يشهد العراق حالة انهيار كامل ومتسارع لما تبقى من الدولة العراقية ومؤسساتها ناهيك عن هيبتها اذا كان لها هيبة، بعد نجاح قوات الدولة الاسلامية في العراق والشام بقيادة ابو بكر البغدادي والقوى المتحالفة معها مثل جنود وضباط الجيش العراقي السابق بقيادة عزة ابراهيم نائب الرئيس صدام حسين، وجيش المجاهدين، وانصار الاسلام، هذا التحالف في السيطرة على محافظتي نينوى (عاصمتها الموصل) وصلاح الدين (تكريت) وتقدم قواته نحو العاصمة بغداد وبات على وشك ان يطرق ابوابها.

البرلمان العراقي فشل الخميس في تلبية مطالب السيد نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته في اعلان حالة الطوارىء في البلاد لان نصابه، أي البرلمان، لم يكتمل الأمر الذي اضاف ازمة شرعية اخرى لازمات العراق المتفاقمة، واثبت وجود حالة “تمرد” في صفوف اعضائه، فاذا كان النصاب لا يتحقق في ظروف تتهدد فيها الدولة بالانهيار فمتى يتحقق؟

تقسيم العراق بات في طريقه الى التكريس النهائي، وسيكون العراقيون محظوظين اذا اقتصر على ثلاثة كيانات (شيعية وسنية وكردية) لان الفوضى من المرجح ان تكون عنوان المرحلة المقبلة الابرز في “محاكاة” اسوأ للنموذج الليبي الدموي الحالي، ولا نستبعد ان نشهد في المستقبل القريب تكرارا لصيغة “المدينة الدولة” على غرار ما حدث في ايطاليا ومحيطها قبل وبعد الامبراطورية الرومانية، اي ان تكون هناك دولة الموصل ودولة البصرة ودولة بغداد ودولة كربلاء وهكذا.

***

العراق يقف حاليا في اعتقادنا على حافة حربين اهليتين قد تنفجران قريبا على نطاق واسع ستحدد نتائجهما ليس صورة الطبعة الثانية من “العراق الجديد” وانما المنطقة العربية المشرقية بأسرها:

*الحرب الاولى: حرب اهلية طائفية بين السنة والشيعة، تكون حربا بالنيابة بين ايران والمملكة العربية السعودية على غرار ما هو حادت حاليا على الارض السورية.

*الحرب الثانية: حرب عرقية، اي بين الاكراد والعرب، وبدأت ارهاصاتها في هجوم تحالف الدولة الاسلامية على مدينة كركوك والاشتباك مع قوات “البشمرغة” الكردية المدافعة عنها استجابة لاستغاثة السيد المالكي بها.

ومثلما اجبرت الحرب في سورية حزب الله اللبناني الى النزول من فوق السور، والزج بقواته فيها علانية الى جانب النظام، فان الحرب الاهلية الطائفية الزاحفة بسرعة الى العراق ستوقع حتما ايران في مصيدتها وبالطريقة نفسها، من اجل استنزافها ماليا وعسكريا، في وقت تتحمل الجزء الاكبر من اعباء الحرب السورية، والتورط في حربين واحدة في سورية واخرى في العراق سيشكل كابوسا مرعبا للقيادة الايرانية.

ابو محمد العدناني احد ابرز قيادات تنظيم “الدولة الاسلامية” والمتحدث باسمه دعا في بيان رسمي مقاتلي تنظيمه الى مواصلة الزحف “جنوبا” نحو العاصمة بغداد ومدينة كربلاء “لان الوطيس لم يحمى بعد.. ولن يحمى الا في بغداد وكربلاء فتحزموا”، وفي المقابل رد السيد مقتدى الصدر بالتهديد باحياء جيش المهدي الذي اقدم على حله تحت ضغط السيد المالكي والقيادة الايرانية، وهناك العديد من الميليشيات الاخرى جاهزة في الجانب الشيعي مثل عصائب اهل الحق، وكتائب العباس، وفيلق بدر، وميليشيا حزب الدعوة.

العملية السياسية في العراق الممثلة في البرلمان وتقاسم السلطة على اسس محاصصة طائفية وعرقية تترنح ايضا، وسقطت معها صيغة التعايش المهلهلة والهشة بين الطوائف، والنخبة السياسية الفاسدة المشاركة فيها من خلال احزاب وتحالفات وكتل ذات طابع طائفي في معظمها، وسيكون السيد المالكي اكبر الخاسرين ايا كانت النتائج، لان فرصته في رئاسة الحكومة للمرة الثالثة باتت محدودة جدا ان لم تكن معدومة.

نزعات السيد المالكي ذات الطابع الطائفي وفشله في تحقيق المصالحة الوطنية، وبناء دولة عصرية حديثة تقوم على التعايش والمساواة والهوية الوطنية الجامعة، وتهميشه للطائفة السنية، كل هذه العوامل ادت الى التفاف ابنائها او نسبة كبيرة منهم وخاصة ضباط النظام السابق الذين يتمتعون بخبرة عسكرية هائلة، بشكل مفاجيء خلف التحالف الحالي بزعامة الدولة الاسلامية.

كثيرون راهنوا على نجاح التحالف “غير المنطقي” بين الجيش السوري الحر وجبهة “النصرة” وفصائل اسلامية اخرى في سورية من جهة وحكومة السيد المالكي وقواتها وانصارها في الجانب العراقي في الجهة الاخرى في “اجتثاث” الدولة الاسلامية والقضاء عليها كليا على جانبي الحدود العراقية السورية، وبمباركة امريكية عربية تركية، ولكن تساقط المدن امام قوات تحالفها الواحدة بعد الاخرى في العراق يؤكد عمليا فشل هذا الرهان في الوقت الراهن على الاقل، واظهار قوة هذا التنظيم في المقابل وقدرته على البقاء وتغيير المعادلات على الارض.

تنظيم الدولة الاسلامية الوارث “الشرعي” لتنظيم القاعدة في طبعته الاصلية الاولى، ونهج او مصعب الزرقاوي “امير” ولاية العراق، بات اكثر قوة وتوسعا من “التنظيم الام”، واصبح زعيمه ابو بكر البغدادي هو الاقرب الى تجسيد شخصية الشيخ اسامة بن لادن وصفاته القيادية من وجهة نظر الكثير من الخبراء في جماعات الاسلام السياسي.

نشرح اكثر ونقول ان تنظيم “الدولة الاسلامية” تنظيم عابر للحدود،  لا يحصر قتاله في سورية والعراق فقط، ولا يغلق ابواب عضويته امام اي مقاتل اسلامي يريد الانضمام الى صفوفه، مثل تنظيمات اسلامية اخرى، الامر الذي جعله نقطة جذب لـ “مجاهدين” قادمين من افريقيا واوروبا وامريكا وآسيا ومعظم البلدان العربية في المشرق والمغرب، لان هدفه النهائي مثلما تقول ادبياته هو اقامة دولة الخلافة الاسلامية، ومن المفارقة انه اقام نواة اولى لهذه الدولة بالغاء الحدود السورية العراقية واقامة كيان يمتد من الرقة غربا حتى حدود الانبار شرقا يرفع راياته السود فوق سارياته ويطبق حكم الشريعة فيه.

والاخطر من ذلك ان التنظيم بات مكتفيا ذاتيا على الصعيدين المالي والتسليحي، فقد استولى على ما يقرب من نصف مليار دولار نقدا من البنوك العراقية في الموصل وتكريت بعد السيطرة عليها، وشوهدت قوافل من الشاحنات تمتد لعدة كيلومترات تنطلق من الموصل باتجاه مدينة الرقة، مقر الدولة الاسلامية في الشام، محملة باحدث الاسلحة الامريكية الفتاكة التي تم الاستيلاء عليها من مخازن الجيش العراقي في الموصل وتكريت وغيرها، تماما مثلما تم الاستيلاء على مثيلاتها بعد الهجوم على مخازن الجيش السوري الحر في مدينة اعزاز قرب الحدود التركية.

بعض المحللين استغربوا انهيار وحدات الجيش العراقي في الموصل وتخليها عن اسلحتها ومعداتها بل وملابسها العسكرية والهرب الى كركوك واقليم كردستان العراق امام زحف تحالف قوات الدولة الاسلامية الاضعف تسليحا والاقل عددا (800 عنصر هاجموا الموصل التي يحميها ثلاثون الف جندي عراقي)، والرد على ذلك بسيط جدا فمقاتلو تنظيم الدولة وحلفاؤهم مستعدون لتفجير انفسهم في حاجز او مخفر او مركز للجيش العراقي، ولكن من المستحيل ان تجد جنديا عراقيا مستعد لتفجير نفسه من اجل السيد نوري المالكي وحكومته.

***

لا يمكن ان ننسى او نتناسى في هذه العجالة ونحن نحلل المشهد العراقي ان الغزو الامريكي للعراق الذي تم بدعم عربي للاسف هو المسؤول الاول عن كل هذه الكوارث التي حلت وتحل بالعراق وشعبه ومن ثم، المحاصصة الطائفية التي بذر بذور فيروساتها بول بريمير الحاكم العسكري الامريكي بتوصية من السيد الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة في العراق، (اعتذر الابراهيمي عن هذا الخطأ رسميا)، والحقها بحل الجيش العراقي، وهي كلها مجتمعة قادت وتقود الى الحروب الاهلية الطائفية والعرقية التي نرى ارهاصاتها ومقدماتها في اسوأ صورها حاليا في هذا البلد.

لا نريد ان ننكأ الجراح اكثر من هذا، ولكننا نختم هذه المقالة بالقول، ودون اي تردد، ورغم معرفتنا المسبقة بآراء من يختلف معنا ويكابر ويعاند بأن العراقيين، شيعة، وسنة، واكراد، سيترحمون على مرحلة ما قبل الغزو الامريكي، ونظام الرئيس صدام حسين، الذي تثبت الايام انه كان عراقيا وطنيا اصيلا ولم يكن طائفيا رغم كل مساوئه في نظر هؤلاء، واراد بناء عراق قوي متعايش يحقق التوازن مع جيرانه ويحافظ على هويته العربية، وينتصر لقضايا امته العربية والاسلامية، ولهذا تآمروا عليه والعراق لانه يشكل خطرا على الغرب واسرائيل.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-12
  • 10198
  • من الأرشيف

حربان اهليتان بانتظار العراق والنموذج الليبي الدموي غير مستبعد وحرب طائفية سعودية ايرانية بالنيابة على ارضه بدأت فعلا.. والدولة الاسلامية وحلفاؤها عنوان المرحلة الجديدة

يشهد العراق حالة انهيار كامل ومتسارع لما تبقى من الدولة العراقية ومؤسساتها ناهيك عن هيبتها اذا كان لها هيبة، بعد نجاح قوات الدولة الاسلامية في العراق والشام بقيادة ابو بكر البغدادي والقوى المتحالفة معها مثل جنود وضباط الجيش العراقي السابق بقيادة عزة ابراهيم نائب الرئيس صدام حسين، وجيش المجاهدين، وانصار الاسلام، هذا التحالف في السيطرة على محافظتي نينوى (عاصمتها الموصل) وصلاح الدين (تكريت) وتقدم قواته نحو العاصمة بغداد وبات على وشك ان يطرق ابوابها. البرلمان العراقي فشل الخميس في تلبية مطالب السيد نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته في اعلان حالة الطوارىء في البلاد لان نصابه، أي البرلمان، لم يكتمل الأمر الذي اضاف ازمة شرعية اخرى لازمات العراق المتفاقمة، واثبت وجود حالة “تمرد” في صفوف اعضائه، فاذا كان النصاب لا يتحقق في ظروف تتهدد فيها الدولة بالانهيار فمتى يتحقق؟ تقسيم العراق بات في طريقه الى التكريس النهائي، وسيكون العراقيون محظوظين اذا اقتصر على ثلاثة كيانات (شيعية وسنية وكردية) لان الفوضى من المرجح ان تكون عنوان المرحلة المقبلة الابرز في “محاكاة” اسوأ للنموذج الليبي الدموي الحالي، ولا نستبعد ان نشهد في المستقبل القريب تكرارا لصيغة “المدينة الدولة” على غرار ما حدث في ايطاليا ومحيطها قبل وبعد الامبراطورية الرومانية، اي ان تكون هناك دولة الموصل ودولة البصرة ودولة بغداد ودولة كربلاء وهكذا. *** العراق يقف حاليا في اعتقادنا على حافة حربين اهليتين قد تنفجران قريبا على نطاق واسع ستحدد نتائجهما ليس صورة الطبعة الثانية من “العراق الجديد” وانما المنطقة العربية المشرقية بأسرها: *الحرب الاولى: حرب اهلية طائفية بين السنة والشيعة، تكون حربا بالنيابة بين ايران والمملكة العربية السعودية على غرار ما هو حادت حاليا على الارض السورية. *الحرب الثانية: حرب عرقية، اي بين الاكراد والعرب، وبدأت ارهاصاتها في هجوم تحالف الدولة الاسلامية على مدينة كركوك والاشتباك مع قوات “البشمرغة” الكردية المدافعة عنها استجابة لاستغاثة السيد المالكي بها. ومثلما اجبرت الحرب في سورية حزب الله اللبناني الى النزول من فوق السور، والزج بقواته فيها علانية الى جانب النظام، فان الحرب الاهلية الطائفية الزاحفة بسرعة الى العراق ستوقع حتما ايران في مصيدتها وبالطريقة نفسها، من اجل استنزافها ماليا وعسكريا، في وقت تتحمل الجزء الاكبر من اعباء الحرب السورية، والتورط في حربين واحدة في سورية واخرى في العراق سيشكل كابوسا مرعبا للقيادة الايرانية. ابو محمد العدناني احد ابرز قيادات تنظيم “الدولة الاسلامية” والمتحدث باسمه دعا في بيان رسمي مقاتلي تنظيمه الى مواصلة الزحف “جنوبا” نحو العاصمة بغداد ومدينة كربلاء “لان الوطيس لم يحمى بعد.. ولن يحمى الا في بغداد وكربلاء فتحزموا”، وفي المقابل رد السيد مقتدى الصدر بالتهديد باحياء جيش المهدي الذي اقدم على حله تحت ضغط السيد المالكي والقيادة الايرانية، وهناك العديد من الميليشيات الاخرى جاهزة في الجانب الشيعي مثل عصائب اهل الحق، وكتائب العباس، وفيلق بدر، وميليشيا حزب الدعوة. العملية السياسية في العراق الممثلة في البرلمان وتقاسم السلطة على اسس محاصصة طائفية وعرقية تترنح ايضا، وسقطت معها صيغة التعايش المهلهلة والهشة بين الطوائف، والنخبة السياسية الفاسدة المشاركة فيها من خلال احزاب وتحالفات وكتل ذات طابع طائفي في معظمها، وسيكون السيد المالكي اكبر الخاسرين ايا كانت النتائج، لان فرصته في رئاسة الحكومة للمرة الثالثة باتت محدودة جدا ان لم تكن معدومة. نزعات السيد المالكي ذات الطابع الطائفي وفشله في تحقيق المصالحة الوطنية، وبناء دولة عصرية حديثة تقوم على التعايش والمساواة والهوية الوطنية الجامعة، وتهميشه للطائفة السنية، كل هذه العوامل ادت الى التفاف ابنائها او نسبة كبيرة منهم وخاصة ضباط النظام السابق الذين يتمتعون بخبرة عسكرية هائلة، بشكل مفاجيء خلف التحالف الحالي بزعامة الدولة الاسلامية. كثيرون راهنوا على نجاح التحالف “غير المنطقي” بين الجيش السوري الحر وجبهة “النصرة” وفصائل اسلامية اخرى في سورية من جهة وحكومة السيد المالكي وقواتها وانصارها في الجانب العراقي في الجهة الاخرى في “اجتثاث” الدولة الاسلامية والقضاء عليها كليا على جانبي الحدود العراقية السورية، وبمباركة امريكية عربية تركية، ولكن تساقط المدن امام قوات تحالفها الواحدة بعد الاخرى في العراق يؤكد عمليا فشل هذا الرهان في الوقت الراهن على الاقل، واظهار قوة هذا التنظيم في المقابل وقدرته على البقاء وتغيير المعادلات على الارض. تنظيم الدولة الاسلامية الوارث “الشرعي” لتنظيم القاعدة في طبعته الاصلية الاولى، ونهج او مصعب الزرقاوي “امير” ولاية العراق، بات اكثر قوة وتوسعا من “التنظيم الام”، واصبح زعيمه ابو بكر البغدادي هو الاقرب الى تجسيد شخصية الشيخ اسامة بن لادن وصفاته القيادية من وجهة نظر الكثير من الخبراء في جماعات الاسلام السياسي. نشرح اكثر ونقول ان تنظيم “الدولة الاسلامية” تنظيم عابر للحدود،  لا يحصر قتاله في سورية والعراق فقط، ولا يغلق ابواب عضويته امام اي مقاتل اسلامي يريد الانضمام الى صفوفه، مثل تنظيمات اسلامية اخرى، الامر الذي جعله نقطة جذب لـ “مجاهدين” قادمين من افريقيا واوروبا وامريكا وآسيا ومعظم البلدان العربية في المشرق والمغرب، لان هدفه النهائي مثلما تقول ادبياته هو اقامة دولة الخلافة الاسلامية، ومن المفارقة انه اقام نواة اولى لهذه الدولة بالغاء الحدود السورية العراقية واقامة كيان يمتد من الرقة غربا حتى حدود الانبار شرقا يرفع راياته السود فوق سارياته ويطبق حكم الشريعة فيه. والاخطر من ذلك ان التنظيم بات مكتفيا ذاتيا على الصعيدين المالي والتسليحي، فقد استولى على ما يقرب من نصف مليار دولار نقدا من البنوك العراقية في الموصل وتكريت بعد السيطرة عليها، وشوهدت قوافل من الشاحنات تمتد لعدة كيلومترات تنطلق من الموصل باتجاه مدينة الرقة، مقر الدولة الاسلامية في الشام، محملة باحدث الاسلحة الامريكية الفتاكة التي تم الاستيلاء عليها من مخازن الجيش العراقي في الموصل وتكريت وغيرها، تماما مثلما تم الاستيلاء على مثيلاتها بعد الهجوم على مخازن الجيش السوري الحر في مدينة اعزاز قرب الحدود التركية. بعض المحللين استغربوا انهيار وحدات الجيش العراقي في الموصل وتخليها عن اسلحتها ومعداتها بل وملابسها العسكرية والهرب الى كركوك واقليم كردستان العراق امام زحف تحالف قوات الدولة الاسلامية الاضعف تسليحا والاقل عددا (800 عنصر هاجموا الموصل التي يحميها ثلاثون الف جندي عراقي)، والرد على ذلك بسيط جدا فمقاتلو تنظيم الدولة وحلفاؤهم مستعدون لتفجير انفسهم في حاجز او مخفر او مركز للجيش العراقي، ولكن من المستحيل ان تجد جنديا عراقيا مستعد لتفجير نفسه من اجل السيد نوري المالكي وحكومته. *** لا يمكن ان ننسى او نتناسى في هذه العجالة ونحن نحلل المشهد العراقي ان الغزو الامريكي للعراق الذي تم بدعم عربي للاسف هو المسؤول الاول عن كل هذه الكوارث التي حلت وتحل بالعراق وشعبه ومن ثم، المحاصصة الطائفية التي بذر بذور فيروساتها بول بريمير الحاكم العسكري الامريكي بتوصية من السيد الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة في العراق، (اعتذر الابراهيمي عن هذا الخطأ رسميا)، والحقها بحل الجيش العراقي، وهي كلها مجتمعة قادت وتقود الى الحروب الاهلية الطائفية والعرقية التي نرى ارهاصاتها ومقدماتها في اسوأ صورها حاليا في هذا البلد. لا نريد ان ننكأ الجراح اكثر من هذا، ولكننا نختم هذه المقالة بالقول، ودون اي تردد، ورغم معرفتنا المسبقة بآراء من يختلف معنا ويكابر ويعاند بأن العراقيين، شيعة، وسنة، واكراد، سيترحمون على مرحلة ما قبل الغزو الامريكي، ونظام الرئيس صدام حسين، الذي تثبت الايام انه كان عراقيا وطنيا اصيلا ولم يكن طائفيا رغم كل مساوئه في نظر هؤلاء، واراد بناء عراق قوي متعايش يحقق التوازن مع جيرانه ويحافظ على هويته العربية، وينتصر لقضايا امته العربية والاسلامية، ولهذا تآمروا عليه والعراق لانه يشكل خطرا على الغرب واسرائيل.

المصدر : رأي اليوم/ عبد الباري عطوان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة