في الوقت الذي كانت فيه حافلات “خضراء” جميلة حديثة وأنيقة، تمثل ذروة البحبوحة النسبية والازدهار المتأرجح والخجول في حقبة ما قبل الحرب

البربرية الغاشمة والظالمة التي تشن على سوريا، من قبل المحور الأطلسي-التركي الخليجي، “تمخر” أحياء حمص القديمة مع طواقمها ومرافقيها

“الأمنيين”، حاملة في جوفها وأحشائها هجين غير متجانس من قوات ومقاتلين عرب وأجانب، وضباط أطلسيين وأتراك ومرتزقة و”لمامات” أخرى اصطلح على

تسميتهم بـ”ثوار سوريا”، منهية ً بذلك حقبة مريرة وطويلة امتدت لثلاث سنوات، مثــّلت حرباً شرسة من المحور إياه، استهدفت سوريا أرضاً وشعباً

وتاريخاً وثقافة، ومغلقة الباب على فصل “حمصي” مرعب ودام، وبكل ما تخلله من إجرام وأعمال وحشية لم يعرف لها تاريخ البشر مثيلاً، وصل حد شق صدور وأكل أحشاء جنود شهداء من الجيش الوطني السوري سقطوا برصاص وسلاح “الثوار” المرتزقة الأجانب، نقول في تلك اللحظات بالذات، كانت طائرة تحمل مجموعة من صنف “متعوس على خائب الرجاء”، و”الذي منه” من “لمامات” ما سمي بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة في سوريا، من حملة الجنسيات الغربية والخليجية، (الائتلاف، بمحصلته، جسم سياسي قبلي عشائري صوري وهزيل وكاريكاتوري يطلق تصريحات ومواقف خلبية أكبر بكثير من حجمه مستنداً على دعم سياسي وعسكري ودبلوماسي غربي، وكان قد فــُبرك، أولاً، في الرحم القطري، ثم انتقلت “بيوضه” الملقحة ثوريا وصناعياً إلى الرحم السعودي، الأوسع على ما يبدو، مع استلام آل سعود ملف القتل والإرهاب والخراب والدمار في سوريا)، نقول كانت تلك الطائرة “تمخر” هي الأخرى سماء الأطلسي، في رحلة التيه “الثوري”، متجهة نحو الولايات المتحدة للقاء موظفين عاديين في الخارجية الأمريكية، وأخذ التعليمات والتوجيهات منهم، حول مراسم تشييع الائتلاف إلى مثواه الأخيرة، وموعد ومكان وزمان الدفن، وكيفية تقبل العزاء، ومن المشاركين فيه، والشارع الذي ستسير الجنازة فيه ، ومن من “الأئمة” سيؤم الصلاة عليه.

وعلى الرغم من كل ذاك الدعم الدولي الهائل واللا محدود، فقد أسدل الستار على “الثورة”، ها هنا في “عاصمتها”، بعد أن “هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس”، وأجهضت في مهدها في حمص، أرض “الثورة” الأطلسية-التركية- الخليجية، التي عملت على مدى أكثر من ثلاث سنوات، دون جدوى على الإطاحة بنظام حكم الرئيس الدكتور بشار الأسد، وتنصيب تلك الدمى، والكرازايات، والروبوتات، المطبوخة، والمعدة للتصدير الخارجي، في دوائر المخابرات الغربية. وكان خروج الثوار شبه مستسلمين، رافعين الرايات البيضاء أمام أحذية رجال الجيش الوطني المقدس، وهم الذين ملؤوا العالم صخباً وضجيجاً، بمثابة الحلقة الأخيرة في مسلسل مكسيكي “ثوري” طويل، بإخراج هوليودي، يقول في رسائله المبطنة وغير المعلنة، بأن النظام باق، فاخرجوا منها سالمين غانمين، وراضين “من الغنيمة بالإياب”، على حد قول امرؤ القيس.

وللتغطية على ذلك الخروج، والانسحاب الاستراتيجي والنهائي، غير التكتيكي هذه المرة، والمهين، بحق “ثوار” الأطلسي، وهم يجرجرون أذيال الخيبة

والانكسار، وتحت حراب وبنادق رجال الجيش الوطني المقدس، كان لا بد من عملية “تفجير” سياسي وعبوة ناسفة “دبلوماسية” وفرقعة إعلامية، تطغى وتغطـّي على حشرجات “الفارين” من ضربات جيش الوطن السوري، وللتعتيم وصرف النظر عن تلك المشاهد المذلة لـ”الثوار” المرتزقة، وهم “مخفورون” ومكبلون بعار الهزيمة والاستسلام، وبحافلات يقودها أمنيون ورجال مخابرات وعسكريون سوريون، ليلقى بهم على قارعة التاريخ في الفراغ والعدم والمجهول، لاسيما أن كثيرين منهم، وتحت تأثير “السكر” والكحول الثوري المغشوش والمضروب، وحبوب “الكبتاجون”، كانوا قد مزقوا جوازات السفر ممنين النفس بإقامة طويلة واحتفال موعود بنصر موهوم مأمول.

كان لا بد لهذا الانسحاب من “تغطية” كي يتم استيعاب أبعاده النفسية والتخفيف من تداعياته السايكولوجية، على الأقل على “الثوار”، ففجـّرت

الولايات المتحدة التي كانت تتابع لحظة بلحظة مفاوضات الاستسلام وتسليم النفس والانسحاب، قنبلتها الدبلوماسية “الموقوتة، وقررت وبارتباك واضح، رفع مستوى تمثيل ما يسمى بالائتلاف من “مكتب” إلى “بعثة”، كما أفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بأن: “الموافقة على بعثة أجنبية يعد خطوة ولكن ليس بمثابة اعتراف بالائتلاف كممثل شرعي وحيد للشعب السوري”، وهذا عملياً لا يعني شيئاً على الأرض، ويـُقرأ دبلوماسياً بترك الباب مواربا، والإبقاء على خط للرجعة مستقبلاً لعلاقات محتملة مع “النظام”، فالسياسة مصالح بالدرجة الأولى وليست قيماً وبيع عواطف “بالية” أو جمعية خيرية توزع الدموع والابتسامات و”الكاتو” و”البونبون” للمنكوبين هنا وهناك، فالولايات المتحدة ومعها “مجموعة الأصدقاء”، ما انفكت تعلن عن تأييدها، واجترار ذات العبارات، بذات السياق منذ سنوات ثلاث دون أن تستطيع أن تقدم أي شيء جديد، وهذا على ما يبدو أقصى ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لجماعة الائتلاف، بعثة وأوراق نعي و”شعواطف ومجاملات، لا تغني ولا تسمن جوع.

 “وتعيشوا وتاكلوا غيرها، يا رب”.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-05-08
  • 9843
  • من الأرشيف

النظام باق: وهذه هي جائزة الترضية للائتلاف

في الوقت الذي كانت فيه حافلات “خضراء” جميلة حديثة وأنيقة، تمثل ذروة البحبوحة النسبية والازدهار المتأرجح والخجول في حقبة ما قبل الحرب البربرية الغاشمة والظالمة التي تشن على سوريا، من قبل المحور الأطلسي-التركي الخليجي، “تمخر” أحياء حمص القديمة مع طواقمها ومرافقيها “الأمنيين”، حاملة في جوفها وأحشائها هجين غير متجانس من قوات ومقاتلين عرب وأجانب، وضباط أطلسيين وأتراك ومرتزقة و”لمامات” أخرى اصطلح على تسميتهم بـ”ثوار سوريا”، منهية ً بذلك حقبة مريرة وطويلة امتدت لثلاث سنوات، مثــّلت حرباً شرسة من المحور إياه، استهدفت سوريا أرضاً وشعباً وتاريخاً وثقافة، ومغلقة الباب على فصل “حمصي” مرعب ودام، وبكل ما تخلله من إجرام وأعمال وحشية لم يعرف لها تاريخ البشر مثيلاً، وصل حد شق صدور وأكل أحشاء جنود شهداء من الجيش الوطني السوري سقطوا برصاص وسلاح “الثوار” المرتزقة الأجانب، نقول في تلك اللحظات بالذات، كانت طائرة تحمل مجموعة من صنف “متعوس على خائب الرجاء”، و”الذي منه” من “لمامات” ما سمي بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة في سوريا، من حملة الجنسيات الغربية والخليجية، (الائتلاف، بمحصلته، جسم سياسي قبلي عشائري صوري وهزيل وكاريكاتوري يطلق تصريحات ومواقف خلبية أكبر بكثير من حجمه مستنداً على دعم سياسي وعسكري ودبلوماسي غربي، وكان قد فــُبرك، أولاً، في الرحم القطري، ثم انتقلت “بيوضه” الملقحة ثوريا وصناعياً إلى الرحم السعودي، الأوسع على ما يبدو، مع استلام آل سعود ملف القتل والإرهاب والخراب والدمار في سوريا)، نقول كانت تلك الطائرة “تمخر” هي الأخرى سماء الأطلسي، في رحلة التيه “الثوري”، متجهة نحو الولايات المتحدة للقاء موظفين عاديين في الخارجية الأمريكية، وأخذ التعليمات والتوجيهات منهم، حول مراسم تشييع الائتلاف إلى مثواه الأخيرة، وموعد ومكان وزمان الدفن، وكيفية تقبل العزاء، ومن المشاركين فيه، والشارع الذي ستسير الجنازة فيه ، ومن من “الأئمة” سيؤم الصلاة عليه. وعلى الرغم من كل ذاك الدعم الدولي الهائل واللا محدود، فقد أسدل الستار على “الثورة”، ها هنا في “عاصمتها”، بعد أن “هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس”، وأجهضت في مهدها في حمص، أرض “الثورة” الأطلسية-التركية- الخليجية، التي عملت على مدى أكثر من ثلاث سنوات، دون جدوى على الإطاحة بنظام حكم الرئيس الدكتور بشار الأسد، وتنصيب تلك الدمى، والكرازايات، والروبوتات، المطبوخة، والمعدة للتصدير الخارجي، في دوائر المخابرات الغربية. وكان خروج الثوار شبه مستسلمين، رافعين الرايات البيضاء أمام أحذية رجال الجيش الوطني المقدس، وهم الذين ملؤوا العالم صخباً وضجيجاً، بمثابة الحلقة الأخيرة في مسلسل مكسيكي “ثوري” طويل، بإخراج هوليودي، يقول في رسائله المبطنة وغير المعلنة، بأن النظام باق، فاخرجوا منها سالمين غانمين، وراضين “من الغنيمة بالإياب”، على حد قول امرؤ القيس. وللتغطية على ذلك الخروج، والانسحاب الاستراتيجي والنهائي، غير التكتيكي هذه المرة، والمهين، بحق “ثوار” الأطلسي، وهم يجرجرون أذيال الخيبة والانكسار، وتحت حراب وبنادق رجال الجيش الوطني المقدس، كان لا بد من عملية “تفجير” سياسي وعبوة ناسفة “دبلوماسية” وفرقعة إعلامية، تطغى وتغطـّي على حشرجات “الفارين” من ضربات جيش الوطن السوري، وللتعتيم وصرف النظر عن تلك المشاهد المذلة لـ”الثوار” المرتزقة، وهم “مخفورون” ومكبلون بعار الهزيمة والاستسلام، وبحافلات يقودها أمنيون ورجال مخابرات وعسكريون سوريون، ليلقى بهم على قارعة التاريخ في الفراغ والعدم والمجهول، لاسيما أن كثيرين منهم، وتحت تأثير “السكر” والكحول الثوري المغشوش والمضروب، وحبوب “الكبتاجون”، كانوا قد مزقوا جوازات السفر ممنين النفس بإقامة طويلة واحتفال موعود بنصر موهوم مأمول. كان لا بد لهذا الانسحاب من “تغطية” كي يتم استيعاب أبعاده النفسية والتخفيف من تداعياته السايكولوجية، على الأقل على “الثوار”، ففجـّرت الولايات المتحدة التي كانت تتابع لحظة بلحظة مفاوضات الاستسلام وتسليم النفس والانسحاب، قنبلتها الدبلوماسية “الموقوتة، وقررت وبارتباك واضح، رفع مستوى تمثيل ما يسمى بالائتلاف من “مكتب” إلى “بعثة”، كما أفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بأن: “الموافقة على بعثة أجنبية يعد خطوة ولكن ليس بمثابة اعتراف بالائتلاف كممثل شرعي وحيد للشعب السوري”، وهذا عملياً لا يعني شيئاً على الأرض، ويـُقرأ دبلوماسياً بترك الباب مواربا، والإبقاء على خط للرجعة مستقبلاً لعلاقات محتملة مع “النظام”، فالسياسة مصالح بالدرجة الأولى وليست قيماً وبيع عواطف “بالية” أو جمعية خيرية توزع الدموع والابتسامات و”الكاتو” و”البونبون” للمنكوبين هنا وهناك، فالولايات المتحدة ومعها “مجموعة الأصدقاء”، ما انفكت تعلن عن تأييدها، واجترار ذات العبارات، بذات السياق منذ سنوات ثلاث دون أن تستطيع أن تقدم أي شيء جديد، وهذا على ما يبدو أقصى ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لجماعة الائتلاف، بعثة وأوراق نعي و”شعواطف ومجاملات، لا تغني ولا تسمن جوع.  “وتعيشوا وتاكلوا غيرها، يا رب”.  

المصدر : تلفزيون ليفانت /نضال نعيسة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة