دارت المؤامرة على سورية دورة كاملة لتعود إلى نقطة الصفر، ليس الصفر الذي أعطاه وزير الخارجية الأميركي جون كيري للانتخابات السورية، خلال مروره على بيروت، بل الصفر الذي أعطاه الشعب السوري للمتآمرين؛ بملايينه التي اقترعت لقائد صمودها ورمز وحدتها بشار الأسد.

 منذ الأيام الأولى لبدء تحركات المعارضة السورية، كان واضحاً التدخل الخارجي في رسم مسار للقطيعة بين "المحتجين" والدولة، عبر إبراز الإعلام التابع للدول المعادية لسورية، خصوصاً الإعلام السعودي والقطري، وكل متموّل من خزائنهما، للجوانب السلبية في تحركات الشارع، أبرزت لغة الشتائم على حساب لغة المطالب، وكانت الإساءة لرموز الدولة تعلو شعارات الإصلاح، لتشويه صورة الدولة السورية ورموزها، وشيطنتها، والقول إنه لا مكان لاستمرار التواصل أو التعايش معها، كان ذلك معبراً ضرورياً لعسكرة التحرك، لأن المطلوب إسقاط الدولة وليس تحقيق أي مطلب سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، وكان ذلك مدخلاً لتطبيق سياسة الأرض المحروقة ضد سورية، بشراً وحجراً.

 لكن القيادة السورية تعاملت مع الحدث بما أكدت الأيام أنه طريقة العارف بخفايا المؤامرة، والقادر على مواجهتها، ومنعها من تحقيق غاياتها في إسقاط الدولة ونشر الفوضى والفلتان، وهكذا سقط مكر أكثر من ثمانين دولة تورّطت في الدم السوري، أمام قوة إرادة القيادة السورية، وصلابة الجيش السوري، ووطنية الشعب السوري، الذي اقترع منذ أيام للدولة الواحدة القوية، مثلما كان اقتراعه لرمز هذه الدولة وقائد صمودها.

 جاء اقتراع الملايين السورية حصاداً لزرع رعته القيادة السورية طوال سنوات الحرب المستمرة على سورية، حيث حافظت هذه القيادة على عناصر القوة التي ترتكز عليها الدولة السورية، وأحسنت استخدامها. كان صمود الرئيس الأسد وثباته البداية، ولا يذكر التاريخ قائداً هدده تحالف دولي شيطاني واسع بالقتل، بقدر التهديدات التي استهدفت الأسد، فيما رموز معارضة الخارج قابعين في أحضان المخابرات الأجنبية، على تنوّع أوطانها، وتوحدها خلف القرار الأميركي.

 كان "خطاب الإصلاحات" أول مسمار دقه الأسد في نعش المؤامرة، بما سمح له بالقول إن القضية ليست قضية مطالب، بل هي مؤامرة خارجية، ثم جاء الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري، ذلك الجيش العقائدي الذي بناه الرئيس الراحل حافظ الأسد، فحافظ على تماسكه وقوته، ولم تُفلح الإغراءات ولا التهديات في إحداث انشقاق يعتد به بين صفوفه، وتحوّل هذا الجيش، تحت وطأة الحرب، إلى جيش جديد يقاتل بأسلوب حرب العصابات، كما يقاتل كجيش نظامي، والأهم أنه بات قادراً على التنسيق في معاركه مع المقاومين، ما يقض مضاجع قادة الكيان الصهيوني، الذين يعرفون أكثر من غيرهم معنى هذا التطور العسكري.

 الدائرة الثالثة، كانت الحزب الحاكم الذي وقف خلف "نظامه" وحافظ على تغطيته الشعبية له، وملأ الساحات بحضوره وجمهوره كلما دعت الحاجة، وترجم هذا الحضور بالتنظيم الذي أذهل العالم، لحشود الشعب السوري التي تقاطرت على صناديق الاقتراع.

 هي دوائر قوة كان في مخطط أعداء سورية أنها ستنهار خلال فترة قياسية، لكن ظنهم خاب، وذهبت ريحهم هباء.

 أما دائرة القوة التي فاجأت أعداء سورية، بقيادتهم الأميركية - الأطلسية، وامتداداتهم "الإسرائيلية" والنفطية العربية، فكانت حلفاء سورية وأصدقاءها الحقيقيين.

 في سورية، على عكس ما جرى في النموذجين العراقي والليبي، في عز انفتاح الغرب والولايات المتحدة وفرنسا على سورية، لم تتنكّر سورية قيادة ودولة لحلفائها التقليديين، ولم تخطئ الحساب؛ هي عبقرية جعلت سورية لا تقع في سوء الظن بأن سقوط الاتحاد السوفياتي يعني إهمال العلاقة مع روسيا، ولا يعني اتجاه الصين نحو نوع من الرأسمالية أنها لم تعد صديقة، وكذلك فإن تبديل الانتخابات للرؤساء الإيرانيين، ليس بأي حال مساساً بالتحالف الاستراتيجي بين البلدين، كما لم تسقط الرهان على دور المقاومة الإقليمي، وقبل كل شيء، أن عرب النفط لا يؤمَّن لهم.

 هكذا فشل المتآمرون في حصار سورية واستفرادها، وكان للحلفاء دور بارز في صمودها وقلبها الطاولة في وجه أعدائها، مما كرس الرئيس بشار الأسد، حامياً لوحدة سورية، وجعل الاخضر الإبراهيمي يعترف بما كان عليه الإفصاح عنه في حينه، وهو أن عملاء الأجنبي هم الذين قصفوا السوريين بالأسلحة الكيماوية وليس جيشهم الوطني، وهو أمر يدركه السوريون، وعبروا عنه بصناديق الاقتراع.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-11
  • 10669
  • من الأرشيف

الأسد أحسن استخدام عناصر قوته.. فحفظ وحدة سورية

دارت المؤامرة على سورية دورة كاملة لتعود إلى نقطة الصفر، ليس الصفر الذي أعطاه وزير الخارجية الأميركي جون كيري للانتخابات السورية، خلال مروره على بيروت، بل الصفر الذي أعطاه الشعب السوري للمتآمرين؛ بملايينه التي اقترعت لقائد صمودها ورمز وحدتها بشار الأسد.  منذ الأيام الأولى لبدء تحركات المعارضة السورية، كان واضحاً التدخل الخارجي في رسم مسار للقطيعة بين "المحتجين" والدولة، عبر إبراز الإعلام التابع للدول المعادية لسورية، خصوصاً الإعلام السعودي والقطري، وكل متموّل من خزائنهما، للجوانب السلبية في تحركات الشارع، أبرزت لغة الشتائم على حساب لغة المطالب، وكانت الإساءة لرموز الدولة تعلو شعارات الإصلاح، لتشويه صورة الدولة السورية ورموزها، وشيطنتها، والقول إنه لا مكان لاستمرار التواصل أو التعايش معها، كان ذلك معبراً ضرورياً لعسكرة التحرك، لأن المطلوب إسقاط الدولة وليس تحقيق أي مطلب سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، وكان ذلك مدخلاً لتطبيق سياسة الأرض المحروقة ضد سورية، بشراً وحجراً.  لكن القيادة السورية تعاملت مع الحدث بما أكدت الأيام أنه طريقة العارف بخفايا المؤامرة، والقادر على مواجهتها، ومنعها من تحقيق غاياتها في إسقاط الدولة ونشر الفوضى والفلتان، وهكذا سقط مكر أكثر من ثمانين دولة تورّطت في الدم السوري، أمام قوة إرادة القيادة السورية، وصلابة الجيش السوري، ووطنية الشعب السوري، الذي اقترع منذ أيام للدولة الواحدة القوية، مثلما كان اقتراعه لرمز هذه الدولة وقائد صمودها.  جاء اقتراع الملايين السورية حصاداً لزرع رعته القيادة السورية طوال سنوات الحرب المستمرة على سورية، حيث حافظت هذه القيادة على عناصر القوة التي ترتكز عليها الدولة السورية، وأحسنت استخدامها. كان صمود الرئيس الأسد وثباته البداية، ولا يذكر التاريخ قائداً هدده تحالف دولي شيطاني واسع بالقتل، بقدر التهديدات التي استهدفت الأسد، فيما رموز معارضة الخارج قابعين في أحضان المخابرات الأجنبية، على تنوّع أوطانها، وتوحدها خلف القرار الأميركي.  كان "خطاب الإصلاحات" أول مسمار دقه الأسد في نعش المؤامرة، بما سمح له بالقول إن القضية ليست قضية مطالب، بل هي مؤامرة خارجية، ثم جاء الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري، ذلك الجيش العقائدي الذي بناه الرئيس الراحل حافظ الأسد، فحافظ على تماسكه وقوته، ولم تُفلح الإغراءات ولا التهديات في إحداث انشقاق يعتد به بين صفوفه، وتحوّل هذا الجيش، تحت وطأة الحرب، إلى جيش جديد يقاتل بأسلوب حرب العصابات، كما يقاتل كجيش نظامي، والأهم أنه بات قادراً على التنسيق في معاركه مع المقاومين، ما يقض مضاجع قادة الكيان الصهيوني، الذين يعرفون أكثر من غيرهم معنى هذا التطور العسكري.  الدائرة الثالثة، كانت الحزب الحاكم الذي وقف خلف "نظامه" وحافظ على تغطيته الشعبية له، وملأ الساحات بحضوره وجمهوره كلما دعت الحاجة، وترجم هذا الحضور بالتنظيم الذي أذهل العالم، لحشود الشعب السوري التي تقاطرت على صناديق الاقتراع.  هي دوائر قوة كان في مخطط أعداء سورية أنها ستنهار خلال فترة قياسية، لكن ظنهم خاب، وذهبت ريحهم هباء.  أما دائرة القوة التي فاجأت أعداء سورية، بقيادتهم الأميركية - الأطلسية، وامتداداتهم "الإسرائيلية" والنفطية العربية، فكانت حلفاء سورية وأصدقاءها الحقيقيين.  في سورية، على عكس ما جرى في النموذجين العراقي والليبي، في عز انفتاح الغرب والولايات المتحدة وفرنسا على سورية، لم تتنكّر سورية قيادة ودولة لحلفائها التقليديين، ولم تخطئ الحساب؛ هي عبقرية جعلت سورية لا تقع في سوء الظن بأن سقوط الاتحاد السوفياتي يعني إهمال العلاقة مع روسيا، ولا يعني اتجاه الصين نحو نوع من الرأسمالية أنها لم تعد صديقة، وكذلك فإن تبديل الانتخابات للرؤساء الإيرانيين، ليس بأي حال مساساً بالتحالف الاستراتيجي بين البلدين، كما لم تسقط الرهان على دور المقاومة الإقليمي، وقبل كل شيء، أن عرب النفط لا يؤمَّن لهم.  هكذا فشل المتآمرون في حصار سورية واستفرادها، وكان للحلفاء دور بارز في صمودها وقلبها الطاولة في وجه أعدائها، مما كرس الرئيس بشار الأسد، حامياً لوحدة سورية، وجعل الاخضر الإبراهيمي يعترف بما كان عليه الإفصاح عنه في حينه، وهو أن عملاء الأجنبي هم الذين قصفوا السوريين بالأسلحة الكيماوية وليس جيشهم الوطني، وهو أمر يدركه السوريون، وعبروا عنه بصناديق الاقتراع.

المصدر : الثبات/ عدنان الساحلي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة