في غمرة انشغال المثلث السعودي التركي القطري بتطورات الازمة الحالية وتعقيداتها نجحت قوات الجيش العربي السوري في استعادة مدينة كسب في منطقة الاذقية، وهي المدينة الاستراتيجية حيث احتفلت المعارضة المسلحة بالاستيلاء على المدينة واعتبرته اختراقا كبيرا، نقل الحرب الى قلب هذه المنطقة التي ظلت آمنة طوال السنوات الثلاث الماضية.

لا شك ان الكارثة الكبرى التي لحقت بحكومة السيد نوري المالكي وتمثلت في انهيار قواته مثل بيت العنكبوت امام التحالف الذي استولى على الموصل وتكريت والفلوجة احدثت صدمة للسلطات السورية التي لم تتوقع هذا الانهيار السريع وبالطريقة المهينة، ولكن بروز الدور الايراني والاعتراف الامريكي به قد يعوض او يخفف من حدة هذه الصدمة، لان اي تفاهم امريكي ايراني في العراق قد يمتد الى سورية في المستقبل، اذا نجح هذا التفاهم في حسم الامور لصالح حلفاء ايران في العراق، وعزز مجددا من مكانة السيد المالكي.

النظام في سورية سيعمل على استغلال انشغال خصومه في الملف العراقي لتحقيق مكاسب اكبر في ميادين المعارك، وما قصف طائراته المكثف لمواقع للدولة الاسلامية في مناطق الرقة ودير الزور الا بداية تحول جديد في سلم اولوياته، وتأكيد اضافي بأن كل ما رددته المعارضة السورية واجهزتها الاعلامية بأن الدولة الاسلامية موالية للنظام في دمشق غير دقيق.

الانحسار الاعلامي عن الازمة السورية، والعربي على وجه الخصوص، مكسب اضافي ومهم للنظام السوري، فقد لعب هذا الاعلام دورا قويا في ارباك النظام لصالح المعارضة وتضخيم انتصارات الاخيرة.

ولعل النقطة الاهم من كل ما سبق، تطابق وجهة نظر القيادة السورية مع نظيرتها الامريكية فيما يتعلق بمسألة "الارهاب" وضرورة اعطاء الاولوية لمحاربته، مما يعني ان هدف اسقاط النظام الذي تبنته واشنطن على مدى السنوات الثلاث الماضية قد تراجع على سلم الاولويات الامريكية، وهذا انحياز صريح لوجهة النظر والتقويمات السورية الرسمية في هذه الصدد.

ما جرى ويجري في العراق سيؤثر حتما على مجريات الامور في سورية في المستقبل المنظور، فالاعبون في الازمتين السورية والعراقية هم انفسهم، عربا كانوا او غير عرب، ولكن الجديد هو حدوث انقلاب في خريطة التحالف، فمن كان يتصور ان تصبح ايران الحليف الاوثق لواشنطن وليس السعودية مثلا؟!

  • فريق ماسة
  • 2014-06-19
  • 9237
  • من الأرشيف

كيف ستؤثر الأحداث في العراق على النظام السوري ؟

في غمرة انشغال المثلث السعودي التركي القطري بتطورات الازمة الحالية وتعقيداتها نجحت قوات الجيش العربي السوري في استعادة مدينة كسب في منطقة الاذقية، وهي المدينة الاستراتيجية حيث احتفلت المعارضة المسلحة بالاستيلاء على المدينة واعتبرته اختراقا كبيرا، نقل الحرب الى قلب هذه المنطقة التي ظلت آمنة طوال السنوات الثلاث الماضية. لا شك ان الكارثة الكبرى التي لحقت بحكومة السيد نوري المالكي وتمثلت في انهيار قواته مثل بيت العنكبوت امام التحالف الذي استولى على الموصل وتكريت والفلوجة احدثت صدمة للسلطات السورية التي لم تتوقع هذا الانهيار السريع وبالطريقة المهينة، ولكن بروز الدور الايراني والاعتراف الامريكي به قد يعوض او يخفف من حدة هذه الصدمة، لان اي تفاهم امريكي ايراني في العراق قد يمتد الى سورية في المستقبل، اذا نجح هذا التفاهم في حسم الامور لصالح حلفاء ايران في العراق، وعزز مجددا من مكانة السيد المالكي. النظام في سورية سيعمل على استغلال انشغال خصومه في الملف العراقي لتحقيق مكاسب اكبر في ميادين المعارك، وما قصف طائراته المكثف لمواقع للدولة الاسلامية في مناطق الرقة ودير الزور الا بداية تحول جديد في سلم اولوياته، وتأكيد اضافي بأن كل ما رددته المعارضة السورية واجهزتها الاعلامية بأن الدولة الاسلامية موالية للنظام في دمشق غير دقيق. الانحسار الاعلامي عن الازمة السورية، والعربي على وجه الخصوص، مكسب اضافي ومهم للنظام السوري، فقد لعب هذا الاعلام دورا قويا في ارباك النظام لصالح المعارضة وتضخيم انتصارات الاخيرة. ولعل النقطة الاهم من كل ما سبق، تطابق وجهة نظر القيادة السورية مع نظيرتها الامريكية فيما يتعلق بمسألة "الارهاب" وضرورة اعطاء الاولوية لمحاربته، مما يعني ان هدف اسقاط النظام الذي تبنته واشنطن على مدى السنوات الثلاث الماضية قد تراجع على سلم الاولويات الامريكية، وهذا انحياز صريح لوجهة النظر والتقويمات السورية الرسمية في هذه الصدد. ما جرى ويجري في العراق سيؤثر حتما على مجريات الامور في سورية في المستقبل المنظور، فالاعبون في الازمتين السورية والعراقية هم انفسهم، عربا كانوا او غير عرب، ولكن الجديد هو حدوث انقلاب في خريطة التحالف، فمن كان يتصور ان تصبح ايران الحليف الاوثق لواشنطن وليس السعودية مثلا؟!

المصدر : رأي اليوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة