دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يروي دبلوماسي غربي في بيروت واقعة حصلت في بداية الأزمة السورية؛ حينما التقى باراك أوباما بالرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي،وكانت النتيجة بعد استعراضهما تقارير مخابراتيهما أنه لن يأتي فجر اليوم التالي لذاك اللقاء إلا والرئيس السوري بشار الأسد يكون قد ترك السلطة، وربما غادر سورية.
يومها، صاحت مديرة مكتب ساركوزي بحرارة وحماسة: أرجوكم "لا تضيّعوا عليّ فرصة الفرحة العظيمة"، أيقظوني من نومي مهما كانت الساعة متأخرة، لأنني أريد أن أشارك باحتفال النصر.
مرّت سنة، اثنتان، ثلاث، وبدأت الرابعة في الحرب الكونية على سورية، والتي تحالف فيها أقصى اليمين مع أقصى اليسار، وتكشّف فيها التحالف العضوي بين المحافظين الجدد - سواء في أميركا أو أوروبا - مع جماعات التكفير والإرهاب والتطرف، وبان بالملموس ذاك الرباط "المقدّس" بين الصهاينة وكيانهم والرجعيات العربيات من بائعي الكاز وأتباعهم في أكثر من مكان.
خلال هذه الفترة ذهب ساركوزي وخليلته مع الريح، وجاءت الدمية الصهيونية فرنسوا هولاند، الذي تدل الإحصائيات أن شعبيته في الحضيض، وها هو أوباما يقترب من نصف ولايته الثانية كبطّة عرجاء يتوسل شتى الوسائل من أجل ألا يصبح أسيراً للكونغرس ومجلس الشيوخ في الانتخابات النصفية.. في وقت ذهب فيه حمدا قطر إلى المجهول، وملك السعودية وصل به الأمر حدّ أنه ينادي شعب نجد والحجاز بـ"الشعب السعودي الشقيق".. وطار محمد مرسي صديق شيمون بيريز العزيز، فيما أردوغان يتلوى على جمر الفضائح والانقسامات، وبات يشكّل عبئاً ثقيلاً على تركيا، ويلوح أمامه شبح جلال بايار وعدنان مندريس.
وهلمّ جرا من تطورات تبدأ من تطورات المحيط في سورية، وتصل إلى البعيد؛ إلى أوكرانيا، ويوغوسلافيا السابقة، ما ينبئ بأن عالماً جديداً يتكون من رحم الصمود والمقاومة السورية، وسيبدأ بأخذ شكله الواضح في الثالث من حزيران الجاري؛ بانتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة.
في الفترة الفاصلة عن شهر حزيران ثمة تطورات هامة حصلت وستحصل في الإقليم وفي الميدان السوري. فعلى مستوى الإقليم، كانت الانتخابات العراقية التي تشير نتائجها الأولية إلى عودة نوري المالكي، وستكون نهاية الشهر الحالي الانتخابات الرئاسية المصرية، وقبلهما كانت الانتخابات المحلية في تركيا، التي نجح فيها أردوغان وحزبه، مسجِّلاً تراجعاً كبيراً في شعبيته، بالإضافة إلى ما يحكى من وسائل وأساليب ملتوية استعملها للحفاظ على هذه الأكثرية المتهاوية.
أما في الميدان السوري، فيكاد لا يمرّ يوم إلا ويحمل انتصارات نوعية جديدة للجيش العربي السوري، فبعد القصير والقلمون، ها هي تطورات حمص تؤكد أننا سنكون أمام واقع جديد، تحدّد فيه الدولة الوطنية السورية حال المرحلة المقبلة.
فالوقائع الميدانية تؤكد أن مدينة حمص باتت في يد الجيش العربي السوري، ما يعني أننا أمام مرحلة هامة في طريق النصر الحتمي للدولة الوطنية السورية المقاومة والممانعة، فمن حمص تنطلق طرق سورية الهامة والاستراتيجية، فهي في وسط سورية، وخاصرة أيضاً، كونها تمتد إلى حدود لبنان، وإلى حدود العراق، وتلامس الحدود التركية.
فحمص هي صلة الوصل بين دمشق والساحل وبين دمشق وحلب، وبين دمشق والحسكة ودير الزور.
وحمص هي عقدة خطوط النفط والغاز، وعودتها إلى كنف الدولة الوطنية السورية يعني أن الوسط صار بإشراف الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني، ما سيجعل المعارك التي يخوضها الجيش في بقية المناطق أكثر فاعلية، وحسمها لن يستغرق أوقاتاً طويلة، سواء في حلب وريفها، أو في ريف دمشق، أو حتى في ريف درعا، والوقائع تشير إلى أن تجربة حمص ستتكرر في أكثر من مكان في سورية، وتحديداً في حلب، حيث سيكون برأي الخبراء الاستراتيجيين ضغط عسكري ممنهج ومبرمج لفصل أحياء حلب التي ما زال المسلحون يسيطرون عليها، عن الريف، تمهيداً لحصار المسلحين الذين أخذوا يتحولون إلى بؤر منعزلة عن بعضها البعض، حيث سيكون أمامهم مصير واحد من ثلاثة، إما القتل أو الاستسلام أو الفرار إلى الدول المجاورة، التي سيصير عليها عبئاً خطيراً لا مناص من مواجهته، كما يحصل الآن في جرود عرسال.
وبرأي هؤلاء الخبراء، فإن على الجميع متابعة التطورات في الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً في الرقة وحلب.. فثمة تطورات عديدة سيكون لها أهميتها في الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية، عنوانها الأساسي التحولات الميدانية الكبرى لصالح الدول الوطنية السورية والجيش العربي السوري.. و"درب الآلام" بعد ثلاث سنوات ونيّف من العنف والإرهاب والتخريب ستكون له نهاية حتمية بانتصار الجيش السوري وعودة الأمن والأمان إلى ربوع سورية.. وإن كان هناك من يلوّح بشريط حدودي محتل مع الدولة العبرية، على طريقة سعد حداد وانطوان لحد، فقد يكون ضرورياً تذكير هؤلاء بالمصير الأسود للعميل حداد، وبالمصير المشؤوم للعميل لحد وأتباعهما وزبانيتهما.
وغداً لناظره قريب..
المصدر :
أحمد زين الدين -
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة