- السؤال الرئيسي بعد تسلّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم هو: هل سيكون القرار المصري سيادياً كما وعد السيسي في خطاب القسم، وهل حديثه عن أهمية منطقة الخليج يعبّر فعلاً عن قراءة مصرية للأمن القومي العربي؟ الجواب هو في سؤال، أنه إذا كان المدى الحيوي لمصر يرتبط بما يجري في الخليج بين إيران والسعودية بصورة مباشرة، وإيران ليست متورّطة بالتدخل في أمن مصر أبداً، فهل يطال المدى الحيوي هنا تركيا، وما يجري على حدود العراق وسورية، وما يبدو واضحاً من تورّط بمطامح ذات طبيعة استعمارية وأطماع بدور يستهدف مصر مباشرة، ويعبّر عن ذاته بدور أمني تخريبي لتركيا في الداخل المصري، كما تقول الأجهزة الأمنية المصرية والديبلوماسية المصرية؟ فلماذا لم نسمع عن مسؤولية مصر عن الأمن القومي العربي من هذه الزاوية؟ والسؤال الثاني: هل ما زالت «إسرائيل» مصدراً للخطر على الأمن القومي العربي؟ أليست الحرب على الإرهاب عنوان الأمن القومي العربي والمصري في قلبه، ولتركيا الباع الطويلة في هذه الحرب؟ أم أنّ حدود المسؤولية المصرية تجاه الأمن القومي العربي هي تجاه ما لا يزعج الغرب في خطوط التماس التي يرسمها الحلف الأطلسي، ويمنع على مصر تخطيها، علماً أنّ الخطر على الأمن الوطني المصري يحضر في قضيتين واحدة في سيناء تتصل بالتورّط الإسرائيلي وثانية في العمق المصري تتصل بالتورّط التركي، وعلى رغم ذلك كان سيُقبل من الرئيس السيسي لو قام بمعاملة التركي والإيراني و«الإسرائيلي» بالتساوي على رغم إجحاف المساواة، في كلّ حال ينتظر المراقبون هوية وزير الخارجية في الحكومة الجديدة ليعرفوا مدى الاستقلال السيادي، فعودة الوزير الحالي لا تبشر بخير كثير.

 

- قضية الامتحانات الرسمية شكلت نقطة ضعف ونقطة قوة في تحرك هيئة التنسيق النقابية، كما شكل الموقف المؤيد لوزير التربية لهيئة التنسيق ومطالبها نقطة قوة ونقطة ضعف للوزير،

وجاءت الامتحانات لتضع الوزير والهيئة وجهاً لوجه بدلاً من أن يبقيا صفاً موحداً، فالهيئة لا تملك الثقة بالاستماع إلى مطالبها بجدية ما لم تتمكن من الإمساك بورقة ضاغطة على المجتمع لا يحتمل تجاهلها، ليصير حلها مدخلاً لحلّ مشكلة المطالب المزمنة للموظفين، ومفهوم الإضراب أصلاً ينبع في التاريخ النقابي من تعطيل المرفق الإنتاجي أو المرفق العام للضغط على المجتمع وإظهار الدولة عاجزة عن أداء بديهيات واجباتها، لتضطر إلى الاستجابة للمطالب التي تكون قد أدارت ظهرها لها طويلاً، والامتحانات الرسمية تشكل واحدة من المرافق الحيوية لجميع البيوت اللبنانية التي تتحمّل الدولة مسؤوليتها، وواجب الوزير المختص القيام بهذه المسؤولية، فنجاح الهيئة يصير فشلاً للوزير ونجاح الوزير يصير فشلاً للهيئة مهما كانت الاجتهادات التنفيذية، وبمن سيقوم الوزير بحلّ قضية الامتحانات، وكيف ستتمكن الهيئة من الردّ، فالمهم أن الهيئة والوزير صارا وجهاً لوجه، والمتربّصون بالهيئة وبالوزير يحتسون القهوة ويستمتعون بالمشهد متفرّجين، فإنْ فازت الهيئة تخلصوا من وزير جاد ونشيط ونظيف العقل والأخلاق والسلوك، وهزيمته انتكاسة للتيار الذي ينتمي إليه ويلعب دوراً قيادياً في التفاوض الرئاسي نيابة عنه، سيسهّل توظيف هزيمته في ترصيدها تفاوضياً، وإنْ انتصر الوزير وظفوا نصره للإجهاز على الهيئة ومشروعها المطلبي، ولن تنفع عندها نداءات الوزير بالرحمة، وطالما الأمر تفاوضي على الجبهتين لخصم واحد يتربّص بالوزير والهيئة، فالتسييل التفاوضي سيكون متاحاً لخصم كان يبدو أقلّ ذكاء من خصومه في إدارة حروبه، فإذ هو رابح حتى لو كان نصف ربح ونصف خسارة لكلّ من خصميه.

- كلام المرشح سمير جعجع عن بكركي كان مدروساً بدقة، يهدف إلى تسخيف موقفها من الشأن الرئاسي وحذفها كشريك في الاستحقاق، فالكشف عن مرشحي بكركي من موقع لا تستطيع بكركي نفي كلامه ولا التنصل من مداولاتها الرئاسية معه، يعني حرق هذه الأسماء التي تتكتم عليها بكركي وشطبها من التداول، والإشارة إلى فرضية ترشيح البطريرك نفسه للرئاسة وتحليل الطرح، إسقاط لصفة القدسية أو المهابة أقله أو المصلحة العامة عن مسعى بكركي في الملف الرئاسي، وتقديم البطريرك كطامح رئاسي لا يحق له لعب دور المرجع والحكم، والواضح أنّ جعجع كان قد أعدّ ما يريد قوله، خاصة على قناة وبرنامج يملك فيهما حظوة تسمح بتنسيق الأسئلة والأجوبة، لإيصال رسائل لها شيفرتها الخاصة، والمغزى الذي أراده جعجع هو شطب دور بكركي الرئاسي، وإعادة اللعبة إلى اللاعبين المسيحيين السياسيين، وفي هذه الحالة سيكون لاعبان واحد يمثل الرابع عشر من آذار والثاني من الثامن من آذار، وهو قالها مباشرة أنها بينه وبين العماد ميشال عون، وأنّ على أحدهما أن يتفاهم مع الآخر ليكون رئيساً، والمعنى هنا هو دعوة العماد عون إلى التعامل مع جعجع كناخب رئيسي يضمن له الرئاسة بمقابل، موصلاً الرسالة لعون، عبثاً تضيع وقتك مع بكركي فغطاؤها لا يفيد، وعبثاً تفاوض تيار المستقبل ورئيسه فالقرار عندي.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-10
  • 9051
  • من الأرشيف

السيسي بين إيران وتركيا ـ الوزير والهيئة والامتحانات ـ جعجع وبكركي وعون والرئاسة

- السؤال الرئيسي بعد تسلّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم هو: هل سيكون القرار المصري سيادياً كما وعد السيسي في خطاب القسم، وهل حديثه عن أهمية منطقة الخليج يعبّر فعلاً عن قراءة مصرية للأمن القومي العربي؟ الجواب هو في سؤال، أنه إذا كان المدى الحيوي لمصر يرتبط بما يجري في الخليج بين إيران والسعودية بصورة مباشرة، وإيران ليست متورّطة بالتدخل في أمن مصر أبداً، فهل يطال المدى الحيوي هنا تركيا، وما يجري على حدود العراق وسورية، وما يبدو واضحاً من تورّط بمطامح ذات طبيعة استعمارية وأطماع بدور يستهدف مصر مباشرة، ويعبّر عن ذاته بدور أمني تخريبي لتركيا في الداخل المصري، كما تقول الأجهزة الأمنية المصرية والديبلوماسية المصرية؟ فلماذا لم نسمع عن مسؤولية مصر عن الأمن القومي العربي من هذه الزاوية؟ والسؤال الثاني: هل ما زالت «إسرائيل» مصدراً للخطر على الأمن القومي العربي؟ أليست الحرب على الإرهاب عنوان الأمن القومي العربي والمصري في قلبه، ولتركيا الباع الطويلة في هذه الحرب؟ أم أنّ حدود المسؤولية المصرية تجاه الأمن القومي العربي هي تجاه ما لا يزعج الغرب في خطوط التماس التي يرسمها الحلف الأطلسي، ويمنع على مصر تخطيها، علماً أنّ الخطر على الأمن الوطني المصري يحضر في قضيتين واحدة في سيناء تتصل بالتورّط الإسرائيلي وثانية في العمق المصري تتصل بالتورّط التركي، وعلى رغم ذلك كان سيُقبل من الرئيس السيسي لو قام بمعاملة التركي والإيراني و«الإسرائيلي» بالتساوي على رغم إجحاف المساواة، في كلّ حال ينتظر المراقبون هوية وزير الخارجية في الحكومة الجديدة ليعرفوا مدى الاستقلال السيادي، فعودة الوزير الحالي لا تبشر بخير كثير.   - قضية الامتحانات الرسمية شكلت نقطة ضعف ونقطة قوة في تحرك هيئة التنسيق النقابية، كما شكل الموقف المؤيد لوزير التربية لهيئة التنسيق ومطالبها نقطة قوة ونقطة ضعف للوزير، وجاءت الامتحانات لتضع الوزير والهيئة وجهاً لوجه بدلاً من أن يبقيا صفاً موحداً، فالهيئة لا تملك الثقة بالاستماع إلى مطالبها بجدية ما لم تتمكن من الإمساك بورقة ضاغطة على المجتمع لا يحتمل تجاهلها، ليصير حلها مدخلاً لحلّ مشكلة المطالب المزمنة للموظفين، ومفهوم الإضراب أصلاً ينبع في التاريخ النقابي من تعطيل المرفق الإنتاجي أو المرفق العام للضغط على المجتمع وإظهار الدولة عاجزة عن أداء بديهيات واجباتها، لتضطر إلى الاستجابة للمطالب التي تكون قد أدارت ظهرها لها طويلاً، والامتحانات الرسمية تشكل واحدة من المرافق الحيوية لجميع البيوت اللبنانية التي تتحمّل الدولة مسؤوليتها، وواجب الوزير المختص القيام بهذه المسؤولية، فنجاح الهيئة يصير فشلاً للوزير ونجاح الوزير يصير فشلاً للهيئة مهما كانت الاجتهادات التنفيذية، وبمن سيقوم الوزير بحلّ قضية الامتحانات، وكيف ستتمكن الهيئة من الردّ، فالمهم أن الهيئة والوزير صارا وجهاً لوجه، والمتربّصون بالهيئة وبالوزير يحتسون القهوة ويستمتعون بالمشهد متفرّجين، فإنْ فازت الهيئة تخلصوا من وزير جاد ونشيط ونظيف العقل والأخلاق والسلوك، وهزيمته انتكاسة للتيار الذي ينتمي إليه ويلعب دوراً قيادياً في التفاوض الرئاسي نيابة عنه، سيسهّل توظيف هزيمته في ترصيدها تفاوضياً، وإنْ انتصر الوزير وظفوا نصره للإجهاز على الهيئة ومشروعها المطلبي، ولن تنفع عندها نداءات الوزير بالرحمة، وطالما الأمر تفاوضي على الجبهتين لخصم واحد يتربّص بالوزير والهيئة، فالتسييل التفاوضي سيكون متاحاً لخصم كان يبدو أقلّ ذكاء من خصومه في إدارة حروبه، فإذ هو رابح حتى لو كان نصف ربح ونصف خسارة لكلّ من خصميه. - كلام المرشح سمير جعجع عن بكركي كان مدروساً بدقة، يهدف إلى تسخيف موقفها من الشأن الرئاسي وحذفها كشريك في الاستحقاق، فالكشف عن مرشحي بكركي من موقع لا تستطيع بكركي نفي كلامه ولا التنصل من مداولاتها الرئاسية معه، يعني حرق هذه الأسماء التي تتكتم عليها بكركي وشطبها من التداول، والإشارة إلى فرضية ترشيح البطريرك نفسه للرئاسة وتحليل الطرح، إسقاط لصفة القدسية أو المهابة أقله أو المصلحة العامة عن مسعى بكركي في الملف الرئاسي، وتقديم البطريرك كطامح رئاسي لا يحق له لعب دور المرجع والحكم، والواضح أنّ جعجع كان قد أعدّ ما يريد قوله، خاصة على قناة وبرنامج يملك فيهما حظوة تسمح بتنسيق الأسئلة والأجوبة، لإيصال رسائل لها شيفرتها الخاصة، والمغزى الذي أراده جعجع هو شطب دور بكركي الرئاسي، وإعادة اللعبة إلى اللاعبين المسيحيين السياسيين، وفي هذه الحالة سيكون لاعبان واحد يمثل الرابع عشر من آذار والثاني من الثامن من آذار، وهو قالها مباشرة أنها بينه وبين العماد ميشال عون، وأنّ على أحدهما أن يتفاهم مع الآخر ليكون رئيساً، والمعنى هنا هو دعوة العماد عون إلى التعامل مع جعجع كناخب رئيسي يضمن له الرئاسة بمقابل، موصلاً الرسالة لعون، عبثاً تضيع وقتك مع بكركي فغطاؤها لا يفيد، وعبثاً تفاوض تيار المستقبل ورئيسه فالقرار عندي.

المصدر : ناصر قنديل -


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة