تعيش مدينة حمص هذه الأيام ما قد يسمى بمخاض ولادة الخلاص، فمعارك حمص القديمة والتي بدأت قبل اسبوع مستمرة و سقفها الزمني الوحيد هو الوصول إلى لحظة انتصار جديد يحققه الجيش العربي السوري، ويستعيد من خلاله السيطرة على كامل أحياء تلك المنطقة، وذلك بحسب ما أفادنا به مصدر عسكري من الميدان".

أحياء حمص القديمة ذات الأغلبية المسيحية لم تكن من بين تلك الأحياء التي شهدت حراكاً سلمياً أو مسلحاً طوال أشهر الأزمة في العام ٢٠١١ ، ولكنها دخلت دائرة الصراع المسلح عندما بدأ بعض أفراد الجماعات المسلحة التسلل و الدخول إلى تلك الأحياء قادمين من إحياء الجوار، وهناك بدأت هذه الجماعات بتشكيل ما يعرف بالخلايا النائمة التي بقيت دون حراك طوال أشهر عديدة إلى أن ظهرت بشكل مفاجئ في شوارع أحياء الحميدية و بستان الديوان ووادي السايح و عمدت على نشر المقاتلين في الشوارع ليلاً و نهاراً .

وقد شهدت تلك الفترة عدة حوادث أمنية كان ابرزها قطع الطرق الرئيسية التي كانت المعبر الوحيد لخطوط النقل المتبقية في المدينة و كذلك ارتكاب جرائم القتل و الخطف بحق دوريات حفظ النظام و الشرطة و المواطنين الموظفين في قطاعات مختلفة من مؤسسات الدولة و اتخاذ مدارس المنطقة و كنائسها كمقرات لهم بعد الاستيلاء عليها و سرقة الكثير من محتوياتها الثمينة كالصلبان و الأيقونات الأثرية .

هذا ما أدى إلى نزوح عدد كبير من أهالي تلك الأحياء إلى مناطق اخرى كالأرمن و زيدل و فيروزة و تحول المنطقة إلى نقطة جديدة من نقاط المواجهات و المعارك بين وحدات الجيش العربي السوري و المسلحين .

لم يتبق داخل حمص القديمة سوى ما يقارب الألفي شخص بينهم مئات من الشبان المسلحين و الذين كانوا على تواصل مع مسلحي الخالدية عبر وادي السايح , و لك مالبثت ان انقطعت سبل التواصل بين الطرفين بعد إحكام الجيش العربي السوري سيطرته على جزء من وادي السايح و كان قبل ذلك قد أحكم السيطرة على مناطق أخرى متداخلة مع حمص القديمة كحي باب تدمر و باب السباع و قلعة حمص بالإضافة الى تموضع الوحدات العسكرية في نقاط متقدمة داخل أحياء باب هود و حي جورة الشياح .

فباتت حمص القديمة بأحياءها المبنية من الحجر البازلتي محاصرة و ليس لها أي منفذ نحو الخارج و كانت تدخل اليها المواد الغذائية و المساعدات الطبية عن طريق المنظمات الدولية و بتعاون من السلطات السورية , إلى أن تم توقيع الإتفاق بين محافظة حمص و مندوب الأمم المتحدة في سورية و الذي تم بموجبه إجلاء المدنيين و إخراجهم من داخل حمص القديمة إضافة إلى إدخال كميات من المساعدات الغذائية لمن أراد البقاء في الداخل , هذا بحسب مانص عليه الإتفاق .

و لكن ما جرى على أرض الواقع هو أن عدداً كبيرا من مسلحي حمص القديمة قاموا بتسليم أنفسهم و أسلحتهم الى السلطات السورية، وتمت تسوية اوضاع الكثير منهم ممن غرر بهم واستخدموا في أعمال غير قتالية بشكل مباشر .

وفي أحاديث رووها عن تجربتهم داخل حمص القديمة كشف هؤولاء المسلحون عن إنقسامات بين صفوف المسلحين بحسب تبعيتهم لقادة الكتائب المقاتلة وقال أحد المسلحين الخارجين من حمص القديمة أن "قادة الكتائب كانو يحرمون من لا يقاتل في صفوفهم من الطعام و الدواء و كافة الإمتيازات التي يتمتع بها المقاتلون و أضاف : لقد كنا نتقاضى مبلغاً شهرياً قدره ١٠٠٠٠ ليرة سورية لقاء قتالنا في صفوف الجيش الحر، وكان المبلغ لا يكفينا معيشتنا حيث كانوا يتحكمون بأسعار المواد و الخضار التي تدخل كمساعدات الى الأحياء , فيقومون بخزنها و بيعها بأسعار مرتفعة جداً".

وعن الشق العسكري تحدث أحدهم قائلا :" الكتائب المقاتلة في حمص القديمة هي كتائب الفاروق وجند الشام و لواء الحق و هناط فصائل تقاتل بمفردها و لكل من هذه الفصائل جهات تمويل خاصة بها فبعضها ممول قطرياً و غيرها ممول سعودياً و يضيف: لقد كنا معزولين عن العالم الخارجي، ولم نعلم بسيطرة الجيش العربي السوري على القصير إلا بعد مدة غير قصيرة و كذلك الأمر بالنسبة للخالدية , حيث كانوا يمنعون عنا كل وسائل التواصل و ذلك كي لا تتأثر معنوياتنا و كي نبقى نقاتل إلى جانبهم".

يضيف مسلح آخر: "في مرات عديدة كانت تنشب خلافات بين قادة الكتائب تصل الى حد الإشتباك بين الطرفين و غالبا ماتكون أسباب الخلاف هو تقاسم المساعدات أو زعامة قطاع معين من الحي و أحيانا تنشب خلافات كبيرة بين القادة فيما لو أراد بعضهم التخلي عن القتال و تسليم نفسه للجيش العربي السوري , و عندما تضيق السبل بإحدهم كان يجمع حوله عدداً من العناصر و يتخذون بضعة شوارع كقطاع لهم و يعلنون انه قطاعهم و يمنعون الدخول اليه".

أما اليوم وبعد خروج المدنيين من داخل المدينة القديمة وبعد أن أصر من بقي من المسلحين على القتال حتى الرمق الأخير، ما كان من السلطات السورية وقادة العمليات العسكرية في حمص إلا ان اتخذوا قرار الحسم العسكري في حمص القديمة، حيث بدأت قبل أيام عمليات التمهيد المدفعي و ضربات الطيران الحربي التي تستهدف معاقل الجماعات المسلحة و قد تحققت الكثير من النتائج الميدانية على الأرض تحضيراً للتقدم البري، ودخول وحدات المشاة التي تتقدم من اتجاهات مختلفة و التي سيطرت على مواقع جديدة في أحياء باب هود و جورة الشياح و تم الكشف عن وجود نفق بطول ٥٠٠ متر كان المسلحون يستخدمونه في عمليات الفرار و التسلل بين حمص القديمة، وباب هود كما شهد الأسبوع الماضي حدثاً أمنياً كبيراً تمثل بمقتل أكثر من ٥٥ مسلحاً دفعة واحدة في انفجار حافلة كانت تعد و تجهز بكميات من المتفجرات، وبحسب المصادر العسكرية فإن الحافلة كان مخططاً لها أن تنفجر بالقرب من احد الحواجز ليتم بعدها التقدم لقلب معادلة المعركة و لكنت ما خطط له باء بالفشل .

المصادر العسكرية والقادة الميدانيين يؤكدون أن أياماً فقط تفصل حمص عن لحظة كانت تنتظرها و هي الوصول الى يوم لا يسمع فيه صوت الرصاص في المدينة إلا ابتهاجاً و هي لحظة وصفتها مصادر في المعارضة بإنها لحظة توديع حمص لثورتها وهو ماجاء على لسان أحد المتحدثين باسم المعارضة عبر مواقع التواصل الإجتماعي".

  • فريق ماسة
  • 2014-04-15
  • 9672
  • من الأرشيف

مدينة حمص .. نهاية المعركة

تعيش مدينة حمص هذه الأيام ما قد يسمى بمخاض ولادة الخلاص، فمعارك حمص القديمة والتي بدأت قبل اسبوع مستمرة و سقفها الزمني الوحيد هو الوصول إلى لحظة انتصار جديد يحققه الجيش العربي السوري، ويستعيد من خلاله السيطرة على كامل أحياء تلك المنطقة، وذلك بحسب ما أفادنا به مصدر عسكري من الميدان". أحياء حمص القديمة ذات الأغلبية المسيحية لم تكن من بين تلك الأحياء التي شهدت حراكاً سلمياً أو مسلحاً طوال أشهر الأزمة في العام ٢٠١١ ، ولكنها دخلت دائرة الصراع المسلح عندما بدأ بعض أفراد الجماعات المسلحة التسلل و الدخول إلى تلك الأحياء قادمين من إحياء الجوار، وهناك بدأت هذه الجماعات بتشكيل ما يعرف بالخلايا النائمة التي بقيت دون حراك طوال أشهر عديدة إلى أن ظهرت بشكل مفاجئ في شوارع أحياء الحميدية و بستان الديوان ووادي السايح و عمدت على نشر المقاتلين في الشوارع ليلاً و نهاراً . وقد شهدت تلك الفترة عدة حوادث أمنية كان ابرزها قطع الطرق الرئيسية التي كانت المعبر الوحيد لخطوط النقل المتبقية في المدينة و كذلك ارتكاب جرائم القتل و الخطف بحق دوريات حفظ النظام و الشرطة و المواطنين الموظفين في قطاعات مختلفة من مؤسسات الدولة و اتخاذ مدارس المنطقة و كنائسها كمقرات لهم بعد الاستيلاء عليها و سرقة الكثير من محتوياتها الثمينة كالصلبان و الأيقونات الأثرية . هذا ما أدى إلى نزوح عدد كبير من أهالي تلك الأحياء إلى مناطق اخرى كالأرمن و زيدل و فيروزة و تحول المنطقة إلى نقطة جديدة من نقاط المواجهات و المعارك بين وحدات الجيش العربي السوري و المسلحين . لم يتبق داخل حمص القديمة سوى ما يقارب الألفي شخص بينهم مئات من الشبان المسلحين و الذين كانوا على تواصل مع مسلحي الخالدية عبر وادي السايح , و لك مالبثت ان انقطعت سبل التواصل بين الطرفين بعد إحكام الجيش العربي السوري سيطرته على جزء من وادي السايح و كان قبل ذلك قد أحكم السيطرة على مناطق أخرى متداخلة مع حمص القديمة كحي باب تدمر و باب السباع و قلعة حمص بالإضافة الى تموضع الوحدات العسكرية في نقاط متقدمة داخل أحياء باب هود و حي جورة الشياح . فباتت حمص القديمة بأحياءها المبنية من الحجر البازلتي محاصرة و ليس لها أي منفذ نحو الخارج و كانت تدخل اليها المواد الغذائية و المساعدات الطبية عن طريق المنظمات الدولية و بتعاون من السلطات السورية , إلى أن تم توقيع الإتفاق بين محافظة حمص و مندوب الأمم المتحدة في سورية و الذي تم بموجبه إجلاء المدنيين و إخراجهم من داخل حمص القديمة إضافة إلى إدخال كميات من المساعدات الغذائية لمن أراد البقاء في الداخل , هذا بحسب مانص عليه الإتفاق . و لكن ما جرى على أرض الواقع هو أن عدداً كبيرا من مسلحي حمص القديمة قاموا بتسليم أنفسهم و أسلحتهم الى السلطات السورية، وتمت تسوية اوضاع الكثير منهم ممن غرر بهم واستخدموا في أعمال غير قتالية بشكل مباشر . وفي أحاديث رووها عن تجربتهم داخل حمص القديمة كشف هؤولاء المسلحون عن إنقسامات بين صفوف المسلحين بحسب تبعيتهم لقادة الكتائب المقاتلة وقال أحد المسلحين الخارجين من حمص القديمة أن "قادة الكتائب كانو يحرمون من لا يقاتل في صفوفهم من الطعام و الدواء و كافة الإمتيازات التي يتمتع بها المقاتلون و أضاف : لقد كنا نتقاضى مبلغاً شهرياً قدره ١٠٠٠٠ ليرة سورية لقاء قتالنا في صفوف الجيش الحر، وكان المبلغ لا يكفينا معيشتنا حيث كانوا يتحكمون بأسعار المواد و الخضار التي تدخل كمساعدات الى الأحياء , فيقومون بخزنها و بيعها بأسعار مرتفعة جداً". وعن الشق العسكري تحدث أحدهم قائلا :" الكتائب المقاتلة في حمص القديمة هي كتائب الفاروق وجند الشام و لواء الحق و هناط فصائل تقاتل بمفردها و لكل من هذه الفصائل جهات تمويل خاصة بها فبعضها ممول قطرياً و غيرها ممول سعودياً و يضيف: لقد كنا معزولين عن العالم الخارجي، ولم نعلم بسيطرة الجيش العربي السوري على القصير إلا بعد مدة غير قصيرة و كذلك الأمر بالنسبة للخالدية , حيث كانوا يمنعون عنا كل وسائل التواصل و ذلك كي لا تتأثر معنوياتنا و كي نبقى نقاتل إلى جانبهم". يضيف مسلح آخر: "في مرات عديدة كانت تنشب خلافات بين قادة الكتائب تصل الى حد الإشتباك بين الطرفين و غالبا ماتكون أسباب الخلاف هو تقاسم المساعدات أو زعامة قطاع معين من الحي و أحيانا تنشب خلافات كبيرة بين القادة فيما لو أراد بعضهم التخلي عن القتال و تسليم نفسه للجيش العربي السوري , و عندما تضيق السبل بإحدهم كان يجمع حوله عدداً من العناصر و يتخذون بضعة شوارع كقطاع لهم و يعلنون انه قطاعهم و يمنعون الدخول اليه". أما اليوم وبعد خروج المدنيين من داخل المدينة القديمة وبعد أن أصر من بقي من المسلحين على القتال حتى الرمق الأخير، ما كان من السلطات السورية وقادة العمليات العسكرية في حمص إلا ان اتخذوا قرار الحسم العسكري في حمص القديمة، حيث بدأت قبل أيام عمليات التمهيد المدفعي و ضربات الطيران الحربي التي تستهدف معاقل الجماعات المسلحة و قد تحققت الكثير من النتائج الميدانية على الأرض تحضيراً للتقدم البري، ودخول وحدات المشاة التي تتقدم من اتجاهات مختلفة و التي سيطرت على مواقع جديدة في أحياء باب هود و جورة الشياح و تم الكشف عن وجود نفق بطول ٥٠٠ متر كان المسلحون يستخدمونه في عمليات الفرار و التسلل بين حمص القديمة، وباب هود كما شهد الأسبوع الماضي حدثاً أمنياً كبيراً تمثل بمقتل أكثر من ٥٥ مسلحاً دفعة واحدة في انفجار حافلة كانت تعد و تجهز بكميات من المتفجرات، وبحسب المصادر العسكرية فإن الحافلة كان مخططاً لها أن تنفجر بالقرب من احد الحواجز ليتم بعدها التقدم لقلب معادلة المعركة و لكنت ما خطط له باء بالفشل . المصادر العسكرية والقادة الميدانيين يؤكدون أن أياماً فقط تفصل حمص عن لحظة كانت تنتظرها و هي الوصول الى يوم لا يسمع فيه صوت الرصاص في المدينة إلا ابتهاجاً و هي لحظة وصفتها مصادر في المعارضة بإنها لحظة توديع حمص لثورتها وهو ماجاء على لسان أحد المتحدثين باسم المعارضة عبر مواقع التواصل الإجتماعي".

المصدر : أنباء آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة