دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد عام على حصارها المستمر، يبدو أن القرار صدر عن قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بالعمل على اقتحام «الفرقة 17» في الرقة والسيطرة عليها في إطار توسيع رقعة سيطرته وضمان خطوط الإمداد بين الرقة وريفها ومن ثم محافظتَي الحسكة ودير الزور.
وبالتزامن نجح «داعش» خلال الأيام الماضية بصد هجوم قوي لـ «الجبهة الإسلامية» و«لواء جبهة الأكراد» على معقله في جرابلس، بينما تمكن من السيطرة على قرى وبلدات عدة في محيط منبج في المنطقة نفسها في ريف حلب الشرقي المتصل مع ريف الرقة، في الوقت الذي التزم فيه «داعش» بالصمت حول ما قيل عن صفقة لتبادل الأسرى، من بينهم الأب باولو مع «لواء ثوار الرقة» التابع لـ«جبهة النصرة».
والغريب أنه في ثنايا هذه التطورات لا حس لـ«جبهة النصرة» التي هدد زعيمها أبو محمد الجولاني باقتلاع «داعش» من العراق والشام، وأكد عضو في «مجلس شورى النصرة» بعده بأيام أن قرار «النصرة» بعدم توسيع المواجهة مع «داعش» لا يشمل المنطقة الشرقية، داعياً إلى استنفار عناصر «النصرة» في باقي المحافظات وضرورة توجه تعزيزاتهم إلى جبهة القتال في الشرق. وقد يكون السبب أن «النصرة»، وبعد شهر من القتال مع «داعش»، فشلت في تحقيق أي تقدم على جبهة صغيرة متمثلة ببلدة مركدة في ريف الحسكة، ما اضطرها ربما إلى إجراء مراجعة لقرارها السابق باقتلاع «داعش» من أراضي تواجدها كلها.
وكان الحصار المفروض على «الفرقة 17» في ريف الرقة الشمالي قد تعرض لاختراق جدي منتصف كانون الثاني الماضي، مع بداية المعارك بين الفصائل «الجهادية» بعضها ضد بعض، حيث انسحبت المجموعات التابعة لـ«الجبهة الإسلامية» من محيط الفرقة، ما فتح ثغرة في جدار الحصار، وتمكنت في حينه كاميرا قناة «المنار» من تقديم تقارير مصورة من داخل الفرقة.
لكن مع بداية آذار الحالي كثف «داعش» من هجومه على الفرقة حتى تمكن من إعادة إحكام الحصار عليها مجدداً، وقضم أجزاء جديدة منها، حيث تفيد مصادر محلية أن قوات الفرقة انسحبت من «كتيبة الكيمياء» و«ثكنة الأغرار» و«معمل السكر» القريب من الفرقة، والذي كانت وحدات من الفرقة قد سيطرت عليه أواخر كانون الثاني الماضي، وذلك ليتحصنوا في مساكن الضباط وفي مبنى القيادة فقط، في ظل معلومات أن «داعش» أعطى مهلة ثلاثة أيام قبل اقتحام الفرقة بالكامل.
ورداً على هذا التقدم، قام الطيران الحربي السوري بشن غارات عدة على محيط «الفرقة 17»، كما وجه أمس ضربات قاسية لمقارّ ومراكز أساسية للتنظيم في عمق مدينة الرقة، حيث استهدف أحد مراكز قيادتها وكذلك مبنى المستشفى الوطني الذي حوله «داعش» إلى مقر عمليات ومنطقة المرور. وأقرت صفحات تابعة لـ«داعش» بسقوط قتلى وجرحى من بين «الأخوة»، في إشارة إلى المقاتلين جراء هذا القصف الجوي.
وتقع «الفرقة 17» شمال مدينة الرقة وتبعد عن مركز المدينة سبعة كيلومترات، كما تعد ذات أهمية إستراتيجية كونها تفصل بين مدينة الرقة وريفها، إضافة إلى أنها تضم أكثر من 14 كتيبة، أبرزها كتيبة الكيمياء والإشارة والأغرار والمدفعية والقوات الخاصة.
وفي حال سيطرة «داعش» على مقر الفرقة فإن الخطر سيداهم كلاً من «اللواء 93» في عين عيسى (80 كيلومترا شمال الرقة) ومطار الطبقة العسكري في مدينة الطبقة (50 كيلومترا عن الرقة) وهما الموقعان العسكريان الوحيدان المتبقيان في الرقة، مع «الفرقة 17» التي تعتبر أقوى هذه المواقع وأكثرها تحصيناً.
وكان تنظيم «داعش» قد أعلن الأسبوع الماضي عن تمكنه من أسر جنديين من جنود «الفرقة 17» وعرض صوراً لهما، وفي وقت لاحق ذكر ناشطون أن «داعش» قام بتصفية الجنديين الأسيرين.
وفي الرقة أيضاً، أعلن «داعش» عن حصوله على «بيعة لأميره» أبي بكر البغدادي من عشيرة الحويوات التي يبلغ تعدادها، بحسب مصدر في مدينة الطبقة، حوالي ألف نسمة. يشار إلى أن «داعش» يحرص على الإعلان عن «بيعات» جديدة بين حين وآخر للرد على الحملات الموجهة ضده، من قبل من يسميهم «صحوات الشام» وإظهار أن نفوذه لم يتأثر بها. بالمقابل أعلنت مجموعة مجهولة عن اعتقالها للمدعو محمد جبارة، والمعروف باسم أبو محمد الأمني، زاعمة أنه أحد القيادات الأمنية في «داعش» ومساعد أبو حمزة الشامي، وأنها ستقوم بتصفيته قريباً، من دون تحديد موعد محدد.
وفي سياق مختلف، لم يصدر عن تنظيم «داعش» أي تعليق حول ما ذكره قائد في «لواء ثوار الرقة» الذي بايع «جبهة النصرة» منذ أيلول الماضي، عن مفاوضات بينه وبين «داعش» لتبادل الأسرى والمخطوفين، من بينهم الأب باولو دالوليو الذي تعرض للخطف منذ آب الماضي. وتوجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم «داعش» بارتكاب الخطف لأن الأب باولو قصد الرقة في ذلك الحين لمقابلة «أمراء داعش» ومناقشتهم حول بعض القضايا. وقد تضاربت الأنباء حول مصيره، ففي حين أكدت بعض التقارير الإعلامية أن الخاطفين قاموا بتصفيته، أصر ناشطون من الرقة على أنه ما زال على قيد الحياة. ونفى «داعش» أن يكون قد خطف الأب باولو أو قام بقتله، متهماً فصائل أخرى بالقيام بذلك وإلصاق التهمة به للإساءة إليه.
من جهة أخرى، وقريباً من ريف الرقة، تمكن «داعش» من تعزيز سيطرته على مدينة منبج (مدينة الشاعرين عمر أبو ريشة والبحتري وكان أميراً لها الشاعر أبو فراس الحمداني)، والتوسع في محيطها حيث سيطر خلال اليومين الماضيين على كل من الحية والكرسان وصرين وجسر قرة قوزاق، بعد اشتباكات عنيفة مع «لواء جبهة الأكراد» وبعض فصائل «الجيش الحر» و«الجبهة الإسلامية». وقد شهدت هذه القرى نزوحاً كبيراً باتجاه المناطق الآمنة.
وقد أصدرت غرفة عمليات منبج بياناً أكدت فيه ورود معلومات عن خيانة وغدر من قبل بعض الفصائل التابعة لها، من دون تسميتها، ما اضطرها إلى الانسحاب إلى منطقة جسر قرة قوزاق، مشيرة إلى «أنهم منتشرون حالياً على الجبال وحتى قرية قبر إيمو، وما زالت المنطقة بالكامل تحت سيطرة الثوار من قبر إيمو إلى صوامع صرين، وما زالت الاشتباكات مستمرة» في إشارة إلى صوامع الحبوب.
المصدر :
السفير /عبدالله سليمان علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة