أعلنت «جبهة النصرة» الحرب على «الدولة الإسلامية». خمسة أيام فقط منحها أبو محمد الجولاني لـ«الدولة» لتقديم أدلة براءتها من دم «أبو خالد السوري»،

وخيّرها بين وقف القتال وسحب فتاوى التكفير والعودة إلى «الأمة» أو الحرب عليها حتى في العراق. الحرب بدأت افتراضياً على حساب «تويتر». أما الأنظار فترقب بين لحظة وأخرى اندلاع المواجهة في الميدان

اشتعلت الفتنة الكبرى بين «الدولة» و«النصرة». دماء «أبو خالد السوري» قدحت شرارة حرب الإخوة على أرض الشام. وعلى رغم دفع قياديي «الدولة» تهمة تورطهم في قتل «وكيل أيمن الظواهري»، خرج أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني مؤذناً ببدء حرب لا هوادة فيها بقوله: «لتحملن الأمّة على الفكر الجاهل المتعدّي»، قاصداً «جماعة الدولة». لم يقلها الجولاني صراحة في كلمته التي نعى فيها صديقه «أبو خالد السوري»، لكنّ رجع صدى خطابه الذي حمل عنوان «ليتك رثيتني» قرع طبول الحرب. فشُغلَ أتباع كل من «الدولة» و«الجبهة» في نقاش تبعات الخطاب، متسائلين عمّا إذا كان منسّقاً مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

هكذا، بعد محاولات اللملمة الفاشلة التي استمرّت لنحو سنة، كُسِرت الجرّة بين «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية». طفح كيل الجولاني من ممارسات «الدولة»، فخرج، مفاجئاً الجميع، بشروط غير قابلة للتفاوض. وللمرّة الأولى، كان مباشراً تجاه أتباع «الدولة»، وتجاوز كل الحدود التي رسمها في خطاباته السابقة حيال «الدولة» وأميرها أبو بكر البغدادي. وبلهجة قاضٍ يحاكم متّهماً، طالبهم بتوضيح رسمي وأمرهم بتقديم أدلتهم لدى ثلاثة رجال دين بارزين: (أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني وسليمان العلوان)، ريثما تترتب إجراءات المحكمة. واللافت أن الشرعيين الثلاثة الذين أشار الجولاني بالاحتكام إليهم يقبعون في السجون، وأعطاهم مهلة خمسة أيام، مشترطاً وقفهم القتال وإلغاء فتاوى التكفير بحق باقي الفصائل المجاهدة.

وفي خطابه إلى أتباع أميره السابق البغدادي، شبّههم الجولاني بقوات الصحوات قائلاً: «الصحوات في العراق هم الذين تركوا قتال أمريكا والرافضة وتفرّغوا لقتال المجاهدين. أما الصحوات في الشام فتركوا قتال النصيرية وبدأوا يقاتلون من يقاتل النصيرية». واتهم صراحة جنود «الدولة» بأنهم «قوات صحوات ضالة تريد إفساد الجهاد»، مخاطباً إياهم بالقول إنّ «مشروع الصحوات كان شبه مستحيل هنا، لكن القتال الداخلي الذي تسببتم به فتح ثغرة عظيمة على أرض الشام». وطلب الجولاني الرد رسمياً، مذكراً بأن «الجبهة» لم تستنفر بعد، وهدد قائلاً: «والله لئن رفضتم حكم الله مجدداً ولم تكفوا بلاءكم عن الأمة لتحملن الأمة على الفكر الجاهل المتعدي، وأنتم تعلمون مئات الإخوة الأفاضل الذين ينتظرون إشارة من الأمة في العراق».

خطاب الجولاني لم يكن متوقعاً. حدّة الرجل جاءت مفاجئة حتى في صفوف عناصر «جبهة النصرة». ولم يكد ينتشر التسجيل الصوتي، حتى اشتعلت الحرب على حساب «تويتر»، فشُنّ هجوم عنيف عليه. وعزز الحملة التي سيقت ضده، اكتشاف إزالة الولايات المتحدة اسمه عن قائمة الإرهاب العالمية منذ أيام. فتداول أتباع «الدولة» ومناصروها رسالة عنوانها: «لائحة الشرف… لا يوجد فيها الجولاني؟».

ولاقى ما سُمّي «إعلان الحرب على جنود الدولة الإسلامية»، استنكاراً واسعاً. وذهب بعض أتباع «الدولة» إلى اتهام الجولاني بالعمالة؛ لأن «هدفه بات مشتركاً مع أمريكا وأعوانها». وقد سُجّلت عشرات المواقف لقياديين في حركة الجهاد العالمي في كل من جزيرة العرب واليمن والمغرب العربي. وبرز موقف القيادي في تنظيم «القاعدة» مأمون حاتم الذي كتب تحت عنوان «نداء عاجل للأمير الجولاني»، حمله فيها وزر الدماء التي ستُسفك، ورأى أن «إعلان الحرب على الدولة بمثابة إعلان حرب على القاعدة»، لأن هذه الحرب «ستذهب بثمرة الجهاد كلّه». وذكّر حاتم الجولاني بأنه «أول من شق عصا الجهاد عندما عصيت أميرك الذي لم يأمرك بمعصية، فعليك إثمه وإثم من تبعك عليها». وفي السياق نفسه، جاءت رسالة القيادي أبو عبدالله الأفغاني الذي استغرب «علاقة مرثية أبو خالد السوري بتهديد الجولاني للدولة»، طارحاً مجموعة تساؤلات تُحمّل الجولاني مسؤولية ما يجري ووزر مستنقع الدم الذي سيراق. وكذلك استُعيد بعض من خطبه التي كان يُثني فيها على جنود الدولة الإسلامية وأميرها البغدادي. واتّهموه بخيانة الأمانة وسرقة أموال «الدولة» وسلاحها بعدما ائتمنه عليها أميره أبو بكر البغدادي الذي خرج عليه طمعاً بالاستفراد بإمارة الشام. وقد تناقل أتباع «الدولة» على مواقعهم ترويجاً لكلمة مرتقبة للمتحدث الرسمي باسم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني للرد على خطاب الجولاني وتهديداته.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-25
  • 13996
  • من الأرشيف

دماء «وكيل الظواهري» تُشعل الفتنة الكبرى بين «الدولة» و«النصرة»؟

أعلنت «جبهة النصرة» الحرب على «الدولة الإسلامية». خمسة أيام فقط منحها أبو محمد الجولاني لـ«الدولة» لتقديم أدلة براءتها من دم «أبو خالد السوري»، وخيّرها بين وقف القتال وسحب فتاوى التكفير والعودة إلى «الأمة» أو الحرب عليها حتى في العراق. الحرب بدأت افتراضياً على حساب «تويتر». أما الأنظار فترقب بين لحظة وأخرى اندلاع المواجهة في الميدان اشتعلت الفتنة الكبرى بين «الدولة» و«النصرة». دماء «أبو خالد السوري» قدحت شرارة حرب الإخوة على أرض الشام. وعلى رغم دفع قياديي «الدولة» تهمة تورطهم في قتل «وكيل أيمن الظواهري»، خرج أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني مؤذناً ببدء حرب لا هوادة فيها بقوله: «لتحملن الأمّة على الفكر الجاهل المتعدّي»، قاصداً «جماعة الدولة». لم يقلها الجولاني صراحة في كلمته التي نعى فيها صديقه «أبو خالد السوري»، لكنّ رجع صدى خطابه الذي حمل عنوان «ليتك رثيتني» قرع طبول الحرب. فشُغلَ أتباع كل من «الدولة» و«الجبهة» في نقاش تبعات الخطاب، متسائلين عمّا إذا كان منسّقاً مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. هكذا، بعد محاولات اللملمة الفاشلة التي استمرّت لنحو سنة، كُسِرت الجرّة بين «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية». طفح كيل الجولاني من ممارسات «الدولة»، فخرج، مفاجئاً الجميع، بشروط غير قابلة للتفاوض. وللمرّة الأولى، كان مباشراً تجاه أتباع «الدولة»، وتجاوز كل الحدود التي رسمها في خطاباته السابقة حيال «الدولة» وأميرها أبو بكر البغدادي. وبلهجة قاضٍ يحاكم متّهماً، طالبهم بتوضيح رسمي وأمرهم بتقديم أدلتهم لدى ثلاثة رجال دين بارزين: (أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني وسليمان العلوان)، ريثما تترتب إجراءات المحكمة. واللافت أن الشرعيين الثلاثة الذين أشار الجولاني بالاحتكام إليهم يقبعون في السجون، وأعطاهم مهلة خمسة أيام، مشترطاً وقفهم القتال وإلغاء فتاوى التكفير بحق باقي الفصائل المجاهدة. وفي خطابه إلى أتباع أميره السابق البغدادي، شبّههم الجولاني بقوات الصحوات قائلاً: «الصحوات في العراق هم الذين تركوا قتال أمريكا والرافضة وتفرّغوا لقتال المجاهدين. أما الصحوات في الشام فتركوا قتال النصيرية وبدأوا يقاتلون من يقاتل النصيرية». واتهم صراحة جنود «الدولة» بأنهم «قوات صحوات ضالة تريد إفساد الجهاد»، مخاطباً إياهم بالقول إنّ «مشروع الصحوات كان شبه مستحيل هنا، لكن القتال الداخلي الذي تسببتم به فتح ثغرة عظيمة على أرض الشام». وطلب الجولاني الرد رسمياً، مذكراً بأن «الجبهة» لم تستنفر بعد، وهدد قائلاً: «والله لئن رفضتم حكم الله مجدداً ولم تكفوا بلاءكم عن الأمة لتحملن الأمة على الفكر الجاهل المتعدي، وأنتم تعلمون مئات الإخوة الأفاضل الذين ينتظرون إشارة من الأمة في العراق». خطاب الجولاني لم يكن متوقعاً. حدّة الرجل جاءت مفاجئة حتى في صفوف عناصر «جبهة النصرة». ولم يكد ينتشر التسجيل الصوتي، حتى اشتعلت الحرب على حساب «تويتر»، فشُنّ هجوم عنيف عليه. وعزز الحملة التي سيقت ضده، اكتشاف إزالة الولايات المتحدة اسمه عن قائمة الإرهاب العالمية منذ أيام. فتداول أتباع «الدولة» ومناصروها رسالة عنوانها: «لائحة الشرف… لا يوجد فيها الجولاني؟». ولاقى ما سُمّي «إعلان الحرب على جنود الدولة الإسلامية»، استنكاراً واسعاً. وذهب بعض أتباع «الدولة» إلى اتهام الجولاني بالعمالة؛ لأن «هدفه بات مشتركاً مع أمريكا وأعوانها». وقد سُجّلت عشرات المواقف لقياديين في حركة الجهاد العالمي في كل من جزيرة العرب واليمن والمغرب العربي. وبرز موقف القيادي في تنظيم «القاعدة» مأمون حاتم الذي كتب تحت عنوان «نداء عاجل للأمير الجولاني»، حمله فيها وزر الدماء التي ستُسفك، ورأى أن «إعلان الحرب على الدولة بمثابة إعلان حرب على القاعدة»، لأن هذه الحرب «ستذهب بثمرة الجهاد كلّه». وذكّر حاتم الجولاني بأنه «أول من شق عصا الجهاد عندما عصيت أميرك الذي لم يأمرك بمعصية، فعليك إثمه وإثم من تبعك عليها». وفي السياق نفسه، جاءت رسالة القيادي أبو عبدالله الأفغاني الذي استغرب «علاقة مرثية أبو خالد السوري بتهديد الجولاني للدولة»، طارحاً مجموعة تساؤلات تُحمّل الجولاني مسؤولية ما يجري ووزر مستنقع الدم الذي سيراق. وكذلك استُعيد بعض من خطبه التي كان يُثني فيها على جنود الدولة الإسلامية وأميرها البغدادي. واتّهموه بخيانة الأمانة وسرقة أموال «الدولة» وسلاحها بعدما ائتمنه عليها أميره أبو بكر البغدادي الذي خرج عليه طمعاً بالاستفراد بإمارة الشام. وقد تناقل أتباع «الدولة» على مواقعهم ترويجاً لكلمة مرتقبة للمتحدث الرسمي باسم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني للرد على خطاب الجولاني وتهديداته.

المصدر : الأخبار /رضوان مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة