دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تحت عنوان "المملكة المتهالكة" نشرت مجلة (كورييرأنترناسيونال) الفرنسية تحقيقاً مطولاً عن "المملكة السعودية"واصفةً إياهابالمملكة "وهابية" التي باتت ترى أن نفوذها الإقليمي برمته يتراجع لصالح "ايران"،حيث لم تفلح في تنحية الرئيس (الأسد) وصارت ترى أن "حزب الله" يسيطر على "لبنان"،وما يجعل المملكة تخشى الأسوأ هوانفتاح "واشنطن" على "طهران" عدوتها اللدود.
وتستشهد المجلة بمركز "الدراسات الدولية والإستراتيجية" الذي يُعَد من أهم مراكز البحث في "الولايات المتحدة"، إذ يؤكد أن رياح الذعر تهب على "السعودية" لأن السياسة الأمريكية لاتنفك تضعف من نفوذها لصالح دعم النفوذ "الإيراني" في الشرق الأوسط، فالمراقبون الغربيون لا ينظرون عموماً إلى "إيران" إلا في سياق جهودها لتصبح قوة نووية، بينما الواقع مختلف تماماً في قلب هذه المنطقة، إذ ترى "السعودية" ودول الخليج العربي أن انتفاضات العالم العربي هي مقدمة للفوضى وعدم الإستقرار وتغيير أنظمة الحكم التي لن ينتج عنها إلا العنف والانهيارالاقتصادي أما التوترات بين "إيران والسعودية" فتعكس علاقة القوى على المستوى الإقليمي التي تتعلق بالأمن الداخلي والسيطرة الإقليمية والتهديدات غير المتكافئة.
وهذه المواجهة بين (إيران) و(السعودية) تتفاقم بسبب تزايد شكوك السعوديين وعرب آخرين في تحالفهم مع (الولايات المتحدة) في المنطقة، وتظهر هذه الشكوك بين الشعوب العربية في تشكيلة واسعة من نظريات المؤامرة التي ترى أن "الولايات المتحدة" تتأهب للتخلي عن تحالفاتها في العالم العربي من أجل أن تلتفت إلى "إيران" وتتخذ هذه الشكوك في الحكومات ووزارات الدفاع شكل مخاوف ارتبطت بانكفاء "الولايات المتحدة" مستفيدة من استقلاليتها في مجال الطاقة، وارتبطت أيضاً بالتفات "الولايات المتحدة" نحو قارة(آسيا) بعد أن أتعبتها الحروب وشلها تردد رئيسها والجدل حول ميزانيتها، من جهة أخرى، يؤكد مركز "الدراسات الدولية والاستراتيجية" أن قلة من الأشخاص في "الولايات المتحدة" والغرب يدركون أن النزاع لا يقتصر على السنة والشيعة فقط، وإنما يطال أيضاً جميع الأنظمة في المنطقة مع إسلامييها المتشددين، فالمخاوف العربية نجمت مؤخراً عن التهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق، ومن التدخل الإيراني في "لبنان" الذي يعود إلى تأسيس "حزب الله" عام 1982، كما ارتبطت هذه المخاوف بالدور المتنامي "لإيران" في "العراق" منذ سقوط (صدام حسين) وبتحالف "إيران" مع "سورية" إضافة لتعلقها بسباق التسلح المتسارع في الخليج.
وتستند التوترات المذكورة منذ فترة وجيزة إلى الخوف من الاتفاقات المعقودة حديثاً حول النووي بين "إيران" ومجموعة الخمسة زائد واحد، كما تستند إلى غياب التدخل "الأمريكي" في "سورية"، ما يعني أن "الولايات المتحدة" تسعى للتقارب مع "إيران" على حساب العالم العربي، وإذا كانت "الرياض" لا تعطي الأولوية للتهديد النووي الإيراني وإنما تعطيه للتهديدات الأخرى المباشرة أكثر، فهذا لا يعني أنها لا تراه في الحقيقة، ذلك أن "السعودية" تكافح من أجل منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وتفكر في الوقت ذاته بخياراتها العسكرية الخاصة، هكذا استكملت "الرياض" ترسانتها الصاروخية البالستية التي زودتها بها "الصين"، وتسعى إلى نشر منصات إطلاقها، بينما يرى الأمير "تركي الفيصل" أن الخيار النووي يجب أن يكون من المبادئ الاستراتيجية "السعودية"، في حين يعتقد بعض المحللين أن "باكستان" يمكن أن تبيعهم هذا السلاح، فثمة أسباب عديدة تفسر لماذا تطرح "السعودية" على نفسها أسئلة حول مدى الالتزام الأمريكي اليوم ومستقبلاً في الدفاع عن الخليج فوجهة النظر "السعودية" ترى أن البرامج النووية الإيرانية لا ترتبط بغاية "إيران" أو نيتها لتضمن لنفسها موقعاً أو نفوذاً، إنما تهدف للسماح لها بامتلاك قدرة ردع نووية حقيقية، ويضاف إلى ذلك أن مصادر التهديدات النووية تحيط حقيقة "بالسعودية" ودول الخليج الخالية من السلاح النووي أكثر مما تحيط "بإسرائيل.
وعرجت المجلة الفرنسية على دور (بندر بن سلطان) مؤكدة أنه اكتسب شهرة واسعة عندما كان سفيراً في "واشنطن" بين عامي 1983-2005وظل مبعوثاً ملكياً لمدة تقارب الثلاثين عاماً كان يروي خلالها سيراً غريبة تخص شخصيات سياسية ومتسلطين تبين أن بعضها كانت حقيقية، ويعمل الآن على تشكيل جيش الإسلام في "سورية" وما لم يفهم الناس الرجل ومهمته، فإنه يستحيل حقيقة فهم ما يجري حالياً في المنطقة الأشد اضطراباً في العالم، إذ يهدف "بندر" إلى تقويض النفوذ الإيراني أي تدمير حلفائه مثل الرئيس (بشار الأسد) و"حزب الله"، ومنع ملالي الشيعة من الحصول على السلاح النووي، والحد من طموحاتهم في المنطقة وطردهم من السلطة إن أمكن ذلك، ويسعى في الوقت ذاته إلى تحطيم الإخوان المسلمين، يفضي هذا البرنامج إلى بعض التحالفات المهمة، إذ لا يهم أن توجد أية معاهدة سلام بين "السعودية وإسرائيل"، فعدو عدوي هو صديقي، وبناء عليه أصبح "بندر" حليف رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" ضد "إيران"، إنهم متحدون على نحو غريب، كما أعلن المؤرخ (روبير لاسي) مؤلف كتاب "في داخل المملكة: الملوك والمتدينون والحداثيون والإرهابيون، والمعركة من أجل العربية السعودية"، كانت لدى (بندر) دوماً نزعة تحدي الإتفاقيات والالتفاف على القواعد،وبالطبع يمكن تفسير الجزء الأعظم من ذلك بالكبت الذي يشعر به السعوديون إزاء "أوباما"، لكن المشكلة الأكبر بالنسبة "لبندر"، ربما هي مشكلته مع نفسه فهو لم ينفك يستخدم ثروات ونفوذ العربية "السعودية" خلال السنوات الأخيرة ودون تحقيق نتيجة تذكر، هكذا تبقى "سورية" كارثة دامية عملياً على أبواب المملكة، بينما يغوص "العراق" كل يوم أعمق فأعمق في حرب أهلية جديدة بين الشيعة المدعومين من "إيران" والسنة المدعومين من "السعودية"،أما التوتر الأهلي والتضخم الإقتصادي فيجعلان من "مصر" ثقباً أسود يبتلع المليارات من "السعودية" وإذا كانت سياسة "أوباما" قد انساقت وراء الرغبة، فلا يمكن القول أن "بندر" والسعوديين كانوا بريئين تماماً من ذلك أيضاً.
كذلك الملك "عبد الله بن عبد العزيز"، نذر حياته ومليارات الدولارات لدعم الإستقرار في المنطقة، لكن بلا طائل، فقد أخذ الربيع العربي السعوديين على حين غرة، وأرعبتهم الفوضى التي أعقبته، ولم يجدوا وسيلة لإعادة الهدوء، وإن كان ثمة تغييرات كبيرة في العلاقات مع "الولايات المتحدة"، فلأن "بندر"، وليس الملك "عبد الله"، قرر أن يحرك المياه الراكدة، فالسعودية لم تعد حيوية بالنسبة للولايات المتحدة كما في السابق، ولم تعد المملكة ومنظمة البلدان المصدرة للنفط المرهوبة سابقاً تملكان السلطة ذاتها التي كانتا تمتلكانها منذ أربعين عاماً، وأصبحت "الولايات المتحدة" الآن أكبر منتج للوقود في العالم، وسيتجاوز إنتاج البلدان غير الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط إنتاج المنظمة.
وتؤكد المجلة أنه عندما قرر "باراك أوباما" مخاطبة العالم الإسلامي عام 2009، بعيد وصوله إلى "البيت الأبيض"، اختار القيام بذلك من "القاهرة"، وفي الشهر الحالي أي بعد نحو خمس سنوات، سيعود إلى "الرياض"، العاصمة التي تطمح أن تصبح المركز الجديد للعالم العربي،وسيكون الاستقبال هذه المرة مختلفاً، فخلال هذه السنوات الخمس أعيد توزيع الأوراق في الشرق الأوسط، ولم يعد أحد ينظر إلى أمريكا بالطريقة ذاتها في المنطقة، وظل الدور الذي يجب أن تلعبه بحاجة إلى توضيح، ولم يُخْفِ البعض خيبة أمله بعد خطاب "أوباما" حول الوضع الدولي في /29/ كانون الثاني، حين مر مرور الكرام على السياسة الخارجية، وذكر على نحو عابر "العراق وسورية". وبرأيهم كان الشرق الأوسط ينتظر الكثير من رئيس باشر مهامه بطموحات كبيرة فيما يخص العلاقات بين "الولايات المتحدة" والعالم الإسلامي، لكنهم ينتظرون من "أوباما" في الشرق الأوسط ثلاثة أمور رئيسية وهي: انتصارات صغيرة، وعدم خوض حرب، والحصول على لقب صانع السلام، ومازال أمام"أوباما" عامين، وبالتأكيد لن يكون "أوباما" مرشحاً، لكنه سيفعل ما بوسعه ليضمن فوز المرشح الديموقراطي، ما يعني أن الحساب الختامي لسنواته الرئاسية الثمانية يجب أن لا يكون عليه أي مأخذ.
وبحسب الصحيفة فإن "أوباما" لن يورط بلده في نزاع خطر في "سورية"، حيث لا يمكن تصور معركة عسكرية دون خسائر فادحة، وسيسحب جنوده من "أفغانستان"، وسيواصل مساعي التقريب بين "الإسرائيليين والفلسطينيين"، وسيحاول التأسيس لحوار مع الأطراف المتحاربة في "سورية"، لذلك قرر وضع كل بيوض ديبلوماسيته في سلة التقارب مع "إيران"، وهو ما قد يبدو تصرفاً حاذقاً لسببين استراتيجيين مرتبطين بالإنتخابات.
كما أن (أوباما) يفضل أن يحاور جارة "العراق" وأن يخرج منه منتصراً، وثانياً، يمكن للعلاقات الجيدة مع "إيران" أن تحرز سلسلة كاملة من النجاحات الديبلوماسية الصغيرة في "العراق وسورية ولبنان" هذه النجاحات لن تصل بالتأكيد إلى إنهاء الحرب الأهلية في سورية.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة