تأمنت أمس كثافة المقترعين للانتخابات الرئاسية في معظم المناطق التي تخضع لسيطرة الدولة، وامتدت العملية الانتخابية حتى منتصف الليل، بعد تمديد مدة الاقتراع خمس ساعات «نتيجة الإقبال الكثيف»، وفق ما أعلنت اللجنة الانتخابية.

وانتهى اليوم الانتخابي من دون إعلان رسمي صريح عن عدد المقترعين المتوقع، كما لم يتبين عدد الضحايا المشمولين بقصف قذائف الهاون والصواريخ التي تساقطت بالعشرات على مناطق مختلفة في دمشق وحلب واللاذقية.

وشهدت الأجواء السورية، لا سيما في سماء العاصمة، تحليقا مكثفا للطيران الحربي، ألقى، وفقا لمصادر المعارضة، عددا من البراميل المتفجرة والصواريخ على مناطق داريا وجوبر والغوطة الشرقية، التي تعتبر مصدر القصف بقذائف الهاون على أحياء دمشق.

لكن رغم ما سبق، يمكن القول إن اليوم الانتخابي المرتقب مر بأقل خسائر ممكنة، بعد تهديد العديد من الفصائل الإسلامية باستهداف المراكز الانتخابية، وهو تهديد تراجعت عنه لاحقا ببيان، ولكن من دون أن تنفذه على ما يبدو، لأن يوم الثلاثاء الانتخابي لم يخلُ من صوت صفير الهاون المتساقط، ولا من انفجاراته خصوصا في دمشق وحلب.

وربما ساهمت الإجراءات الأمنية المشددة في التقليل من احتمالات الحوادث الأمنية الأخرى كالتفجيرات الانتحارية. وكان وزير الداخلية السوري محمد الشعار قال، أمس الأول، إن وزارته «اتخذت كل الإجراءات والاستعدادات لإنجاز الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية من خلال توفير مستلزمات العملية الانتخابية، وتأمين ظروف الحماية اللازمة للمواطنين من أجل الوصول إلى المراكز الانتخابية، بالتنسيق مع باقي الجهات في الدولة».

وشهدت حركة السير ازدحاما كبيرة على الحواجز، كما منعت حركة الدراجات النارية والهوائية في بعض الأحياء، وحركة السيارات تعرضت للتوقف في أحياء أخرى، وتم تفتيش العربات وفق تعليمات وزارتَي الداخلية والدفاع.

إلا أن وقف الهاون كان أكثر صعوبة، رغم استنفار سلاحي الطيران والمدفعية لهذه الغاية. وسقطت القذائف التي تجاوزت ظهر أمس الخمسين قذيفة على قلب دمشق في مناطق المزة والمزرعة والمهاجرين والقصاع وباب توما والعباسيين والبرامكة والسبع بحرات وحي الأمين وأبو رمانة وجرمانا وضاحية الأسد، واستمرت القذائف بالتساقط في المساء من دون إمكانية توثيق أرقام الضحايا، وإن تحدثت وسائل التواصل الاجتماعي عن مقتل ثلاثة مدنيين وجرح العشرات، في مناطق متفرقة.

وفي حلب ذكرت مصادر إعلامية موالية مقتل 21 شخصا على الأقل من جراء تساقط القذائف والصواريخ المحلية على المدينة قرب القصر البلدي والجميلية ومستشفى الرازي والإسماعيلية وباب الحديد. وشهدت مدن إدلب واريحا وجسر الشغور والفوعة وكفريا قصفا مشابها بالهاون، من دون أن تتوفر حصيلة واضحة للقتلى والجرحى في عموم تلك المناطق. ووفقا لما ذكره تلفزيون «المنار» فإنه تم اكتشاف سيارة مفخخة تقودها امرأة في محيط مدينة السويداء، التي تشهد إقبالا انتخابيا كثيفا.

وبلغ عدد المراكز الانتخابية في مختلف المحافظات السورية، وفقا لوزارة الداخلية، 9601 مركز تحتوي على 11776 صندوقا انتخابيا. ويتسع كل صندوق منها لألف صوت، ولاحقا تم مد مراكز انتخابية عدة بصناديق إضافية، بينها 220 لدمشق و60 لحماه والعشرات لمدن في درعا، قبل أن تعلن اللجنة الانتخابية قرارها تمديد فترة الاقتراع حتى الثانية عشرة ليلا.

وشهدت المعابر الحدودية الشرعية بين لبنان وسوريا لا سيما في العبودية والعريضة والبقيعة شمالاً، حركة هادئة مع بدء الانتخابات الرئاسية السورية، في حين أن حركة دخول السوريين إلى لبنان عبر هذه المعابر متوقّفة منذ ليل السبت الماضي بفعل تدابير كانت اتخذتها السلطات السورية.

وتمكنت محافظة حمص من وضع ستة صناديق اقتراع، تتسع لستة آلاف صوت، في محيط حي الوعر، في نقاط وصفها محافظ المدينة طلال البرازي بـ«نقاط تماس» بين الطرفين، في الوقت الذي ما زالت فيه «التهدئة سارية المفعول» في الحي الوحيد المتبقي تحت سيطرة المعارضة في المدينة.

وشهدت المراكز الانتخابية تجمعات شعبية، تخللتها أجواء احتفالية. وبكى بعض المقترعين أمام شاشات التلفزة. وقال عجوز باكيا بعد الإدلاء بصوته في أحد مراكز الاقتراع في حلب إنه يبكي لما أصاب البلاد، مشيرا إلى قذائف الهاون التي تسقط في شوارع المدينة، فيما دمعت عينا مفتي الجمهورية أحمد حسون وهو يدلي بصوته في حي المالكي بدمشق.

واقترع الرئيس السوري بشار الأسد برفقة زوجته اسماء في حي المالكي، فيما صوت المرشحان الرئاسيان حسان النوري في فندق الشيراتون، وماهر الحجار في مجلس الشعب.

وقدم الأسد وزوجته هويتيهما الشخصيتين لمدير المركز الانتخابي الذي سجل بياناتهما وطلب توقيعهما عليها، قبل أن يستلما بطاقة الاقتراع ويصوتان في الغرفة السرية الموجودة في المركز. وخرجا بعد إجراء أحاديث مع المواطنين المتجمعين في المركز، لكن دون تصريحات إعلامية.

من جهته قال النوري، بعد اقتراعه، إنه يعد نفسه «ممثلاً للمعارضة الوطنية الداخلية، التي تقدم لوناً مختلفاً وطنياً بامتياز وتسهم في بناء الوطن الذي يحتاج لكل أبناء شعبه»، مبيناً أنه لا يوجد تنسيق مباشر بينه وبين المعارضين في الخارج، وانه «يدعم الشكل الجديد لبعض المعارضين في الخارج، وكل مواطن شريف يحاول أن يعود عن الخطأ ويمارس دوره الوطني من أجل انتصار سوريا». وأضاف: «الأسد لديه شعبية كبيرة، ولديه منافسون أقوياء، وأعد السوريين إن أصبحت رئيساً للبلاد بأن أسير في مشروع المصالحة الوطنية ومشروع الحوار السليم السوري - السوري، ومحاربة الإرهاب للوصول إلى السلام والأمن، والبدء بمشروع إصلاح وطني حقيقي اقتصادي وإداري واجتماعي نحن بأمس الحاجة إليه».

بدوره، وصف الحجار أمس بأنه «يوم مفصلي»، مشددا على أنه ليس مهما من يفوز بقدر أهمية «البرنامج الانتخابي لكل مرشح» ورأى أن «الشعب السوري يقول كلمته ويصوت للدستور مرة ثانية، وللثوابت الوطنية ولوحدة أراضي الدولة السورية وسيادة هذه الدولة على كامل أراضيها».

وشارك الطاقم الحكومي بالاقتراع في مبنى رئاسة مجلس الوزراء، حيث كان لافتا ظهور وزير الخارجية وليد المعلم بعد أشهر من الغياب بسبب وضعه الصحي. وقال المعلم، للتلفزيون السوري: «السوريون يسطّرون مستقبلهم بكل حرية ونزاهة وديموقراطية»، مضيفا: «لا أحد مهم سوى الشعب السوري، ولا أحد يمنح الشرعية إلا الشعب السوري»، مشددا على أن «حلف العدوان على سوريا سيرى أنه باء بالفشل، وأن الطريق أمامه بات مسدودا».

ووصلت طائرات سورية من الكويت والشارقة محملة بمواطنين للمشاركة في عملية الاقتراع في مطار دمشق الدولي. وبعد ظهر أمس أعلنت اللجنة الانتخابية أن عدد المقترعين «كبير جدا وفاق كل التوقعات».

ونشر ناشطون صورا لـ«صندوق انتخابي» قالوا إنهم توجهوا به إلى أحد مستشفيات حلب لمنح المصابين بقذائف الهاون «فرصة للتصويت».

  • فريق ماسة
  • 2014-06-03
  • 5428
  • من الأرشيف

السوريون يقترعون في أول انتخابات رئاسية منذ 50 عاماً

تأمنت أمس كثافة المقترعين للانتخابات الرئاسية في معظم المناطق التي تخضع لسيطرة الدولة، وامتدت العملية الانتخابية حتى منتصف الليل، بعد تمديد مدة الاقتراع خمس ساعات «نتيجة الإقبال الكثيف»، وفق ما أعلنت اللجنة الانتخابية. وانتهى اليوم الانتخابي من دون إعلان رسمي صريح عن عدد المقترعين المتوقع، كما لم يتبين عدد الضحايا المشمولين بقصف قذائف الهاون والصواريخ التي تساقطت بالعشرات على مناطق مختلفة في دمشق وحلب واللاذقية. وشهدت الأجواء السورية، لا سيما في سماء العاصمة، تحليقا مكثفا للطيران الحربي، ألقى، وفقا لمصادر المعارضة، عددا من البراميل المتفجرة والصواريخ على مناطق داريا وجوبر والغوطة الشرقية، التي تعتبر مصدر القصف بقذائف الهاون على أحياء دمشق. لكن رغم ما سبق، يمكن القول إن اليوم الانتخابي المرتقب مر بأقل خسائر ممكنة، بعد تهديد العديد من الفصائل الإسلامية باستهداف المراكز الانتخابية، وهو تهديد تراجعت عنه لاحقا ببيان، ولكن من دون أن تنفذه على ما يبدو، لأن يوم الثلاثاء الانتخابي لم يخلُ من صوت صفير الهاون المتساقط، ولا من انفجاراته خصوصا في دمشق وحلب. وربما ساهمت الإجراءات الأمنية المشددة في التقليل من احتمالات الحوادث الأمنية الأخرى كالتفجيرات الانتحارية. وكان وزير الداخلية السوري محمد الشعار قال، أمس الأول، إن وزارته «اتخذت كل الإجراءات والاستعدادات لإنجاز الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية من خلال توفير مستلزمات العملية الانتخابية، وتأمين ظروف الحماية اللازمة للمواطنين من أجل الوصول إلى المراكز الانتخابية، بالتنسيق مع باقي الجهات في الدولة». وشهدت حركة السير ازدحاما كبيرة على الحواجز، كما منعت حركة الدراجات النارية والهوائية في بعض الأحياء، وحركة السيارات تعرضت للتوقف في أحياء أخرى، وتم تفتيش العربات وفق تعليمات وزارتَي الداخلية والدفاع. إلا أن وقف الهاون كان أكثر صعوبة، رغم استنفار سلاحي الطيران والمدفعية لهذه الغاية. وسقطت القذائف التي تجاوزت ظهر أمس الخمسين قذيفة على قلب دمشق في مناطق المزة والمزرعة والمهاجرين والقصاع وباب توما والعباسيين والبرامكة والسبع بحرات وحي الأمين وأبو رمانة وجرمانا وضاحية الأسد، واستمرت القذائف بالتساقط في المساء من دون إمكانية توثيق أرقام الضحايا، وإن تحدثت وسائل التواصل الاجتماعي عن مقتل ثلاثة مدنيين وجرح العشرات، في مناطق متفرقة. وفي حلب ذكرت مصادر إعلامية موالية مقتل 21 شخصا على الأقل من جراء تساقط القذائف والصواريخ المحلية على المدينة قرب القصر البلدي والجميلية ومستشفى الرازي والإسماعيلية وباب الحديد. وشهدت مدن إدلب واريحا وجسر الشغور والفوعة وكفريا قصفا مشابها بالهاون، من دون أن تتوفر حصيلة واضحة للقتلى والجرحى في عموم تلك المناطق. ووفقا لما ذكره تلفزيون «المنار» فإنه تم اكتشاف سيارة مفخخة تقودها امرأة في محيط مدينة السويداء، التي تشهد إقبالا انتخابيا كثيفا. وبلغ عدد المراكز الانتخابية في مختلف المحافظات السورية، وفقا لوزارة الداخلية، 9601 مركز تحتوي على 11776 صندوقا انتخابيا. ويتسع كل صندوق منها لألف صوت، ولاحقا تم مد مراكز انتخابية عدة بصناديق إضافية، بينها 220 لدمشق و60 لحماه والعشرات لمدن في درعا، قبل أن تعلن اللجنة الانتخابية قرارها تمديد فترة الاقتراع حتى الثانية عشرة ليلا. وشهدت المعابر الحدودية الشرعية بين لبنان وسوريا لا سيما في العبودية والعريضة والبقيعة شمالاً، حركة هادئة مع بدء الانتخابات الرئاسية السورية، في حين أن حركة دخول السوريين إلى لبنان عبر هذه المعابر متوقّفة منذ ليل السبت الماضي بفعل تدابير كانت اتخذتها السلطات السورية. وتمكنت محافظة حمص من وضع ستة صناديق اقتراع، تتسع لستة آلاف صوت، في محيط حي الوعر، في نقاط وصفها محافظ المدينة طلال البرازي بـ«نقاط تماس» بين الطرفين، في الوقت الذي ما زالت فيه «التهدئة سارية المفعول» في الحي الوحيد المتبقي تحت سيطرة المعارضة في المدينة. وشهدت المراكز الانتخابية تجمعات شعبية، تخللتها أجواء احتفالية. وبكى بعض المقترعين أمام شاشات التلفزة. وقال عجوز باكيا بعد الإدلاء بصوته في أحد مراكز الاقتراع في حلب إنه يبكي لما أصاب البلاد، مشيرا إلى قذائف الهاون التي تسقط في شوارع المدينة، فيما دمعت عينا مفتي الجمهورية أحمد حسون وهو يدلي بصوته في حي المالكي بدمشق. واقترع الرئيس السوري بشار الأسد برفقة زوجته اسماء في حي المالكي، فيما صوت المرشحان الرئاسيان حسان النوري في فندق الشيراتون، وماهر الحجار في مجلس الشعب. وقدم الأسد وزوجته هويتيهما الشخصيتين لمدير المركز الانتخابي الذي سجل بياناتهما وطلب توقيعهما عليها، قبل أن يستلما بطاقة الاقتراع ويصوتان في الغرفة السرية الموجودة في المركز. وخرجا بعد إجراء أحاديث مع المواطنين المتجمعين في المركز، لكن دون تصريحات إعلامية. من جهته قال النوري، بعد اقتراعه، إنه يعد نفسه «ممثلاً للمعارضة الوطنية الداخلية، التي تقدم لوناً مختلفاً وطنياً بامتياز وتسهم في بناء الوطن الذي يحتاج لكل أبناء شعبه»، مبيناً أنه لا يوجد تنسيق مباشر بينه وبين المعارضين في الخارج، وانه «يدعم الشكل الجديد لبعض المعارضين في الخارج، وكل مواطن شريف يحاول أن يعود عن الخطأ ويمارس دوره الوطني من أجل انتصار سوريا». وأضاف: «الأسد لديه شعبية كبيرة، ولديه منافسون أقوياء، وأعد السوريين إن أصبحت رئيساً للبلاد بأن أسير في مشروع المصالحة الوطنية ومشروع الحوار السليم السوري - السوري، ومحاربة الإرهاب للوصول إلى السلام والأمن، والبدء بمشروع إصلاح وطني حقيقي اقتصادي وإداري واجتماعي نحن بأمس الحاجة إليه». بدوره، وصف الحجار أمس بأنه «يوم مفصلي»، مشددا على أنه ليس مهما من يفوز بقدر أهمية «البرنامج الانتخابي لكل مرشح» ورأى أن «الشعب السوري يقول كلمته ويصوت للدستور مرة ثانية، وللثوابت الوطنية ولوحدة أراضي الدولة السورية وسيادة هذه الدولة على كامل أراضيها». وشارك الطاقم الحكومي بالاقتراع في مبنى رئاسة مجلس الوزراء، حيث كان لافتا ظهور وزير الخارجية وليد المعلم بعد أشهر من الغياب بسبب وضعه الصحي. وقال المعلم، للتلفزيون السوري: «السوريون يسطّرون مستقبلهم بكل حرية ونزاهة وديموقراطية»، مضيفا: «لا أحد مهم سوى الشعب السوري، ولا أحد يمنح الشرعية إلا الشعب السوري»، مشددا على أن «حلف العدوان على سوريا سيرى أنه باء بالفشل، وأن الطريق أمامه بات مسدودا». ووصلت طائرات سورية من الكويت والشارقة محملة بمواطنين للمشاركة في عملية الاقتراع في مطار دمشق الدولي. وبعد ظهر أمس أعلنت اللجنة الانتخابية أن عدد المقترعين «كبير جدا وفاق كل التوقعات». ونشر ناشطون صورا لـ«صندوق انتخابي» قالوا إنهم توجهوا به إلى أحد مستشفيات حلب لمنح المصابين بقذائف الهاون «فرصة للتصويت».

المصدر : زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة