أربكت المواجهات الدائرة على الارض الفلسطينية منذ اسابيع ثلاثة الكثير من اطراف المشروع الصهيوأميركي وأدواته، الذين لم يتوقعوا ان تستطيع المقاومة ومحورها القيام بمواجهة العدوان بالشكل الحاصل الآن، ففاجأهم الرد حتى أذهلم وأخرسهم،

 فلم يتخذوا من العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة المستمر منذ اسبوع اي موقف يدعو الى وقفه، او مجرد لوم إسرائيل على جرائمها.. أو أو..إلخ مما عودونا عليه ضد بلد عربي او آخر. وقد لا يكون مفاجئاً لنا صمت هؤلاء وغيابهم، اذ اعتاد المواطن العربي على تخاذلهم واستنكافهم عن القيام بالواجب القومي والوطني وحتى الاخلاقي، لكن كانت المفاجأة في حجم الوقاحة في ممارسة هذا السلوك المخزي.‏

 نقول لم تفاجئنا طبيعة سلوكهم لانهم ادمنوا عليه واعتدنا ان نراه منهم وبالمناسبة وفي ذكرى حرب تموز 2006 نذكر لا بل لا يمكن ان ننسى مواقفهم من العدوان وتخاذلهم امام إسرائيل لا بل سعيهم لمؤازرتها في عدوانها. ومن ينسى موقف حكام الوهابية من بني سعود، الموقف الذي بدل ان يدين العدوان ويسعى الى وقفه، ويؤكد على شرعية مواجهته، ذهب الى ادانة المقاومة التي تعمل على استنقاذ الحقوق القومية والوطنية من انياب الذئب الإسرائيلي، فوصفوا العمل المقاوم بانه «سلوك مغامرين» ما أثار غيرة كل عربي شريف، ما حدا بالرئيس الأسد يومها وهو يتابع مجريات الميدان ويعتز بما تسجله المقاومة فيه، وتصدمه مواقف المتخاذلين العرب الذين يشجعون إسرائيل على التمادي بالعدوان لسحق المقاومة، ما حدا به الى وصفهم بأنهم «اشباه رجال» الوصف الدقيــــــــــق الذي غـــــدا هــــــــــــوية حقيقيــة لهؤلاء الذين ارتضوا الارتهان للعدو والانصياع التآمري له.‏

 و كما سكتت ما يسمى الجامعة العربية في العام 2006 عن العدوان سكوت المشجع لإسرائيل على مواصلته حتى «اجتثاث المقاومة» يتكرر الامر اياه اليوم في غزة فتخرس الجامعة وامينها العام، فلا تتدعى لإدانة إسرائيل ولا تلجأ الى اي هيئة دولية لوقفه بشكل جدي خلافا لحماسها يوم تحركت ضد لبيبا وسورية طلبا لتدميرهما.‏

 في العدوان الإسرائيلي على غزة اليوم خرست الجامعة التي حولها عربان الخليج، بعد ان امسكوا بقرارها، الى جامعة نعاج باعترافهم، خرست فلم تطلب من مجلس الامن قرارا تحت الفصل السابع للتصدي لإسرائيل ومنعها من قتل اطفال غزة وهدم بيوت الامنين فيها، لكنها لن توفر جهدا في ممارسة ذلك ضد ليبيا وضد سورية، حيث جعلت نفسها جسرا يعبر عليه الاطلسي لتدمير ليبيا وقتل 150 الف مواطن فيها وتشتيت قواها حتى دفعت الى وضع يصعب معه بناء دولة فيها. وكادت الجريمة ان تتكرر في سورية، لو كانت سورية غير سورية بقوتها وبتحالفاتها الاقليمية والدولية، لكن سورية القوية سفهت احلام العملاء من عربان النفط فدافعت عن نفسها ونجحت بالثبات على مبادئها في موقعها الاستراتيجي دولة متماسكة يؤرق وجودها اصحاب المشروع الصهيو اميركي المنكسر استراتيجياً على اعتاب دمشق.‏

 اما التركي الحالم بخلافة يستعيد عبرها امجاد بني عثمان، فقد سكت هو الآخر ولم تتحرك حميته للسعي لوقف العدوان على غزة، ولم يتحرك مهدداً متوعداً ولم تعنه دماء الاطفال في غزة، كما كان يدعي كذبا حرصه على الشعب السوري حيث فتح بلاده لشذاذ الافاق والارهابيين الذين يدعون «السعي لاقامة شرع الله وارساء الاسلام على الارض السورية». اما الآن فإنه لم يأت باحد منهم لنصرة اخوانهم في الدين في غزة، لا بل استمر بتزويد الطيران الحربي الإسرائيلي بالوقود من اجل تمكينه من التحليق لاستنفاد تدمير «بنك الاهداف» في غزة حسب التعبير الإسرائيلي، اي تمكينه من تدمير كل غزة لانها بعرف إسرائيل منطقة اهداف واجبة التدمير كليا طالما ان حلم رابين بأن يبتلعها البحر لم يتحقق.‏

 لن نتوقف عند مواقف الغرب بالقيادة الاميركية صاحب المشروع الاصلي، وهو المعني المستفيد من العدوان اذا حقق اهدافه في شل المقاومة او تعطيلها حتى لا نقول اذا اجتث المقاومة لان الاجتثاث بات في ذهنهم امرا معقدا يستحيل تنفيذه بعد التجارب الماضية، لن نتوقف عند مواقف اميركا وأوروبا المشجعة للعدوان والداعية لاستمراره ضد مدنيي غزة ومقاومتها، لانهم في الاصل يريدون ذلك وهم من اعطى إسرائيل الغطاء للعدوان وهم من يبرر الجرائم الإسرائيلية، لكننا نسأل كيف يستطيع العاقل ان يصدق غيرة هؤلاء على عربي ومسلم في ليبيا او سورية، فيسارعون لاتخاذ المواقف لـ «انقاذ شعب هذه الدولة او تلك»، وفي الآن ذاته يسارعون الى تبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد سكان غزة وارتكاب المجازر بيد إسرائيلية ؟‏

 لكن الفضيحة الجديدة الآن تتمثل بموقف تلك الفئة من المنافقين صنيعة الاستخبارات الغربية المدعين العمل لاقامة «الخلافة الاسلامية» اذ لم يكفهم ما ارتكبوه بحق الشعب السوري والعراقي من جرائم قتل وهتك للاعراض وتدمير للمتلكات وتهجير للسكان، عبر ممارسات ارتكبوها مدعين بأن ذلك امر ضروري لاقامة الدولة الاسلامية، بل اعطوا إسرائيل الامان لتتابع جرائمها، معتبرين ان «قتالها ليس واجبهم لان الله لم يأمر به».‏

 طبعا نحن لم نفاجأ بموقفهم لاننا في الاصل نعرف بأنهم الجيش السري الذي تقوده المخابرات الاميركية وتشغله ضد المقاومة ومحورها من اجل فتح الطريق الأمن امام المشروع الصهيواميركي في المنطقة، وهذا الامر لم يختلط علينا لحظة واحدة ونحن لم نصدق يوما بأن من تحرك ضد سورية حاملا السلاح ضد الدولة المقاومة فيها، كان يبغي حرية او ديمقراطية او اصلاح، بل كنا ولا نزال على يقين بان ما جرى في سورية هو عدوان قادته اميركا واستعملت هؤلاء العملاء الادوات الذين جندتهم باسم الدين الذي صنعتهم لهم على حد قول رئيس الاستخبارات الاميركية السابقة ودفعتهم لقتل العرب والمسلمين خدمة لهذا المشروع.‏

 قلنا فضيحة ولم نقل مفاجأة لاننا نعلم منذ البدء من هم ومن يقودهم، لكن فضيحة هؤلاء المدعين السعي لاقامة دولة الاسلام – حسب زعمهم – تمثلت بقولهم «إن الله لم يأمرهم بقتال إسرائيل» ، موقف اختصر كل شيء يتعلق بطبيعة هؤلاء وحقيقة اهدافهم واتجاهات سلوكهم. ورب سائل يسأل هؤلاء اليس في مصحفهم اية تحدد لهم واجبهم حيال الاقصى؟ وواجبهم في نصرة المظلوم؟ وواجبهم في رد عدوان إسرائيل على المسلمين؟ يبدو ان الاميركي شطب من «قرآنهم هذه الايات وقدم لهم الكتاب الذي يوافق الاسلام الذي صنعه لهم اسلام القتل والذبح وهتك الاعراض واخراج الناس من بيوتها تشريدا وتشتيتا.‏

 لقد عرت غزة كل هؤلاء حتى لم يعد هناك مكان لقائل بانه مشتبه او التبس عليه الامر في اختيار اي الفريقين المتصارعين على ارض الشرق الاوسط محق في موقفه، وبات تصديق اولئك التكفيرين او تلك الانظمة المتخاذلة العميلة او تلك الدول الراعية للمشروع الصهيواميركي، بات غباءً والعمل معهم عمالة لا نقاش فيها وخيانة للنفس والوطن والامة لا يمكن اخفاؤها.‏

 اما على المقلب الآخر فاننا نرى ان مجريات الميدان في غزة اثبتت ان من عرتهم الوقائع وفضحتهم المواجهة، لن يستطيعوا ان يبلغوا شيئا من تحقيق احلامهم ولن يشهدوا انتصارا لإسرائيل على المقاومة انتصاراً يغطي ما ظهر من عوراتهم، فالمقاومة – التي لم تلطخ بدماء عربية ولم تلوث بمال خليجي - تتجه الى حسم الموقف استراتيجيا لصالحها، وهي بعد ان نفضت الغبار عن القضية الفلسطنية وقطعت الطريق على تصفيتها وضعت إسرائيل في موقف لا تستطيع معه ان تدعي بانها حققت شيئا من اهدافها اقله فيما يلي :‏

 - لم تستعد إسرائيل هيبتها الردعية، التي كانت بدأت تتآكل في لبنان منذ العام 2000 ثم ازدادت تآكلا في العام 2006، ورغم كل ما فعلت لوقف هذا التآكل جاءت مواجهات غزة لتؤكد استمراره.‏

 - لم تبعد محور المقاومة عن القضية الفلسطنية، بل تأكدت ان هذه القضية تستمر في راس اهتمامات المحور، وكان كل صاروخ من صنع سوري او ايراني او كل تكتيك او مناورة من ابداع لبنان على يد المقاومة التي ينظمها حزب الله، كانت كل مفردة من هذه الامور تؤكد لإسرائيل بان محور المقاومة حاضر في المواجهة في غزة، وبفعالية اكثر من تصورها.‏

 - لم تتجرأ رغم التهويل على الدخول الى غزة في حرب برية لاجتياحها واحتلالها مؤقتاً او نهائياً لاجتثاث المقاومة كما تحلم او تدمير منصات الصواريخ، لانها علمت ان المقاومة التي اتقنت الاستفادة من دروس لبنان 2006 وعالجت الثغرات التي ظهرت في العام 2008 و2012، ان هذه المقاومة لن تمكن إسرائيل من التنزه في غزة ، ولهذا تكتفي إسرائيل بالحرب النفسية المتصاعدة للضغط على المقاومة الفلسطنية علها تقبل بشيء من شروط إسرائيل يحفظ ماء وجهها.‏

 - ان إسرائيل هي التي ستسعى الى وقف اطلاق النار، لكن الامر هذه المرة لن يكون كما تشتهي لان ادارة الملف اليوم تختلف عما كان في الامس ولن يجهض انتصار المقاومة الحقيقة على يد مدعيها.‏

 ان مواجهات غزة وطل فلسطين اليوم هي «حرب تعرية» المشروع الاستعماري وادواته، وحرب اظهار قوة المقاومة ومحورها، وهي تشكل بنتائجها قيمة مضافة لانتصار هذا المحور في سورية وثباته في وجه الحرب الكونية التي شنت عليه منذ اربع سنوات تقريبا.‏

  • فريق ماسة
  • 2014-07-13
  • 12487
  • من الأرشيف

من تموز 2006 إلى تموز 2014 .. تألق المقاومة وتعرية العدوان..د. أمين حطيط

أربكت المواجهات الدائرة على الارض الفلسطينية منذ اسابيع ثلاثة الكثير من اطراف المشروع الصهيوأميركي وأدواته، الذين لم يتوقعوا ان تستطيع المقاومة ومحورها القيام بمواجهة العدوان بالشكل الحاصل الآن، ففاجأهم الرد حتى أذهلم وأخرسهم،  فلم يتخذوا من العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة المستمر منذ اسبوع اي موقف يدعو الى وقفه، او مجرد لوم إسرائيل على جرائمها.. أو أو..إلخ مما عودونا عليه ضد بلد عربي او آخر. وقد لا يكون مفاجئاً لنا صمت هؤلاء وغيابهم، اذ اعتاد المواطن العربي على تخاذلهم واستنكافهم عن القيام بالواجب القومي والوطني وحتى الاخلاقي، لكن كانت المفاجأة في حجم الوقاحة في ممارسة هذا السلوك المخزي.‏  نقول لم تفاجئنا طبيعة سلوكهم لانهم ادمنوا عليه واعتدنا ان نراه منهم وبالمناسبة وفي ذكرى حرب تموز 2006 نذكر لا بل لا يمكن ان ننسى مواقفهم من العدوان وتخاذلهم امام إسرائيل لا بل سعيهم لمؤازرتها في عدوانها. ومن ينسى موقف حكام الوهابية من بني سعود، الموقف الذي بدل ان يدين العدوان ويسعى الى وقفه، ويؤكد على شرعية مواجهته، ذهب الى ادانة المقاومة التي تعمل على استنقاذ الحقوق القومية والوطنية من انياب الذئب الإسرائيلي، فوصفوا العمل المقاوم بانه «سلوك مغامرين» ما أثار غيرة كل عربي شريف، ما حدا بالرئيس الأسد يومها وهو يتابع مجريات الميدان ويعتز بما تسجله المقاومة فيه، وتصدمه مواقف المتخاذلين العرب الذين يشجعون إسرائيل على التمادي بالعدوان لسحق المقاومة، ما حدا به الى وصفهم بأنهم «اشباه رجال» الوصف الدقيــــــــــق الذي غـــــدا هــــــــــــوية حقيقيــة لهؤلاء الذين ارتضوا الارتهان للعدو والانصياع التآمري له.‏  و كما سكتت ما يسمى الجامعة العربية في العام 2006 عن العدوان سكوت المشجع لإسرائيل على مواصلته حتى «اجتثاث المقاومة» يتكرر الامر اياه اليوم في غزة فتخرس الجامعة وامينها العام، فلا تتدعى لإدانة إسرائيل ولا تلجأ الى اي هيئة دولية لوقفه بشكل جدي خلافا لحماسها يوم تحركت ضد لبيبا وسورية طلبا لتدميرهما.‏  في العدوان الإسرائيلي على غزة اليوم خرست الجامعة التي حولها عربان الخليج، بعد ان امسكوا بقرارها، الى جامعة نعاج باعترافهم، خرست فلم تطلب من مجلس الامن قرارا تحت الفصل السابع للتصدي لإسرائيل ومنعها من قتل اطفال غزة وهدم بيوت الامنين فيها، لكنها لن توفر جهدا في ممارسة ذلك ضد ليبيا وضد سورية، حيث جعلت نفسها جسرا يعبر عليه الاطلسي لتدمير ليبيا وقتل 150 الف مواطن فيها وتشتيت قواها حتى دفعت الى وضع يصعب معه بناء دولة فيها. وكادت الجريمة ان تتكرر في سورية، لو كانت سورية غير سورية بقوتها وبتحالفاتها الاقليمية والدولية، لكن سورية القوية سفهت احلام العملاء من عربان النفط فدافعت عن نفسها ونجحت بالثبات على مبادئها في موقعها الاستراتيجي دولة متماسكة يؤرق وجودها اصحاب المشروع الصهيو اميركي المنكسر استراتيجياً على اعتاب دمشق.‏  اما التركي الحالم بخلافة يستعيد عبرها امجاد بني عثمان، فقد سكت هو الآخر ولم تتحرك حميته للسعي لوقف العدوان على غزة، ولم يتحرك مهدداً متوعداً ولم تعنه دماء الاطفال في غزة، كما كان يدعي كذبا حرصه على الشعب السوري حيث فتح بلاده لشذاذ الافاق والارهابيين الذين يدعون «السعي لاقامة شرع الله وارساء الاسلام على الارض السورية». اما الآن فإنه لم يأت باحد منهم لنصرة اخوانهم في الدين في غزة، لا بل استمر بتزويد الطيران الحربي الإسرائيلي بالوقود من اجل تمكينه من التحليق لاستنفاد تدمير «بنك الاهداف» في غزة حسب التعبير الإسرائيلي، اي تمكينه من تدمير كل غزة لانها بعرف إسرائيل منطقة اهداف واجبة التدمير كليا طالما ان حلم رابين بأن يبتلعها البحر لم يتحقق.‏  لن نتوقف عند مواقف الغرب بالقيادة الاميركية صاحب المشروع الاصلي، وهو المعني المستفيد من العدوان اذا حقق اهدافه في شل المقاومة او تعطيلها حتى لا نقول اذا اجتث المقاومة لان الاجتثاث بات في ذهنهم امرا معقدا يستحيل تنفيذه بعد التجارب الماضية، لن نتوقف عند مواقف اميركا وأوروبا المشجعة للعدوان والداعية لاستمراره ضد مدنيي غزة ومقاومتها، لانهم في الاصل يريدون ذلك وهم من اعطى إسرائيل الغطاء للعدوان وهم من يبرر الجرائم الإسرائيلية، لكننا نسأل كيف يستطيع العاقل ان يصدق غيرة هؤلاء على عربي ومسلم في ليبيا او سورية، فيسارعون لاتخاذ المواقف لـ «انقاذ شعب هذه الدولة او تلك»، وفي الآن ذاته يسارعون الى تبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد سكان غزة وارتكاب المجازر بيد إسرائيلية ؟‏  لكن الفضيحة الجديدة الآن تتمثل بموقف تلك الفئة من المنافقين صنيعة الاستخبارات الغربية المدعين العمل لاقامة «الخلافة الاسلامية» اذ لم يكفهم ما ارتكبوه بحق الشعب السوري والعراقي من جرائم قتل وهتك للاعراض وتدمير للمتلكات وتهجير للسكان، عبر ممارسات ارتكبوها مدعين بأن ذلك امر ضروري لاقامة الدولة الاسلامية، بل اعطوا إسرائيل الامان لتتابع جرائمها، معتبرين ان «قتالها ليس واجبهم لان الله لم يأمر به».‏  طبعا نحن لم نفاجأ بموقفهم لاننا في الاصل نعرف بأنهم الجيش السري الذي تقوده المخابرات الاميركية وتشغله ضد المقاومة ومحورها من اجل فتح الطريق الأمن امام المشروع الصهيواميركي في المنطقة، وهذا الامر لم يختلط علينا لحظة واحدة ونحن لم نصدق يوما بأن من تحرك ضد سورية حاملا السلاح ضد الدولة المقاومة فيها، كان يبغي حرية او ديمقراطية او اصلاح، بل كنا ولا نزال على يقين بان ما جرى في سورية هو عدوان قادته اميركا واستعملت هؤلاء العملاء الادوات الذين جندتهم باسم الدين الذي صنعتهم لهم على حد قول رئيس الاستخبارات الاميركية السابقة ودفعتهم لقتل العرب والمسلمين خدمة لهذا المشروع.‏  قلنا فضيحة ولم نقل مفاجأة لاننا نعلم منذ البدء من هم ومن يقودهم، لكن فضيحة هؤلاء المدعين السعي لاقامة دولة الاسلام – حسب زعمهم – تمثلت بقولهم «إن الله لم يأمرهم بقتال إسرائيل» ، موقف اختصر كل شيء يتعلق بطبيعة هؤلاء وحقيقة اهدافهم واتجاهات سلوكهم. ورب سائل يسأل هؤلاء اليس في مصحفهم اية تحدد لهم واجبهم حيال الاقصى؟ وواجبهم في نصرة المظلوم؟ وواجبهم في رد عدوان إسرائيل على المسلمين؟ يبدو ان الاميركي شطب من «قرآنهم هذه الايات وقدم لهم الكتاب الذي يوافق الاسلام الذي صنعه لهم اسلام القتل والذبح وهتك الاعراض واخراج الناس من بيوتها تشريدا وتشتيتا.‏  لقد عرت غزة كل هؤلاء حتى لم يعد هناك مكان لقائل بانه مشتبه او التبس عليه الامر في اختيار اي الفريقين المتصارعين على ارض الشرق الاوسط محق في موقفه، وبات تصديق اولئك التكفيرين او تلك الانظمة المتخاذلة العميلة او تلك الدول الراعية للمشروع الصهيواميركي، بات غباءً والعمل معهم عمالة لا نقاش فيها وخيانة للنفس والوطن والامة لا يمكن اخفاؤها.‏  اما على المقلب الآخر فاننا نرى ان مجريات الميدان في غزة اثبتت ان من عرتهم الوقائع وفضحتهم المواجهة، لن يستطيعوا ان يبلغوا شيئا من تحقيق احلامهم ولن يشهدوا انتصارا لإسرائيل على المقاومة انتصاراً يغطي ما ظهر من عوراتهم، فالمقاومة – التي لم تلطخ بدماء عربية ولم تلوث بمال خليجي - تتجه الى حسم الموقف استراتيجيا لصالحها، وهي بعد ان نفضت الغبار عن القضية الفلسطنية وقطعت الطريق على تصفيتها وضعت إسرائيل في موقف لا تستطيع معه ان تدعي بانها حققت شيئا من اهدافها اقله فيما يلي :‏  - لم تستعد إسرائيل هيبتها الردعية، التي كانت بدأت تتآكل في لبنان منذ العام 2000 ثم ازدادت تآكلا في العام 2006، ورغم كل ما فعلت لوقف هذا التآكل جاءت مواجهات غزة لتؤكد استمراره.‏  - لم تبعد محور المقاومة عن القضية الفلسطنية، بل تأكدت ان هذه القضية تستمر في راس اهتمامات المحور، وكان كل صاروخ من صنع سوري او ايراني او كل تكتيك او مناورة من ابداع لبنان على يد المقاومة التي ينظمها حزب الله، كانت كل مفردة من هذه الامور تؤكد لإسرائيل بان محور المقاومة حاضر في المواجهة في غزة، وبفعالية اكثر من تصورها.‏  - لم تتجرأ رغم التهويل على الدخول الى غزة في حرب برية لاجتياحها واحتلالها مؤقتاً او نهائياً لاجتثاث المقاومة كما تحلم او تدمير منصات الصواريخ، لانها علمت ان المقاومة التي اتقنت الاستفادة من دروس لبنان 2006 وعالجت الثغرات التي ظهرت في العام 2008 و2012، ان هذه المقاومة لن تمكن إسرائيل من التنزه في غزة ، ولهذا تكتفي إسرائيل بالحرب النفسية المتصاعدة للضغط على المقاومة الفلسطنية علها تقبل بشيء من شروط إسرائيل يحفظ ماء وجهها.‏  - ان إسرائيل هي التي ستسعى الى وقف اطلاق النار، لكن الامر هذه المرة لن يكون كما تشتهي لان ادارة الملف اليوم تختلف عما كان في الامس ولن يجهض انتصار المقاومة الحقيقة على يد مدعيها.‏  ان مواجهات غزة وطل فلسطين اليوم هي «حرب تعرية» المشروع الاستعماري وادواته، وحرب اظهار قوة المقاومة ومحورها، وهي تشكل بنتائجها قيمة مضافة لانتصار هذا المحور في سورية وثباته في وجه الحرب الكونية التي شنت عليه منذ اربع سنوات تقريبا.‏

المصدر : الماسة السورية/ الثورة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة