هنا حجارة الشطرنج كما لو انها قطع من الجمر. الآن يشعر السعوديون انهم دفعوا الايرانيين الى الزاوية. ها ان نوري المالكي يبدو وكأنه معلق في الهواء وحين يسقط الرجل الذي في بغداد لا بد ان يسقط تلقائياً الرجل الذي في دمشق. اما «حزب الله» فهو في مأزق. الانتحاريون في كل مكان. في فنادق الخمس نجوم وفي المخيمات وفي مرائب السيارات.

لاحظوا ماذا يقول المعلقون والاعلاميون. مقاتلو تنظيم « الدولة الاسلامية في العراق والشام « لا يشكلون سوى خمسة في المئة من عديد رجال الثورة الثورة السنّية, كما لو ان وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لم يقل بصوته الجهوري ان اهل السنّة هم اهل العدل والاعتدال اي انهم اهل الحياة لا اهل ذلك الطراز العبثي والجهنمي من الموت.

ثمة غرفة عمليات مركزية وتتولى ادارة المشهد. كان يفترض بنوري المالكي بما لديه من امكانات مالية وبما لديه من جحافل ان يكون الرجل الحديدي في اللعبة. هو آخر من يتحطم. الذي ظهر انه كان رجلاً من زجاج وانه اول من يتحطم. لا تعني شيئاً تلك اللاءات البهلوانية وكم بدت غوغائية تلك الكميات البشرية وهي تستعرض نفسها بالبنادق في شوارع بغداد كما في شوارع المدن الاخرى.

يوماً بعد يوم تأخذ الفضيحة ذلك المنحى التراجيدي المدمر. الم يكن الايرانيون الذين يراقبون العراق مجهرياً يشاهدون مدى الاهتراء في المؤسسة السياسية كما في المؤسسة العسكرية ناهيك عن المؤسسة الامنية هناك؟

ثمة عرب وآخرون خططوا بعقل بارد. الآن يحكى عن مئات الملايين التي دفعت لزعماء العشائر ولبقايا البعث, ولكل الجماعات الاخرى. في المشرق العربي المال يشتري كل شيء. لا يغرنّكن شاربا عنترة بن شداد . حرب الاستخبارات في ذروتها. حين ازيح الامير بندر بن سلطان فلأنه كان يتصرف بفوقية قاتلة وبعصبية قاتلة.

المسألة تحتاج الى عقل بارد ويستطيع ان يدفع بتلك النيران البشرية الى الضوء، حتى ولو قال ديفيد ميتشوم انها الروليت الروسية ايها السادة اذ من تراه يرقص التانغو مع الشيطان. هذه مقاربة اخلاقية وساذجة للحدث. كل ما يستطيع المالكي قوله انه يرفض حكومة الانقاذ لانها بمثابة انقلاب على الدستور. حكومة ماذا يريد اذاً ؟ حكومة كما الحكومتان السابقتان اللتان انتجتا كل هذه الفضائح؟

 

خذلنا الرجل الذي قال الاميركيون انه استنزفهم في المفاوضات حول الاتفاقية الامنية . هنا فتش عن الايرانيين وحياكة السجاد. امضى المالكي كل هذه السنوات وهو يصارع من اجل البقاء. البقاء لا غير وداخل تلك المنطقة الخضراء وكان يفترض ان يغادر لانه وكبار القوم يقبعون داخل البقع الآمنة فيما يسقط مئات العراقيين يومياً بالسيارات المفخخة.

اين العسكر واين الاجهزة التي يبدو انها ورثت الغباء من اجهزة صدام حسين ؟ ماذا فعل نوري المالكي حين كان يقيم في البرج العاجي فيما اشلاء العراقيين تتناثر في شوارع سامراء وبغداد والموصل وكربلاء والنجف؟

اذاً بأي حجة يبقى ؟ يقال ان القصة ذات ابعاد استراتيجية. السعوديون هم الذين انتصروا هذه المرة. رجالهم يدقون ابواب بغداد ويستطيعون الدخول اليها في اي لحظة. لن تفعل شيئاً تلك الميلشيات الكاريكاتورية سوى انها ستلوذ بالفرار. من قال انهم سيدافعون عن العتبات المقدسة ؟

الذي يهرب في الموصل يهرب في كربلاء. لا جيش في العراق. اين ذهبت كل تلك المليارات ؟ ولماذا لم يتم بناء سلاح جوي في بلد لا يمكن ان يكون له جيش دون طائرات. هل حقاً ان ثمة من ضغط على الولايات المتحدة عربياً واسرائيلياً وبحجة انه عندما يشعر العراقيون بوجود جيش قوي لديهم يفكرون بالحرب اي حرب حتى ولو خربت الدنيا.

ايضاً حكومة الانقاذ مهزلة. هل يقبل ابو بكر البغدادي الا يكون له نصف الحكومة . رجل من «داعش» وزيراً للدفاع. هذا ليس مجرد تصور. ثمة شروط عجيبة يتم ارسالها الى بغداد . ماذا يفعل الايرانيون الذين صدمتهم هشاشة حليفهم وماذا يفعل المايسترو الاميركي سوى ان يشرب نخب تلك الدول المحطمة؟

الاكراد مسألة اخرى الناقلات تحمل نفط كردستان الى اسرائيل التي دربت ضباط البيشمركة ونظمت البنية المالية للدولة العتيدة. من يلوم الاكراد حين يقولون ان لديهم وثائق مذهلة حول التعاون الاستراتيجي بين دول عربية والدولة العبرية؟

ما الحل ؟ المعارضة السورية تسقط تدريجياً في يد « داعش» الذي اذا ما قويت شوكته هل يبقى يعمل لمصلحة هذا النظام او ذاك ام انه سيحاول ان يبتلع الجميع. الغول الايديولوجي لا يتوقف عند حدود فهل حقاً ما يتردد وراء الضوء من ان هناك من ينصح بدعم النظام في سوريا كونه الوحيد الذي يستطيع حصار الحالة الداعشية وتفكيكها؟

ما يتردد يشير الى اتصالات حساسة جداً تجري الآن. هل يتوجه الملك عبد الله الثاني الى دمشق؟ وهل يزور ديفيد هيل الضاحية الجنوبية ؟ لن يتزحزح الايرانيون قيد انملة بل انهم بدورهم يراهنون على جنون تلك الحالة التي لا بد ان تدمر كل من حولها وكل من آزرها. الطريق الى دمشق سيكون مكتظاً في المرحلة المقبلة .

المشهد عاصف وراعب ومعقد وبعيد المدى . ولكن من يراقص الشيطان يسقط في نهاية المطاف ويسقط معه الشيطان !.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-28
  • 12967
  • من الأرشيف

الحل عند بشار الاسد

هنا حجارة الشطرنج كما لو انها قطع من الجمر. الآن يشعر السعوديون انهم دفعوا الايرانيين الى الزاوية. ها ان نوري المالكي يبدو وكأنه معلق في الهواء وحين يسقط الرجل الذي في بغداد لا بد ان يسقط تلقائياً الرجل الذي في دمشق. اما «حزب الله» فهو في مأزق. الانتحاريون في كل مكان. في فنادق الخمس نجوم وفي المخيمات وفي مرائب السيارات. لاحظوا ماذا يقول المعلقون والاعلاميون. مقاتلو تنظيم « الدولة الاسلامية في العراق والشام « لا يشكلون سوى خمسة في المئة من عديد رجال الثورة الثورة السنّية, كما لو ان وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لم يقل بصوته الجهوري ان اهل السنّة هم اهل العدل والاعتدال اي انهم اهل الحياة لا اهل ذلك الطراز العبثي والجهنمي من الموت. ثمة غرفة عمليات مركزية وتتولى ادارة المشهد. كان يفترض بنوري المالكي بما لديه من امكانات مالية وبما لديه من جحافل ان يكون الرجل الحديدي في اللعبة. هو آخر من يتحطم. الذي ظهر انه كان رجلاً من زجاج وانه اول من يتحطم. لا تعني شيئاً تلك اللاءات البهلوانية وكم بدت غوغائية تلك الكميات البشرية وهي تستعرض نفسها بالبنادق في شوارع بغداد كما في شوارع المدن الاخرى. يوماً بعد يوم تأخذ الفضيحة ذلك المنحى التراجيدي المدمر. الم يكن الايرانيون الذين يراقبون العراق مجهرياً يشاهدون مدى الاهتراء في المؤسسة السياسية كما في المؤسسة العسكرية ناهيك عن المؤسسة الامنية هناك؟ ثمة عرب وآخرون خططوا بعقل بارد. الآن يحكى عن مئات الملايين التي دفعت لزعماء العشائر ولبقايا البعث, ولكل الجماعات الاخرى. في المشرق العربي المال يشتري كل شيء. لا يغرنّكن شاربا عنترة بن شداد . حرب الاستخبارات في ذروتها. حين ازيح الامير بندر بن سلطان فلأنه كان يتصرف بفوقية قاتلة وبعصبية قاتلة. المسألة تحتاج الى عقل بارد ويستطيع ان يدفع بتلك النيران البشرية الى الضوء، حتى ولو قال ديفيد ميتشوم انها الروليت الروسية ايها السادة اذ من تراه يرقص التانغو مع الشيطان. هذه مقاربة اخلاقية وساذجة للحدث. كل ما يستطيع المالكي قوله انه يرفض حكومة الانقاذ لانها بمثابة انقلاب على الدستور. حكومة ماذا يريد اذاً ؟ حكومة كما الحكومتان السابقتان اللتان انتجتا كل هذه الفضائح؟   خذلنا الرجل الذي قال الاميركيون انه استنزفهم في المفاوضات حول الاتفاقية الامنية . هنا فتش عن الايرانيين وحياكة السجاد. امضى المالكي كل هذه السنوات وهو يصارع من اجل البقاء. البقاء لا غير وداخل تلك المنطقة الخضراء وكان يفترض ان يغادر لانه وكبار القوم يقبعون داخل البقع الآمنة فيما يسقط مئات العراقيين يومياً بالسيارات المفخخة. اين العسكر واين الاجهزة التي يبدو انها ورثت الغباء من اجهزة صدام حسين ؟ ماذا فعل نوري المالكي حين كان يقيم في البرج العاجي فيما اشلاء العراقيين تتناثر في شوارع سامراء وبغداد والموصل وكربلاء والنجف؟ اذاً بأي حجة يبقى ؟ يقال ان القصة ذات ابعاد استراتيجية. السعوديون هم الذين انتصروا هذه المرة. رجالهم يدقون ابواب بغداد ويستطيعون الدخول اليها في اي لحظة. لن تفعل شيئاً تلك الميلشيات الكاريكاتورية سوى انها ستلوذ بالفرار. من قال انهم سيدافعون عن العتبات المقدسة ؟ الذي يهرب في الموصل يهرب في كربلاء. لا جيش في العراق. اين ذهبت كل تلك المليارات ؟ ولماذا لم يتم بناء سلاح جوي في بلد لا يمكن ان يكون له جيش دون طائرات. هل حقاً ان ثمة من ضغط على الولايات المتحدة عربياً واسرائيلياً وبحجة انه عندما يشعر العراقيون بوجود جيش قوي لديهم يفكرون بالحرب اي حرب حتى ولو خربت الدنيا. ايضاً حكومة الانقاذ مهزلة. هل يقبل ابو بكر البغدادي الا يكون له نصف الحكومة . رجل من «داعش» وزيراً للدفاع. هذا ليس مجرد تصور. ثمة شروط عجيبة يتم ارسالها الى بغداد . ماذا يفعل الايرانيون الذين صدمتهم هشاشة حليفهم وماذا يفعل المايسترو الاميركي سوى ان يشرب نخب تلك الدول المحطمة؟ الاكراد مسألة اخرى الناقلات تحمل نفط كردستان الى اسرائيل التي دربت ضباط البيشمركة ونظمت البنية المالية للدولة العتيدة. من يلوم الاكراد حين يقولون ان لديهم وثائق مذهلة حول التعاون الاستراتيجي بين دول عربية والدولة العبرية؟ ما الحل ؟ المعارضة السورية تسقط تدريجياً في يد « داعش» الذي اذا ما قويت شوكته هل يبقى يعمل لمصلحة هذا النظام او ذاك ام انه سيحاول ان يبتلع الجميع. الغول الايديولوجي لا يتوقف عند حدود فهل حقاً ما يتردد وراء الضوء من ان هناك من ينصح بدعم النظام في سوريا كونه الوحيد الذي يستطيع حصار الحالة الداعشية وتفكيكها؟ ما يتردد يشير الى اتصالات حساسة جداً تجري الآن. هل يتوجه الملك عبد الله الثاني الى دمشق؟ وهل يزور ديفيد هيل الضاحية الجنوبية ؟ لن يتزحزح الايرانيون قيد انملة بل انهم بدورهم يراهنون على جنون تلك الحالة التي لا بد ان تدمر كل من حولها وكل من آزرها. الطريق الى دمشق سيكون مكتظاً في المرحلة المقبلة . المشهد عاصف وراعب ومعقد وبعيد المدى . ولكن من يراقص الشيطان يسقط في نهاية المطاف ويسقط معه الشيطان !.

المصدر : الديار /نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة