دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بدأت الخلافات بين الألوية والفصائل في الساحل السوري تطل برأسها، ولا سيما في ظل عجزها عن إحراز أي تقدم إضافي بعد أن فرض الجيش السوري خطاً نارياً أثبت نجاعته في وقف الهجمة التي كان يراد لها الوصول إلى مشارف مدينة اللاذقية.
وبينما أكد البيان «رقم 2»، الصادر عن «غرفة عمليات معركة الأنفال»، أن المرحلة الرئيسية من المعركة لم تبدأ بعد، سيطرت حالة المراوحة في المكان على وقائع المعركة، حتى كادت المعركة تختزل في الاشتباكات الدائرة حول نقطة المرصد 45 الاستراتيجية، والتي تبدلت السيطرة عليها بين الجيش السوري وبين الفصائل المتشددة أكثر من أربع مرات خلال أسبوع واحد، ما يشير إلى شراسة المعركة من جهة وإلى أهمية النقطة من جهة ثانية.
لكن هذه المراوحة سمحت للخلافات المستترة بين الفصائل أن تظهر إلى العلن، ويبدو أن الأيام المقبلة ستحمل في طياتها المزيد من هذه الخلافات ما سيلقي بظلاله على تطورات معركة كسب ومآلاتها المحتملة.
وظهر التخبط منذ اليوم الثاني لإطلاق «معركة الأنفال» في 21 آذار الماضي، التي قامت بها ثلاث فصائل إسلامية متشددة، هي «جبهة النصرة» و«أنصار الشام» و«شام الإسلام»، حيث سارع «قائد الجبهة الغربية والوسطى في الجيش الحر» مصطفى هاشم إلى الإعلان عن معركة أطلق عليها اسم «معركة أمهات المؤمنين» قال إنها تستهدف السيطرة على مرصد خربة سولاس وبيت حليبية وبيت ملك. وأهم الكتائب التي شاركت في غرفة عمليات هذه المعركة هي «اللواء العاشر في الساحل قيادة الجبهة الغربية، اللواء الثالث، اللواء الأول، جبهة الأصالة والتنمية، فيلق الشام، لواء هنانو، كتيبة فتى الاسلام، كتيبة الظاهر بيبرس، كتيبة الشهيد ممدوح جولحة، كتيبة حطين، كتيبة من أنصار الشام - الجبهة الاسلامية، كتيبة من تجمع نصرة المظلوم، كتيبة أحفاد عمر، كتيبة الشهيد مصطفى مجذوب».
وشكت بعض هذه الفصائل أنها لم تخطر بالمعركة قبل وقتٍ كافٍ، بينما اتهمت فصائل أخرى مصطفى هاشم بأنه تسرّع في إعلان المعركة خدمةً لفصيل «أنصار الشام»، وأنه ضحّى في سبيل ذلك بسمعة «الجيش الحر» الذي أخفق في تحقيق أهداف المعركة، وبدا بصورة العاجز والفاشل. وابرز مثال على ذلك أن «كتيبة درع هنانو» طلبت تأجيل الإعلان عن المعركة لمدة 3 أيام، حتى تنتهي من أعمال الاستطلاع، لكن هاشم رفض ذلك بحجة أنه لا يملك قرار تأجيل أو تنفيذ المعركة، الأمر الذي أدّى ببعض الكتائب إلى الدخول في المعركة بشكل أعمى.
وعلاوة على ذلك، رفض هاشم مشاركة «لواء أحفاد الفاروق» في المعركة، بذريعة أن قيادة اللواء تتآمر ضده لعزله من منصبه «كقائد للمنطقة الغربية والوسطى». ودفع هذا الاستبعاد بقائد في «أحفاد الفاروق» إلى اتهام هاشم بالخيانة، محملاً إياه « فشل عملية سولاس وبيت حليبية ودماء شهدائنا وأسرانا في سبيل أجندات خارجية، وانه قبض مبلغا قدره مليون و300 الف دولار» من دون أن يوضح ما هي هذه الأجندات الخارجية ولمصلحة من بالتحديد.
ورغم أن «غرفة عمليات معركة الأنفال» رفضت في بيانها «رقم 2» كافة الاتهامات الموجهة إلى هاشم، مؤكدة أنه قدم لها الدعم بالذخائر، إلا ان الخلافات بين «جبهة النصرة» وبعض الفصائل الأخرى طفت على السطح بأسرع مما هو متوقع، حيث أقدمت «النصرة» منذ حوالي خمسة أيام، وفي خطوة مفاجئة، على اعتقال سعيد طربوش قائد «لواء صقور الساحل» (التابع لـ«جبهة ثوار سوريا») بتهمة مساهمته في قتل عنصرين من «كتيبة صقور العز» في وقت سابق من العام الماضي. وقد أصدر مصطفى هاشم بياناً مصوراً حول الحادثة، مشيراً إلى تعرض سيارته لإطلاق نار من قبل حاجز لـ«جبهة النصرة» وأن عناصر الحاجز اعتدوا عليه بالضرب، وعلى كل من المقدم أبو طالب وسعيد طربوش.
وفي سياق متصل، أصدرت «الهيئة الشرعية في الساحل» بياناً يؤكد قيام بعض الفصائل بسرقة المنازل في مدينة كسب في ريف اللاذقية الشمالي، بحجة أنها من الغنائم، مشيرة إلى أن تصرف هذه الفصائل يقع ضمن مصطلح «الغلول»، أي السرقة من الغنيمة قبل قسمتها، ما يشير إلى أن «الهيئة الشرعية» تجرّم فعل السرقة فقط لأنه وقع قبل القسمة، لكنها تشرّع أخذ الغنائم الذي هو المعنى الشرعي لكلمة «الأنفال» التي أطلقت على المعركة. وفي كافة الأحوال فإن بيان «الهيئة الشرعية» يشير إلى وجود خلافات بين الفصائل حول الغنائم، ومن هو الفصيل الأحق بها.
ومن المتوقع أن تزداد حالة الخلاف بين الفصائل كلما طال أمد المعركة في مدينة كسب ومحيطها، ولا سيما في ظل محاولة كل فصيل أن يحتكر لنفسه ما يمكن جنيه من ثمار هذه المعركة. وقد أججت زيارة رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد الجربا و«وزير دفاعه» أسعد مصطفى لبعض قرى كسب في اليومين الماضيين نار هذه الخلافات، حيث اكتشفت الفصائل الإسلامية أن جماعة «الائتلاف» يخططون لسرقة «معركة الأنفال» منهم، ولو من الناحية الإعلامية.
المصدر :
السفير / عبد الله سليمان علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة