دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا نحتاج إلى قول الكثير عن انتخابات القرن في سورية، فقد كان يوم الثالث من حزيران يوم انتفاض الأسد السوري ونهوضه ليملأ الأرض زئيرا يلقي الرعب في قلوب الذين جمعوا لشعب سورية القتلة، والمجرمين، والمتوحشين من أربعة أرجاء الأرض، وأسقط الآن في أيديهم بكل جلاء. دعوا حديث الديمقراطية جانبا، ففي هذا اليوم حدث في الشرق العربي والإسلامي ما لم يحدث من قبل، الكشف عن تلاحم فريد من نوعه بين شعب وبين دولته، وبين شعب وبين قائده. حدث هذا في سورية. عندما تكون هناك علاقة ثقة بين الشعب ودولته وقائده على هذا المستوى الزلزالي فليقرأ أعداء هذا الشعب على خططهم العدوانية ألف سلام. دولة قوية، وجيش قوي، وقائد قوي، هذه هي خلفية الديمقراطية في سورية، وسر فشل العدوان الكوني على سورية. ولأول مرة يتفاهم الحاكم والمعارضون في دولة عربية، ويتفقون على أن المنتصر ليس فقط من فاز في الانتخابات، بل كل من شارك في هذه الانتخابات. إنه شعب سورية، ودولة سورية. ومع أننا نقول إننا لا نحتاج إلى أن نقول الكثير عن هذا الحدث الزلزالي، فإن القلم لا يطيعنا فقد كان مشهد سورية يوم الثالث من حزيران ملحمة يصعب وصفها، ويصعب تحليلها بالتفصيل، ويصعب الصمت بانتظار أن يقول العالم شيئا عنها، فنعود ونقول إن شعب سورية يستحق الحياة والاحترام. الله الله يا شعب المعجزات
هذا الزلزال كأي زلزال في الدرجات العالية على المقاييس الكونية له ارتدادات شعر بها الناس من أقصى جنوب اليمن إلى القرم ودونيتسك في الشمال، بل وإن صروحا عديدة تصدعت بفعل تلك الارتدادات، ولم يكن من باب المصادفة على الإطلاق أن يقوم شيخ الكويت في نفس التوقيت بزيارة مشبوهة إلى طهران، ولم تكن مصادفة على الإطلاق ما صار يرد على كل لسان من الحديث عن هرولة خليجية وغير خليجية قريبة نحو دمشق. إنه حديث يخدش الآذان، فزيارة الشيخ الأبله لطهران أشبه ما تكون بتلك الزيارة التي قام بها إبليس لآدم وحواء في الجنة، ليخرجهما منها، ويكون له عندهما موطئ قدم.
الزلزال السوري بدأ يتسبب بتسونامي على مسافات طويلة من السواحل العربية، أصلا حين بدت علائمه في بيروت قبل دمشق، وحمص، وحماه، وحلب. وأول من شعر بالارتدادات، وراح يترقب التسونامي هم آل سعود. ليكن واضحا لمن لا يعرف الحقائق بعد أن مملكة آل سعود تتصدع، وقلاع الفساد فيها تغرق، تغرق، تغرق، ولم يعد حتى الإعلام الغربي قادرا على إخفاء الحقائق عما يدور في هذه المملكة الفاسدة حتى نخاع العظام، فالمظاهرات في القطيف وغيرها، والتجاوزات على أبسط حقوق الإنسان، ووصول الظلم حتى إلى بنات خادم الأمريكان والإسرائيليين لم يعد يفسر على أنه مشاهد مقتطعة هنا وهناك، بل إن هناك مملكة قوامها الفساد والظلم تتهاوى، ولا يمسك بها إلا يد مخابراتية غليظة تقمع بشدة كل من يفتح فاه، ولكن إلى متى؟
للشعب السوري ولصموده البطولي الخارق، وللتضحيات العزيزة التي قدمها لصد عدوان الوهابية الصهيونية الهمجية، الفضل في التهاويات المقبلة الوشيكة لعروش الفساد. ولا ينبغي لأي كان أن يرضى بالهرولة نحو دمشق مكافأة ذات قيمة لهذا الصمود، ولتلك التضحيات الغالية
السعودية تبحث عن طوق نجاة، ومن هنا زيارة هذا الشيخ الأبله إلى طهران. إنه ذهب لينقل عمن معه في خندق العمالة رسالة توسل مرتجفة، ولكن مغلفة بتكابر من يدرك دنو ملك الموت منه، ولا يريد أن يبدو عليه الرعب. لا ينبغي للإيرانيين أن ينسوا أن الرصاص الذي كان يقتل أبناءهم، والصواريخ التي كانت تنهال على مدنهم أثناء الحرب مع العراق كانت الكويت هي التي تدفع ثمنها. وكان الكويتيون من سنوات ينتظرون إشارة من أسيادهم الأمريكيين تأمرهم بتمويل حرب أمريكية إسرائيلية على شعب إيران مثلما مولوا حروب أمريكا وإسرائيل لتدمير العراق. الآن أدرك الكويتيون وأبناء عمومتهم بالرضاعة والوساخة في الرياض أن العدوان على شعب إيران صار وهما، وأن الزلزال السوري سينال منهم. إنهم يهرولون نحو طهران ليس بحثا عن سلام للمنطقة وأمن لشعوبها، فهؤلاء رضعوا الخبث، والدناءة، والغدر والسفالة مع حليب أمهاتهم، ولا يهمهم الأمن والسلام طالما بقيت عروشهم سالمة. ثم إن السعودية ومن لف لفها من إمارات التيوس ليست بأي حال من الأحوال ندا لدولة عظمى مثل إيران حتى تبحث معها عن شراكة من أي نوع. إن دافع الهرولة نحو طهران هو الخوف من التسونامي القادم
العراقيون يعرفون أن من كان يقتل أولادهم خلال الحرب مع إيران لم يكن الإيرانيون لأن هؤلاء كانوا يدافعون عن أنفسهم. من كان يقتل أبناءنا هم السعوديون والكويتيون والقطريون، وغيرهم من جربان الخليج الذين أغروا صدام بأوهام الامبراطورية الفارغة ثم سخروا أرضهم ونفطهم للغزو الأمريكي الإسرائيلي للعراق. ونحن، مع الأسف العميق، لم نرد عليهم بعد لأن من خلف صدام حسين في السلطة هو نوري المالكي، وهو شخص يداه مكبلتان بالاتفاقيات الأمنية مع المحتل الأمريكي. ولكننا لن ننسى أبدا، وسيأتي اليوم الذي يلقى فيه تيوس الخليج على أيدينا جزاء ما اقترفوا من جرائم بحق العراق
أما سورية فهي حرة، وهي عزيزة بدولتها الشامخة، وبجيشها، وبقائدها، ولا ينبغي لأحد فيها أن ينسى ما فعله هؤلاء التيوس بالسوريين. إن كل من يحب شعب سورية، وبكى دما على الأطفال السوريين الذين ذبحوا على أيدي الكويتيين والسعوديين، سيفرح برؤية رؤوس شيوخ الكويت، وتيوس السعودية، وبغال قطر تمس الأرض عند قدمي بشار الأسد، ولكن لن نرضى أبدا أن يكون ذلك الثمنَ الوحيد الذي يدفعونه عن جرائمهم بحق شعب سورية. نريد أن نرى رؤوس هؤلاء تحت أقدام العرب لأن رؤوسهم ستكتسب قيمة لا تستحقها إن هم طأطؤوها عند قدمي بشار الأسد
نقولها، ونحن نؤمن بحكمة القيادة السورية والإيرانية، إن هؤلاء التيوس لا يمكن أن يكونوا شركاء في السلام، والأمن، والبناء، ولا ينبغي لأحد أن يقبل منهم الندم. إنهم خلقوا ليفسدوا في الأرض، وهم بهرولاتهم في كل الاتجاهات يبحثون عن أطواق نجاة فقط مما جرّه عليهم خبثهم، ولؤمهم، وجرته عليهم أفعالهم الشريرة ضد الجميع، والتي كان أحد التجليات الكبرى عن التصدي لها الزلزال السوري الذي عبر فيه السوريون عن تمسكهم بدولتهم، وبقائدهم. آل سعود الذين خصصوا مليارات الدولارات فقط للإساءة إلى سمعة حسن نصرالله، يريدون الآن أن يستخدموا الهرولة نحو دمشق كطوق نجاة من التسونامي القادم الذي أطلقه الزلزال السوري. ترى ألا يعرفون أنهم لن يطأطئوا رؤوسهم في دمشق عند قدمي بشار الأسد وحده، بل وعند قدمي حسن نصرالله أيضا؟ سيفعلون إن كان في ذلك طوق نجاة لعروشهم
يهرولون، فليهرولوا نحو جهنم الكبرى، وليس نحو كعبة العروبة دمشق، فهنا لا قيمة لهم وللتسويات التي يتحدثون عنها. إن صمود شعب سورية، وصمود المقاومة لا يكافأ بمثل هذه الهرولة الذليلة، بل بتأسيس دولة موحدة قوية شرق البحر الأبيض المتوسط يكون بإمكانها سحق الوهابية، واجتثاث فكرها الإرهابي، وأنظمة التيوس التي وراءها إلى أبد الآبدين
المصدر :
بانوراما الشرق الأوسط / عمر ضاهر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة