الأسد، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون بعيداً عن جملة ملفات لها علاقة بخريطة القوة وعناصرها وتوزعها على مستوى المنطقة، وهو الذي يعرف جيداً أين وصلت في حالة استعصائها الأخير، وخاصة أنّ حليفه الإيراني على مقربة شديدة منه، بمعنى أنهما يعملان من داخل غرفة رؤية واحدة، ومن داخل وعاء معلومات مفتوح على كل تضاريس المنطقة، بكل مفاصل اشتباكها، وبكل عناوينها الساخنة والباردة!!..
وهذا يدفعنا لتلمس، أو استقراء، أجزاء مهمة من هذه التضاريس والعناوين، وخاصة في ظل اشتباك ساخن جدا، وفي ظل خريطة أمنية تتصاعد وتحدث انزياحات كبيرة على مستوى المنطقة ومكوناتها، وفي ظلّ تداخلات مفتوحة ومرشحة لمزيد من المفاجآت التي يمكن أن تحدث زلازل كبرى وهزات عنيفة!!..
لا أدري لماذا تملكني شعور عارم أن الرئيس الأسد يقف على نافذة يرى من خلالها خرائط جديدة للمنطقة، ويرى منها ما لا يراه كثيرون، ليس تنجيما، أو قدرة إضافية على قراءة الغيب، وإنما هو فهم لطبيعة القادم، ليس من باب القراءة السياسية، بمقدار ما هو من النتائج الرياضية التي لها علاقة كبيرة بمدخلات معروفة ومعلومة، لا يمكنها أن توصل إلا إلى مخرجات حاسمة بهذا الاتجاه..
هل أراد الأسد أن يقول لنا جميعا، بأن «مملكة الرمال» قد انتهت، وأنّ عصرا من الجهل والعبودية والاستبداد والديكتاتورية كان يملأ بلاد الحجاز ونجد هو على أبواب الأفول، وهل أراد أن يقول لنا، بأن عصرا للنفط والخيانة والعمالة، هو على أبواب أن يصبح وراء ظهرنا، وهل أراد أن يقول لنا، بأن حقبة من التضليل والقتل والذبح وثقافة السلب والنهب قد انكسرت أمام دماء أبناء المنطقة؟!!..
لا أستطيع البوح اليوم بما كنت قد خلصت إليه، من هذا الدخول المهم للسيد الرئيس على هذا العنوان والتركيز عليه، ولا أستطيع أن أفيض بكل ما لدي من معطيات وحيثيات أراها مهمة جدا، غير أنني مؤمن إيماناً كاملاً بأن شيئاً تبدو خيوطه واضحة في الأفق، وتبدو بعض ملامحه زاحفة على المنطقة بأسرها، ضمن إيقاع سريع وهائل، ليس باستطاعة الكثيرين فهمه، أو اللحاق به..
لم يكن يظنّ أحد منّا، وعلى الإطلاق، قبل ثلاث من السنين، وعندما تحدث الرئيس الأسد عن زلزال كبير في المنطقة سيحصل إذا ما استهدفت سورية، أن تنظيما كـ «داعش» يمكن أن يكون، ويفرض سيطرته على هذه المساحات الهائلة من المنطقة، لم يكن أحد منّا يظن ولو للحظة أن هناك دماء يمكن أن تسفك بهذا المقدار أو هذا الحجم، ولم يكن يظن أحد منّا جميعا، أن المشهد يمكن أن يصعد لهذا المستوى وهذا الشكل المتداخل حدّ العمى!!..
نعتقد في هذا السياق أن شيئاً قادما خطيرا وكبيراً سيعيد إنتاج المنطقة، ونعتقد أن مسكوتا عنه في خطاب الرئيس الأسد، كان يجب أن يصل لنا جميعا، وكان علينا فهمه جيدا، بأن «مملكة الرمال» مقصودة بهذا الإنتاج وهذا التغيير!!..

  • فريق ماسة
  • 2014-07-20
  • 12122
  • من الأرشيف

ما معنى أن يطلق الأسد رصاصة الرحمة..على العلاقات مع «مملكة الرمال»؟!!

هناك عنوان هام جداً، وخطير في الآن ذاته، جاء رئيسياً في خطاب القسم للرئيس بشار الأسد، وهو عنوان لم يكن عابراً، أو حتى مُرتجلاً، كما أنه لم يكن قائماً على تصفية حسابات، لكون الرئيس الأسد عوّدنا دائماً ألّا يشتبك من أجل الاشتباك، وألا يصفّي حساباته من خلال استعراض إعلامي أو حتى دبلوماسي، كما أنه لم يعتد على أن يطلق النار السياسي إلا في المكان الصحيح، والمكان الذي لا يمكن أن يفكّر بالعودة إليه.. كما أن المتابع جيداً لخطاب الرئيس الأسد في مجمله يصل إلى قناعة بحثية تفيد، بأنّه لا يقدّم خدمات مجانية لأحد، ولا يشعل النار في علاقات مع أحد، حتى يصل إلى قناعات مطلقة، أن العودة لنفخ الروح فيها غير وارد، باعتباره يتقن إلى حدّ بعيد وهائل الاستثمار جيداً ببذور أي علاقات يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، مهما كانت هذه البذور ومهما كانت هذه الاحتمالات بسيطة.. إضافة إلى ذلك يمكن أن نلاحظ أن سيادته لا يمكن أن يؤخذ إلى زوايا انفعالية، مهما كانت سخونة التراشق السياسي، ومهما فعل الخصم أو العدو بهذه العلاقات، كون أنه يمتلك أعصابا سياسية فذّة، وبرودة عقل هائلة، لا يمكن أن تستثار أو حتى تستفز، الأمر الذي يجعلنا نقف وقفة طويلة أمام كلام ساقه سيادته في خطاب القسم الأخير، حول العلاقات مع «مملكة آل سعود»!!.. كون أن الرئيس الأسد لم يكن بحاجة كي يقدّم درسا في التاريخ لأحد، حول تاريخ هذه المملكة، وتأثيرها السلبي على مجمل أحداث المنطقة منذ عشرات السنوات، ولم يكن بحاجة لاستعراض كلامي كي يقول إن هذه المملكة وتلك العائلة كانت ذات مواقف سلبية تدنو لدرجة الخيانة والعمالة، التي أضرت بالعالم العربي والمنطقة وشعوبها.. كما أنه لم يكن بحاجة للتذكير أو الاستذكار كي يعيد كلاما معروفا من الكثيرين، أو بحاجة للاستدلال على الدور الذي تلعبة هذه العائلة، كي يصل إلى نتيجة معروفة بالنسبة له، ولنا، أو أنه بحاجة للدليل التاريخي والبحثي الذي سيؤكد الدور الذي لعبته العائلة نفسها؟!!.. ثمّة إضافة مهمة كان قد سكت عنها، وثمّة شيء أراد أن يوصله إلى الجميع، أوّله أن العلاقات لن تعود مع «المملكة»، وخاصة عندما يطلق النار على كل مفاصلها التاريخية، وعندما يفتح كل الصفحات التي لا تفتح في العلاقات الدبلوماسية، ولا يتم الاقتراب من كامل محطاتها وأشخاصها، باعتبار أن العلاقات لا تقوم ولا تقطع بمثل هذا الاستعراض، أو هذا التركيز المباشر.. الرئيس الأسد ليس «ردّاحا» أو «شتّاما»، هذه الصفة بعيدة عنه كل البعد، وهو لا يتقن هذا الشكل من التعامل مع الآخرين، لا في علاقاته الخاصة الشخصية الحياتية، ولا في مدرسته السياسية، باعتبار أنه لا يجيد هذا النوع من الخطاب مع الآخرين، ولا ينزل له، حتى مع عدوّه التاريخي.. الرئيس الأسد لعله أراد أن يطلق رصاصة الرحمة على العلاقات السورية مع «مملكة آل سعود»، جملة واحدة، وأراد ألّا يبقي مكانا للعودة إليها، إذ إنه تجاوز وصف الراهن أو التعليق عليه، لكونه لم يتوقف عند فعل سياسي راهن، أو عند موقف سياسي محدّد، بمقدار ما أراد أن يضرب العائلة من جذورها، وهذا بحدّ ذاته يحمل دلالات كبيرة وواسعة، ولعله لم يشأ أن يقولها، أو يصرّح بها.. كما أن مدرسة الأسد ذاتها تقول، بأن سيادته لا يحدث طلاقا مطلقا مع مكون حاضر وموجود، فهو صاحب النظرية الأساسية التي تتحدث عن تصفير المشاكل مع المحيط القريب والبعيد، وهو صاحب الطاقة الهائلة على إيجاد مفردات مشتركة مع أي من حكومات أو قيادات المنطقة، مقابل أن يبقى العدو الرئيس له في حالة عزلة، ولا يمكّنه من الاقتراب من مكون من مكونات المنطقة، أو الاستفادة من خطأ يمكن أن يكون سبيلا لالتهام هذا المكون!!.. مدرسة الرئيس الأسد في العلاقات بالمحيط العربي والإقليمي والدولي مدرسة باردة، مدرسة لا تؤمن بالتخلي حتى عن فريسة يمكن للعدو الصهيوني أن يفكر بها، وبالتالي فإن سيادته شديد الانحياز لجهة الدفع بعيداً عن الفرائس التي يفكر بها هذا العدو، ولا يلقي له بها بالشكل السهل أو الطريّ!!.. وفي الآن ذاته يدرك الرئيس الأسد أن المنطقة في لحظتها قائمة على تحالفات، ويدرك أكثر أن محاولات جادة باتجاه تقارب، أو قل، باتجاه غزل «سعودي – إيراني»، ويدرك أكثر أن المعادلة الأساسية تقول بأن أي تخلّ عن هذه العلاقات مع المملكة سوف يؤدي إلى الدفع بها باتجاه أحضان العدو الرئيسي للمنطقة!!.. والسؤال الكبير، ما الذي سكت عنه الرئيس الأسد في إطلاقه هذه الرصاصة على العلاقات مع «مملكة آل سعود»؟!، نعتقد أن مثل هذا السؤال يجيء مفصليا ورئيسيّا، ونعتقد أنه يمتلك أبعاداً مهمة جدا، وأنّ هناك ملحقات وتبعات له، وهي ملحقات وتبعات يمكن ألا يراها كثيرون، ويمكن إلا يشعر بها آخرون أيضا!!.. وكي نتمكن من فهم جزء من هذه الملحقات والتبعات، علينا إدراك أن الذي يتحدث في هذه اللحظات هو الرئيس الأسد، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون بعيداً عن جملة ملفات لها علاقة بخريطة القوة وعناصرها وتوزعها على مستوى المنطقة، وهو الذي يعرف جيداً أين وصلت في حالة استعصائها الأخير، وخاصة أنّ حليفه الإيراني على مقربة شديدة منه، بمعنى أنهما يعملان من داخل غرفة رؤية واحدة، ومن داخل وعاء معلومات مفتوح على كل تضاريس المنطقة، بكل مفاصل اشتباكها، وبكل عناوينها الساخنة والباردة!!.. وهذا يدفعنا لتلمس، أو استقراء، أجزاء مهمة من هذه التضاريس والعناوين، وخاصة في ظل اشتباك ساخن جدا، وفي ظل خريطة أمنية تتصاعد وتحدث انزياحات كبيرة على مستوى المنطقة ومكوناتها، وفي ظلّ تداخلات مفتوحة ومرشحة لمزيد من المفاجآت التي يمكن أن تحدث زلازل كبرى وهزات عنيفة!!.. لا أدري لماذا تملكني شعور عارم أن الرئيس الأسد يقف على نافذة يرى من خلالها خرائط جديدة للمنطقة، ويرى منها ما لا يراه كثيرون، ليس تنجيما، أو قدرة إضافية على قراءة الغيب، وإنما هو فهم لطبيعة القادم، ليس من باب القراءة السياسية، بمقدار ما هو من النتائج الرياضية التي لها علاقة كبيرة بمدخلات معروفة ومعلومة، لا يمكنها أن توصل إلا إلى مخرجات حاسمة بهذا الاتجاه.. هل أراد الأسد أن يقول لنا جميعا، بأن «مملكة الرمال» قد انتهت، وأنّ عصرا من الجهل والعبودية والاستبداد والديكتاتورية كان يملأ بلاد الحجاز ونجد هو على أبواب الأفول، وهل أراد أن يقول لنا، بأن عصرا للنفط والخيانة والعمالة، هو على أبواب أن يصبح وراء ظهرنا، وهل أراد أن يقول لنا، بأن حقبة من التضليل والقتل والذبح وثقافة السلب والنهب قد انكسرت أمام دماء أبناء المنطقة؟!!.. لا أستطيع البوح اليوم بما كنت قد خلصت إليه، من هذا الدخول المهم للسيد الرئيس على هذا العنوان والتركيز عليه، ولا أستطيع أن أفيض بكل ما لدي من معطيات وحيثيات أراها مهمة جدا، غير أنني مؤمن إيماناً كاملاً بأن شيئاً تبدو خيوطه واضحة في الأفق، وتبدو بعض ملامحه زاحفة على المنطقة بأسرها، ضمن إيقاع سريع وهائل، ليس باستطاعة الكثيرين فهمه، أو اللحاق به.. لم يكن يظنّ أحد منّا، وعلى الإطلاق، قبل ثلاث من السنين، وعندما تحدث الرئيس الأسد عن زلزال كبير في المنطقة سيحصل إذا ما استهدفت سورية، أن تنظيما كـ «داعش» يمكن أن يكون، ويفرض سيطرته على هذه المساحات الهائلة من المنطقة، لم يكن أحد منّا يظن ولو للحظة أن هناك دماء يمكن أن تسفك بهذا المقدار أو هذا الحجم، ولم يكن يظن أحد منّا جميعا، أن المشهد يمكن أن يصعد لهذا المستوى وهذا الشكل المتداخل حدّ العمى!!.. نعتقد في هذا السياق أن شيئاً قادما خطيرا وكبيراً سيعيد إنتاج المنطقة، ونعتقد أن مسكوتا عنه في خطاب الرئيس الأسد، كان يجب أن يصل لنا جميعا، وكان علينا فهمه جيدا، بأن «مملكة الرمال» مقصودة بهذا الإنتاج وهذا التغيير!!..

المصدر : الوطن / خالد العبود


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة