دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
زحف بشري سوري الى السفارة في لبنان للمشاركة في يوم الانتخابات الرئاسية خلط الحسابات بكل اتجاه. تجزم المعلومات أن دمشق تفاجأت فعلاً بحجم "التسونامي" الذي فاق التوقعات. كان سفيرها في بيروت علي عبدالكريم علي أطلع وزارة الخارجية في بلاده على معطيات تفيد ان المشاركة ستكون كبيرة. لكن علي نفسه لم يكن يتوقع مشهد الأربعاء. كانت تأتيه الاتصالات من دمشق تباعاً تسأل عن النسبة، يرد: لا قدرة لدينا على احصاء المشاركين، انا في حالة ذهول لقد كسروا البوابة الخارجية للسفارة للتهافت نحو صناديق الاقتراع.
رصدت دمشق شاشات التلفزة اللبنانية تنقل مباشرة مشاهد الطريق الدولية المقفلة نحو اليرزة. كانت تستمع الى استياء قوى " اذار". لن يزعج القيادة السورية تشبيه الوزير الكتائبي سجعان قزي حشود السوريين بقوات "الردع" ولا المطالبة بطرد الموالين السوريين من لبنان. ردة فعل " آذار" زادت من مكاسب دمشق.
حققت القيادة السورية اهدافا عدة بيوم واحد: قالت للعالم عبر الساحة اللبنانية ان الأكثرية الشعبية السورية تؤيد النظام، وشجعت السوريين في الداخل على الإقبال في 3 حزيران، وقلبت الحسابات التي راهنت على ضعف المشاركة كما حصل في مصر. لم تكن في أولويات دمشق رسائل بإتجاه لبنان. لكنها اتت بشكل طبيعي. المهم بالنسبة اليها ان يرصد العالم حجم المتغيرات السورية بالاضافة الى تطورات الميدان. تدرك القيادة السورية جيدا ان مشهد لبنان منتج، نسبة الى قدرته الإعلامية لإيصال الصورة الى أوسع بقعة انتشار عالمي، وهذا ما حصل فعلا يوم الثلاثاء.
المؤشرات تعددت من خلال حجم المشاركة. اتضح ان المقترعين ينتمون الى كل المساحة السورية، لهجاتهم تنوعت بين الحلبية والدرعاوية والديرية. لفتت مشاركة أبناء الرقة والحسكة بكثافة وهي مناطق تصنف عند خصوم دمشق في خانة المعارضة. ما يعني اما حصول تبدل في المشهد السوري في الأشهر الماضية او رهان خاطئ طيلة عمر الازمة. خصوصا ان المشاركين هتفوا للجيش السوري ولرئيسهم بشار الأسد فربطوا خيارهم السياسي بالتطور الميداني على الارض.
لا يبدو حنين هؤلاء الى الامن والاستقرار في بلادهم بعيدا عن اسباب اندفاعهم نحو صندوق الاقتراع، هم يعلمون ان الاسد سيُنتخب رئيسا سواء شاركوا بكثافة ام لم يشاركوا. رمزية الحضور كانت ادلّ، علما ان تغيب اي احد منهم عن الحضور الى السفارة لن يثير اي انتباه، ما يسقط فرضية الهواجس جراء عدم المشاركة.
ستتنبه العواصم الغربية الى ان الرهان على النازحين السوريين ضد الاسد لم يكن في مكانه. سيدرك اللبنانيون المعارضون لسوريا عدم صحة حساباتهم المبنية على ان كل عامل سوري في لبنان معارض للنظام. وبالتالي يستوجب الامر اعادة قراءة واقعية، لان اي طرح او حل للنازحين سيكون مع القيادة السورية اولا.
اول الخاسرين هم المعارضون السوريون الذين استوهموا ان النازحين او المقيمين في الخارج مؤيدون للمعارضة. لا قدرة للائتلاف على تحريك عشرة آلاف سوري في كل دول الانتشار بينما تحرك نحو السفارة في لبنان عشرات الآلاف في يوم واحد. فماذا سيقول المعارضون؟ هل يستطيعون نزع الشرعية عن الاسد؟
ما بين انجازات الجيش السوري في الأرياف والمصالحات التي تتوسع وقلق السوريين من ممارسات المتطرفين والحنين الى الاستقرار وضعف المعارضة رابط أدى الى المشاركة الكثيفة في الانتخابات الرئاسية السورية. توافد أبناء مناطق النزاع المتواجدين في لبنان او الأردن دل على معادلة: لو أتيحت الفرصة للانتخابات في ريف حلب ودير الزور والرقة والحسكة ستكون المشاركة حاشدة. انها الحقيقة السورية بعد اكثر من سنوات من الازمة. متى الاعتراف؟
المصدر :
النشرة /عباس ضاهر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة