لماذا لم يفصح السيد احمد الجربا عن الرسالة التي بعث بها اليه بعض اعضاء الائتلاف الذين غادروا اسطنبول «…. ولو الى جهنم»، وقالوا فيها «لقد آن الاوان لنخرج من حذاء الصدر الاعظم». كنا نتمنى لو قالوا: ومن احذية الاخرين ايضاً….

الم يكتبوا في رسالتهم انهم لاحظوا ان رجب طيب اردوغان يكره سوريا، و اهل سوريا، اكثر مما يكرهها، ويكرههم، بنيامين نتنياهو؟

لم يعد من الممكن اخفاء ما يقال الآن داخل الائتلاف او حوله، وهل سمعوا ما قاله الارمن فيهم، وهم الآمنون الذين لم يعرفوا لماذا تدك المدفعية التركية منازلهم وكنائسهم وفنادقهم ومقاهيهم مع انه لا وجود لقوات النظام داخل كسب. انهم الاهالي الذين لا يتقنون القتال، ولا يتعاطون السياسة، بل هم اصحاب الوجوه الضاحكة، والافئدة الضاحكة، في استقبال اي زائر…

الصدر الاعظم يراهن ان يصبح بعد حين الباب العالي، وبصلاحيات دستورية تجعله السلطان العثماني فعلاً، بل الحاخام العثماني وصف فتح الله غولن، السني العتيق والعريق الذي رأى ان ثقافة الكتاب لا ثقافة البلاط، هي التي تنهض بتركيا وتحررها من كل تلك الظلمات التي علقت بالذاكرة، وبازدراء يثير الخجل، بالانتماء الى مذهب آخر، وهو الامر الذي ترفّع عنه حتى ايمن الظواهري ودأب على توظيفه اساقفة القاع ان في سوريا او في لبنان او في العراق…

لا يعنينا النظام، ولا أهل النظام، في هذه اللحظة الضائعة ولكن اليس كل ما حصل، وما حصل اخيراً، هو الدليل القاطع على التماهي بين العقل النيو عثماني والعقل النيو عبراني، وحيث الكراهية الايديولوجية والتاريخية واللامتناهية لسوريا؟

العقل اياه الذي يسعى لتقويض الدولة في سوريا والمجتمع في سوريا والانسان في سوريا، فهل ان اعضاء الائتلاف القابعين الآن في الثلاجة العثمانية غافلون عن الوضع على الجانب السوري من الحدود، ومن يمسك بالارض، وكيف تتولى اجهزة الاستخبارات التركية ادارة رجال «داعش» و«النصرة»، وما هو ارتباط القادة الشيشان في الرقة بهذه الاجهزة التي بات معلوماً للخاصة كما للعامة طبيعة علاقتها بابي بكر البغدادي…

ثلاث سنوات من التيه والتبعية تكفي. ولعل اعضاء الائتلاف علموا بردة فعل الضباط المصريين على الانتهاك التركي للاراضي السورية. بعثوا بعريضة جماعية الى القيادة يعلنون فيها رغبتهم في مؤزارة الجيش السوري ضد الغزاة ودون ان يبقى سراً ان رجب طيب اردوغان اختار شخصياً الضباط الذين يتواجدون في مواقع على الحدود مع سوريا، ومعظمهم من الرتب الدنيا والمتوسطة، لكنهم يعرفون بولائهم الاعمى لحزب العدالة والتنمية….

كم تبدو تلك الوجوه مملة وبالية وبائسة ايضاً حين تطرب لما يتردد حول خطط سرية لتزويد المعارضين المعتدلين باسلحة نوعية، كما لو ان بقايا الجيش الحر، وهي اقرب ما تكون الى عصابات قطاع الطرق، ليست محصورة بين المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الاسلامية والتي تتوزع مواقعها لولبياً ودون اي تنسيق لوجستي او عملاني، بل انها تعيش يومياً مواجهات دموية بسبب هشاشة خطوط التماس والرغبة في ازالة الآخر…

على مدى السنوات الثلاث ماذا فعلت الاسلحة النوعية، ومحاولات اعادة الهيكلة, والوحدات التي تم تدريبها في الاردن وتركيا وربما اسرائيل؟ لا شيء سوى التراقص داخل تلك الدوامة الدموية، وبعد ما بات جلياً انه لا مجال للنشاطات العسكرية التي تقوم بها المعارضة سوى في المناطق الحدودية وحيث الملاذات الامنة، وحيث المؤزارة (والادارة) المباشرة….

لا احد يعترض على حق السوريين، كل السوريين، بالحرية والعدالة، ولا نعتقد بعد كل الذي حدث ان النظام سيبقى كما هو اذ لا مناص من اعادة النظر ليس فقط بتقنية الاداء وانما، وهو الاهم، بالرؤية الفلسفية للتعاطي مع الناس، ومع النخب، فعقارب الساعة لا تعود الى الوراء ويفترض الا تعود الى الوراء….

وحين يقول الائتلاف بالهيئة الانتقالية، فهل تراه يقول لنا اين يتواجد في سوريا، واذا ما تشكلت هذه الهيئة، فهل تستطيع ان تمارس سلطتها حتى داخل الردهة التي تتواجد فيها، ولطالما تناهى الينا الحديث عن ذلك الموزاييك العجيب الذي يتكون منه الائتلاف القابل للعطب او للانفجار في اي لحظة…

ليقل لنا دعاة الهيئة الانتقالية من اين ستدار سوريا في هذه الحال؟ من اسطنبول ام من تل ابيب ام من اي عاصمة عربية تأخذ باللوثة القبلية ودون اي اعتبار لمعايير الحداثة ولا لديناميات التفاعل مع لغة، وفلسفة، القرن..

اللاعبون ارتطموا بالحائط، كذلك حجارة الشطرنج، فاي منطق ذاك الذي يقول بالسعي لتعديل موازين القوى، وهو توازن المقابر، وبعدما كشفت معارك الغوطة التي اعدت، اساساً، لاختراق دمشق، او معارك جبال القلمون، حيث جهزت المواقع الحصينة للانقضاض على محاور استراتيجية، وبالتالي محاصرة النظام بل وشلّه، ان المقاتلين المبرمجين حيناً بالحشيش، وحيناً بحوريات العين، ليسوا اكثر من دمى في لعبة القبائل كما في لعبة الامم.

ايها الذين في اسطنبول، الى اي مدى نظل نتناول العار بالشوكة والسكين؟

  • فريق ماسة
  • 2014-04-05
  • 13951
  • من الأرشيف

ضباط مصريون للقتال ضدّ تركيا

لماذا لم يفصح السيد احمد الجربا عن الرسالة التي بعث بها اليه بعض اعضاء الائتلاف الذين غادروا اسطنبول «…. ولو الى جهنم»، وقالوا فيها «لقد آن الاوان لنخرج من حذاء الصدر الاعظم». كنا نتمنى لو قالوا: ومن احذية الاخرين ايضاً…. الم يكتبوا في رسالتهم انهم لاحظوا ان رجب طيب اردوغان يكره سوريا، و اهل سوريا، اكثر مما يكرهها، ويكرههم، بنيامين نتنياهو؟ لم يعد من الممكن اخفاء ما يقال الآن داخل الائتلاف او حوله، وهل سمعوا ما قاله الارمن فيهم، وهم الآمنون الذين لم يعرفوا لماذا تدك المدفعية التركية منازلهم وكنائسهم وفنادقهم ومقاهيهم مع انه لا وجود لقوات النظام داخل كسب. انهم الاهالي الذين لا يتقنون القتال، ولا يتعاطون السياسة، بل هم اصحاب الوجوه الضاحكة، والافئدة الضاحكة، في استقبال اي زائر… الصدر الاعظم يراهن ان يصبح بعد حين الباب العالي، وبصلاحيات دستورية تجعله السلطان العثماني فعلاً، بل الحاخام العثماني وصف فتح الله غولن، السني العتيق والعريق الذي رأى ان ثقافة الكتاب لا ثقافة البلاط، هي التي تنهض بتركيا وتحررها من كل تلك الظلمات التي علقت بالذاكرة، وبازدراء يثير الخجل، بالانتماء الى مذهب آخر، وهو الامر الذي ترفّع عنه حتى ايمن الظواهري ودأب على توظيفه اساقفة القاع ان في سوريا او في لبنان او في العراق… لا يعنينا النظام، ولا أهل النظام، في هذه اللحظة الضائعة ولكن اليس كل ما حصل، وما حصل اخيراً، هو الدليل القاطع على التماهي بين العقل النيو عثماني والعقل النيو عبراني، وحيث الكراهية الايديولوجية والتاريخية واللامتناهية لسوريا؟ العقل اياه الذي يسعى لتقويض الدولة في سوريا والمجتمع في سوريا والانسان في سوريا، فهل ان اعضاء الائتلاف القابعين الآن في الثلاجة العثمانية غافلون عن الوضع على الجانب السوري من الحدود، ومن يمسك بالارض، وكيف تتولى اجهزة الاستخبارات التركية ادارة رجال «داعش» و«النصرة»، وما هو ارتباط القادة الشيشان في الرقة بهذه الاجهزة التي بات معلوماً للخاصة كما للعامة طبيعة علاقتها بابي بكر البغدادي… ثلاث سنوات من التيه والتبعية تكفي. ولعل اعضاء الائتلاف علموا بردة فعل الضباط المصريين على الانتهاك التركي للاراضي السورية. بعثوا بعريضة جماعية الى القيادة يعلنون فيها رغبتهم في مؤزارة الجيش السوري ضد الغزاة ودون ان يبقى سراً ان رجب طيب اردوغان اختار شخصياً الضباط الذين يتواجدون في مواقع على الحدود مع سوريا، ومعظمهم من الرتب الدنيا والمتوسطة، لكنهم يعرفون بولائهم الاعمى لحزب العدالة والتنمية…. كم تبدو تلك الوجوه مملة وبالية وبائسة ايضاً حين تطرب لما يتردد حول خطط سرية لتزويد المعارضين المعتدلين باسلحة نوعية، كما لو ان بقايا الجيش الحر، وهي اقرب ما تكون الى عصابات قطاع الطرق، ليست محصورة بين المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الاسلامية والتي تتوزع مواقعها لولبياً ودون اي تنسيق لوجستي او عملاني، بل انها تعيش يومياً مواجهات دموية بسبب هشاشة خطوط التماس والرغبة في ازالة الآخر… على مدى السنوات الثلاث ماذا فعلت الاسلحة النوعية، ومحاولات اعادة الهيكلة, والوحدات التي تم تدريبها في الاردن وتركيا وربما اسرائيل؟ لا شيء سوى التراقص داخل تلك الدوامة الدموية، وبعد ما بات جلياً انه لا مجال للنشاطات العسكرية التي تقوم بها المعارضة سوى في المناطق الحدودية وحيث الملاذات الامنة، وحيث المؤزارة (والادارة) المباشرة…. لا احد يعترض على حق السوريين، كل السوريين، بالحرية والعدالة، ولا نعتقد بعد كل الذي حدث ان النظام سيبقى كما هو اذ لا مناص من اعادة النظر ليس فقط بتقنية الاداء وانما، وهو الاهم، بالرؤية الفلسفية للتعاطي مع الناس، ومع النخب، فعقارب الساعة لا تعود الى الوراء ويفترض الا تعود الى الوراء…. وحين يقول الائتلاف بالهيئة الانتقالية، فهل تراه يقول لنا اين يتواجد في سوريا، واذا ما تشكلت هذه الهيئة، فهل تستطيع ان تمارس سلطتها حتى داخل الردهة التي تتواجد فيها، ولطالما تناهى الينا الحديث عن ذلك الموزاييك العجيب الذي يتكون منه الائتلاف القابل للعطب او للانفجار في اي لحظة… ليقل لنا دعاة الهيئة الانتقالية من اين ستدار سوريا في هذه الحال؟ من اسطنبول ام من تل ابيب ام من اي عاصمة عربية تأخذ باللوثة القبلية ودون اي اعتبار لمعايير الحداثة ولا لديناميات التفاعل مع لغة، وفلسفة، القرن.. اللاعبون ارتطموا بالحائط، كذلك حجارة الشطرنج، فاي منطق ذاك الذي يقول بالسعي لتعديل موازين القوى، وهو توازن المقابر، وبعدما كشفت معارك الغوطة التي اعدت، اساساً، لاختراق دمشق، او معارك جبال القلمون، حيث جهزت المواقع الحصينة للانقضاض على محاور استراتيجية، وبالتالي محاصرة النظام بل وشلّه، ان المقاتلين المبرمجين حيناً بالحشيش، وحيناً بحوريات العين، ليسوا اكثر من دمى في لعبة القبائل كما في لعبة الامم. ايها الذين في اسطنبول، الى اي مدى نظل نتناول العار بالشوكة والسكين؟

المصدر : الديار /نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة