دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قاد نجاح قوات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في السيطرة على ثاني أكبر مدينة في العراق إلى إثارة روح الشماتة في إسرائيل، ليس من العراقيين وإنما أساساً من الأميركيين.
واعتبرت أوساط إسرائيلية أن هذه السيطرة يجب أن تشعل المصابيح الحمراء في الشرق الأوسط. ومعروف أن إسرائيل تحاول، في هذا الوقت، أن تجد لنفسها أرضية مشتركة للتعاون مع دول عربية، وهي ترى في محاربة القوى الإسلامية المتطرفة مثل هذه الأرضية.
وكتب بوعاز بيسموت، محرر الشؤون الدولية في صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من حكومة بنيامين نتنياهو، أن «يومين، لا أكثر، كانا كافيين لجهاديي الدولة الإسلامية في العراق والشام للسيطرة على مدينتين مهمتين في العراق. وما ينبغي أن يشعل المصابيح الحمراء، ليس فقط السيطرة على الموصل وتكريت، وإنما أيضاً السهولة غير المحتملة في سقوطهما. فالجيش العراقي، المفترض أنه تسلم القيادة بعد الانسحاب الأميركي في العام 2011، يلعب في هذه الأثناء دور الواقف، في أفضل الأحوال».
وأشار إلى أن «العام 2014 لا يحمل البشارة للعراق. فقد بدأت السنة بسقوط مدينة الفلوجة وأجزاء من مدينة الرمادي غربي بغداد. وقد سيطر المتشددون على محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل، في الشمال، وهم يستعدون لإكمال سيطرتهم على محافظتي كركوك وصلاح الدين».
واعتبر بيسموت أن «للإسلاميين مطامح كبيرة. وبموازاة صراعهم الوحشي في سوريا، يتطلعون لإسقاط النظام العراقي. ويصعب جداً اليوم التنبؤ كم هم بعيدون عن الوصول، لكنهم حققوا إنجازات مهمة: فهم يسيطرون على أرض شرقي سوريا (محافظة دير الزور)، وبفضل سيطرتهم على محافظة نينوى فتحوا لأنفسهم ممراً يربط بين الأنبار والموصل والحدود السورية. والمعبر الحدودي الذي يسيطرون عليه يسمح للجهاديين في سوريا بالتواصل مع الجهاديين في العراق، وبالعكس. وغدا تنقل السلاح والرجال والمال بين هاتين الدولتين ممكناً».
وفي كل حال يشير بيسموت إلى أن «العراق يتفكك» وأن سيناريو الكابوس عند الأميركيين يتحقق، حيث بعد 48 ساعة من سقوط الموصل سقطت مدينة تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والمهم أن الجيش العراقي بات يستعد للدفاع عن العاصمة بغداد، حيث أعلنت الإدارة الأميركية استعدادها لتقديم «كل مساعدة ممكنة» للحكومة العراقية، وكذلك فعلت إيران، في حين دعت تركيا لعقد اجتماع طارئ لحلف شمال الأطلسي.
أما جاكي خوري، فكتب في «معاريف الأسبوع» تحت عنوان «عاصفة في الصحراء»، أنه «فيما كنا هنا في إسرائيل منشغلين في انتخاب رئيس جديد، كانت عيون العالم كله تتطلع إلى العراق. موجة عنف، هي الأكثر حدة منذ سبع سنوات، ثارت هناك من جديد، وفي ذروتها نجح مقاتلو المنظمة السلفية، المتماثلة مع القاعدة، في دفع الجيش وقوات الشرطة إلى الفرار، واحتلال محافظة نينوى في شمال العراق، حيث المدينة الثانية في حجمها الموصل».
وأوضح خوري أن «داعش» يعتبر اليوم «المنظمة الجهادية الغنية والوحشية في العراق. وهو يضم بضعة آلاف من المقاتلين على الأقل، مشحونين بالدافع الديني لإقامة دولة شريعة هناك، وبدعم مالي سخي. ورغم روح الجهاد التي تطغى على مقاتليه، فإن خلفية نشوئها ليست دينية على الإطلاق. داعش، كباقي المنظمات السنية المتطرفة في العراق، ثمرة فجة للسلوك الأميركي المغلوط، الذي حطم الحكم ولكنه لم يعرف كيف يبني آخر بدلا منه. ومقاتلو داعش هم ضباط وجنود سنة من جيش صدام، أو موظفون ألقي بهم إلى الكلاب من قبل الأميركيين، فور احتلال بغداد في نيسان 2003.»
وفي نظر خوري فإن «داعش يهدف إلى إقامة دولة شريعة، لكنه أيضا يهدف إلى تحرير المناطق السنية شمالي بغداد وإعادة النظام الذي كان متبعاً في العراق في عهد حكم البعث إلى سابقه، حتى ولو جزئياً. واليوم يوجد في أيديهم أجزاء واسعة من مدينة الفلوجة، من محافظة الأنبار ومن مدينة سامراء وكلها ذات غالبية سنية». وأضاف أن حرب «داعش» ضد الحكومة العراقية هي بقدر كبير «معركة باسم الأب: فمقاتلو المنظمة هم عملياً أبناء صدام الذين يثأرون لإطاحته وعلى عار الطائفة السنية».
وأشار خوري إلى أن واقع أن خلفاء صدام هم في معظمهم شيعة تضيف دافعاً للصراع الدموي على الحكم. وخلافاً لصدام، الذي أدار نمط حياة علمانياً، فإن الفصائل السلفية تبنت أيضاً نمط حياة دينياً متزمتاً. ورغم ذلك، فإن سكان المحافظات السنية مستعدون لأن يقبلوا إمرتهم، شرط ألا يكونوا خاضعين لسيادة الحكم المركزي. ويمكن أن نحصل على مؤشرات أخرى على هذه المواجهة هذه الأيام في سوريا، ولكن أيضاً في لبنان.
أما دافيد سيئان فكتب، في موقع «معاريف»، أن الاجتياح «الجهادي» المتطرف الذي سيطر هذا الأسبوع على مدينتي الموصل وتكريت يهدف إلى الوصول إلى بغداد. وأشار إلى أن رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي طلب من الرئيس الأميركي باراك أوباما دراسة إمكانية قصف مواقع «داعش» من الجو. وحسب «نيويورك تايمز» فإن المالكي أوضح للأميركيين خشيته على استقرار حكومته في مواجهة قوات «القاعدة». وشدد على أن أساس قوة «داعش» تكمن في ضعف النظام المركزي من ناحية، وإحساس السنة في العراق، أن المالكي يعمل على تسييد الشيعة وإضعاف الجهات السنية في حكومته.
المصدر :
السفير/ حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة