في ذروة تساقط وإسقاط أنظمة الشرق الأوسط، تحت مسمى “الربيع” و”الثورات” المفبركة والمطبوخة سلفاً في معاهد الديمقراطية الأمريكية، اندفع كثيرون، شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية وفنية ومنظمات إقليمية ودول، وأخذهم الحماس “الثوري” لإسقاط “النظام” في سوريا، على غرار أشقائه من الأنظمة الأخرى المستهدفة بطاعون “الربيع العربي” الفتــّاك.

غير أن القراءات الارتجالية المتسرعة والمغلوطة للمعطيات الجيو-سياسية السورية، والإسقاطات النمطية الخاطئة، أظهرت مع تطور وامتداد الحدث، تمايزاً عميقاً عن تلك القراءات النمطية الأخرى التي أحاطت بدول “الربيع العربي”، وبيــّنت لاحقاً أن معضلة وورطة “الربيع” أكبر مما هو متوقع، وتكاد المهمة تكون شبه مستحيلة في سوريا، ومع مرور الزمن، تشكـّل يقين الجميع أن “النظام” لن يسقط على الإطلاق.

ففي عملية الإعداد الهائلة الإقليمية والدولية، لإسقاط “النظام” (الثورة)، تم رصد إمكانيات استثنائية، بحيث باتت الأرقام والإحصائيات و”الميزانيات” المطروحة والمعروفة، تقول: “إن تكلفة إسقاط الرئيس الأسد، وما رصد له، تجعل منه أغلى رجل في التاريخ”.

مئات آلاف المقاتلين، من جيش القاعدة، احتياط أمريكا وجيشها الرديف، (ثوّار سوريا)، قدّر عددهم الإجمالي بثلاثمائة ألف رجل، من حوالي ثمان وثلاثين دولة لم تستثن دولاً اسكندنافية منها، تم تجهيزهم بأحدث الأسلحة وتدريبهم على آخر أساليب وتكتيكات الحروب الحديثة، وخاصة حرب العصابات التي لم ينج منها نظام على مر التاريخ.

ورصد لهذه الحرب الضروس “الثورة”، عشرات مليارات الدولارات، كانت تضخ بشكل رئيس ومنتظم من دول مجلس التعاون الخليجي، كبنك، ودفتر شيكات، وحامل مالي للحرب “الثورة”، فيما تولت الدول الكبرى وعواصم الاستعمار التاريخي الشهيرة روما، لندن، باريس، واشنطن، إدارة الحرب دبلوماسياً وسياسياً، فيما وُضعت الأمم المتحدة بقضها وقضيضها، وبكل منظماتها الدولية وأذرعها الحقوقية، وأسوأ أمين عام دمية Puppet مرّ عليها، مع مبعوث جزائري معروف تاريخياً بولائه الأعمى، وانخراطه في إخراج “ثورات” أمريكا وحروبها، في خدمة إستراتيجية.

بالتوازي هناك منظمات دولية، كمجموعة الأصدقاء الشهيرة، وقد بدأت بحوالي المائة والأربعين دولة وتقلصت وانكمشت مؤخراً إلى أحد عشر صديقاً، مع الاتحاد الأوروبي، وإقليمية كالجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربي -الفارسي، كانت كلها سيوفاً ضاربة ومسلطة فوق رأس “النظام” وضعت كل خبراتها ومهاراتها وثقلها في مهمة إسقاط نظام “زميل” وتدمير دولة “شقيقة”، ونحن بالكلام هنا عمن يسمــّون بالعرب، وتغليب وجهة نظر “الثورة” ورفض وإنكار أي حرف، وكلمة، وخطاب، وتحرك آت من جهة وصوب “النظام”، ناهيك عن تسخير إمكانيات “شبه” القارة الأناضولية-الأطلسية، ما أدراكم ما الأطلسي، في خدمة “الحرب” (الثورة)، واعتبارها الحاضن “الرؤوم” والحديقة الخلفية لها.

على صعيد إعلامي مواز، كانت كبريات إمبراطوريات الإعلام الشهيرة والتقليدية في العالم، وزميلاتها المستحدثات اللتان تسيطران على الفضاء العربي، الجزيرة والعربية، وفي أشرس حملة إعلامية وتضليلية عبر التاريخ، ينغـّمون Orchestrating جميعاً ويرددون واحدة من أطول سيمفونيات وألحان وأهزوجات “الثورة” بفرح غامر، ويطنطنون لرؤية أحادية ووحيدة ويتيمة عما يجري في سوريا، وهو أن “النظام” يقتل وينكـّل بشعب “يثور” عليه، متغافلين أو متجاهلين أو متناسين، وجلّ من لا يسهو، تلك الجحافل والجيوش الجرارة والأرتال والطوابير التي لا آخر لها من المرتزقة التي أرسلوها لقتل السوريين، مع استغلال ماكر وخبيث، وتوظيف محترف، وزج للعبة الطوائف والأديان والأقليات والأكثريات ذات الحساسية العالية لشعوب المنطقة المعبئة والمحقونة إيديولوجياً ومذهبياً في الحدث، وبقية القصة بتطوراتها العسكرية والسياسية باتت معروفة.

 

ولو تم “تلقيم” كل تلك المعطيات لأبسط برنامج حاسوبي، لانعدمت فيه أية إمكانية لبقاء “النظام” السوري، حتى لأيام معدودات كما كانت تدندن طيبة الذكر “الراحلة” هيلاري كلينتون بحضور حمد بن جاسم ونبيل العربي. وعلى النقيض من ذلك، ومن بين كل تلك المعطيات “المتشائمة”، يلحظ المراقبون، ازدياداً، وارتفاعاً في شعبية الرئيس الأسد، ويقرّ اليوم كثيرون، على مستويات عدة، شعبية ورسمية محلية وإقليمية ودولية، وبكل بساطة، أن نظام حكم الرئيس بشار الأسد باق، لا يتزحزح مع الإعداد المنتظم والمدروس لمواجهة الاستحقاق الرئاسي، الذي يعتقد أن يحصد الرئيس الأسد معظم أصواته، في عملية ستعتبر، لو تمت وانتهت كما هو متوقع، وأفضت لولاية دستورية جديدة للرئيس الأسد، على أنها واحدة من أكبر التحديات والمعجزات السياسية على مر التاريخين البعيد والقريب، حاصد معها الرئيس الأسد لقب، وتوّج على عرش أغلى رجل في التاريخ.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-05-04
  • 12029
  • من الأرشيف

معجزة صمود النظام السوري: الأسد أغلى رجل في التاريخ

في ذروة تساقط وإسقاط أنظمة الشرق الأوسط، تحت مسمى “الربيع” و”الثورات” المفبركة والمطبوخة سلفاً في معاهد الديمقراطية الأمريكية، اندفع كثيرون، شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية وفنية ومنظمات إقليمية ودول، وأخذهم الحماس “الثوري” لإسقاط “النظام” في سوريا، على غرار أشقائه من الأنظمة الأخرى المستهدفة بطاعون “الربيع العربي” الفتــّاك. غير أن القراءات الارتجالية المتسرعة والمغلوطة للمعطيات الجيو-سياسية السورية، والإسقاطات النمطية الخاطئة، أظهرت مع تطور وامتداد الحدث، تمايزاً عميقاً عن تلك القراءات النمطية الأخرى التي أحاطت بدول “الربيع العربي”، وبيــّنت لاحقاً أن معضلة وورطة “الربيع” أكبر مما هو متوقع، وتكاد المهمة تكون شبه مستحيلة في سوريا، ومع مرور الزمن، تشكـّل يقين الجميع أن “النظام” لن يسقط على الإطلاق. ففي عملية الإعداد الهائلة الإقليمية والدولية، لإسقاط “النظام” (الثورة)، تم رصد إمكانيات استثنائية، بحيث باتت الأرقام والإحصائيات و”الميزانيات” المطروحة والمعروفة، تقول: “إن تكلفة إسقاط الرئيس الأسد، وما رصد له، تجعل منه أغلى رجل في التاريخ”. مئات آلاف المقاتلين، من جيش القاعدة، احتياط أمريكا وجيشها الرديف، (ثوّار سوريا)، قدّر عددهم الإجمالي بثلاثمائة ألف رجل، من حوالي ثمان وثلاثين دولة لم تستثن دولاً اسكندنافية منها، تم تجهيزهم بأحدث الأسلحة وتدريبهم على آخر أساليب وتكتيكات الحروب الحديثة، وخاصة حرب العصابات التي لم ينج منها نظام على مر التاريخ. ورصد لهذه الحرب الضروس “الثورة”، عشرات مليارات الدولارات، كانت تضخ بشكل رئيس ومنتظم من دول مجلس التعاون الخليجي، كبنك، ودفتر شيكات، وحامل مالي للحرب “الثورة”، فيما تولت الدول الكبرى وعواصم الاستعمار التاريخي الشهيرة روما، لندن، باريس، واشنطن، إدارة الحرب دبلوماسياً وسياسياً، فيما وُضعت الأمم المتحدة بقضها وقضيضها، وبكل منظماتها الدولية وأذرعها الحقوقية، وأسوأ أمين عام دمية Puppet مرّ عليها، مع مبعوث جزائري معروف تاريخياً بولائه الأعمى، وانخراطه في إخراج “ثورات” أمريكا وحروبها، في خدمة إستراتيجية. بالتوازي هناك منظمات دولية، كمجموعة الأصدقاء الشهيرة، وقد بدأت بحوالي المائة والأربعين دولة وتقلصت وانكمشت مؤخراً إلى أحد عشر صديقاً، مع الاتحاد الأوروبي، وإقليمية كالجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربي -الفارسي، كانت كلها سيوفاً ضاربة ومسلطة فوق رأس “النظام” وضعت كل خبراتها ومهاراتها وثقلها في مهمة إسقاط نظام “زميل” وتدمير دولة “شقيقة”، ونحن بالكلام هنا عمن يسمــّون بالعرب، وتغليب وجهة نظر “الثورة” ورفض وإنكار أي حرف، وكلمة، وخطاب، وتحرك آت من جهة وصوب “النظام”، ناهيك عن تسخير إمكانيات “شبه” القارة الأناضولية-الأطلسية، ما أدراكم ما الأطلسي، في خدمة “الحرب” (الثورة)، واعتبارها الحاضن “الرؤوم” والحديقة الخلفية لها. على صعيد إعلامي مواز، كانت كبريات إمبراطوريات الإعلام الشهيرة والتقليدية في العالم، وزميلاتها المستحدثات اللتان تسيطران على الفضاء العربي، الجزيرة والعربية، وفي أشرس حملة إعلامية وتضليلية عبر التاريخ، ينغـّمون Orchestrating جميعاً ويرددون واحدة من أطول سيمفونيات وألحان وأهزوجات “الثورة” بفرح غامر، ويطنطنون لرؤية أحادية ووحيدة ويتيمة عما يجري في سوريا، وهو أن “النظام” يقتل وينكـّل بشعب “يثور” عليه، متغافلين أو متجاهلين أو متناسين، وجلّ من لا يسهو، تلك الجحافل والجيوش الجرارة والأرتال والطوابير التي لا آخر لها من المرتزقة التي أرسلوها لقتل السوريين، مع استغلال ماكر وخبيث، وتوظيف محترف، وزج للعبة الطوائف والأديان والأقليات والأكثريات ذات الحساسية العالية لشعوب المنطقة المعبئة والمحقونة إيديولوجياً ومذهبياً في الحدث، وبقية القصة بتطوراتها العسكرية والسياسية باتت معروفة.   ولو تم “تلقيم” كل تلك المعطيات لأبسط برنامج حاسوبي، لانعدمت فيه أية إمكانية لبقاء “النظام” السوري، حتى لأيام معدودات كما كانت تدندن طيبة الذكر “الراحلة” هيلاري كلينتون بحضور حمد بن جاسم ونبيل العربي. وعلى النقيض من ذلك، ومن بين كل تلك المعطيات “المتشائمة”، يلحظ المراقبون، ازدياداً، وارتفاعاً في شعبية الرئيس الأسد، ويقرّ اليوم كثيرون، على مستويات عدة، شعبية ورسمية محلية وإقليمية ودولية، وبكل بساطة، أن نظام حكم الرئيس بشار الأسد باق، لا يتزحزح مع الإعداد المنتظم والمدروس لمواجهة الاستحقاق الرئاسي، الذي يعتقد أن يحصد الرئيس الأسد معظم أصواته، في عملية ستعتبر، لو تمت وانتهت كما هو متوقع، وأفضت لولاية دستورية جديدة للرئيس الأسد، على أنها واحدة من أكبر التحديات والمعجزات السياسية على مر التاريخين البعيد والقريب، حاصد معها الرئيس الأسد لقب، وتوّج على عرش أغلى رجل في التاريخ.  

المصدر : تلفزيون ليفانت /نضال نعيسة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة