نجحت «الإخباريّة السوريّة» في تجاوز زميلتها «الفضائيّة السوريّة»، في الحدّ الأقصى المسموح به، للاستخفاف بعقل المشاهد. في صدر شاشة «الإخبارية السورية»، جلس المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية ماهر الحجار، تحاوره المذيعة رانيا الذنون في برنامج «دومينو السياسة» مساء أمس الأول.. ليس ذلك بحدث افتراضيّ. نحن نتّجه نحو «الديموقراطية» أيها السادة!

اختارت الذنون تقديم ضيفها من خلال نصّ استغرقت تلاوته دقيقتين وعشرين ثانية. في الحقيقة، هو ليس نصاً، بل مجموعة جمل مفكّكة: «تسير في شوارع المدينة»؛ «حياتك باتت على برج عاجيّ، لا في مركز إيواء، ولا في منطقة نائيّة هنا أو هناك»؛ «أنت أيّها المواطن وصلت لذروة الترف»؛ «ضع صنفاً أو صنفين من الطعام على مائدة واحدة»؛ «هكذا يروي أصحاب الحملات الانتخابية حكاية مشاريعهم».. هكذا قرّرت أن تدخل إلى منازل السوريين، ساخرةً من حملات المرشّحين الانتخابيّة، بأسلوب تلقيني يشبه ما كان يتلقّاه أطفال سورية، في معسكرات الطلائع.

استمرّت المقابلة لساعتين و24 دقيقة، لكنّ التعليقات الساخرة منها، بدأت تنهمر على مواقع التواصل، منذ الدقائق الأولى. وشنّ بعض المشاهدين هجوماً على صفحة «الإخبارية السورية» على «فايسبوك»، من خلال سلسلة تعليقات غاضبة، راحت تشتم الإعلام الرسمي السوري. سرعة التفاعل السلبي مع الحلقة توحي بالخطأ الذي وقع على الشاشة. المفارقة أنّ معظم التعليقات على الصفحة حملت توقيع مؤيّدين، كما يبدو من نبرتها. في حين غاب الصوت المعارض الذي لا يعدّ من متابعي الإعلام الرسمي، كما أنّه يعدّ نفسه غير معنيّ بمسألة الانتخابات الرئاسيّة أساساً.

على «فايسبوك»، يكتب أحد المعلقين مخاطباً «الإخبارية السورية»: «هذا مرشح للرئاسة، اسأليه عن برنامجه السياسي، وليس عن معدّله في الجامعة». ويكتب أحد المعلّقين: «مقدمة دومينو السياسة على الإخبارية السورية، تصدّر أنموذجاً حداثياً لصنف إعلامي غير مسبوق يُدعى اصطلاحاً «بالإعلام السافل». وكتب آخر ساخراً: «ربما لم تدرك المذيعة أن السيد الحجار مرشح لرئاسة الجمهورية العربية السورية، وليس لمخترة أم الطنافس». لم ينجُ الحجار من الانتقاد: «باختصار مَن لا يستطيع تحمّل ضغط مذيعة في برنامج حواري، كيف سيواجه مشاريع الهيمنة الامبريالية والصهيونية والرأسمالية والحركات الراديكالية والأنظمة الرجعية؟».

أراد الإعلام الرسمي السوري، تجاوز تقاليده الراسخة، وتخصيص مساحات «متساوية» للمرشحين كافة للرئاسة. لكنّه تعاطى مع الملفّ باستخفاف مفرط، كأنّه يمثّل دوراً أجبر على أدائه، ما جعل المشهد أقرب إلى مسرحيّة كوميديّة. ذلك ما يطرح سؤالاً ملحاً: ما الذي تفعله كل تلك الآلاف من الكوادر في الإعلام الرسمي السوري؟ ولماذا اختاروا التعاطي بهذا القدر من الهزل، مع الاستحقاق الرئاسي؟

  • فريق ماسة
  • 2014-05-15
  • 11844
  • من الأرشيف

مسرحيّة المرشّح والمذيعة في عرض ثانِ

نجحت «الإخباريّة السوريّة» في تجاوز زميلتها «الفضائيّة السوريّة»، في الحدّ الأقصى المسموح به، للاستخفاف بعقل المشاهد. في صدر شاشة «الإخبارية السورية»، جلس المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية ماهر الحجار، تحاوره المذيعة رانيا الذنون في برنامج «دومينو السياسة» مساء أمس الأول.. ليس ذلك بحدث افتراضيّ. نحن نتّجه نحو «الديموقراطية» أيها السادة! اختارت الذنون تقديم ضيفها من خلال نصّ استغرقت تلاوته دقيقتين وعشرين ثانية. في الحقيقة، هو ليس نصاً، بل مجموعة جمل مفكّكة: «تسير في شوارع المدينة»؛ «حياتك باتت على برج عاجيّ، لا في مركز إيواء، ولا في منطقة نائيّة هنا أو هناك»؛ «أنت أيّها المواطن وصلت لذروة الترف»؛ «ضع صنفاً أو صنفين من الطعام على مائدة واحدة»؛ «هكذا يروي أصحاب الحملات الانتخابية حكاية مشاريعهم».. هكذا قرّرت أن تدخل إلى منازل السوريين، ساخرةً من حملات المرشّحين الانتخابيّة، بأسلوب تلقيني يشبه ما كان يتلقّاه أطفال سورية، في معسكرات الطلائع. استمرّت المقابلة لساعتين و24 دقيقة، لكنّ التعليقات الساخرة منها، بدأت تنهمر على مواقع التواصل، منذ الدقائق الأولى. وشنّ بعض المشاهدين هجوماً على صفحة «الإخبارية السورية» على «فايسبوك»، من خلال سلسلة تعليقات غاضبة، راحت تشتم الإعلام الرسمي السوري. سرعة التفاعل السلبي مع الحلقة توحي بالخطأ الذي وقع على الشاشة. المفارقة أنّ معظم التعليقات على الصفحة حملت توقيع مؤيّدين، كما يبدو من نبرتها. في حين غاب الصوت المعارض الذي لا يعدّ من متابعي الإعلام الرسمي، كما أنّه يعدّ نفسه غير معنيّ بمسألة الانتخابات الرئاسيّة أساساً. على «فايسبوك»، يكتب أحد المعلقين مخاطباً «الإخبارية السورية»: «هذا مرشح للرئاسة، اسأليه عن برنامجه السياسي، وليس عن معدّله في الجامعة». ويكتب أحد المعلّقين: «مقدمة دومينو السياسة على الإخبارية السورية، تصدّر أنموذجاً حداثياً لصنف إعلامي غير مسبوق يُدعى اصطلاحاً «بالإعلام السافل». وكتب آخر ساخراً: «ربما لم تدرك المذيعة أن السيد الحجار مرشح لرئاسة الجمهورية العربية السورية، وليس لمخترة أم الطنافس». لم ينجُ الحجار من الانتقاد: «باختصار مَن لا يستطيع تحمّل ضغط مذيعة في برنامج حواري، كيف سيواجه مشاريع الهيمنة الامبريالية والصهيونية والرأسمالية والحركات الراديكالية والأنظمة الرجعية؟». أراد الإعلام الرسمي السوري، تجاوز تقاليده الراسخة، وتخصيص مساحات «متساوية» للمرشحين كافة للرئاسة. لكنّه تعاطى مع الملفّ باستخفاف مفرط، كأنّه يمثّل دوراً أجبر على أدائه، ما جعل المشهد أقرب إلى مسرحيّة كوميديّة. ذلك ما يطرح سؤالاً ملحاً: ما الذي تفعله كل تلك الآلاف من الكوادر في الإعلام الرسمي السوري؟ ولماذا اختاروا التعاطي بهذا القدر من الهزل، مع الاستحقاق الرئاسي؟

المصدر : السفير/ روز سليمان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة