دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تختفي أو تكاد أخبار الاقتتال الدائر بين تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة" في دير الزور من أجندات فضائيات ووسائل إعلام عربية تتغنى بشعارات براقة كـ"الرأي والرأي الآخر والجرأة والموضوعية".مصطلحات ثبت زيفها بعد مرور نحو أربعين شهراً على اندلاع الأزمة السورية.
الشرق السوري وتغييب المشهد
جلُ ما تركز عليه تلك الفضائيات هو القصف الذي يقوم به الجيش السوري لمناطق الجماعات المسلحة ومقارهم حيث تؤلف القصص بعناوين تحريضية عن "مآسي" تخلفها الاعمال الحربية ، ويتم تناسي ان الوحدات العسكرية تخوض معركة ضد عشرات الاف المسلحين ينتمون الى اكثر من 80 دولة وفق بعض الاحصاءات الغربية.
كما تتغاضى وسائل اعلام عربية عن الجرائم والمجازر التي تُرتكب بين الجماعات "الجهادية" بحق بعضها والسوريين على حد سواء في دير الزور والرقة والحسكة وغيرها..
فبعد بضعة أشهر قليلة من اندلاع صراع النفوذ والمصالح بين "داعش" وخصومه لقي الاف المسلحين مصرعهم ومثلهم من المدنيين الابرياء ، فيما هُجر عشرات الاف من منازلهم وتحديداً في دير الزور التي تشهد واحدة من اشرس المعارك بين طرفين كانا ينتميان حتى الامس القريب الى تنظيم واحد (القاعدة) و"امير" واحد (ايمن الظواهري) ، واذ بهما يخوضان قتالاً يرتكبان فيه أبشع المجازر.
دير الزور ..ام المعارك
كان متوقعاً أن تشهد منطقة دير الزور أعنف المواجهات. فبعد الخلاف العقائدي بين "داعش" بقيادة ابي بكر البغدادي و"النصرة" بزعامة الجولاني الذي فضله ايمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة على الاول ، اتجهت الانظار الى حرب "التمكين" بين الطرفين وصولاً الى مرحلة الحسم وتحديداً في الشرق السوري والاخص في دير الزور.
بطاقة تعريفية:
- تعتبر محافظة دير الزور من أكبر المحافظات السورية مساحة، فهي ثاني أكبر محافظة بعد حمص وتبلغ المساحة الكلية 33.06 ألف كم مربع تشغل 17.9% من مساحة البلاد.
- تقع دير الزور على نهر الفرات في سهل خصيب محاط بالصحراء يقسم نهر الفرات المحافظة إلى قسمين، يسار النهر وهو امتداد بادية الشام وعلى ضفته تقع المدينة، ويمين النهر وهو امتداد لبادية الجزيرة السورية؛ وتنتشر الجزر النهرية التي تعرف باسم "الحوائج" في مجرى النهر ، وتقع دير الزور على مسافة 450 كم شمال شرق دمشق و 320 كم جنوب شرق حلب.
- في ثمانينيات القرن العشرين اكتشفت في المحافظة كميات ضخمة من النفط والغاز، وأكبر الحقول القريبة من دير الزور هو حقل التيم الذي يبعد عن مركزها حوالي 6 كلم، واكتشف في ايلول/سبتمبر 1987. كذلك فقد اكتشف حقلي الطيانة والتنك عام 1989. وتنتشر على مقربة من المدينة محطات تجميع وضخ النفط، واستخراج ومعالجة الغاز الطبيعي وضخه عبر شبكة الأنابيب. أما الثروة الباطنيّة الثانية هي ملح الطعام، وتعتبر المنطقة بشكل عام المصدر الرئيسي للأملاح في سوريا.
المميزات التي تتمتع بها المحافظة اضافة الى وقوعها عند الحدود مع العراق جعلتها مقصداً للجماعات "الجهادية" وتحديداً العناصر الاجنبية التي تتسلل عبر الحدود التركية والعراقية الى داخل السوري ما جعل سكان المحافظة في مقدمتهم العشائر يقعون فريسة بين سندان تنظيم "داعش" من جهة ومطرقة جبهة "النصرة" وحلفائها من جهة اخرى.
صراع النفط وطرق الامدادات دفعت الطرفان الى الزج بالاف المسلحين .حيث يرى تنظيم "داعش" ان السيطرة على دير الزور ستحقق له الاهداف التالية:
- تأمين طرق امدادته الى الرقة ومنع محاصرتها من قبل النصرة
- ربط مناطق نفوذه بين الشرق السوري والغرب العراقي
- توجيه ضربة قاضية للنصرة في الشرق السوري
- السيطرة على حقول النفط ومراكز انتاج الملح والسهول الزراعية القريبة من نهر الفرات
اما أبرز اهداف النصرة فتتلخص بـ:
- المحافظة على حقول النفط
- الاحتفاظ بمعبر البوكمال مع العراق
- منع سيطرة "داعش" على معاقلها في دير الزور كالشحيل والميادين بالتالي فقدانها للعديد البشري
- منع "داعش" من الربط بين الرقة ودير الزور وتالياً الغرب العراقي
اخبار المعارك الواردة من دير الزور تؤكد ان الغالبية العظمى من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة اصبحت شبه خالية من سكانها بفعل تمدد الاقتتال بين "داعش" وخصومه في الريفين الشرقي والغربي ، فيما افيد عن تكبد المدنيين خسائر فادحة في الارواح والممتلكات العامة والخاصة ، وتتحدث مصادر المعارضة عن سرقة ممنهجة تقوم بها جماعات مسلحة للنفط والاثار في دير الزور وتهريبها الى الخارج ، كذلك سُجلت وفيات عدة بسبب تردي الوضع الصحي اضافة الى سوء التغذية بعد قيام الطرفين بإحراق المحاصيل الزراعية.
اللافت في المشاهد والصور التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي سواء تلك التي تدعم "النصرة" أو المؤيدة لـ"داعش" هي حملات التكذيب المتبادلة تحت شعارات توصف بانها "اسلامية" ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ادعى ما يُسمى "مجلس شورى المجاهدين" سيطرته على بلدة الطالعة في دير الزور الشرقي وهو ما سارع تنظيم "داعش" الى تكذيبه مؤكداً العكس تماماً.
أما الاخطر هو تباهي الطرفين في تدنيس المقامات والمقدسات الاسلامية التي تعود لشخصيات تاريخية مرموقة يُجمع عليها المسلمون ، وهو امر قد لا يراه البعض غريباً نظراً للفكر التكفيري التي تنتهجه كل من "النصرة" و"داعش" وهما اللذان يتقاتلان تحت عناوين حروب "الردة" و"الخوارج" و"الصحوات"...
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة