لا اعتقد أن حزب البعث كان يوما من الأيام حزبا يمارس العمل السياسي والتنظيمي فقط وإنما كان حزبا يضطلع بدور مزدوج فهو من يسمي الجهاز التنفيذي ويرسم السياسات العامة ويحدد الاحتياجات والمشاريع وكل ما يتعلق بالشأن العام وبهذا المعنى كان الحزب يمارس السلطة عمليا ومؤسسات الدولة الأخرى اقرب ما تكون الجهاز تنفيذي له فالمؤسسات الحزبية المتسلسلة من مستوى قيادة قطرية إلى الفرقة مرورا بالفروع والشعب كانت هي الفاعل الحقيقي على مستوى الدولة ومعظم القرارات تتخذها المؤسسات الحزبية وما على الأجهزة التنفيذية سوى الاستجابة لقراراتها وتوجيهاتها الملزمة ولا شك ان هذا الدور وهذه الصلاحيات الواسعة كانت تستدعيها الظروف التي مر فيها الحزب والسلطة وتجربته في قيادة المجتمع والدولة التي استطاعت ان تؤسس وتنجز عملية بناء وتنمية حقيقية عرفتها سورية طوال عقود خلت وانعكست على المجمل العام الوطني السوري وليس لمصلحة جماعة سياسية أو حزبية بعينها .

ولعل هذا الدور للحزب إلى جانب جاذبية أهدافه ومشروعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وهويته الفكرية وانجازاته التاريخية هي أحد أهم أسباب انتساب أعداد كبيرة إلى صفوفه حيث كان عند البعض الطريق إلى المواقع الإدارية والسياسي ومن يقرأ في خريطة السلطة التنفيذية يجد أن أغلب القيادات الحزبية وصلت إلى مفاصل السلطة على مختلف مستوياتها من منصات حزبية فارتباط قرار التكليف بالأعمال الإدارية والتنفيذية بالمؤسسات الحزبية رأت فيه الكثير من القيادات الحزبية قوة للحزب وتعزيز لدوره لذلك نراها تعزو تراجع دور الاجتماعات الحزبية وقلة الحضور إلى ضعف دورها أو تراجعه في إطار تسمية الإدارات أو ترشيحها وهو بالتأكيد سبب غير موضوعي فقوة الحزب في المجتمع هي التي تحدد فاعليته ودوره في المجال العام وليس العكس.

إن النظر إلى الخريطة الحزبية في هرميتها يعطي الانطباع بأن مؤسسات الحزب هي سلطة موازية للسلطة التنفيذية من حيث تموضعها ومهامها وصلاحياتها وهنا تبرز أهمية تحديد الأدوار والمهام والصلاحيات والوظائف بحيث لا يحدث التداخل والتشابك بينها وإنما التنسيق والتكامل وهذه نقطة غاية في الأهمية فدور الحزب يفترض أن يتركز على جانب البناء الفكري والسياسي والتوعوي وبناء الإنسان إضافة إلى التواصل مع الجماهير لنقل توجهات الحزب إليها ونقل رغباتها واحتياجاتها ووضعها بين أيدي السلطة التنفيذية التي تقوم بالمعالجة من خلال صلاحياتها ومهامها حسب الدستور والقانون دون أن تقوم المؤسسات الحزبية بالحلول محلها أو مباشرة صلاحياتها وهنا يكون التكامل بين المؤسسات الحزبية وأجهزة السلطة التنفيذية الذي يصب في إطار المصلحة العامة .

إن دور الحزب في السلطة يتجلى أيضا من خلال قدرته على ضخ الكوادر الكفوءة والنزيهة في جسم السلطة التنفيذية انطلاقا من معايير موضوعية تتعلق بالكفاءة والنزاهة وحس المسؤولية والانتماء إلى قيم الحزب وتمثلها حقيقة لا ادعاء ثم يأتي دور السلطة التنفيذية في التسمية وفق المعايير التي تحددها الأنظمة والقوانين النافذة ومعايير الاختيار للوظائف العامة حيث يتكرس مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين وسيادة النظام والقانون إعمالا لمبدأ المواطنة والتقابل بين الحقوق والواجبات ومقتضيات العدالة عندها نصل إلى قرار محصن ومحسن .

إن وجود ذوي الانتماءات الحزبية في مواقع السلطة التنفيذية أساسه الموضوعي كفاءتهم الإدارية والعلمية والفنية وليس فقط انتماؤهم الحزبي والسياسي ولعل التحدي الذي تواجهه المؤسسات الحزبية يكمن في قدرتها على الدفع بهؤلاء إلى المواقع المتقدمة ليعكسوا امكاناتهم المهنية وتربيتهم الحزبية والوطنية في ساحات العمل التنفيذي الذي يصب بالنتيجة في خدمة المجتمع الذي يسعى الحزب أساسا لرفع مستوى معيشته والخدمات المقدمة إليه من خلال الأداء المتميز لأجهزة السلطة التنفيذية وهنا يبرز دور المؤسسات الحزبية في تقديم كوادرها الكفوءة والنزيهة والمبتكرة لتكون النموذج الذي يحتذى به ويشار إليه بالكفاءة والنزاهة ما يعزز من صورة الحزب في المجتمع ويجعل من منتسبيه حالة القدوة في ذلك .

وبالمحصلة كلما ازداد وارتفع وارتقى الأداء الحزبي في اطار بناء المجتمع وتكريس ثقافة العمل والنزاهة والمنافسة والسلوكية المنسجمة مع أهدافه وهويته الفكرية والسياسية كلما انعكس ذلك ايجابيا على الأداء العام فالحزب هو المضخة الثقافية والفكرية والقيمية الأساسية وبالمقابل كلما حسن أداء الأجهزة التنفيذية تفرغ الحزب لأداء مهامه الاجتماعية والتوعوية وبناء الإنسان دونما استغراقه في قضايا خدمية ومطلبية يكون سببها الأساسي تقصير السلطة التنفيذية بأجهزتها المختلفة ومن هذه النقطة بالذات يفترض أن يكون ممارسة السلطة التنفيذية لكامل صلاحياتها رغبة وضرورة حزبية بالدرجة الأولى .

إن الانتماء للحزب كمشروع فكري وسياسي واجتماعي واقتصادي وليس همزة وصل للسلطة مسألة تستحق الوقوف عندها وإيجاد آليات تنظيمية لضبطها لأن ذلك يضعنا أمام جهاز حزبي فاعل اجتماعيا وسياسيا ونضاليا يشكل نوعا لا كما ،ما يمكن الحزب من القيام بشكل أفضل بدوره الاستراتيجي في البناء المجتمعي والتخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات العامة وقيام السلطة التنفيذية بكامل دورها الذي يرسمه ويكفله الدستور والقانون بكفاءةً عالية ولعل فحوى ومضمون ذلك هو ما حدده السيد الرئيس بشار الأسد في المؤتمر القطري العاشر للحزب عام ٢٠٠٥ بقوله  إن العلاقة بين الحزب والسلطة يجب أن يكون هدفها تحقيق المصلحة العامة والدفع بعملية التنمية إلى الأمام .

  • فريق ماسة
  • 2014-07-14
  • 7691
  • من الأرشيف

عضو قيادة قطرية في حزب البعث: الانتماء للحزب ليس همزة وصل للسلطة وهذه مسألة تستحق الوقوف عندها وإيجاد آليات تنظيمية لضبطها

لا اعتقد أن حزب البعث كان يوما من الأيام حزبا يمارس العمل السياسي والتنظيمي فقط وإنما كان حزبا يضطلع بدور مزدوج فهو من يسمي الجهاز التنفيذي ويرسم السياسات العامة ويحدد الاحتياجات والمشاريع وكل ما يتعلق بالشأن العام وبهذا المعنى كان الحزب يمارس السلطة عمليا ومؤسسات الدولة الأخرى اقرب ما تكون الجهاز تنفيذي له فالمؤسسات الحزبية المتسلسلة من مستوى قيادة قطرية إلى الفرقة مرورا بالفروع والشعب كانت هي الفاعل الحقيقي على مستوى الدولة ومعظم القرارات تتخذها المؤسسات الحزبية وما على الأجهزة التنفيذية سوى الاستجابة لقراراتها وتوجيهاتها الملزمة ولا شك ان هذا الدور وهذه الصلاحيات الواسعة كانت تستدعيها الظروف التي مر فيها الحزب والسلطة وتجربته في قيادة المجتمع والدولة التي استطاعت ان تؤسس وتنجز عملية بناء وتنمية حقيقية عرفتها سورية طوال عقود خلت وانعكست على المجمل العام الوطني السوري وليس لمصلحة جماعة سياسية أو حزبية بعينها . ولعل هذا الدور للحزب إلى جانب جاذبية أهدافه ومشروعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وهويته الفكرية وانجازاته التاريخية هي أحد أهم أسباب انتساب أعداد كبيرة إلى صفوفه حيث كان عند البعض الطريق إلى المواقع الإدارية والسياسي ومن يقرأ في خريطة السلطة التنفيذية يجد أن أغلب القيادات الحزبية وصلت إلى مفاصل السلطة على مختلف مستوياتها من منصات حزبية فارتباط قرار التكليف بالأعمال الإدارية والتنفيذية بالمؤسسات الحزبية رأت فيه الكثير من القيادات الحزبية قوة للحزب وتعزيز لدوره لذلك نراها تعزو تراجع دور الاجتماعات الحزبية وقلة الحضور إلى ضعف دورها أو تراجعه في إطار تسمية الإدارات أو ترشيحها وهو بالتأكيد سبب غير موضوعي فقوة الحزب في المجتمع هي التي تحدد فاعليته ودوره في المجال العام وليس العكس. إن النظر إلى الخريطة الحزبية في هرميتها يعطي الانطباع بأن مؤسسات الحزب هي سلطة موازية للسلطة التنفيذية من حيث تموضعها ومهامها وصلاحياتها وهنا تبرز أهمية تحديد الأدوار والمهام والصلاحيات والوظائف بحيث لا يحدث التداخل والتشابك بينها وإنما التنسيق والتكامل وهذه نقطة غاية في الأهمية فدور الحزب يفترض أن يتركز على جانب البناء الفكري والسياسي والتوعوي وبناء الإنسان إضافة إلى التواصل مع الجماهير لنقل توجهات الحزب إليها ونقل رغباتها واحتياجاتها ووضعها بين أيدي السلطة التنفيذية التي تقوم بالمعالجة من خلال صلاحياتها ومهامها حسب الدستور والقانون دون أن تقوم المؤسسات الحزبية بالحلول محلها أو مباشرة صلاحياتها وهنا يكون التكامل بين المؤسسات الحزبية وأجهزة السلطة التنفيذية الذي يصب في إطار المصلحة العامة . إن دور الحزب في السلطة يتجلى أيضا من خلال قدرته على ضخ الكوادر الكفوءة والنزيهة في جسم السلطة التنفيذية انطلاقا من معايير موضوعية تتعلق بالكفاءة والنزاهة وحس المسؤولية والانتماء إلى قيم الحزب وتمثلها حقيقة لا ادعاء ثم يأتي دور السلطة التنفيذية في التسمية وفق المعايير التي تحددها الأنظمة والقوانين النافذة ومعايير الاختيار للوظائف العامة حيث يتكرس مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين وسيادة النظام والقانون إعمالا لمبدأ المواطنة والتقابل بين الحقوق والواجبات ومقتضيات العدالة عندها نصل إلى قرار محصن ومحسن . إن وجود ذوي الانتماءات الحزبية في مواقع السلطة التنفيذية أساسه الموضوعي كفاءتهم الإدارية والعلمية والفنية وليس فقط انتماؤهم الحزبي والسياسي ولعل التحدي الذي تواجهه المؤسسات الحزبية يكمن في قدرتها على الدفع بهؤلاء إلى المواقع المتقدمة ليعكسوا امكاناتهم المهنية وتربيتهم الحزبية والوطنية في ساحات العمل التنفيذي الذي يصب بالنتيجة في خدمة المجتمع الذي يسعى الحزب أساسا لرفع مستوى معيشته والخدمات المقدمة إليه من خلال الأداء المتميز لأجهزة السلطة التنفيذية وهنا يبرز دور المؤسسات الحزبية في تقديم كوادرها الكفوءة والنزيهة والمبتكرة لتكون النموذج الذي يحتذى به ويشار إليه بالكفاءة والنزاهة ما يعزز من صورة الحزب في المجتمع ويجعل من منتسبيه حالة القدوة في ذلك . وبالمحصلة كلما ازداد وارتفع وارتقى الأداء الحزبي في اطار بناء المجتمع وتكريس ثقافة العمل والنزاهة والمنافسة والسلوكية المنسجمة مع أهدافه وهويته الفكرية والسياسية كلما انعكس ذلك ايجابيا على الأداء العام فالحزب هو المضخة الثقافية والفكرية والقيمية الأساسية وبالمقابل كلما حسن أداء الأجهزة التنفيذية تفرغ الحزب لأداء مهامه الاجتماعية والتوعوية وبناء الإنسان دونما استغراقه في قضايا خدمية ومطلبية يكون سببها الأساسي تقصير السلطة التنفيذية بأجهزتها المختلفة ومن هذه النقطة بالذات يفترض أن يكون ممارسة السلطة التنفيذية لكامل صلاحياتها رغبة وضرورة حزبية بالدرجة الأولى . إن الانتماء للحزب كمشروع فكري وسياسي واجتماعي واقتصادي وليس همزة وصل للسلطة مسألة تستحق الوقوف عندها وإيجاد آليات تنظيمية لضبطها لأن ذلك يضعنا أمام جهاز حزبي فاعل اجتماعيا وسياسيا ونضاليا يشكل نوعا لا كما ،ما يمكن الحزب من القيام بشكل أفضل بدوره الاستراتيجي في البناء المجتمعي والتخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات العامة وقيام السلطة التنفيذية بكامل دورها الذي يرسمه ويكفله الدستور والقانون بكفاءةً عالية ولعل فحوى ومضمون ذلك هو ما حدده السيد الرئيس بشار الأسد في المؤتمر القطري العاشر للحزب عام ٢٠٠٥ بقوله  إن العلاقة بين الحزب والسلطة يجب أن يكون هدفها تحقيق المصلحة العامة والدفع بعملية التنمية إلى الأمام .

المصدر : البعث/ د خلف المفتاح


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة