دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
داعش قدمت لنا من حيث لا تريد، ولا تعلم، خدمة سيسجلها تاريخ ظهورها كطاعون في هذه المنطقة في باب " رُبّ ضارة نافعة"، أو في باب "عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"، أو في باب "على نفسها جنت براقش"، أو في باب "أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد".
العدوان الداعشي على المراكز الحدودية بين العراق وسورية، وإزالتها بدعوى إقامة الدولة الوهابية الصهيونية في العراق والشام كانت خطوة تتميز برمزية معقدة، وبقيمة تاريخية يجب أن لا نخجل من إعطائها حقها، حتى وإن جاء الفعل من داعش، بل علينا أن نخجل لأن داعش هي التي قامت بهذه الخطوة. داعش أزالت تلك النقاط الحدودية. هل سمعتم؟
مع شديد الأسف فإن حكم ثلاثة عقود من جناحين مختلفين لنفس الحزب العربي القومي الوحدوي الاشتراكي في البلدين لم يؤد إلى شيء من هذا القبيل، بل على العكس، فمنذ عام 1968، العام الذي استلم فيه السلطة في بغداد عزة الدوري ومن لف لفه، والأسافين يجري دقها بين جناحي النسر العربي بلا توقف. كاتب هذه السطور مثلا عاش في سورية بين 1981 و 1984، وكان وجعا دائما في القلب أنه كان علينا أن نخفي عن أهلنا (طبعا خوفا من النظام في بغداد) أننا في سورية، فكنا نرسل إليهم الرسائل عبر عناوين الأصدقاء والمعارف في البلدان الأخرى. أصبح البلدان يومها، بل وعلى مدى خمس وثلاثين سنة، بعيدين أحدهما عن الآخر وكأنهما على كوكبين مختلفين. آه يا حزب البعث! ترى ماذا يخفيه لنا عزة الدوري إن عاد (لا قدّر الله) إلى مكانه في بلاليع بغداد بعد أن أصبح ولاؤه المطلق لأولي نعمته آل سعود؟
وعلى مدى أحد عشر عاما من عمر نظام قام على أنقاض البعث في بغداد، وزعم من زعم أنه يرتبط مع النظام في سورية بهذا الشكل أو ذاك، لم نر أحدا يخطو خطوة واحدة نحو رفع الحدود بين جناحي البيت الواحد، رغم أنه بات جليا في السنوات الأخيرة أن البلدين، عدا عن أنهما تاريخيا، وجغرافيا، ونفسيا، ولغويا، واقتصاديا، بيت واحد، يواجهان نفس العدو الإرهابي السعودي الصهيوني.
ويأتي هؤلاء الدواعش المجانين اليوم ويلغون لنا المراكز على حدود سايكس بيكو، ويزيلونها. لا تخجلوا من القول "شكرا" لداعش، فكم من جلاد جعل فكر ضحيته ينتصر. إنهم يصرخون بوجهنا وهم يرشوننا بالدم أن أفيقوا أيها العراقيون والسوريون فمعركتكم ضد الصهيونية والإرهاب ما تزال واحدة لم تتغير، لأن عدوكم هو هو نفسه.
شكرا لداعش، فقد ضربتنا بالسيف لتقطع رأسنا، لكنها من حيث لا تريد ولا تعلم قطعت منا عقد ومراكز الأورام الخبيثة.
نقاط حدود سايكس بيكو بين العراق وسورية لا ينبغي لها أن تعود مرة أخرى أبدا. إن قصف سلاح الجو العربي السوري لمواقع داعش داخل "الحدود" العراقية التي رسمتها سايكس بيكو يؤرخ لعهد جديد لأنه إيذان بانتهاء سايكس بيكو.
أخي الطيار العربي السوري وأنت تدك أوكار دواعش الصهيونية الوهابية فاعلم أن ليس أجواء العراق وحدها مملكة النسور من أمثالك، بل وقلوب العراقيين تفتح أبوابها لاستقبالك، وتنبض بالحب لك، وبالإعجاب بشجاعتك، والتقدير لنبلك وشهامتك.
سورية والعراق جناحا نسر آن له أن يحلّق عاليا .. آن له أن يحلّق عاليا.
المصدر :
وكالة أوقات الشام/ د.عمر ظاهر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة