بدأت الأجهزة الأمنية الغربية دراسة خطة استباقية لمواجهة تقدم الجيش السوري في الشمال، بعد استعادته سجن حلب المركزي.

وقالت مصادر عربية في باريس، لـ"السفير"، إن اجتماعاً مركزياً لمسؤولي الاستخبارات الفرنسية والأميركية والبريطانية والسعودية والقطرية سيعقد مطلع الأسبوع المقبل في مدينة إنطاكيا، لدراسة خيارات الرد على تقدم الجيش السوري في الشمال، من فتح جبهات جديدة لتأخير تقدمه في أحياء حلب الشرقية، أو التسريع ببناء خط دفاع جديد في الريف الحلبي، ورفع مستوى التسليح لمساعدة الجماعات "الجهادية" على احتواء هجمات الجيش السوري في الشمال.

وكان الاجتماع العسكري - الأمني مقرراً نهاية الأسبوع المقبل، لمتابعة دراسة إعادة الهيكلة الجارية داخل المعارضة السورية المسلحة، وتنظيم صفوف من وقعوا الأسبوع الماضي من الفصائل "الجهادية" على "ميثاق الشرف الثوري"، بحضور ممثلين عنها يتابعون منذ العام الماضي التنسيق مع غرفة عمليات إنطاكيا الأمنية والعسكرية.

وكان القطريون نجحوا، في أيلول الماضي، بضم قيادة "أحرار الشام" إلى غرفة عمليات إنطاكيا، وممثلين عن "الجبهة الإسلامية" و"جبهة ثوار سوريا"، في اجتماع عقد في أنقرة، حضره وزير الخارجية القطري خالد العطية والسفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد، وبقية سفراء الدول في "النواة الصلبة لأصدقاء سوريا"، باستثناء مصر.

ويثير استرداد الجيش السوري لموقع السجن المركزي في حلب، مخاوف كبيرة في الأوساط الأمنية والعسكرية، الغربية والتركية والخليجية، من أن يؤدي إلى ضرب عملية توحيد الجماعات "الجهادية" في الشمال السوري، قبل أن يكتمل إنشاء "أركان" حقيقية بين هذه المجموعات لتفعيل الحرب في الشمال ضد الجيش السوري، الذي يتجه للسيطرة على ممر الإمداد الأخير للجماعات المقاتلة في شرق حلب، مع الريف الحلبي وتركيا. ومن المتوقع أن يكتمل الطوق الذي بدأ الجيش السوري يعمل على فرضه منذ عام تقريباً، على معاقل المعارضة في حلب الشرقية، بعد أن استعاد جزءاً واسعاً من الريف الشرقي، ويقف على تخوم الريف الشمالي في حيان وحريتان.

وإذا ما نجح قائد العمليات في حلب العقيد سهيل حسن بالاستفادة من ديناميكية الهجوم في المسلمية المحيطة بسجن حلب، وقطع طريق الكاستيلو الذي ما يزال رابط الأحياء الشرقية الأخير، بطرق الإمداد مع تركيا، فستواجه المعارضة المسلحة سيناريو مشابهاً لما انتهت إليه حمص، من حصار أفضى إلى تسوية أخرجت المسلحين من المدينة القديمة، بعد إنهاكهم بحصار طويل، تجنباً لخسائر كبيرة يفرضها أي هجوم واسع في شوارع حمص القديمة.

وكانت العمليات العسكرية في الشمال السوري أفضت إلى تجفيف البيئة الحاضنة للمعارضة السورية المسلحة التي نزح أبناؤها بالآلاف إلى اللاذقية وأريافها، وتركيا القريبة ومخيمات لواء الاسكندرون. وهو نزوح تفاقم مع الاقتتال الداخلي الذي تشهده منذ أكثر من ستة أشهر، بين جماعات "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" من جهة وبين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وقد يتفاقم في الأسابيع المقبلة، إذا ما نجح "داعش" في استكمال السيطرة على دير الزور، ونقل المعركة إلى الريف الحلبي، كما يهدد "أميرها" في المنطقة أبو محمد العدناني، واضعاً خصومه من الجماعات "الجهادية" بين فكي كماشة، طرفها الآخر الجيش السوري.

وبينت المعارك حول سجن حلب المركزي، وتطهير الحزام الريفي حول حلب الشرقية، قدرة الجيش السوري على التقدم بسرعة في الريف الحلبي، وهي قدرة ستتضاعف إذا ما تواصل تجريد البيئة الحاضنة من سكانها، وتحويلها إلى منطقة اشتباك، تسمح للجيش السوري باستخدام مزاياه العسكرية، التي تؤمن له تفوقاً كبيراً من كثافة النيران، في مناطق تقل فيه الكتل الإسمنتية، كما في حلب الشرقية.

ويقول مصدر سوري معارض في باريس إن اجتماع أجهزة الاستخبارات في إنطاكيا، سيدرس احتمال فتح جبهة جديدة ضد الجيش السوري، لإشغاله في الشمال، ومنعه من التقدم في الأحياء الشرقية، أو إغلاق طرق الإمداد مع معاقل المعارضة فيها.

ويقول المصدر إن خيارات فتح جبهة جديدة تصطدم برفض الأردنيين أي محاولة لإشعال الجبهة الجنوبية في حوران والجولان، لا يمكن استيعاب ارتداداتها مع توسع "النصرة" في المنطقة، واستنفار الجيش السوري جزءاً كبيراً من الفرق المدرعة لاستعادة نوى والتلال المحيطة بها، وصولا إلى إغلاق منطقة الفصل في الجولان المحتل، التي تتحرك فيها فصائل المعارضة.

ومن دون مبادرة تركية جديدة في الشمال السوري فإنه لا توجد خيارات كبيرة أمام المعارضة المسلحة، لا سيما بعد فشل عملية اختراق ريف اللاذقية من كسب، وتشتت "غرفة عمليات أهل الشام"، التي قادتها الاستخبارات التركية طيلة ثلاثة أسابيع في غرب حلب ضد مقر الاستخبارات الجوية في حي الزهراء، وثغرة إمداد الجيش في جنوب المدينة نحو مطار النيرب وخناصر.

وتقول مصادر المعارضة السورية إن الأتراك يريدون تدعيم خط دفاع قوي في الريف الحلبي، استعداداً لحصار طويل لمعاقل المسلحين في حلب الشرقية، ومنعاً لتقدم الجيش السوري نحو المناطق المحاذية مع تركيا. ويقول المصدر إن فكرة إنشاء منطقة حظر جوي في الشمال السوري تعود إلى الطاولة، وقد حاول الأتراك طرحها مجدداً في اجتماع مجموعة "أصدقاء سوريا" في لندن الأسبوع الماضي، قبل أن يدخل الجيش السوري السجن المركزي، وقد يعودون إلى طرح هذا الخيار في اجتماع إنطاكيا الأمني الأسبوع المقبل.

وتواجه المعارضة السورية أسابيع من الخيارات الصعبة، إذا ما تراجعت قدرتها عن حماية موقعها الحلبي، بعد خسارة "عاصمتها" في حمص. ولا يوجد ما يشجع على التفاؤل مع خفض أصدقائهم الأشد حماسة، كالفرنسيين والأميركيين، سقف المساعدات والتوقعات.

ويقول مصدر من الوفد "الائتلافي"، الذي التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء الماضي، إن الرئيس الفرنسي فوجئ بموقف "الائتلافيين"، الذين ابلغوه أن الهدف المقبل والقريب لم يعد إسقاط النظام السوري، ولكن تحسين شروط التفاوض معه، عبر تحسين ميزان القوى.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال للوفد "الائتلافي" برئاسة احمد الجربا إن أسباب تقدم الجيش السوري، ليست الدعم الروسي والإيراني كما يقولون، ولكن التفاف الضباط والجنود السنة حول قيادتهم العسكرية.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-23
  • 12170
  • من الأرشيف

استنفار في "غرفة عمليات انطاكيا": خطة لمنع تقدم الجيش السوري في حلب

بدأت الأجهزة الأمنية الغربية دراسة خطة استباقية لمواجهة تقدم الجيش السوري في الشمال، بعد استعادته سجن حلب المركزي. وقالت مصادر عربية في باريس، لـ"السفير"، إن اجتماعاً مركزياً لمسؤولي الاستخبارات الفرنسية والأميركية والبريطانية والسعودية والقطرية سيعقد مطلع الأسبوع المقبل في مدينة إنطاكيا، لدراسة خيارات الرد على تقدم الجيش السوري في الشمال، من فتح جبهات جديدة لتأخير تقدمه في أحياء حلب الشرقية، أو التسريع ببناء خط دفاع جديد في الريف الحلبي، ورفع مستوى التسليح لمساعدة الجماعات "الجهادية" على احتواء هجمات الجيش السوري في الشمال. وكان الاجتماع العسكري - الأمني مقرراً نهاية الأسبوع المقبل، لمتابعة دراسة إعادة الهيكلة الجارية داخل المعارضة السورية المسلحة، وتنظيم صفوف من وقعوا الأسبوع الماضي من الفصائل "الجهادية" على "ميثاق الشرف الثوري"، بحضور ممثلين عنها يتابعون منذ العام الماضي التنسيق مع غرفة عمليات إنطاكيا الأمنية والعسكرية. وكان القطريون نجحوا، في أيلول الماضي، بضم قيادة "أحرار الشام" إلى غرفة عمليات إنطاكيا، وممثلين عن "الجبهة الإسلامية" و"جبهة ثوار سوريا"، في اجتماع عقد في أنقرة، حضره وزير الخارجية القطري خالد العطية والسفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد، وبقية سفراء الدول في "النواة الصلبة لأصدقاء سوريا"، باستثناء مصر. ويثير استرداد الجيش السوري لموقع السجن المركزي في حلب، مخاوف كبيرة في الأوساط الأمنية والعسكرية، الغربية والتركية والخليجية، من أن يؤدي إلى ضرب عملية توحيد الجماعات "الجهادية" في الشمال السوري، قبل أن يكتمل إنشاء "أركان" حقيقية بين هذه المجموعات لتفعيل الحرب في الشمال ضد الجيش السوري، الذي يتجه للسيطرة على ممر الإمداد الأخير للجماعات المقاتلة في شرق حلب، مع الريف الحلبي وتركيا. ومن المتوقع أن يكتمل الطوق الذي بدأ الجيش السوري يعمل على فرضه منذ عام تقريباً، على معاقل المعارضة في حلب الشرقية، بعد أن استعاد جزءاً واسعاً من الريف الشرقي، ويقف على تخوم الريف الشمالي في حيان وحريتان. وإذا ما نجح قائد العمليات في حلب العقيد سهيل حسن بالاستفادة من ديناميكية الهجوم في المسلمية المحيطة بسجن حلب، وقطع طريق الكاستيلو الذي ما يزال رابط الأحياء الشرقية الأخير، بطرق الإمداد مع تركيا، فستواجه المعارضة المسلحة سيناريو مشابهاً لما انتهت إليه حمص، من حصار أفضى إلى تسوية أخرجت المسلحين من المدينة القديمة، بعد إنهاكهم بحصار طويل، تجنباً لخسائر كبيرة يفرضها أي هجوم واسع في شوارع حمص القديمة. وكانت العمليات العسكرية في الشمال السوري أفضت إلى تجفيف البيئة الحاضنة للمعارضة السورية المسلحة التي نزح أبناؤها بالآلاف إلى اللاذقية وأريافها، وتركيا القريبة ومخيمات لواء الاسكندرون. وهو نزوح تفاقم مع الاقتتال الداخلي الذي تشهده منذ أكثر من ستة أشهر، بين جماعات "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" من جهة وبين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وقد يتفاقم في الأسابيع المقبلة، إذا ما نجح "داعش" في استكمال السيطرة على دير الزور، ونقل المعركة إلى الريف الحلبي، كما يهدد "أميرها" في المنطقة أبو محمد العدناني، واضعاً خصومه من الجماعات "الجهادية" بين فكي كماشة، طرفها الآخر الجيش السوري. وبينت المعارك حول سجن حلب المركزي، وتطهير الحزام الريفي حول حلب الشرقية، قدرة الجيش السوري على التقدم بسرعة في الريف الحلبي، وهي قدرة ستتضاعف إذا ما تواصل تجريد البيئة الحاضنة من سكانها، وتحويلها إلى منطقة اشتباك، تسمح للجيش السوري باستخدام مزاياه العسكرية، التي تؤمن له تفوقاً كبيراً من كثافة النيران، في مناطق تقل فيه الكتل الإسمنتية، كما في حلب الشرقية. ويقول مصدر سوري معارض في باريس إن اجتماع أجهزة الاستخبارات في إنطاكيا، سيدرس احتمال فتح جبهة جديدة ضد الجيش السوري، لإشغاله في الشمال، ومنعه من التقدم في الأحياء الشرقية، أو إغلاق طرق الإمداد مع معاقل المعارضة فيها. ويقول المصدر إن خيارات فتح جبهة جديدة تصطدم برفض الأردنيين أي محاولة لإشعال الجبهة الجنوبية في حوران والجولان، لا يمكن استيعاب ارتداداتها مع توسع "النصرة" في المنطقة، واستنفار الجيش السوري جزءاً كبيراً من الفرق المدرعة لاستعادة نوى والتلال المحيطة بها، وصولا إلى إغلاق منطقة الفصل في الجولان المحتل، التي تتحرك فيها فصائل المعارضة. ومن دون مبادرة تركية جديدة في الشمال السوري فإنه لا توجد خيارات كبيرة أمام المعارضة المسلحة، لا سيما بعد فشل عملية اختراق ريف اللاذقية من كسب، وتشتت "غرفة عمليات أهل الشام"، التي قادتها الاستخبارات التركية طيلة ثلاثة أسابيع في غرب حلب ضد مقر الاستخبارات الجوية في حي الزهراء، وثغرة إمداد الجيش في جنوب المدينة نحو مطار النيرب وخناصر. وتقول مصادر المعارضة السورية إن الأتراك يريدون تدعيم خط دفاع قوي في الريف الحلبي، استعداداً لحصار طويل لمعاقل المسلحين في حلب الشرقية، ومنعاً لتقدم الجيش السوري نحو المناطق المحاذية مع تركيا. ويقول المصدر إن فكرة إنشاء منطقة حظر جوي في الشمال السوري تعود إلى الطاولة، وقد حاول الأتراك طرحها مجدداً في اجتماع مجموعة "أصدقاء سوريا" في لندن الأسبوع الماضي، قبل أن يدخل الجيش السوري السجن المركزي، وقد يعودون إلى طرح هذا الخيار في اجتماع إنطاكيا الأمني الأسبوع المقبل. وتواجه المعارضة السورية أسابيع من الخيارات الصعبة، إذا ما تراجعت قدرتها عن حماية موقعها الحلبي، بعد خسارة "عاصمتها" في حمص. ولا يوجد ما يشجع على التفاؤل مع خفض أصدقائهم الأشد حماسة، كالفرنسيين والأميركيين، سقف المساعدات والتوقعات. ويقول مصدر من الوفد "الائتلافي"، الذي التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء الماضي، إن الرئيس الفرنسي فوجئ بموقف "الائتلافيين"، الذين ابلغوه أن الهدف المقبل والقريب لم يعد إسقاط النظام السوري، ولكن تحسين شروط التفاوض معه، عبر تحسين ميزان القوى. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال للوفد "الائتلافي" برئاسة احمد الجربا إن أسباب تقدم الجيش السوري، ليست الدعم الروسي والإيراني كما يقولون، ولكن التفاف الضباط والجنود السنة حول قيادتهم العسكرية.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة