في واشنطن كما تكشف التقارير التي تنشرها مراكز الدراسات التي تشكل في حالات التحوّل والتغيّر مصدر التمهيد لصناعة القرار، تياران يتجاذبان الإدارة، أحدهما متمسك بلغة خشبية لا تعترف بالتغييرات ولا بالفشل، ولا تزال تدعو إلى تسليح المعارضة وتتحدث عن معارضة معتدلة لا ترتبط بـ»القاعدة» ومفرداتها أو فكرها المتطرف، وتيار آخر يعترف بالخسارة في الحرب السورية ويدعو إلى التأقلم مع المتغيّرات.

 المشهد الانتخابي السوري الذي قرّرت الإدارة بكلّ مفاصلها تجاهله وإخضاع التعامل معه للغة الخشبية القائمة على الإنكار كما عبّر جون كيري، كان محور ورشة عمل مشتركة لخمسة من مراكز الدراسات الجامعية الأميركية أبرزها جامعة بنسلفانيا وجامعة ميرلاند وجامعة جورج تاون، وكان أبرز المشاركين والمشرفين ديفيد شنكر ومارتن انديك، وكانت المناقشات تدور حول حجم التغيير في المزاج الشعبي للسوريين في ضوء الانتخابات الرئاسية السورية في كلّ من لبنان والأردن.

الحصيلة التي خرج بها أكثر من عشرين أستاذاً جامعياً شاركوا في المناقشات هي أنّ الإحباط مما سُمّي «الثورة السورية» صار مزاجاً شعبياً بعضه ناجم عن تلكّؤ الغرب بالتدخل العسكري، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية التي بعثت الكثير من الآمال بتحريك أساطيلها، وبقدر الآمال كان الإحباط مع رحيل الأساطيل، وبعضه الآخر ناجم عن الانفصام بين القيادات السياسية المقيمة في الخارج وتنسيقيات الداخل التي اضمحلت وتلاشت واندمجت بألوية تسيطر على قيادتها القوى الإسلامية المتطرفة لامتلاكها السلاح والمال، وبعضه الآخر ناتج من خجل العلمانيين من المشاركة في توليفات تديرها دول الخليج التي لا تشبه بشيء شعارات الديمقراطية والعلمانية. وجاءت تجارب حكم الشريعة التي أقامتها المجموعات الطاغية على الجسم العسكري للمعارضة لتظهر طلاقاً مع المزاج المعتدل للإسلام الذي يعيشه السوريون.

 ويضيف التقرير أنّ الحكومة السورية تمتعت بصبر وحنكة مكّناها من التلقي الإيجابي لهذا التبدل في المزاج بتقديم صيغ للتسويات الميدانية تريح المسلحين المتعبين، وهو نموذج قدمته تجربة حمص على أقوى مثال.

يعرض التقرير الشعور بالخداع الذي يعيشه بعض كوادر التنسيقيات والمقاتلين الذين تركوا أمام خيار واحد هو الالتحاق بالجماعات المتطرفة والتحوّل إلى مرتزقة حرب، أو الإسراع بقبول عروض الجيش النظامي عليهم بتسوية أوضاعهم والعودة عن خيار التمرّد.

يتوقف التقرير أمام المشهد السوري الانتخابي في لبنان فيعتبره الأكثر تعبيراً عن المزاج الحقيقي للسوريين، ويسجل الغياب الكامل للمعارضة كدليل على اضمحلال كياناتها وقدرتها على التفاعل مع شارع أو كتل شعبية منظمة، ويتوقف أمام ما كان واقعياً كتلة بشرية هائلة تحركت بصورة منظمة تعبيراً عن قوة الجهات التي تشرف على متابعة النازحين من داخل سورية، ومن تحرك بصورة عفوية يدلل على حجم الابتعاد الشعبي عن خيارات المعارضة وارتضاء العودة إلى كنف الدولة على رغم كلّ ما كان عليها من مآخذ.

يحذر التقرير من العناد في التعامل مع هذا التحوّل وإنكاره والإصرار على وصفة النظام المعزول شعبياً والفاقد للشرعية، ويؤكد على ضرورة التوقف أمام جدوى الحديث عن تسليح معارضة معتدلة لم تعد موجودة ولا بيئة شعبية حاضنة لحربها، ويورد مثال المقاطعة لإيران والعزلة التي فرضت عليها ليخلص إلى القول إنّ العودة إلى التفاوض السياسي مع إيران يجب أن يكون درساً لعدم تكرار التجربة، كي لا نعود بعد عشرين سنة من القطيعة لنفاوض دولة تملك برنامجاً نووياً.

 أرخت مواقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيروت لجهة دعوته روسيا وحزب الله وإيران للعمل معاً لوضع حد للحرب في سورية بظلالها على المشهد اللبناني.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-06
  • 12705
  • من الأرشيف

خبراء أميركيون: التحوّل في مزاج السوريين لمصلحة الأسد يعزل المعارضة

في واشنطن كما تكشف التقارير التي تنشرها مراكز الدراسات التي تشكل في حالات التحوّل والتغيّر مصدر التمهيد لصناعة القرار، تياران يتجاذبان الإدارة، أحدهما متمسك بلغة خشبية لا تعترف بالتغييرات ولا بالفشل، ولا تزال تدعو إلى تسليح المعارضة وتتحدث عن معارضة معتدلة لا ترتبط بـ»القاعدة» ومفرداتها أو فكرها المتطرف، وتيار آخر يعترف بالخسارة في الحرب السورية ويدعو إلى التأقلم مع المتغيّرات.  المشهد الانتخابي السوري الذي قرّرت الإدارة بكلّ مفاصلها تجاهله وإخضاع التعامل معه للغة الخشبية القائمة على الإنكار كما عبّر جون كيري، كان محور ورشة عمل مشتركة لخمسة من مراكز الدراسات الجامعية الأميركية أبرزها جامعة بنسلفانيا وجامعة ميرلاند وجامعة جورج تاون، وكان أبرز المشاركين والمشرفين ديفيد شنكر ومارتن انديك، وكانت المناقشات تدور حول حجم التغيير في المزاج الشعبي للسوريين في ضوء الانتخابات الرئاسية السورية في كلّ من لبنان والأردن. الحصيلة التي خرج بها أكثر من عشرين أستاذاً جامعياً شاركوا في المناقشات هي أنّ الإحباط مما سُمّي «الثورة السورية» صار مزاجاً شعبياً بعضه ناجم عن تلكّؤ الغرب بالتدخل العسكري، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية التي بعثت الكثير من الآمال بتحريك أساطيلها، وبقدر الآمال كان الإحباط مع رحيل الأساطيل، وبعضه الآخر ناجم عن الانفصام بين القيادات السياسية المقيمة في الخارج وتنسيقيات الداخل التي اضمحلت وتلاشت واندمجت بألوية تسيطر على قيادتها القوى الإسلامية المتطرفة لامتلاكها السلاح والمال، وبعضه الآخر ناتج من خجل العلمانيين من المشاركة في توليفات تديرها دول الخليج التي لا تشبه بشيء شعارات الديمقراطية والعلمانية. وجاءت تجارب حكم الشريعة التي أقامتها المجموعات الطاغية على الجسم العسكري للمعارضة لتظهر طلاقاً مع المزاج المعتدل للإسلام الذي يعيشه السوريون.  ويضيف التقرير أنّ الحكومة السورية تمتعت بصبر وحنكة مكّناها من التلقي الإيجابي لهذا التبدل في المزاج بتقديم صيغ للتسويات الميدانية تريح المسلحين المتعبين، وهو نموذج قدمته تجربة حمص على أقوى مثال. يعرض التقرير الشعور بالخداع الذي يعيشه بعض كوادر التنسيقيات والمقاتلين الذين تركوا أمام خيار واحد هو الالتحاق بالجماعات المتطرفة والتحوّل إلى مرتزقة حرب، أو الإسراع بقبول عروض الجيش النظامي عليهم بتسوية أوضاعهم والعودة عن خيار التمرّد. يتوقف التقرير أمام المشهد السوري الانتخابي في لبنان فيعتبره الأكثر تعبيراً عن المزاج الحقيقي للسوريين، ويسجل الغياب الكامل للمعارضة كدليل على اضمحلال كياناتها وقدرتها على التفاعل مع شارع أو كتل شعبية منظمة، ويتوقف أمام ما كان واقعياً كتلة بشرية هائلة تحركت بصورة منظمة تعبيراً عن قوة الجهات التي تشرف على متابعة النازحين من داخل سورية، ومن تحرك بصورة عفوية يدلل على حجم الابتعاد الشعبي عن خيارات المعارضة وارتضاء العودة إلى كنف الدولة على رغم كلّ ما كان عليها من مآخذ. يحذر التقرير من العناد في التعامل مع هذا التحوّل وإنكاره والإصرار على وصفة النظام المعزول شعبياً والفاقد للشرعية، ويؤكد على ضرورة التوقف أمام جدوى الحديث عن تسليح معارضة معتدلة لم تعد موجودة ولا بيئة شعبية حاضنة لحربها، ويورد مثال المقاطعة لإيران والعزلة التي فرضت عليها ليخلص إلى القول إنّ العودة إلى التفاوض السياسي مع إيران يجب أن يكون درساً لعدم تكرار التجربة، كي لا نعود بعد عشرين سنة من القطيعة لنفاوض دولة تملك برنامجاً نووياً.  أرخت مواقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيروت لجهة دعوته روسيا وحزب الله وإيران للعمل معاً لوضع حد للحرب في سورية بظلالها على المشهد اللبناني.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة