عام 1948، كانت فرضية الدفاع الإسرائيلية تقوم على خلق منطقة آمنة حول إسرائيل. وهي ليست سوى تطبيق لإستراتيجية «خطوات» الأوروبية: الحروب الإسرائيلية محاولة لتوسيع أراضيها، وإذا تعذر ذلك، نزع سلاح المناطق الواقعة على حدودها.

عام 1948، كانت فرضية الدفاع الإسرائيلية تقوم على خلق منطقة آمنة حول إسرائيل. وهي ليست سوى تطبيق لإستراتيجية «خطوات» الأوروبية: الحروب الإسرائيلية محاولة لتوسيع أراضيها، وإذا تعذر ذلك، نزع سلاح المناطق الواقعة على حدودها.

لكن مع ظهور وانتشار الصواريخ، تم تجميد «خطوات» لأنها لم تعد تقدم ضمانات مهمة. ذلك أن إسرائيل فضلت عام 2000 الانسحاب من جنوب لبنان، تجنبا لمضايقات حزب الله.

وبالتدريج، بدأت عقيدة عسكرية أخرى تفرض نفسها: يعتمد أمن البلد على قدرته التدميرية من بعيد للصواريخ التي تهدد أمنه. الأمر الذي يفرض، ليس فقط، نزع تسليح «خطوات» بل خلق حلقات حماية تتجاوز حدود البلدان المعادية، من شأنها تحييد أي تهديد صاروخي. هذا مايفسر إنشاء جنوب السودان عام 2011، وقريبا كردستان عام 2015، ما سيمكن إسرائيل من تهديد مصر، وسورية، ولبنان في آن واحد.

من وجهة النظر الأميركية، فإن إنشاء كردستان هو حلقة في إعادة تشكيل «الشرق الأوسط الموسع» (الشرق الأوسط الكبير). أي تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة منسجمة عرقيا، تسهل السيطرة عليها. لهذا السبب وضعت وزارة الدفاع نفسها مكان الشاهد الغائب. أثناء الاجتماع المغلق الذي حضره وزير الدفاع تشاك هاغل برفقة رئيس هيئة الأركان مارتن ديمبسي، كي يشرحوا لأعضاء الكونغرس الوضع في العراق، لم يزعموا أنهم أضاعوا ملف أبو بكر البغدادي فحسب (وهم بالتالي يجهلون الأسباب التي جعلتهم يعتقلونه عام 2004، تماما كما يجهلون الأسباب التي جعلتهم يطلقون سراحه بعد بضعة شهور)، لكنهم اعترفوا أيضاً بعدم امتلاكهم أي خطة للتدخل وبالتالي تركهم مطلق الحرية لقيام الدولة الإسلامية، وكردستان.

يخطىء الشعب الكردي حين يعتقد أن دولة كردستان التي يقترحها الإسرائيليون والأميركان إضافة إلى الأتراك، هي عين الدولة التي يطمحون إليها. فعلى النقيض من سلفهم العظيم صلاح الدين الأيوبي الذي حرر ووحد بلاد الشام، تقوم جماعة البرزاني بعزل الشعب الكردي عن باقي شعوب المنطقة من العرب، والأرمن، وغيرهم، وتحويله إلى تابع لنظام الفصل العنصري (الإسرائيلي).

وبينما يجري النقاش الآن على الأنترنت بين أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني حول عملتهم المستقبلية، نجد (الكورو) وجماعة البرزاني في أربيل يتصرفون كما لو كانوا قد فازوا بمساعدة إسرائيل لهم. فقد أرسلوا البشمركة ليستولوا على حقول باي حسن، وكركوك، وطردوا كل العمال العرب منها.

غير أن حزب العمال الكردستاني، الذي يتزعمه عبد اللـه أوجلان، دعا إلى عدم الوقوع في الفخ، ونشر مقتطفات من الاجتماع السري الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان بتاريخ الأول من حزيران الماضي الذي أعلنت فيه الفصائل الإسلامية المسلحة والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني عن تحالفهم، والتخطيط لهجوم منسق على العراق.

من جانبه، كشف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن عدم قدرة جيشه على مهاجمة القيادة العليا للدولة الإسلامية، لأنها تتخذ من اربيل مقرا لها، وهي تحت حماية كردستان.

هناك خطان متعارضان بطبيعة الحال. وحده الشعب الكردي قادر على إحباط المخطط الإسرائيلي.

  • فريق ماسة
  • 2014-07-12
  • 9221
  • من الأرشيف

«كردستان» بنكهة إسرائيلية

عام 1948، كانت فرضية الدفاع الإسرائيلية تقوم على خلق منطقة آمنة حول إسرائيل. وهي ليست سوى تطبيق لإستراتيجية «خطوات» الأوروبية: الحروب الإسرائيلية محاولة لتوسيع أراضيها، وإذا تعذر ذلك، نزع سلاح المناطق الواقعة على حدودها. عام 1948، كانت فرضية الدفاع الإسرائيلية تقوم على خلق منطقة آمنة حول إسرائيل. وهي ليست سوى تطبيق لإستراتيجية «خطوات» الأوروبية: الحروب الإسرائيلية محاولة لتوسيع أراضيها، وإذا تعذر ذلك، نزع سلاح المناطق الواقعة على حدودها. لكن مع ظهور وانتشار الصواريخ، تم تجميد «خطوات» لأنها لم تعد تقدم ضمانات مهمة. ذلك أن إسرائيل فضلت عام 2000 الانسحاب من جنوب لبنان، تجنبا لمضايقات حزب الله. وبالتدريج، بدأت عقيدة عسكرية أخرى تفرض نفسها: يعتمد أمن البلد على قدرته التدميرية من بعيد للصواريخ التي تهدد أمنه. الأمر الذي يفرض، ليس فقط، نزع تسليح «خطوات» بل خلق حلقات حماية تتجاوز حدود البلدان المعادية، من شأنها تحييد أي تهديد صاروخي. هذا مايفسر إنشاء جنوب السودان عام 2011، وقريبا كردستان عام 2015، ما سيمكن إسرائيل من تهديد مصر، وسورية، ولبنان في آن واحد. من وجهة النظر الأميركية، فإن إنشاء كردستان هو حلقة في إعادة تشكيل «الشرق الأوسط الموسع» (الشرق الأوسط الكبير). أي تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة منسجمة عرقيا، تسهل السيطرة عليها. لهذا السبب وضعت وزارة الدفاع نفسها مكان الشاهد الغائب. أثناء الاجتماع المغلق الذي حضره وزير الدفاع تشاك هاغل برفقة رئيس هيئة الأركان مارتن ديمبسي، كي يشرحوا لأعضاء الكونغرس الوضع في العراق، لم يزعموا أنهم أضاعوا ملف أبو بكر البغدادي فحسب (وهم بالتالي يجهلون الأسباب التي جعلتهم يعتقلونه عام 2004، تماما كما يجهلون الأسباب التي جعلتهم يطلقون سراحه بعد بضعة شهور)، لكنهم اعترفوا أيضاً بعدم امتلاكهم أي خطة للتدخل وبالتالي تركهم مطلق الحرية لقيام الدولة الإسلامية، وكردستان. يخطىء الشعب الكردي حين يعتقد أن دولة كردستان التي يقترحها الإسرائيليون والأميركان إضافة إلى الأتراك، هي عين الدولة التي يطمحون إليها. فعلى النقيض من سلفهم العظيم صلاح الدين الأيوبي الذي حرر ووحد بلاد الشام، تقوم جماعة البرزاني بعزل الشعب الكردي عن باقي شعوب المنطقة من العرب، والأرمن، وغيرهم، وتحويله إلى تابع لنظام الفصل العنصري (الإسرائيلي). وبينما يجري النقاش الآن على الأنترنت بين أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني حول عملتهم المستقبلية، نجد (الكورو) وجماعة البرزاني في أربيل يتصرفون كما لو كانوا قد فازوا بمساعدة إسرائيل لهم. فقد أرسلوا البشمركة ليستولوا على حقول باي حسن، وكركوك، وطردوا كل العمال العرب منها. غير أن حزب العمال الكردستاني، الذي يتزعمه عبد اللـه أوجلان، دعا إلى عدم الوقوع في الفخ، ونشر مقتطفات من الاجتماع السري الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان بتاريخ الأول من حزيران الماضي الذي أعلنت فيه الفصائل الإسلامية المسلحة والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني عن تحالفهم، والتخطيط لهجوم منسق على العراق. من جانبه، كشف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن عدم قدرة جيشه على مهاجمة القيادة العليا للدولة الإسلامية، لأنها تتخذ من اربيل مقرا لها، وهي تحت حماية كردستان. هناك خطان متعارضان بطبيعة الحال. وحده الشعب الكردي قادر على إحباط المخطط الإسرائيلي.

المصدر : الوطن / تييري ميسان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة