يحفظ اللبنانيون عن ظهر قلب عبارة «إن فرص انتخاب رئيس بصيغة لبنانية لبنانية مستحيلة»، وهذا بالطبع ليس وليد ظرف حالي أو سياسات جديدة في المنطقة، أو رئيساً أميركياً جديداً منتخباً، أو رئيساً فرنسياً انتهت ولايته، أو اتفاقاً نووياً عُقد هنا أو هناك، أثرت تداعياته على لبنان في سنة معينة تمّ اختيار أو انتخاب رئيس وفق الظروف.

 فهذه الظروف الإقليمية الدولية لم تنته يوماً، ولم يتوقف لبنان منذ استقلاله عن التأثر بتبعاتها، وعليه فإنّ كلّ مرشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية أو لرئاسة الحكومة اللبنانية يأخذ في الاعتبار مسبقاً هذا الواقع، فيحسب فرص فوزه وفق المعادلات السياسية التي تحكم المنطقة والتي تحكم بالتالي فرص فوزه.

 من بين أسماء المرشحين الحقيقيين المنافسين لرئاسة الجمهورية اللبنانية يبقى اسم العماد ميشال عون أقوى الأسماء المطروحة حالياً، وإنْ كان ليس ترشيحاً بلسانه علناً باعتبار أن لا شيء أو نصّ دستورياً يفرض إعلان الترشيح، لكن المجمع عليه أنه أقوى الأسماء المارونية المطروحة للسباق.

 أقوى الأسماء المسيحية المارونية هذه تحتاج إلى معادلة إقليمية قوية أيضاً لكي تضمن فرص النجاح، وبالنظر إلى المنطقة وتعقيداتها وتسوياتها السياسية المرتقبة بدءاً من الملف السوري إلى المصري فالعراقي، أحد أقوى السيناريوات المطروحة لفوز العماد عون بحسب مصادر ديبلوماسية موثوقة تتعلق بتسوية إيرانية ـ أميركية مع العراق ولبنان، يفوز من خلالها العماد عون برئاسة الجمهورية اللبنانية فما هي ظروف هذه التسوية وتفاصيلها؟

 يُعرف عن إيران أنّ فيها عقلاً استراتيجياً غير أحادي، أي أنّ لإيران بدائل غير مقيّدة باللجوء إليها تكتيكياً، ولا تتمسك برمزية تبديل الأسماء بمعنى «ليس هناك عقدة تحكمها بفكرة أن تبديل الأسماء هو تبديل الثوابت»، وخير دليل على هذا قدوم الرئيس حسن روحاني بعد الرئيس أحمدي نجاد من دون أن يعني هذا كله أيّ تبدّل في السياسة العامة للدولة، ولا أي تراجع أو تغيير في ثوابتها، ما يشير إلى أن العقل الإيراني قادر على الاستفادة من المراحل ولو بين تناقضات ظاهرة، والمفاوضات النووية بعهدي نجاد وروحاني أظهرت ذلك بوضوح.

 لهذا السبب هناك تقارير أميركية تتحدث عن أن مرحلة «نوري المالكي» في العراق قد استنفذت، وأنّ هناك تعقيدات تواجهه في الساحات الكردية الشيعية والسنية على حدّ سواء، كالخلافات مع السيد مقتدى الصدر ومع السيد عمار الحكيم المجلس الأعلى ومع إياد علاوي وأحمد الشلبي.

التقارير تقول إنه سيفوز بالكتلة الأغلب، لكن من الصعب عليه تشكيل حكومة، وإذا حصل وشكّلها فمن الصعب القيام بعلاقات سلسة تنفّس الاحتقانات المذكورة.

في المقابل هناك تفاهم أميركي ـ إيراني مفاده «أنّ القاعدة عدو مشترك للطرفين»، وهذا ليس حصرياً بالمالكي، لأنّ أي شخصية شيعية من حلفاء إيران ومقبولة من أميركا يمكن أن تؤدي هذه الوظيفة، خصوصاً إذا كانت فرصها أكبر لتتماسك الساحة الشيعية وتنفتح أكثر على السنة والأكراد وتنفّس الاحتقانات الإقليمية حول العراق خليجياً بصورة خاصة.

 إضافة إلى هذا، وبعد الاحتقان العراقي الكبير مع السعودية برزت الحاجة إلى شخصية عراقية قادرة على التحدث مع السعودية، بشكل يتيح للسعودية اعتبار نفسها «نصف رابح» في العراق على الطريقة نفسها التي أوحى فيها الأميركي أن أميركا نصف رابح في العراق بوجود المالكي في رئاسة الحكومة.

يدور البحث بين اسمي إياد علاوي وأحمد الشلبي لتلبية هذا الغرض.

 هذا الطرح الأميركي هو طرح «سعودي مؤمرك» في مرحلة ما بعد بندر بن سلطان، بمعنى أنه طرح مقرن بن عبد العزيز، ومن طبيعة الطرح يبدو مؤكداً أنه طرح مقرن، لأنه الوحيد الذي تربطه علاقات طيبة بكلّ من علاوي والشلبي، ومقرن سبق وخاض اشتباكاً كلامياً مع نوري المالكي يوم كان مقرن رئيساً للاستخبارات، وواجهه المالكي بلوائح الأموال المحوّلة من السعودية إلى العراق، وأغلبها من مقرّبين من العائلة المالكة، وبعضها رسمي لحساب المجموعات المسلحة التابعة للقاعدة، وهذا وفق مصادر ديبلوماسية مطلعة على الملف العراقي ـ السعودي.

 من جهة مقابلة فإنّ مقرن نفسه هو الذي طوى ملف ترشيح جعجع في لبنان عند سعد الحريري بعد رحيل بندر، وكان في طليعة المشجعين على الانفتاح على عون، ويأتي السؤال من مصادر متابعة للملفين اللبناني والعراقي على الصعيد الإقليمي، عن مدى إمكانية أن يُعرض على إيران تسهيل وصول عون إلى الرئاسة مقابل تسهيل المعادلة الجديدة في العراق…؟

  • فريق ماسة
  • 2014-04-27
  • 7061
  • من الأرشيف

هل تقايض واشنطن - طهران نوري المالكي بميشال عون؟

يحفظ اللبنانيون عن ظهر قلب عبارة «إن فرص انتخاب رئيس بصيغة لبنانية لبنانية مستحيلة»، وهذا بالطبع ليس وليد ظرف حالي أو سياسات جديدة في المنطقة، أو رئيساً أميركياً جديداً منتخباً، أو رئيساً فرنسياً انتهت ولايته، أو اتفاقاً نووياً عُقد هنا أو هناك، أثرت تداعياته على لبنان في سنة معينة تمّ اختيار أو انتخاب رئيس وفق الظروف.  فهذه الظروف الإقليمية الدولية لم تنته يوماً، ولم يتوقف لبنان منذ استقلاله عن التأثر بتبعاتها، وعليه فإنّ كلّ مرشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية أو لرئاسة الحكومة اللبنانية يأخذ في الاعتبار مسبقاً هذا الواقع، فيحسب فرص فوزه وفق المعادلات السياسية التي تحكم المنطقة والتي تحكم بالتالي فرص فوزه.  من بين أسماء المرشحين الحقيقيين المنافسين لرئاسة الجمهورية اللبنانية يبقى اسم العماد ميشال عون أقوى الأسماء المطروحة حالياً، وإنْ كان ليس ترشيحاً بلسانه علناً باعتبار أن لا شيء أو نصّ دستورياً يفرض إعلان الترشيح، لكن المجمع عليه أنه أقوى الأسماء المارونية المطروحة للسباق.  أقوى الأسماء المسيحية المارونية هذه تحتاج إلى معادلة إقليمية قوية أيضاً لكي تضمن فرص النجاح، وبالنظر إلى المنطقة وتعقيداتها وتسوياتها السياسية المرتقبة بدءاً من الملف السوري إلى المصري فالعراقي، أحد أقوى السيناريوات المطروحة لفوز العماد عون بحسب مصادر ديبلوماسية موثوقة تتعلق بتسوية إيرانية ـ أميركية مع العراق ولبنان، يفوز من خلالها العماد عون برئاسة الجمهورية اللبنانية فما هي ظروف هذه التسوية وتفاصيلها؟  يُعرف عن إيران أنّ فيها عقلاً استراتيجياً غير أحادي، أي أنّ لإيران بدائل غير مقيّدة باللجوء إليها تكتيكياً، ولا تتمسك برمزية تبديل الأسماء بمعنى «ليس هناك عقدة تحكمها بفكرة أن تبديل الأسماء هو تبديل الثوابت»، وخير دليل على هذا قدوم الرئيس حسن روحاني بعد الرئيس أحمدي نجاد من دون أن يعني هذا كله أيّ تبدّل في السياسة العامة للدولة، ولا أي تراجع أو تغيير في ثوابتها، ما يشير إلى أن العقل الإيراني قادر على الاستفادة من المراحل ولو بين تناقضات ظاهرة، والمفاوضات النووية بعهدي نجاد وروحاني أظهرت ذلك بوضوح.  لهذا السبب هناك تقارير أميركية تتحدث عن أن مرحلة «نوري المالكي» في العراق قد استنفذت، وأنّ هناك تعقيدات تواجهه في الساحات الكردية الشيعية والسنية على حدّ سواء، كالخلافات مع السيد مقتدى الصدر ومع السيد عمار الحكيم المجلس الأعلى ومع إياد علاوي وأحمد الشلبي. التقارير تقول إنه سيفوز بالكتلة الأغلب، لكن من الصعب عليه تشكيل حكومة، وإذا حصل وشكّلها فمن الصعب القيام بعلاقات سلسة تنفّس الاحتقانات المذكورة. في المقابل هناك تفاهم أميركي ـ إيراني مفاده «أنّ القاعدة عدو مشترك للطرفين»، وهذا ليس حصرياً بالمالكي، لأنّ أي شخصية شيعية من حلفاء إيران ومقبولة من أميركا يمكن أن تؤدي هذه الوظيفة، خصوصاً إذا كانت فرصها أكبر لتتماسك الساحة الشيعية وتنفتح أكثر على السنة والأكراد وتنفّس الاحتقانات الإقليمية حول العراق خليجياً بصورة خاصة.  إضافة إلى هذا، وبعد الاحتقان العراقي الكبير مع السعودية برزت الحاجة إلى شخصية عراقية قادرة على التحدث مع السعودية، بشكل يتيح للسعودية اعتبار نفسها «نصف رابح» في العراق على الطريقة نفسها التي أوحى فيها الأميركي أن أميركا نصف رابح في العراق بوجود المالكي في رئاسة الحكومة. يدور البحث بين اسمي إياد علاوي وأحمد الشلبي لتلبية هذا الغرض.  هذا الطرح الأميركي هو طرح «سعودي مؤمرك» في مرحلة ما بعد بندر بن سلطان، بمعنى أنه طرح مقرن بن عبد العزيز، ومن طبيعة الطرح يبدو مؤكداً أنه طرح مقرن، لأنه الوحيد الذي تربطه علاقات طيبة بكلّ من علاوي والشلبي، ومقرن سبق وخاض اشتباكاً كلامياً مع نوري المالكي يوم كان مقرن رئيساً للاستخبارات، وواجهه المالكي بلوائح الأموال المحوّلة من السعودية إلى العراق، وأغلبها من مقرّبين من العائلة المالكة، وبعضها رسمي لحساب المجموعات المسلحة التابعة للقاعدة، وهذا وفق مصادر ديبلوماسية مطلعة على الملف العراقي ـ السعودي.  من جهة مقابلة فإنّ مقرن نفسه هو الذي طوى ملف ترشيح جعجع في لبنان عند سعد الحريري بعد رحيل بندر، وكان في طليعة المشجعين على الانفتاح على عون، ويأتي السؤال من مصادر متابعة للملفين اللبناني والعراقي على الصعيد الإقليمي، عن مدى إمكانية أن يُعرض على إيران تسهيل وصول عون إلى الرئاسة مقابل تسهيل المعادلة الجديدة في العراق…؟

المصدر : البناء/ روزانا رمّال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة