دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كشف المعارض السوري الدكتور وليد البني مؤخرا النقاب عن تلقيه معلومات حول اتصالات غير معلنة تجريها دول أوروبية حاليا بالنظام السوري، وهو ما يعد تغيرا كبيرا في الموقف الغربي الذي سبق أن دعم المعارضة المسلحة في سورية، ويفتح الباب أمام تفسيرات وتحليلات عديدة حول واقع ومستقبل الأزمة السورية.
والدكتور البني الذي يدعم الحل السياسي في سورية، سبق أن انشق عن الائتلاف السوري المعارض (الذي يتبنى خيار الحل العسكري)، بعد أن كان هو المتحدث باسمه، وقد كتب على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" تدوينة قصيرة تحت عنوان "من المسؤول؟"، قال فيها:
"يبدو أن الكثير من دول الاتحاد الأوروبي بدأت تعيد النظر في علاقاتها بالمعارضة السورية، والكثير منهم بدأ اتصالات غير معلنة بأجهزة النظام، لان الموضوع سيطول، ولا يمكننا التعامل مع مؤسسات معارضة مشرذمة وغير صاحبة قرار، وليس لدينا ثقة في أنها تشكل بديلا مقنعا للنظام، بعدما لم يعد لها أي سيطرة على أرض الواقع، وأضحت القوى الراديكالية هي صاحبة الكلمة الحقيقية على الأرض".
وبينما اختتم المعارض السوري تدوينته قائلا، "أنقل الكلام الذي سمعته اليوم بحرفيته"، فقد سعى "الأهرام" إلى التواصل معه لكشف تفاصيل هذه الاتصالات، إلا أنه اعتذر عن إعطاء مزيد من المعلومات في الوقت الراهن، ولكن في ظل عدم توافر التفاصيل، فانه تبقى إمكانية التحليل، لفهم أبعاد هذا الموقف الغربي المفاجئ نوعا ما، لاسيما أنه يأتي بعد معركة كلامية بين الائتلاف السوري المعارض، وأكبر داعميه الغربيين، وهم الأمريكيون، أو بالأحرى رأس السلطة الأمريكية ذاتها، الرئيس باراك أوباما.
أوباما، قال في خطاب له مؤخرا، إن الحديث عن معارضة معتدلة قادرة على هزيمة الرئيس بشار الأسد هو غير واقعي وخيال سياسي لا يمكن تحقيقه، وان إدارته استهلكت وقتاً كبيراً في العمل مع ما وصفه بالمعارضة السورية المعتدلة، لكن وجود معارضة مثل هذه قادرة على الإطاحة ببشار يبدو غير واقعي، حسب تعبيره.
وردا على ذلك، هاجم الدكتور لؤي صافي المتحدث باسم الائتلاف الرئيس الأمريكي، قائلا ان هذه التصريحات تعبر عن موقف سلبي، وتشكل تغطية لعجز الإدارة الأمريكية عن منع تدهور الوضع السياسي والإنساني في الشرق الأوسط، لكن رئيس الائتلاف أحمد الجربا عاد إلى تخفيف اللهجة قائلا أن تصريحات أوباما تضع المعارضة أمام تحد جديد، وتؤكد أنه يجب على الائتلاف "والثوار" أن ينظموا أنفسهم بشكل أكبر ومكثف.
وهكذا، فقد بدا أن شهر العسل بين الغرب عموما والمعارضة السورية الداعمة للخيار المسلح قد انتهى الآن، لاسيما بعد أن تدمرت سورية.
الدكتور منذر خدام المتحدث باسم هيئة التنسيق الوطني السورية المعارضة (الداعمة للحل السياسي للأزمة منذ يومها الأول)، تحدث لـ "الأهرام" شارحا النظرة الغربية لسورية تاريخيا، حيث قال أن الدوائر الرسمية الغربية وتحديدا الأمريكية كانت تصنف النظام السوري في الماضي بأنه "غير صديق"، لكنه في الواقع العملي كان ينفذ لهم الكثير من طلباتهم الأمنية وغير الأمنية، ....
ويقول خدام انه في ضوء ذلك فإن أمريكا لم تكن تريد إسقاطه بل تغيير سياساته، وهذا ما كان يصرح به المسئولون الأمريكيون دائما في بداية الأزمة، وسمعته شخصيا من روبرت فورد سفيرهم في دمشق سابقا أكثر من مرة، فقد كانوا يريدون تغيير سياساته المتعلقة بإيران وحزب الله تحديداً، كما سمعت ذلك من السفير البريطاني أيضاَ الذي قال لي "أنتم المعارضة السورية لا تأخذون في الحسبان دور اسرائيل في الصراع الداخلي في بلدكم"، حيث إنها في الواقع تقوم بدور قائد الأوركسترا في إدارة الأزمة السورية ".
ويضيف قائلا، اليوم تحقق لهم كل ما أرادوه، ولذلك فهم يريدون الآن من الأسد أن يقوم بدور "الإطفائي" في القضاء على القوى الإرهابية التي عملوا على تجميعها من كل حدب وصوب لتموت في سورية، وليس لإسقاط النظام، وهذا ما عبر عنه صراحة رايان كروكر السفير الأمريكي السابق في المنطقة الخبير في البراجماتية الأمريكية في مقال له في صحيفة "نيويورك تايمز"، ولنتذكر كيف أنشأوا المجلس الوطني للمعارضة السورية ثم الائتلاف بعد ذلك، كأداة من أدوات إدارة الأزمة، واليوم يقوم أوباما باعلان وفاة هذا الأخير كما أعلنت وزير خارجيته هيلارى كلينتون من قبل وفاة المجلس الوطني.
ويختتم منذر خدام تصريحاته بتأكيده أن الاتصالات الغربية مع النظام السوري، وخصوصا مع أجهزته الأمنية، لم تنقطع سواء عبر أطراف ثالثة، أو بصورة مباشرة كما هي اليوم، أو من خلال استقبال بعض مسؤولى النظام في أوروبا وفى غيرها تحت عناوين مختلفة وفى مناسبات مختلفة حسب قوله. ..
مالك الحافظ رئيس مكتب الاعلام لفرع المهجر بهيئة التنسيق، قال ان أمريكا والغرب لايسعون بأى جهد الى انهاء المأساة فى سوريا، لكنهم يعملون حتى الآن على سياسة "ادارة الأزمة"، وسيستمرون فى ذلك. ويوضح أن ادارة الازمة من جانب الغرب تتلخص فى تحقيق مصالحهم فقط بعيدا عن الشعارات الرنانة التى يوهمون بها شعوب المنطقة العربية، ويسعون بواسطتها للتدخل فى بلداننا، وحقيقة الامر هى أن التواصل الأوروبى مع النظام فى دمشق أصبح غير مستبعد على الاطلاق، بما يخدم مصالحهم وما يسعون اليه أيضا من تدمير سوريا، فهم يرون أن التنسيق الأمنى مع النظام هو ضرورة، وأهم من أى شئ آخر لمواجهة القوى الجهادية المتطرفة، لاسيما فى ظل النظرة الغربية المتخوفة على الدوام من خطر الارهاب، لذا فانهم يستخدمون أدواتهم لتطبيق استراتيجياتهم وحماية دولهم ومواطنيهم، عبر التنسيق الأمنى مع النظام الذى يقولون انهم يسعون لاسقاطه حسب قولها .
المصدر :
الماسة السورية/ بوابة الأهرام
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة