أكد مسؤولون اقتصاديون وخبراء في دول مجلس التعاون الخليجي، الأهمية الكبيرة لإعادة النظر من قبل دول المجلس في «الشوارع التجارية» كنظام وفلسفة لخصصة مرافق البنية التحتية والطرق، أثبتت نجاحها بجدارة في الدول المتقدمة، فضلاً عن بعض الدول العربية، فيما حذر بعضهم من مخاطر افتقاد التوازن بين جانبي الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية أو المساس بالمستويات المعيشية لمستخدمي تلك الطرق من مواطني بلدان المجلس. فيما حصدت تجربة أبوظبي التي خاضتها مؤخراً لإسناد تطوير وتشغيل طريق دولي إلى ائتلاف عالمي لفترة 25 عاماً، إشادة بنجاحات الفلسفة الاقتصادية للإمارات ودعمها لدور القطاع الخاص.

وأكد فؤاد سجواني، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى في سلطنة عمان، أن الوقت حان لكي تتجه بلدان المجلس إلى تبني تلك الفلسفة التي من شأنها إنجاح مساعيها لتنويع مصادر الدخل، وإن كان سجواني معترفاً بتباين نوعي في القدارات والموارد المالية لدول المجلس، فإنه يؤكد أن ذلك النظام سيبدو ذا فاعلية كبيرة في دول تعاني نقصاً في موادرها المالية كالبحرين وسلطنة عمان، لأن إدارة وتشييد الطرق وصيانتها يمثل عبئاً كبيراً على الحكومات الخليجية.

من جهة أخرى، رأى سجواني أن ذلك النظام يجب أن يراعي عند فرض رسوم محدودة مستويات دخول الأفراد مستخدمي تلك الطرق، قائلاً «ليس من العدالة أن نزيح عبء تلك الطرق عن الحكومات الخليجية، ليتحمله في المقابل المواطن البسيط»، مستشهداً بالارتفاع المبالغ فيه في أسعار الخدمات والمرافق الحيوية في دول الغرب، مثل القطار والكهرباء وما إلى ذلك»، بعد أن أخضعتها حكومات تلك الدول للخصخصة.

مسؤولية اجتماعية

واعتبر الدكتور مقبل الذكير، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في السعودية، أنه إذا تولت الشركات الخاصة تطوير وتشغيل وإدارة بعض الطرق الحيوية في دول المجلس، ستساهم في تحسين كفاءتها، لأن القطاع الخاص قائم على المنافسة والربحية وبالتبعية يقدم أفضل الخدمات، مستشهداً بنجاح دولة عربية مثل المغرب في تبني تلك الأجندة، ما ساهم في أن تتمتع الطرق التي تمت خصخصتها بأعلى المواصفات العالمية، فضلاً عن رفدها بخدمات متطورة ومتكاملة لمستخدميها.

وإن كانت تلك الخطوة تطرح دلالات على إمكانية نجاح ذلك النظام خليجياً، فإن الذكير يتساءل عن التبعات التي يتحملها المواطن الخليجي من جراء تبني تلك الفلسفة، مشدداً على أهمية أن يُراعى التوازن بين الكفاءة الاقتصادية من خلال إسناد تلك الطرق إلى شركات خاصة وفرض رسوم عليها، وبين معايير العدالة الاجتماعية.

وفيما يتعلق بمدى موافقة حكومات الدول الخليجية على تمرير تلك الفلسفة، على اعتبار أنها تتمتع بفوائض مرتفعة وتلتزم التزاماً كاملاً بدعم البنية التحتية والمرافق المعيشية، قال الذكير، إن «الامر لا يمس كرامة الحكومات الخليجية من قريب أو بعيد، وإن كانت تتمتع بموارد ضخمة، الإ أنه يخضع في النهاية لاعتبارات عديدة ينبغي الموازنة بينها»، ضارباً مثالاً بالآلية الناجحة في ذلك الصدد، وهي إمكانية تدخل الدولة عبر فرض رسوم محدودة، مع إعطاء القطاع الخاص فترة زمنية طويلة تعوضه عن انخفاض قيمة رسم الخدمة. فيما ألمح إلى أن بعض الدول الخليجية التي تتمتع بفوائض هائلة وتعزف عن إشراك القطاع الخاص في ذلك الصدد، تعاني تدنياً هائلاً في مستويات الخدمة في تلك الطرق.

فلسفة الإمارات

وفي الإمارات التي حصدت إشادات دولية على صعيد تطوير شبكة طرقها وتمتعها بأفضل المواصفات العالمية، فإن الصورة تبدو مختلفة، إذ تم تبني آلية مغايرة، وهي فرض الحكومة في دبي رسوماً على عبور طريق حيوي يشق قلب المدينة، دون الاستعانة بشركة خاصة، وإن كان الأمر يرتبط بتقليل الازدحام، فضلاً عن تطوير الحكومة المستمر لمرافق هذا الطريق، فإن الطفرة الهائلة التي تشهدها الإمارات ككل من ناحية النمو الاقتصادي والعمراني قد تخلق تحديات مستقبلية.

دراسة

ويقول المهندس فيصل السويدي، مدير عام الطرق الرئيسة في دائرة النقل-أبوظبي، إن لكل مرحلة وضعيتها أو متطلباتها لأن المسارعة في فرض رسوم على الطريق قد ترتبط بمعوقات محددة، مشيراً إلى توجه للحكومة، بهذا الشأن مستقبلاً، سيخضع بلا شك للدارسة والتمحيص قبل أي قرار، ملمحاً إلى أن أبوظبي باتت تقود مبادرة غير مألوفة خليجياً وعربياً، وهي طرح دائرة النقل بالإمارة مؤخراً مشروعاً لتطوير طريق دولي، هو طريق المفرق - الغويفات، بطول 327 كلم يربط السعودية بالإمارات، على القطاع الخاص الأجنبي والمحلي، خصوصاً من خلال عقد مناقصة امتياز تمتد نحو 25 عاماً بين الطرفين، حيث يتعهد الائتلاف الفائز باستدامة تحسين نوعية الخدمات المقدمة على الطريق، مع سداد مستحقات الشركة على مدار عقد الامتياز.

اقتباس التجارب

ورأى الدكتور جاسم حسين، خبير اقتصادي، عضو اللجنة الاقتصادية بـالبرلمان البحريني، أن التجارب الرائدة لدول الغرب في ذلك المضمار يجب أن تشكل هادياً لدول الخليج، فدول الغرب تتمتع هي أيضاً بموادر هائلة نتيجة لقدارتها التصديرية وأيضاً حصيلتها من الضرائب، لكنها تدير الأمور بعقلية اقتصادية وتراعي كافة المتغيرات، قائلاً «الشوارع التجارية باتت إنجازاً ناجحاً في دول الغرب، وعلى دول الخليج أن تعيد النظر في تبني تلك الممارسات العالمية
  • فريق ماسة
  • 2010-03-05
  • 10727
  • من الأرشيف

أبوظبي تشرك القطاع الخاص بمشاريع الطرق في تجربة رائدة

أكد مسؤولون اقتصاديون وخبراء في دول مجلس التعاون الخليجي، الأهمية الكبيرة لإعادة النظر من قبل دول المجلس في «الشوارع التجارية» كنظام وفلسفة لخصصة مرافق البنية التحتية والطرق، أثبتت نجاحها بجدارة في الدول المتقدمة، فضلاً عن بعض الدول العربية، فيما حذر بعضهم من مخاطر افتقاد التوازن بين جانبي الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية أو المساس بالمستويات المعيشية لمستخدمي تلك الطرق من مواطني بلدان المجلس. فيما حصدت تجربة أبوظبي التي خاضتها مؤخراً لإسناد تطوير وتشغيل طريق دولي إلى ائتلاف عالمي لفترة 25 عاماً، إشادة بنجاحات الفلسفة الاقتصادية للإمارات ودعمها لدور القطاع الخاص. وأكد فؤاد سجواني، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى في سلطنة عمان، أن الوقت حان لكي تتجه بلدان المجلس إلى تبني تلك الفلسفة التي من شأنها إنجاح مساعيها لتنويع مصادر الدخل، وإن كان سجواني معترفاً بتباين نوعي في القدارات والموارد المالية لدول المجلس، فإنه يؤكد أن ذلك النظام سيبدو ذا فاعلية كبيرة في دول تعاني نقصاً في موادرها المالية كالبحرين وسلطنة عمان، لأن إدارة وتشييد الطرق وصيانتها يمثل عبئاً كبيراً على الحكومات الخليجية. من جهة أخرى، رأى سجواني أن ذلك النظام يجب أن يراعي عند فرض رسوم محدودة مستويات دخول الأفراد مستخدمي تلك الطرق، قائلاً «ليس من العدالة أن نزيح عبء تلك الطرق عن الحكومات الخليجية، ليتحمله في المقابل المواطن البسيط»، مستشهداً بالارتفاع المبالغ فيه في أسعار الخدمات والمرافق الحيوية في دول الغرب، مثل القطار والكهرباء وما إلى ذلك»، بعد أن أخضعتها حكومات تلك الدول للخصخصة. مسؤولية اجتماعية واعتبر الدكتور مقبل الذكير، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في السعودية، أنه إذا تولت الشركات الخاصة تطوير وتشغيل وإدارة بعض الطرق الحيوية في دول المجلس، ستساهم في تحسين كفاءتها، لأن القطاع الخاص قائم على المنافسة والربحية وبالتبعية يقدم أفضل الخدمات، مستشهداً بنجاح دولة عربية مثل المغرب في تبني تلك الأجندة، ما ساهم في أن تتمتع الطرق التي تمت خصخصتها بأعلى المواصفات العالمية، فضلاً عن رفدها بخدمات متطورة ومتكاملة لمستخدميها. وإن كانت تلك الخطوة تطرح دلالات على إمكانية نجاح ذلك النظام خليجياً، فإن الذكير يتساءل عن التبعات التي يتحملها المواطن الخليجي من جراء تبني تلك الفلسفة، مشدداً على أهمية أن يُراعى التوازن بين الكفاءة الاقتصادية من خلال إسناد تلك الطرق إلى شركات خاصة وفرض رسوم عليها، وبين معايير العدالة الاجتماعية. وفيما يتعلق بمدى موافقة حكومات الدول الخليجية على تمرير تلك الفلسفة، على اعتبار أنها تتمتع بفوائض مرتفعة وتلتزم التزاماً كاملاً بدعم البنية التحتية والمرافق المعيشية، قال الذكير، إن «الامر لا يمس كرامة الحكومات الخليجية من قريب أو بعيد، وإن كانت تتمتع بموارد ضخمة، الإ أنه يخضع في النهاية لاعتبارات عديدة ينبغي الموازنة بينها»، ضارباً مثالاً بالآلية الناجحة في ذلك الصدد، وهي إمكانية تدخل الدولة عبر فرض رسوم محدودة، مع إعطاء القطاع الخاص فترة زمنية طويلة تعوضه عن انخفاض قيمة رسم الخدمة. فيما ألمح إلى أن بعض الدول الخليجية التي تتمتع بفوائض هائلة وتعزف عن إشراك القطاع الخاص في ذلك الصدد، تعاني تدنياً هائلاً في مستويات الخدمة في تلك الطرق. فلسفة الإمارات وفي الإمارات التي حصدت إشادات دولية على صعيد تطوير شبكة طرقها وتمتعها بأفضل المواصفات العالمية، فإن الصورة تبدو مختلفة، إذ تم تبني آلية مغايرة، وهي فرض الحكومة في دبي رسوماً على عبور طريق حيوي يشق قلب المدينة، دون الاستعانة بشركة خاصة، وإن كان الأمر يرتبط بتقليل الازدحام، فضلاً عن تطوير الحكومة المستمر لمرافق هذا الطريق، فإن الطفرة الهائلة التي تشهدها الإمارات ككل من ناحية النمو الاقتصادي والعمراني قد تخلق تحديات مستقبلية. دراسة ويقول المهندس فيصل السويدي، مدير عام الطرق الرئيسة في دائرة النقل-أبوظبي، إن لكل مرحلة وضعيتها أو متطلباتها لأن المسارعة في فرض رسوم على الطريق قد ترتبط بمعوقات محددة، مشيراً إلى توجه للحكومة، بهذا الشأن مستقبلاً، سيخضع بلا شك للدارسة والتمحيص قبل أي قرار، ملمحاً إلى أن أبوظبي باتت تقود مبادرة غير مألوفة خليجياً وعربياً، وهي طرح دائرة النقل بالإمارة مؤخراً مشروعاً لتطوير طريق دولي، هو طريق المفرق - الغويفات، بطول 327 كلم يربط السعودية بالإمارات، على القطاع الخاص الأجنبي والمحلي، خصوصاً من خلال عقد مناقصة امتياز تمتد نحو 25 عاماً بين الطرفين، حيث يتعهد الائتلاف الفائز باستدامة تحسين نوعية الخدمات المقدمة على الطريق، مع سداد مستحقات الشركة على مدار عقد الامتياز. اقتباس التجارب ورأى الدكتور جاسم حسين، خبير اقتصادي، عضو اللجنة الاقتصادية بـالبرلمان البحريني، أن التجارب الرائدة لدول الغرب في ذلك المضمار يجب أن تشكل هادياً لدول الخليج، فدول الغرب تتمتع هي أيضاً بموادر هائلة نتيجة لقدارتها التصديرية وأيضاً حصيلتها من الضرائب، لكنها تدير الأمور بعقلية اقتصادية وتراعي كافة المتغيرات، قائلاً «الشوارع التجارية باتت إنجازاً ناجحاً في دول الغرب، وعلى دول الخليج أن تعيد النظر في تبني تلك الممارسات العالمية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة