تحوّلت إسرائيل في العام الأخير إلى شريك أساسي للمعارضة المسلحة في القنيطرة والجنوب السوري بشكل عام. قبل أيام، بدأ الجيش السوري عمليّة في قلب الجنوب، على سلّم أهدافها عزل التأثير الإسرائيلي عن درعا

لا يزال الهجوم الذي شنّه الجيش السوري قبل أيام على مناطق الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سوريا، في أوجه. خلال الأيام الماضية، أطبق الجيش سيطرته على الجهات الجنوبية الشرقية والغربية والشمالية لمدينة نوى، وأحدث اختراقاً من الجهة الغربية، كذلك جمع حشداً كبيراً من القوات على أطراف مدينة أنخل. وتستعد قوات أخرى لقطع طرق الإمداد عن مدينتي تسيل وجاسم.

ويأتي تحرّك الجيش، بعد سلسلة نجاحات لألوية من «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» وكتائب محلية تتبع المجلس العسكري لـ«الجيش الحر» في درعا، بالسيطرة على مجموعة تلال استراتيجية في غرب درعا ومحافظة القنيطرة. وهي مواقع كان الجيش في الماضي قد أعدّها كخط دفاع أوّل وأساسي لصدّ أي تقدم برّي إسرائيلي باتجاه العمق السوري. تلك المواقع مزوّدة بأجهزة مراقبة واتصال، ووحدات مضادة للدروع، ولا سيّما مواقع «التلول الحمر» الشرقية والغربية في القطاع الأوسط من القنيطرة، وتلال المطوق الكبير والصغير بين أنخل وجاسم وموقع اللواء 61 في تل جابية شمالي غربي نوى، وموقع الكتيبة 74، التي استردها الجيش قبل يومين.

ولا يمكن عزل تحرّك الجيش في منطقة «الجيدور»، أي غرب حوران شرقي الجولان المحتل، عن سياق التطوّرات على الجبهة الجنوبية، من استمرار تدفّق السلاح والمسلحين عبر الحدود الأردنية، وخصوصاً من منطقة تل شهاب (حيث صلّى رئيس «الائتلاف الوطني المعارض» أحمد الجربا في عيد الأضحى الماضي، على الحدود الأردنية). وهو المعبر الأساسي لمسلحي المعارضة وإمداداتهم إلى درعا، ثمّ إلى مدينة الكسوة في الريف الدمشقي. بالإضافة إلى الانخراط الإسرائيلي المتزايد في دعم المسلحين لوجستياً، وتسهيل عبورهم من داخل نقاط محدّدة في الشريط العازل مع الأراضي المحتلة، والسماح لهم باستعمال المنطقة المنزوعة السلاح كقاعدة للانطلاق وتزويدهم بالمعلومات ورصد حركة اتصالات الجيش، فضلاً عن تحييد سلاح الطيران السوري في المناطق المتاخمة للشريط العازل.

ويمكن القول إن خسارة الجيش لهذه المواقع في المرحلة الماضية قد عزّز وصل الجولان بدرعا، وجعل مواقعه كجزر معزولة، كتل جموع جنوبي غربي نوى، وتل أم حوران شمالي نوى وبلدة الشيخ سعد، كما رفع الحالة المعنوية للمعارضين.

في الملاحظات الميدانية، يأتي هجوم الجيش في ظلّ استعار الخلافات بين فصائل المعارضة، بعد سلسلة اتهامات متبادلة بالخيانة واشتباكات مسلحة عدّة، ما صعّب عملية حشد قواتها قبيل معركة نوى. وأشارت مصادر أمنية معنية بالجبهة الجنوبية إلى أن تسريب «جبهة النصرة» صورة للعقيد أحمد فهد النعمة قائد المجلس العسكري في درعا «ملفوفاً ببطانية» أثناء اعتقاله، أثار غضباً عارماً وسط الكتائب المقاتلة. وزاد الشقاق بين المعارضين مقتل المدعو أبو المعتصم، «قائد سرية المباشر» في «النصرة» في درعا، وهو أردني الجنسية، بظروف غامضة قبل أيام، ودفنه ليلاً من دون ضجّة.

وفي الميدان أيضاً، تشير مصادر عسكرية سورية في حديثها مع «الأخبار»، إلى أن «الجيش انتظر مجموعة ظروف لبدء عملياته الكبيرة في درعا، منها انتهاء مسألة حمص، واكتمال الرصد الاستخباري والمعلوماتي الدقيق لوضع المعارضة، وتطوّر التعاون الأهلي في المدن التي يسيطر عليها المسلحون».

وعليه، اتسمت العمليات العسكرية التي شنّها الجيش باستعمال صواريخ المروحيات الموجّهة، وصواريخ أرض ـــ أرض، لتحقيق إصابات مباشرة في البنية الرئيسية للمسلحين، داخل وفي محيط نوى وأنخل وجاسم. كذلك ضرب تجمعاتهم ومراكز التحكم والسيطرة، ومخازن الأسلحة، بالإضافة إلى استهداف أرتال الدعم القادمة من الجبهة الشرقية.

في المشهد العام، تلخّص المصادر الأمنية المعنية أهداف عملية الجيش الأخيرة. فإلى جانب قطع طريق الإمداد «الأكثر غزارة» عن مدينة الكسوة جنوبي غربي دمشق، وإشغال كتائب المعارضة في حوران، ولا سيّما في الجهة الشرقية وفي داخل مدينة درعا، «تحقّق العملية بحسب المصادر، فصل جنوبي محافظة القنيطرة عن درعا، وتحييد حوران عن التأثير الإسرائيلي المباشر».

وتشكّل المعركة في الجيدور «نقطة تحوّل هامة في الجبهة الجنوبية، لا في الصراع مع الكتائب المسلحة المعارضة، وإنّما في سياق كسر المخطّط الإسرائيلي في الجنوب السوري». وتشير المصادر إلى أن «إسرائيل تراقب التحولات العسكرية والأمنية جيداً، وهي تدرك أن العمل المشترك للجيش السوري وحزب الله وحّد ميدان القتال من البادية السورية إلى الناقورة اللبنانية».

السعودية تدرب المعارضة على أراضيها

لم تعد مناطق شمال الأردن وحدها، مساحة لتدريب مجموعات المعارضة المسلحة المدعومة من السعودية ووكالة الاستخبارات الأميركية. قبل أسبوعين، وصلت إلى ريف درعا الشرقي طلائع أول مجموعة للمعارضة السورية تمّ تدريبها بإشراف ضباط أميركيين وعرب في معسكر رسمي للحرس الوطني السعودي قرب مدينة الحديثة السعودية، بحسب مصادر أمنية متابعة. وتقع الحديثة شمال غرب السعودية، جنوبي شرقي الأردن، في منطقة تعدّ امتداداً طبيعياً لبادية الشام. وتضيف المصادر أنّ المتخرّجين الجدد، الذين قُدّر عددهم بنحو مئة مقاتل، التحقوا بـ«كتيبة أهل السنّة» التابعة لـ«لواء اليرموك».

  • فريق ماسة
  • 2014-05-19
  • 13669
  • من الأرشيف

معركة نوى: عزل التأثير الإسرائيلي عن حوران

 تحوّلت إسرائيل في العام الأخير إلى شريك أساسي للمعارضة المسلحة في القنيطرة والجنوب السوري بشكل عام. قبل أيام، بدأ الجيش السوري عمليّة في قلب الجنوب، على سلّم أهدافها عزل التأثير الإسرائيلي عن درعا لا يزال الهجوم الذي شنّه الجيش السوري قبل أيام على مناطق الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سوريا، في أوجه. خلال الأيام الماضية، أطبق الجيش سيطرته على الجهات الجنوبية الشرقية والغربية والشمالية لمدينة نوى، وأحدث اختراقاً من الجهة الغربية، كذلك جمع حشداً كبيراً من القوات على أطراف مدينة أنخل. وتستعد قوات أخرى لقطع طرق الإمداد عن مدينتي تسيل وجاسم. ويأتي تحرّك الجيش، بعد سلسلة نجاحات لألوية من «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» وكتائب محلية تتبع المجلس العسكري لـ«الجيش الحر» في درعا، بالسيطرة على مجموعة تلال استراتيجية في غرب درعا ومحافظة القنيطرة. وهي مواقع كان الجيش في الماضي قد أعدّها كخط دفاع أوّل وأساسي لصدّ أي تقدم برّي إسرائيلي باتجاه العمق السوري. تلك المواقع مزوّدة بأجهزة مراقبة واتصال، ووحدات مضادة للدروع، ولا سيّما مواقع «التلول الحمر» الشرقية والغربية في القطاع الأوسط من القنيطرة، وتلال المطوق الكبير والصغير بين أنخل وجاسم وموقع اللواء 61 في تل جابية شمالي غربي نوى، وموقع الكتيبة 74، التي استردها الجيش قبل يومين. ولا يمكن عزل تحرّك الجيش في منطقة «الجيدور»، أي غرب حوران شرقي الجولان المحتل، عن سياق التطوّرات على الجبهة الجنوبية، من استمرار تدفّق السلاح والمسلحين عبر الحدود الأردنية، وخصوصاً من منطقة تل شهاب (حيث صلّى رئيس «الائتلاف الوطني المعارض» أحمد الجربا في عيد الأضحى الماضي، على الحدود الأردنية). وهو المعبر الأساسي لمسلحي المعارضة وإمداداتهم إلى درعا، ثمّ إلى مدينة الكسوة في الريف الدمشقي. بالإضافة إلى الانخراط الإسرائيلي المتزايد في دعم المسلحين لوجستياً، وتسهيل عبورهم من داخل نقاط محدّدة في الشريط العازل مع الأراضي المحتلة، والسماح لهم باستعمال المنطقة المنزوعة السلاح كقاعدة للانطلاق وتزويدهم بالمعلومات ورصد حركة اتصالات الجيش، فضلاً عن تحييد سلاح الطيران السوري في المناطق المتاخمة للشريط العازل. ويمكن القول إن خسارة الجيش لهذه المواقع في المرحلة الماضية قد عزّز وصل الجولان بدرعا، وجعل مواقعه كجزر معزولة، كتل جموع جنوبي غربي نوى، وتل أم حوران شمالي نوى وبلدة الشيخ سعد، كما رفع الحالة المعنوية للمعارضين. في الملاحظات الميدانية، يأتي هجوم الجيش في ظلّ استعار الخلافات بين فصائل المعارضة، بعد سلسلة اتهامات متبادلة بالخيانة واشتباكات مسلحة عدّة، ما صعّب عملية حشد قواتها قبيل معركة نوى. وأشارت مصادر أمنية معنية بالجبهة الجنوبية إلى أن تسريب «جبهة النصرة» صورة للعقيد أحمد فهد النعمة قائد المجلس العسكري في درعا «ملفوفاً ببطانية» أثناء اعتقاله، أثار غضباً عارماً وسط الكتائب المقاتلة. وزاد الشقاق بين المعارضين مقتل المدعو أبو المعتصم، «قائد سرية المباشر» في «النصرة» في درعا، وهو أردني الجنسية، بظروف غامضة قبل أيام، ودفنه ليلاً من دون ضجّة. وفي الميدان أيضاً، تشير مصادر عسكرية سورية في حديثها مع «الأخبار»، إلى أن «الجيش انتظر مجموعة ظروف لبدء عملياته الكبيرة في درعا، منها انتهاء مسألة حمص، واكتمال الرصد الاستخباري والمعلوماتي الدقيق لوضع المعارضة، وتطوّر التعاون الأهلي في المدن التي يسيطر عليها المسلحون». وعليه، اتسمت العمليات العسكرية التي شنّها الجيش باستعمال صواريخ المروحيات الموجّهة، وصواريخ أرض ـــ أرض، لتحقيق إصابات مباشرة في البنية الرئيسية للمسلحين، داخل وفي محيط نوى وأنخل وجاسم. كذلك ضرب تجمعاتهم ومراكز التحكم والسيطرة، ومخازن الأسلحة، بالإضافة إلى استهداف أرتال الدعم القادمة من الجبهة الشرقية. في المشهد العام، تلخّص المصادر الأمنية المعنية أهداف عملية الجيش الأخيرة. فإلى جانب قطع طريق الإمداد «الأكثر غزارة» عن مدينة الكسوة جنوبي غربي دمشق، وإشغال كتائب المعارضة في حوران، ولا سيّما في الجهة الشرقية وفي داخل مدينة درعا، «تحقّق العملية بحسب المصادر، فصل جنوبي محافظة القنيطرة عن درعا، وتحييد حوران عن التأثير الإسرائيلي المباشر». وتشكّل المعركة في الجيدور «نقطة تحوّل هامة في الجبهة الجنوبية، لا في الصراع مع الكتائب المسلحة المعارضة، وإنّما في سياق كسر المخطّط الإسرائيلي في الجنوب السوري». وتشير المصادر إلى أن «إسرائيل تراقب التحولات العسكرية والأمنية جيداً، وهي تدرك أن العمل المشترك للجيش السوري وحزب الله وحّد ميدان القتال من البادية السورية إلى الناقورة اللبنانية». السعودية تدرب المعارضة على أراضيها لم تعد مناطق شمال الأردن وحدها، مساحة لتدريب مجموعات المعارضة المسلحة المدعومة من السعودية ووكالة الاستخبارات الأميركية. قبل أسبوعين، وصلت إلى ريف درعا الشرقي طلائع أول مجموعة للمعارضة السورية تمّ تدريبها بإشراف ضباط أميركيين وعرب في معسكر رسمي للحرس الوطني السعودي قرب مدينة الحديثة السعودية، بحسب مصادر أمنية متابعة. وتقع الحديثة شمال غرب السعودية، جنوبي شرقي الأردن، في منطقة تعدّ امتداداً طبيعياً لبادية الشام. وتضيف المصادر أنّ المتخرّجين الجدد، الذين قُدّر عددهم بنحو مئة مقاتل، التحقوا بـ«كتيبة أهل السنّة» التابعة لـ«لواء اليرموك».

المصدر : الأخبار /فراس الشوفي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة