دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بدأ الجيش السوري قبل عدّة أيام عملية هامة ومعقدة في ريف دمشق الشرقي، حيث تستهدف بلدتي “المليحة” في الغوطة الشرقية و “جوبر” في شرق العاصمة، اللتان تشكلان مركز التهديد الاساسي للعاصمة عبر قذائف الهاون التي تُمطر ضواحي دمشق.
شكّلت منطقة “جوبر” قبل أشهر طويلة، قاعدة إستهداف عمق العاصمة السورية، حيث يتميّز موقع “الحي” الموجود إلى الشرق من العاصمة، المتصل بغوطتها الشرقية بإطلالة هامة على ضواحي دمشق الداخلية، التي يمكنه من خلال موقعه، إستهدافها بقذائف هاون براحة تامة. كانت مناطق “القصّاع”، الأمويين”، “باب توما” و “الزبلطاني”، حتى منطقتي “العدوي” و “أبو رمانة” “وشارع بغداد” ساحات مستباحة لقذائف الهاون المتساقطة إنطلاقاً من “جوبر”، فيما توّلت “المليحة” إستهداف “جرمانا” دورياً بسيارات مُفخخة، وبقذائف الهاون المتساقطة وصولاً لـ “الكشكول”، حيث أدى ذلك لرزوح العاصمة تحت وابل القذائف المنهمرة، والتي كان لا بد من إيجاد حلّ لها.
في الفترة السابقة، حاول المعارضون تشكيل طوق عسكري يُمهدّ لإقتحام العاصمة عسكرياً. تمّت السيطرة على أحياء أو مناطق ذات مواقع إستراتيجية في خاصرة العاصمة، حيث كانت السيطرة على “جوبر” من الشرق، “اليرموك، القدم، الحجر الأسود” من الجنوب، “داريا” من الجنوب الغربي، مروراً بـ “القابون” و “برزة” من الشمال الشرقي والغربي، حيث شكّل ذلك المنطلق الاساسي لتطويق العاصمة وإستهدافها، لكن بعد فشل عمليات إقتحام دمشق عسكرياً، تغيّرت قواعد الإشتباك وتحوّلت الأهداف نحو رمي العاصمة بالهاون وإستهداف المدنيين تحديداً. المعارك وسياسة العزل في الاشهر الماضية، فضت بإنهاء حالات عسكرية في خاصرة العاصمة، أو تجفيف وحصار منابع الارهاب المتبقية، حيث وجد حل لمعضلة “القابون، برزة، القدم، الحجر الاسود، اليرموك، وداريا”، لكن بقي محور “جوبر – المليحة” مصدر الخطر الاساسي لاستهداف العاصمة بالهاون.
مع تصعيد عمليات إستهداف دمشق بالقذائف، تقرّر إعادة إستكمال عملية تطهير الجيوب في خاصرتها، ورُكّزت البوصلة نحو “جوبر – المليحة”، وجوبر بوتيرة أعلى، خصوصاً بعد الأنباء حول نيّة المتشدّدين الذين يسيطرون على الحي، إستخدامه كمنصّة لاستهداف مناطق العاصمة بهجوم قذائف كيميائية منسّق ومنظّم ما اُعدّ البشارة للشروع الفوري بالعملية ىالعسكرية مجدّداً، بعد ان فتح الباب امام التسويات علّها تحل أزمتي “جوبر – المليحة”.
بحسب مصادر عسكرية، فإن العملية التي تدور رحاها اليوم في “جوبر – المليحة”، من أهدافها الاساسية إنهاء حالات قصف العاصمة بالهاون، عبر أهداف أساسية وضعت للعملية، أولها تدمير المرابض المستخدمة لاستهداف العاصمة، ثانيها تدمير معامل القذائف – محلية الصنع – الموجودة في جوبر والمليحة، وثالثاً، إحكام السيطرة على أجزاء واسعة من “جوبر” تمهيداً للسيطرة الكاملة، حيث يؤدي ذلك لعرقلة نشاط المسلحين وإنهاء إستخدامهم لقذائف الهاون عبر السيطرة على مناطق إطلاقها، وفي خطوة أخرى السيطرة على كامل “المليحة” التي تحوي معامل كبيرة لتصنيع قذائف الهاون، حيث يكون الجيش ضرب عصفورين بحجر، أولاً إخراج “المليحة” من معادلة إستهداف العاصمة، وثانياً السيطرة على بلدة هامة في “الغوطة الشرقية” تفتح الباب للسيطرة على القرى المحاذية كـ “زبدين” و “دير العصافير”، وبذلك يكون مشروع إسكات مصادر قذائف الهاون المستهدفة للعاصمة قد انجز، ما له ترتيبات هامة تنعكس إيجاباً على داخل دمشق.
“جوبر” تتمتّع بأرض عسكرية صعبة، هذا ما لا يخفيه الجيش السوري الذي يقر بصعوبة العملية هناك، خصوصاً وانّ الحي شبه مدمّر ويحوي عشرات الانفاق المحفورة أسفل المباني، والتي يستخدمها المسلحون في التنقل، وفي التخفي والكمن للجيش، وهكذا عملية، تعد وفق العلوم العسكرية “عملية صعبة”، نتيجة التخفّي المستمر للمسلحين. تركّزت عمليات الجيش في “جوبر” في الفترات السابقة على تعقّب المسلحين وتوجيه ضربات قاسمة لهم، فيما بادر الجيش لاتخاذ منحى البحث عن الانفاق والخنادق، التي كان يتخوّف من وصولها إلى داخل ضواحي العاصمة، وقيام المسلحون بإستخدامها من أجل التسلّل إليها.
يقول مصدر عسكري ، انه ومع إحكام الجيش للسيطرة على كافة جيوب الارهاب على تخوم دمشق، بات بإمكانه تنشيط العمليات أكثر في “جوبر” وتغيير قواعد الاشتباك التي كانت معتمدة سابقاً، وهذا الذي نراه اليوم مع الأسلوب الجديد الذي يُعتمد في “جوبر”، وفتح أبواب المعركة في “المليحة” المحاصرة منذ أكثر من ستة أشهر.
المصدر :
الحدث نيوز
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة