يعود التوتر إلى لبنان إثر تقدم الجيش السوري وحلفائه في المعارك عند الحدود اللبنانية-السورية. ضبطت هذه الحدود بشكل كبير. ولم تعد الساحة اللبنانية قابلة للعب الدور الذي لعبته منذ اندلاع الأحداث السورية عام ٢٠١١ في تمرير السلاح والمسلحين إلى الداخل السوري، فانعكس ذلك هدنة أمنية تنفس معها اللبنانيون الصعداء.

بالتزامن مع تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، عادت الأحداث الأمنية المتلاحقة لتتصدر المشهد في لبنان. لم يعد الحديث اليوم عن تأثير وتأثر بفعل الحدود المتداخلة، بل هو الواقع الجيوسياسي الذي لم يعد يقف حتى عند الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو.

 

"هذه الظواهر الأمنية لن تتوقف، وبين الفينة والفينة ستعود للظهور" يرى السفير اللبناني السابق في واشنطن الدكتور عبدالله بوحبيب، مردفاً أنه "ستظل تصلنا ارتدادات ما يحصل في المنطقة، فنحن جزء منها وسندفع ثمن الخلافات في المنطقة والانقسام العمودي الموجود فيها".

أما الباحث الاستراتيجي الدكتور أمين حطيط فيقول إن التوتر "يتعلق بالمشروع الأميركي ذاته لكن مع تغيير الخطة بهدف تمكين أميركا من إعادة وضع اليد على المنطقة وفقاً لمشروعها الفوضى الخلاقة وبناء الشرق الأوسط الجديد".

يعتقد حطيط أن "لبنان اتخذ في العام ١٩٧٥ ميداناً لإطلاق الدخان الحاجب لمشروع أنور السادات، وتوقيع اتفاقية كمب ديفيد، اليوم هذا الدور مرسوم للبنان: الضغط على عنصر المقاومة للقبول بالتقسيم، وإطلاق دخان من لبنان لحجب ما يجري في العراق".

فشلت خطة إسقاط النظام السوري والسيطرة على سوريا، وفشلت معها إمكانية تقسيم سوريا إلى دويلات مذهبية بحسب ما أظهرت العديد من الخطط المنشورة في مراكز أبحاث عالمية. لكن لبنان يظل قابلاً للتأثر ومن السهل العمل من خلاله بحسب بوحبيب الذي يقول "نحن شديدو التأثر وعندنا نوع من الحرية التي تتيح التحرك لمن يريد".

وفق السفير اللبناني السابق في واشنطن فإن "ما قام به داعش في العراق أعطى نشوة النصر لكثيرين في المنطقة" مشيراً إلى "هدفين لدى الجماعات التكفيرية من خلال الضرب والهجوم في لبنان: الانتقام وخلق فتنة بين السنة والشيعة". في ظل هذا الواقع يستبعد بوحبيب "تسوية في المنطقة في المدى المنظور" وبالتالي "لا انتخابات رئاسية أو نيابية في لبنان".

أما حطيط فيرى أن "الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون مرحلة صعبة جداً على المنطقة قد يتضرر منها لبنان وسوريا لكن المتضرر الأكبر سيكون العراق". يشير في هذا السياق إلى "انتقال الولايات المتحدة الأميركية إلى خطة التقسيم، التي لا يمكن البدء بها من سوريا لأن الأرض غير مهيأة بسبب وجود دولة قوية وجيش متماسك، مع وجود محور المقاومة فكان العراق خيارها حيث بدأ خطر التقسيم يلوح من إقليم كردستان العراق".

الخطة الأميركية لا تشمل "تفجر الوضع في لبنان" بحسب حطيط لكنه يقول "إن وتيرة التوتر تتحرك بين خطين، خط الانفجار الشامل الممنوع بلوغه، وخط الهدوء والسكينة الممنوع الوصول إليه. لذلك رفضت أميركا الانتخابات الرئاسية، وكلفت المملكة العربية السعودية بتعطيلها، والآن تلجأ إلى تعطيل المؤسسات الدستورية، وتقدم إلى العمليات الأمنية المتعددة، لكن المحدودة الفعالية التي لا تصل بالبلد إلى حدود الانفجار الشامل" وفق رؤيته.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2014-06-29
  • 7095
  • من الأرشيف

الساحة اللبنانية على وقع الحدث العراقي: الانتقام لمجريات معارك سورية وإحداث فتنة

يعود التوتر إلى لبنان إثر تقدم الجيش السوري وحلفائه في المعارك عند الحدود اللبنانية-السورية. ضبطت هذه الحدود بشكل كبير. ولم تعد الساحة اللبنانية قابلة للعب الدور الذي لعبته منذ اندلاع الأحداث السورية عام ٢٠١١ في تمرير السلاح والمسلحين إلى الداخل السوري، فانعكس ذلك هدنة أمنية تنفس معها اللبنانيون الصعداء. بالتزامن مع تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، عادت الأحداث الأمنية المتلاحقة لتتصدر المشهد في لبنان. لم يعد الحديث اليوم عن تأثير وتأثر بفعل الحدود المتداخلة، بل هو الواقع الجيوسياسي الذي لم يعد يقف حتى عند الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو.   "هذه الظواهر الأمنية لن تتوقف، وبين الفينة والفينة ستعود للظهور" يرى السفير اللبناني السابق في واشنطن الدكتور عبدالله بوحبيب، مردفاً أنه "ستظل تصلنا ارتدادات ما يحصل في المنطقة، فنحن جزء منها وسندفع ثمن الخلافات في المنطقة والانقسام العمودي الموجود فيها". أما الباحث الاستراتيجي الدكتور أمين حطيط فيقول إن التوتر "يتعلق بالمشروع الأميركي ذاته لكن مع تغيير الخطة بهدف تمكين أميركا من إعادة وضع اليد على المنطقة وفقاً لمشروعها الفوضى الخلاقة وبناء الشرق الأوسط الجديد". يعتقد حطيط أن "لبنان اتخذ في العام ١٩٧٥ ميداناً لإطلاق الدخان الحاجب لمشروع أنور السادات، وتوقيع اتفاقية كمب ديفيد، اليوم هذا الدور مرسوم للبنان: الضغط على عنصر المقاومة للقبول بالتقسيم، وإطلاق دخان من لبنان لحجب ما يجري في العراق". فشلت خطة إسقاط النظام السوري والسيطرة على سوريا، وفشلت معها إمكانية تقسيم سوريا إلى دويلات مذهبية بحسب ما أظهرت العديد من الخطط المنشورة في مراكز أبحاث عالمية. لكن لبنان يظل قابلاً للتأثر ومن السهل العمل من خلاله بحسب بوحبيب الذي يقول "نحن شديدو التأثر وعندنا نوع من الحرية التي تتيح التحرك لمن يريد". وفق السفير اللبناني السابق في واشنطن فإن "ما قام به داعش في العراق أعطى نشوة النصر لكثيرين في المنطقة" مشيراً إلى "هدفين لدى الجماعات التكفيرية من خلال الضرب والهجوم في لبنان: الانتقام وخلق فتنة بين السنة والشيعة". في ظل هذا الواقع يستبعد بوحبيب "تسوية في المنطقة في المدى المنظور" وبالتالي "لا انتخابات رئاسية أو نيابية في لبنان". أما حطيط فيرى أن "الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون مرحلة صعبة جداً على المنطقة قد يتضرر منها لبنان وسوريا لكن المتضرر الأكبر سيكون العراق". يشير في هذا السياق إلى "انتقال الولايات المتحدة الأميركية إلى خطة التقسيم، التي لا يمكن البدء بها من سوريا لأن الأرض غير مهيأة بسبب وجود دولة قوية وجيش متماسك، مع وجود محور المقاومة فكان العراق خيارها حيث بدأ خطر التقسيم يلوح من إقليم كردستان العراق". الخطة الأميركية لا تشمل "تفجر الوضع في لبنان" بحسب حطيط لكنه يقول "إن وتيرة التوتر تتحرك بين خطين، خط الانفجار الشامل الممنوع بلوغه، وخط الهدوء والسكينة الممنوع الوصول إليه. لذلك رفضت أميركا الانتخابات الرئاسية، وكلفت المملكة العربية السعودية بتعطيلها، والآن تلجأ إلى تعطيل المؤسسات الدستورية، وتقدم إلى العمليات الأمنية المتعددة، لكن المحدودة الفعالية التي لا تصل بالبلد إلى حدود الانفجار الشامل" وفق رؤيته.    

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة