يمهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، الطريق لتولي خلفه المشير عبد الفتاح السيسي كرسي الرئاسة بلا مشكلات. فهو حتى ظهور النتائج رسمياً، ينتظر انتهاء مشروعي قانوني البرلمان ومباشرة الحقوق السياسية ليصدرهما ويصدّق عليهما قبل مغادرة القصر، فيما بدأت الحكومة إجراءات فرض الضرائب الجديدة استباقاً لوصول المشير، حتى لا تسبب إحراجاً له مع عدة فئات.

منذ عزل محمد مرسي عن كرسي الرئاسة، تعاملت السلطات الانتقالية وفق مبدأ «بيدي حتى لا تكون بيد السيسي» استعداداً لتسليم مقاليد الحكم إلى المرشح الفائز. فالرجل الذي حصد 97% من أصوات الناخبين وفقاً للنتائج غير الرسمية، لا يرغب في أن يكون سبباً لغضب الأحزاب أو القوى الشبابية ورجال الأعمال، بل يريد التأني قبل دخول قصر الاتحادية بصفة الرئيس للمرة الأولى.

ويتجه السيسي وفقاً لمعلومات حصلت عليها «الأخبار» من عدة مصادر إلى تأجيل تسلم مقاليد الحكم من الرئيس المؤقت عدة أيام بعد إعلان النتيجة الرسمية عبر اللجنة العليا للانتخابات في موعد أقصاه الخميس المقبل وفقاً للقانون، وذلك لأنه لا يرغب بشخصه في إصدار قانوني البرلمان ومباشرة الحقوق السياسية اللذين أوشكا على الانتهاء، ويفترض أن تعقد بناءً عليهما إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة التي تبدأ قبل بداية آب المقبل وفقاً للدستور. هذان القانونان تعدهما لجنة خاصة يترأسها وزير العدالة الانتقالي المستشار محمد أمين المهدي، وتضم في عضويتها المستشار الدستوري لرئيس الجمهورية علي صالح، وتُنهي اللجنة مدة الحوار المجتمعي ونقاشات الأحزاب الخميس المقبل، حتى تكون قوانينها آخر ما يصدره منصور بصفته رئيساً للجمهورية، ثم عليه أن يرحل عن كرسي الرئاسة بعد أن قضى فيه نحو عام.

وأرسلت اللجنة مساء أول من أمس المشروعين إلى قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة لمراجعة الصياغة المبدئية، والتأكد من أن القوانين لا توجد فيها شبهة «عدم دستورية»، وذلك لاختصار الوقت، مع الاحتفاظ بحق اللجنة في إدخال أي تعديلات تراها مناسبة خلال مدة الحوار المجتمعي، علماً أن هذا وفّر أسبوعاً إضافياً عليها. كذلك أجرت عدة تعديلات قبل إرسال القانونين استجابة لمطالب الأحزاب، ومن بينها خفض الإنفاق الدعائي في الجولة الأولى من الانتخابات للمقاعد الفردية والإنفاق الدعائي بالإعادة، وذلك لتحقيق تكافؤ الفرص بين المرشحين وتشجيع الشباب على خوض الانتخابات.

إرضاء المشير لم يتوقف عند حدود ما يفعله منصور، لكنه شمل رئيس الورزاء إبراهيم محلب الذي أصدر عدة قرارات خلال المدة الماضية، من بينها خفض المخصصات للدعم بالميزانية الجديدة، وإصدار قرار بمنع توصيل المرافق للبناء على الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى فرض ضريبة بنسبة 10% على صافي الأرباح الرأسمالية التي يحققها الأشخاص الطبيعيون في نهاية السنة الضريبية ضمن الدفعة الأولى من الإصلاحات الضريبية على الدخل.

في ملخص الصورة، أصبحت الرئاسة تستعد لاستقبال السيسي بعد إنهاء ترتيبات قد يمكن أن تؤدي إلى إحراجه، كذلك جرت تحريات أمنية بحق صحافيي الرئاسة وأجرتها جهات سيادية استبعدت عدداً من الإعلاميين بعدما طلبت منهم ملء بطاقات تعريف ذاتية فيها أسماء أقربائهم حتى الدرجة الثانية وطبيعة عملهم. كذلك جاء الاستبعاد بحق صحافيين يعملون في صحف مصرية وآخرين لمصلحة وكالات أجنبية، علماً بأن الاستبعاد لم يكن لأنهم متعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة طبقاً لقرار حكومي، بل لوجود من لهم ميول إسلامية في قرابتهم.

وسيؤدي السيسي اليمين الدستورية أمام هيئة المحكمة الدستورية نتيجة غياب البرلمان، وهو المكان نفسه الذي أدى فيه الرئيسان محمد مرسي وعدلي منصور اليمين سابقاً، فيما ستكون يمين السيسي أمام النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية ورئيس لجنة الانتخابات المستشار أنور العاصي، وفقاً للقانون، باعتبار أنه القائم بأعمال رئيس المحكمة حالياً. ولم يتحدد على وجه الدقة الموعد الذي سيدخل فيه المشير قصر الاتحادية عقب أداء اليمين، لكن مصادر قالت لـ«الأخبار» إن لقاءً رسمياً سيجمع منصور والسيسي بعد إعلان النتيجة للاتفاق على موعد تسلم السلطة، على أن يكون قبل 14 حزيران المقبل، مشيرة إلى أن المشير لا يرغب في أجواء احتفالية على غرار ما حدث مع مرسي عام 2012، «بل سيكتفي بحفل سيقام في قاعة الاحتفالات داخل المحكمة الدستورية المواجهة لمستشفى المعادي العسكري، وهو المستشفى الذي يقضي فيه الرئيس الأسبق حسني مبارك سجنه».

في المقابل (الأناضول)، أقر المرشح الرئاسي حمدين صباحي بخسارته في الانتخابات، معلناً رفضه النتائج المذكورة لجهة نسبة المشاركة والفائز، لأنها في رأيه «إهانة لذكاء المصريين». وقال: «لا نستطيع أن نعطي أي صدقية للأرقام المعلنة عن نسبة المشاركة ونتائج التصويت، لكننا في كل الأحوال خسرنا الانتخابات وكسبنا احترام أنفسنا، ونحن على يقين بأننا سننتصر في النهاية لهذا الشعب ومطالبه».

واتهم صباحي بعض أجهزة الأمن وأصحاب رأس المال بـ«إفساد» الانتخابات، مستدركاً: «كان هناك مشهد ديموقراطي، لكن شابته عيوب كثيرة». ولفت في الوقت نفسه إلى أن سحب مندوبيه من لجان الانتخابات كان حرصاً على سلامتهم، «لكن رفضي الانسحاب كان حرصاً على سلامة الوطن». كذلك أكد المرشح الخاسر أنه لن يقبل أي منصب في السلطة، ولن يكون شريكاً في السلطة التنفيذية، معلناً أنه سيعمل «على تنفيذ برنامجه السياسي نفسه من موقع المعارضة عبر بناء تيار ديموقراطي جديد».

في الإطار، أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات ماريو دافيد أن «الانتخابات الرئاسية المصرية جرت في بيئة متلائمة مع القانون، رغم تجاوزات لبعض الالتزامات الدستورية».
  • فريق ماسة
  • 2014-05-29
  • 8618
  • من الأرشيف

المشير يتمهل دخول قصر الرئاسة...منصور يمهد نهاية الطريق بإقرار «قوانين محرجة»

يمهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، الطريق لتولي خلفه المشير عبد الفتاح السيسي كرسي الرئاسة بلا مشكلات. فهو حتى ظهور النتائج رسمياً، ينتظر انتهاء مشروعي قانوني البرلمان ومباشرة الحقوق السياسية ليصدرهما ويصدّق عليهما قبل مغادرة القصر، فيما بدأت الحكومة إجراءات فرض الضرائب الجديدة استباقاً لوصول المشير، حتى لا تسبب إحراجاً له مع عدة فئات. منذ عزل محمد مرسي عن كرسي الرئاسة، تعاملت السلطات الانتقالية وفق مبدأ «بيدي حتى لا تكون بيد السيسي» استعداداً لتسليم مقاليد الحكم إلى المرشح الفائز. فالرجل الذي حصد 97% من أصوات الناخبين وفقاً للنتائج غير الرسمية، لا يرغب في أن يكون سبباً لغضب الأحزاب أو القوى الشبابية ورجال الأعمال، بل يريد التأني قبل دخول قصر الاتحادية بصفة الرئيس للمرة الأولى. ويتجه السيسي وفقاً لمعلومات حصلت عليها «الأخبار» من عدة مصادر إلى تأجيل تسلم مقاليد الحكم من الرئيس المؤقت عدة أيام بعد إعلان النتيجة الرسمية عبر اللجنة العليا للانتخابات في موعد أقصاه الخميس المقبل وفقاً للقانون، وذلك لأنه لا يرغب بشخصه في إصدار قانوني البرلمان ومباشرة الحقوق السياسية اللذين أوشكا على الانتهاء، ويفترض أن تعقد بناءً عليهما إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة التي تبدأ قبل بداية آب المقبل وفقاً للدستور. هذان القانونان تعدهما لجنة خاصة يترأسها وزير العدالة الانتقالي المستشار محمد أمين المهدي، وتضم في عضويتها المستشار الدستوري لرئيس الجمهورية علي صالح، وتُنهي اللجنة مدة الحوار المجتمعي ونقاشات الأحزاب الخميس المقبل، حتى تكون قوانينها آخر ما يصدره منصور بصفته رئيساً للجمهورية، ثم عليه أن يرحل عن كرسي الرئاسة بعد أن قضى فيه نحو عام. وأرسلت اللجنة مساء أول من أمس المشروعين إلى قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة لمراجعة الصياغة المبدئية، والتأكد من أن القوانين لا توجد فيها شبهة «عدم دستورية»، وذلك لاختصار الوقت، مع الاحتفاظ بحق اللجنة في إدخال أي تعديلات تراها مناسبة خلال مدة الحوار المجتمعي، علماً أن هذا وفّر أسبوعاً إضافياً عليها. كذلك أجرت عدة تعديلات قبل إرسال القانونين استجابة لمطالب الأحزاب، ومن بينها خفض الإنفاق الدعائي في الجولة الأولى من الانتخابات للمقاعد الفردية والإنفاق الدعائي بالإعادة، وذلك لتحقيق تكافؤ الفرص بين المرشحين وتشجيع الشباب على خوض الانتخابات. إرضاء المشير لم يتوقف عند حدود ما يفعله منصور، لكنه شمل رئيس الورزاء إبراهيم محلب الذي أصدر عدة قرارات خلال المدة الماضية، من بينها خفض المخصصات للدعم بالميزانية الجديدة، وإصدار قرار بمنع توصيل المرافق للبناء على الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى فرض ضريبة بنسبة 10% على صافي الأرباح الرأسمالية التي يحققها الأشخاص الطبيعيون في نهاية السنة الضريبية ضمن الدفعة الأولى من الإصلاحات الضريبية على الدخل. في ملخص الصورة، أصبحت الرئاسة تستعد لاستقبال السيسي بعد إنهاء ترتيبات قد يمكن أن تؤدي إلى إحراجه، كذلك جرت تحريات أمنية بحق صحافيي الرئاسة وأجرتها جهات سيادية استبعدت عدداً من الإعلاميين بعدما طلبت منهم ملء بطاقات تعريف ذاتية فيها أسماء أقربائهم حتى الدرجة الثانية وطبيعة عملهم. كذلك جاء الاستبعاد بحق صحافيين يعملون في صحف مصرية وآخرين لمصلحة وكالات أجنبية، علماً بأن الاستبعاد لم يكن لأنهم متعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة طبقاً لقرار حكومي، بل لوجود من لهم ميول إسلامية في قرابتهم. وسيؤدي السيسي اليمين الدستورية أمام هيئة المحكمة الدستورية نتيجة غياب البرلمان، وهو المكان نفسه الذي أدى فيه الرئيسان محمد مرسي وعدلي منصور اليمين سابقاً، فيما ستكون يمين السيسي أمام النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية ورئيس لجنة الانتخابات المستشار أنور العاصي، وفقاً للقانون، باعتبار أنه القائم بأعمال رئيس المحكمة حالياً. ولم يتحدد على وجه الدقة الموعد الذي سيدخل فيه المشير قصر الاتحادية عقب أداء اليمين، لكن مصادر قالت لـ«الأخبار» إن لقاءً رسمياً سيجمع منصور والسيسي بعد إعلان النتيجة للاتفاق على موعد تسلم السلطة، على أن يكون قبل 14 حزيران المقبل، مشيرة إلى أن المشير لا يرغب في أجواء احتفالية على غرار ما حدث مع مرسي عام 2012، «بل سيكتفي بحفل سيقام في قاعة الاحتفالات داخل المحكمة الدستورية المواجهة لمستشفى المعادي العسكري، وهو المستشفى الذي يقضي فيه الرئيس الأسبق حسني مبارك سجنه». في المقابل (الأناضول)، أقر المرشح الرئاسي حمدين صباحي بخسارته في الانتخابات، معلناً رفضه النتائج المذكورة لجهة نسبة المشاركة والفائز، لأنها في رأيه «إهانة لذكاء المصريين». وقال: «لا نستطيع أن نعطي أي صدقية للأرقام المعلنة عن نسبة المشاركة ونتائج التصويت، لكننا في كل الأحوال خسرنا الانتخابات وكسبنا احترام أنفسنا، ونحن على يقين بأننا سننتصر في النهاية لهذا الشعب ومطالبه». واتهم صباحي بعض أجهزة الأمن وأصحاب رأس المال بـ«إفساد» الانتخابات، مستدركاً: «كان هناك مشهد ديموقراطي، لكن شابته عيوب كثيرة». ولفت في الوقت نفسه إلى أن سحب مندوبيه من لجان الانتخابات كان حرصاً على سلامتهم، «لكن رفضي الانسحاب كان حرصاً على سلامة الوطن». كذلك أكد المرشح الخاسر أنه لن يقبل أي منصب في السلطة، ولن يكون شريكاً في السلطة التنفيذية، معلناً أنه سيعمل «على تنفيذ برنامجه السياسي نفسه من موقع المعارضة عبر بناء تيار ديموقراطي جديد». في الإطار، أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات ماريو دافيد أن «الانتخابات الرئاسية المصرية جرت في بيئة متلائمة مع القانون، رغم تجاوزات لبعض الالتزامات الدستورية».

المصدر : الأخبار/ أحمد جمال الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة