دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» الجمعة 8/5/2014 على موقعها الإلكتروني باللغة العربية، تقريرًا تساءلت خلاله: «لماذا ظهرت العقوبة التي كانت تستخدم في روما القديمة الآن، باعتبارها سمة من سمات الحرب في سورية؟!».
وتشير «BBC»، إلى أنه «ظهرت في الآونة الأخيرة صور مقلقة من سورية تظهر جثتي رجلين أعدما وعلقت جثتاهما على صلبان، وتظهر الصور الرجلين معصوبي الأعين، وأرجلهما وأذرعهما ممدودة على ألواح من الخشب ومقيدة بحبل أخضر اللون».
وتضيف: «غطيت إحدى الجثتين الملطختين بالدماء بلافتة مكتوب عليها: (هذا الرجل قاتل ضد المسلمين وفجر عبوة ناسفة هنا)».
تظهر الصور مجموعة من الناس، من بينهم أطفال، يلقون نظرة فاحصة على الجثتين، في حين يتوجه آخرون نحو أعمالهم العادية في شمال مدينة الرقة السورية وهم منزعجون من رؤية الجثتين المعلقتين على بعد أمتار قليلة.
وتمضي قائلة: «ظلت الجثتان معلقتين في وسط أحد الطرق لمدة يومين، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرًا له»، مشيرة إلى أنه «يعتقد أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام هو المسؤول عن الحادث».
وتتابع: «كما حدث في حالة مماثلة في الرقة، مارس الماضي، يعتقد أن الرجلين أعدما أولًا، قبل أن تعلق جثتاهما على الصلبان في مكان عام».
وعرجت هيئة الإذاعة البريطانية على توثيق منظمة العفو الدولية حالة صلب أخرى في اليمن، عام 2012، لشاب عمره 28 عامًا، لافتة إلى أنه «أعدم على يد جماعة إسلامية بتهمة زرع أجهزة إلكترونية في السيارات تُمَكِّن طائرات أمريكية بدون طيار من تعقب وقتل أصحابها».
وتضيف: «أعدم هذا الشاب أولًا، ثم علق على الصليب»، ناقلة قول الشيخ الدكتور أسامة حسن، وهو باحث بارز في الدراسات الإسلامية بمؤسسة كويليام في العاصمة البريطانية لندن، إن «هذا الشكل من أشكال العقاب يأتي نتيجة فهم متطرف للقرآن».
وسردت قول الآية القرآنية رقم «33» من سورة المائدة: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم».
لكن «حسن» يقول إنه «لا ينبغي أن نقرأ هذه الآية بمفردها، لأن الآية التالية تقول: (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم)».
وأشار إلى أن «الآيات القرآنية التي تبدو قاسية للغاية دائما ما يتبعها خيار التوبة وتذكرة بأن الله غفور رحيم»، مضيفًا: «هذه الجماعات تميل إلى العنف الشديد وعدم الرحمة، وهو ما يجعلنا على قناعة بأنهم لا يمتون للإسلام بصلة، وبعيدون كل البعد عن روح الإسلام».
ويرى أن «الصلب لا مكان له في العالم الحديث، وأن ما حدث في الرقة كان بمثابة تحذير لأي شخص يشكك في قوة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام».
عقوبة «الصلب» في التاريخ
وتضيف هيئة الإذاعة البريطانية أنه «كانت عقوبة الصلب تستخدم في تنفيذ أحكام الإعدام في الإمبراطورية الرومانية قبل ميلاد المسيح بفترة طويلة»، موضحة: «المثال الشهير على ذلك هو سبارتاكوس، على حد قول ماري بيرد، مؤرخة بجامعة كامبريدج، في إشارة إلى العبد والمصارع الروماني، الذي لقى حتفه عام 71 قبل الميلاد، بعدما قاد تمرد الرقيق».
وقالت «بيرد» إنه «تم إعدام 6000 شخص من أتباع سبارتاكوس بنفس الطريقة، وكان الصلب هو المستخدم في الإعدام في الجمهورية الرومانية القديمة في القرن الأول الميلادي، ولم يكن الصلب يطبق على المواطنين الرومانيين، وقد صلب القديس بطرس في روما، والفرق في استشهادي بطرس وبولس هو أن بولس مواطن روماني، وبطرس ليس كذلك».
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية، يعتقد أن «بولس أعدم بقطع رأسه، وهو شكل أسرع من أشكال الإعدام، وبالتالي كان مفضلا عن الصلب».
ورغم وجود إشارات على الصلب قبل الرومان بمئات السنين، فإنها قد تشير إلى أشكال أخرى من أشكال الإعدام لحالات تم خلالها تثبيت الجناة بمسامير على أشجار أو إطارات أخرى وتركهم حتى الموت.
وكانت الكلمة اللاتينية «crux»، التي عادة ما تترجم إلى «صليب» تحمل في الأصل معنى أقل تحديدًا يشير إلى أي شيء يستخدم في شنق أو طعن الضحايا.
ومنع الإمبراطور الروماني قسطنطين عقوبة الصلب في القرن الرابع الميلادي.
وبعد مرور أكثر من 1000 عام، عاد الصلب إلى الظهور مرة أخرى باعتباره وسيلة لقتل المسيحيين في اليابان.
وفي عام 1597، صلب 26 مسيحيا في ناجازاكي، كما أعدم مئات آخرون بنفس الطريقة خلال القرن التالي.
وأشار تيمون سكريتش، أستاذ التاريخ الياباني بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، إلى أن «السبب وراء اللجوء إلى الصلب هو أنه يعد إهانة وتحقيرا للشخص المدان، وتحذيرا للآخرين في نفس الوقت».
وأضاف «سكريتش»: «في بعض الحالات يترك الجلاد المذنب بضع ساعات أو حتى الغسق، ثم يقتله بالسيف».
واستخدم هذا العقاب ضد غير المسيحيين أيضا، ففي عام 1651 صلب نحو 150 شخصا، بعد انتفاضة فاشلة ضد الحاكم العسكري في اليابان.
وقال «سكريتش»: «أظن أن معظم الناس نسوا العلاقة بين الصلب والمسيحيين بنهاية القرن السابع عشر في اليابان».
وعلاوة على ذلك، صلب الجنود اليابانيون أشخاصا في الحرب العالمية الثانية، ولعل أفضل الحالات الموثقة في هذا الصدد هي صلب 3 سجناء حرب أستراليين كانوا يعملون على خط السكة الحديدية بين تايلاند وبورما، وحكم عليهم بالإعدام لقتل الماشية.
وتشير هيئة الإذاعة البريطانية إلى أنه «لا يزال من الممكن إصدار حكم بـ(الصلب) في المملكة العربية السعودية»، فيما تقول منظمة العفو الدولية، التي تناضل ضد جميع أشكال عقوبة الإعدام، إن «الصلب يتم بعد قطع الرأس»، مضيفة: «يعلق الجسم، بعد إعادة الرأس المفصول مرة أخرى، على عمود في مكان عام بهدف الردع».
ويكون هذا العمود في بعض الأحيان، وليس دائما، على شكل صليب.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة