انسحب عناصر «جبهة النصرة» من مدينة الطبقة في ريف محافظة الرقة متجهين مبدئياً إلى محافظة حمص وريف دمشق، كما سرت أنباء غير مؤكدة عن سحب تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) عناصره من جبل الأكراد في ريف اللاذقية إلى ريف جسر الشغور الغربي في محافظة إدلب. وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار الحديث عن معركة الجنوب والتي يبدو أنها تستقطب المزيد من الاهتمام من كافة الفصائل المسلحة في مدينة درعا. وفي هذا السياق فإنّ تنظيم «داعش»، الذي ليس له أي وجود فعلي في درعا، بدأ بالسعي جدياً لحجز دور له في المعركة المزمعة.

وأعلن قياديون في «جبهة النصرة» أنّ جميع عناصر الجبهة الذين كانوا متواجدين في مدينة الطبقة انسحبوا منها باتجاه مدينة حمص. وبرغم أنّ القياديين، ومنهم عطية الله العكيدي وهو نائب المفتي العام للجبهة ميسر الجبوري (أبو ماريا القحطاني)، لم يذكروا سبب الانسحاب إلا أنه يعتقد أن السبب الرئيسي هو رضوخ «جبهة النصرة» للأمر الواقع بعد تمكن «داعش» من فرض هيمنته على كافة أنحاء محافظة الرقة وكذلك ريف حلب الشرقي المتصل مع ريف الرقة، وهو ما يجعل من استمرار عناصر «النصرة» في التواجد في مدينة الطبقة تهديداً لهم لاسيما بعد اندلاع المعارك بين «النصرة» وبين «داعش» في أكثر من منطقة.

وفي هذا السياق، قال تنظيم «داعش» إنه نفذ تفجيرا انتحاريا في محيط مطار الطبقة، وإن منفذ التفجير هو «الجهادي» السعودي الملقب بأبي محيسن الجزراوي، فيما لم ترد أي معلومات عن نتائج هذا التفجير.

وفي ريف اللاذقية، وتحديداً في بلدة بداما، وقعت اشتباكات بين «داعش» من جهة و«لواء صقور الساحل» من جهة ثانية سقط خلالها قتلى وجرحى، وذلك على خلفية قيام «داعش» بخطف عدة عناصر من اللواء، وكانت عدة كتائب أصدرت بياناً مشتركاً منذ أسابيع عدة تطالب فيه «داعش» بتسليم واليه على الساحل أبو أيمن العراقي لمحاكمته، وسحب كافة عناصره من ريف اللاذقية. وقد تواترت خلال الأيام الماضية أنباء غير مؤكدة عن قيام «داعش» بالفعل بسحب عناصره من جبل الأكراد إلى قرى ريف جسر الشغور الغربي في محافظة إدلب. والأرجح، في حال صحة الأنباء، أن يكون سحب «داعش» لعناصره من جبل الأكراد إلى جسر الشغور من قبيل تعزيز قواته في مواجهته مع «جبهة ثوار سوريا» في الريف الإدلبي. وقد سبق لـ«داعش» منذ شهرين ونيف أن أرسل عناصره من الساحل إلى دير الزور لخوض ما أسماها «غزوة الخير» والتي منيت بفشل ذريع بسبب توقفها على وقع احتدام المعارك بين الفصائل الإسلامية بعضها ضد بعض.

من جهة أخرى، وفي إطار تحرك الكتائب المسلحة لمواكبة الحديث المستمر عن معركة الجنوب ومحاولة الاستعداد لاحتمال اندلاعها فعلاً، كتشكيل «الجبهة الجنوبية» من 49 فصيلاً، وسعي «جبهة النصرة» إلى توحيد الفصائل الإسلامية في درعا في مجلس جهادي موحد، علمت «السفير» من مصدر مقرب من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أن الأخير لا يريد أن يبقى بعيداً عن أجواء الحدث المرتقب، وأنه بدأ فعلياً باتخاذ خطوات تضمن له لعب دور في معركة الجبهة الجنوبية وخصوصاً في مدينة درعا التي طالما كان غائباً عنها.

وقال المصدر إنّ حرباً خفية تدور رحاها بين «جبهة النصرة» وبين «داعش» لأن «النصرة» ترفض بشكل قاطع دخول «داعش» إلى مدينة درعا التي تعتبر المدينة الوحيدة التي لم تتأثر بالخلاف بين الطرفين منذ اندلاعه في شهر نيسان الماضي.

وفي هذا السياق، أكد المصدر أن «داعش» فتح خط اتصال مع بعض قيادات «الجهاديين الأردنيين» في درعا لمحاولة إقناعهم بالانشقاق عن «جبهة النصرة» والانضمام إليه. ويشكل الأردنيون في درعا النسبة الكبيرة من عدد «المقاتلين الأجانب» المنتسبين لـ«جبهة النصرة»، بل يمكن القول إنّ «الجهاديين الأردنيين» هم العمود الفقري الذي تقوم عليه «جبهة النصرة» في مدينة درعا سواء لجهة القيادات والأمراء أو لجهة العناصر والمقاتلين. ولا يخفى أنّ التيار السلفي الجهادي في الأردن أعلن بوضوح تأييده لـ«جبهة النصرة» في خلافها مع «داعش»، وقد يكون هذا سبباً رئيسياً لانتساب معظم الجهاديين الأردنيين إلى «النصرة» وعدم توجههم إلى «داعش». وهو ما يفسر أيضاً أن درعا كانت المدينة الوحيدة التي لم تتأثر بالخلاف بين زعيم «النصرة» أبي محمد الجولاني وأمير «داعش» أبي بكر البغدادي، حيث لم ينشق أحد من أمراء «النصرة» أو عناصرها في أعقاب الخلاف، كما بقيت جميع المقارّ والمستودعات تحت يد «النصرة» وذلك على خلاف باقي المدن التي انهار فيها، تقريباً، تنظيم «جبهة النصرة» بسبب الانشقاقات الواسعة عنه وخسارته لغالبية مقاره ومستودعاته.

ويبدو أنّ «داعش» يعتمد في اتصالاته الجديدة مع «الجهاديين الأردنيين» على تنظيم «جماعة بيت المقدس الإسلامية» الذي يتكون بمعظمه من فلسطينيين ومصريين. وهو تنظيم مقرب من «داعش» وقد يكون المفتاح الذي سيستخدمه لفتح أبواب درعا أمام عناصره. وبالفعل بدأت ترد معلومات خلال الأيام الماضية عن حالات انشقاق لجهاديين أردنيين عن «النصرة» ولجوئهم إلى مقارّ تابعة لجماعة «بيت المقدس الإسلامية». وفي حادثة واحدة انشقّ حوالي أربعين جهادياً أردنياً، ما يشير إلى أن الاتصالات بدأت تفعل فعلها. لكن «جبهة النصرة» ما زالت حتى الآن تنفي مثل هذه الأنباء وتؤكد عدم انشقاق أحد من عناصرها. إلا أنّ نفي «النصرة» لا يعني أن «داعش» لن يبذل جهده ليحجز لنفسه دوراً في معركة الجنوب.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-22
  • 12637
  • من الأرشيف

النصرة» تنسحب من مدينة الطبقة في الرقة...«داعش» يبحث عن دور له في معركة الجنوب

انسحب عناصر «جبهة النصرة» من مدينة الطبقة في ريف محافظة الرقة متجهين مبدئياً إلى محافظة حمص وريف دمشق، كما سرت أنباء غير مؤكدة عن سحب تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) عناصره من جبل الأكراد في ريف اللاذقية إلى ريف جسر الشغور الغربي في محافظة إدلب. وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار الحديث عن معركة الجنوب والتي يبدو أنها تستقطب المزيد من الاهتمام من كافة الفصائل المسلحة في مدينة درعا. وفي هذا السياق فإنّ تنظيم «داعش»، الذي ليس له أي وجود فعلي في درعا، بدأ بالسعي جدياً لحجز دور له في المعركة المزمعة. وأعلن قياديون في «جبهة النصرة» أنّ جميع عناصر الجبهة الذين كانوا متواجدين في مدينة الطبقة انسحبوا منها باتجاه مدينة حمص. وبرغم أنّ القياديين، ومنهم عطية الله العكيدي وهو نائب المفتي العام للجبهة ميسر الجبوري (أبو ماريا القحطاني)، لم يذكروا سبب الانسحاب إلا أنه يعتقد أن السبب الرئيسي هو رضوخ «جبهة النصرة» للأمر الواقع بعد تمكن «داعش» من فرض هيمنته على كافة أنحاء محافظة الرقة وكذلك ريف حلب الشرقي المتصل مع ريف الرقة، وهو ما يجعل من استمرار عناصر «النصرة» في التواجد في مدينة الطبقة تهديداً لهم لاسيما بعد اندلاع المعارك بين «النصرة» وبين «داعش» في أكثر من منطقة. وفي هذا السياق، قال تنظيم «داعش» إنه نفذ تفجيرا انتحاريا في محيط مطار الطبقة، وإن منفذ التفجير هو «الجهادي» السعودي الملقب بأبي محيسن الجزراوي، فيما لم ترد أي معلومات عن نتائج هذا التفجير. وفي ريف اللاذقية، وتحديداً في بلدة بداما، وقعت اشتباكات بين «داعش» من جهة و«لواء صقور الساحل» من جهة ثانية سقط خلالها قتلى وجرحى، وذلك على خلفية قيام «داعش» بخطف عدة عناصر من اللواء، وكانت عدة كتائب أصدرت بياناً مشتركاً منذ أسابيع عدة تطالب فيه «داعش» بتسليم واليه على الساحل أبو أيمن العراقي لمحاكمته، وسحب كافة عناصره من ريف اللاذقية. وقد تواترت خلال الأيام الماضية أنباء غير مؤكدة عن قيام «داعش» بالفعل بسحب عناصره من جبل الأكراد إلى قرى ريف جسر الشغور الغربي في محافظة إدلب. والأرجح، في حال صحة الأنباء، أن يكون سحب «داعش» لعناصره من جبل الأكراد إلى جسر الشغور من قبيل تعزيز قواته في مواجهته مع «جبهة ثوار سوريا» في الريف الإدلبي. وقد سبق لـ«داعش» منذ شهرين ونيف أن أرسل عناصره من الساحل إلى دير الزور لخوض ما أسماها «غزوة الخير» والتي منيت بفشل ذريع بسبب توقفها على وقع احتدام المعارك بين الفصائل الإسلامية بعضها ضد بعض. من جهة أخرى، وفي إطار تحرك الكتائب المسلحة لمواكبة الحديث المستمر عن معركة الجنوب ومحاولة الاستعداد لاحتمال اندلاعها فعلاً، كتشكيل «الجبهة الجنوبية» من 49 فصيلاً، وسعي «جبهة النصرة» إلى توحيد الفصائل الإسلامية في درعا في مجلس جهادي موحد، علمت «السفير» من مصدر مقرب من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أن الأخير لا يريد أن يبقى بعيداً عن أجواء الحدث المرتقب، وأنه بدأ فعلياً باتخاذ خطوات تضمن له لعب دور في معركة الجبهة الجنوبية وخصوصاً في مدينة درعا التي طالما كان غائباً عنها. وقال المصدر إنّ حرباً خفية تدور رحاها بين «جبهة النصرة» وبين «داعش» لأن «النصرة» ترفض بشكل قاطع دخول «داعش» إلى مدينة درعا التي تعتبر المدينة الوحيدة التي لم تتأثر بالخلاف بين الطرفين منذ اندلاعه في شهر نيسان الماضي. وفي هذا السياق، أكد المصدر أن «داعش» فتح خط اتصال مع بعض قيادات «الجهاديين الأردنيين» في درعا لمحاولة إقناعهم بالانشقاق عن «جبهة النصرة» والانضمام إليه. ويشكل الأردنيون في درعا النسبة الكبيرة من عدد «المقاتلين الأجانب» المنتسبين لـ«جبهة النصرة»، بل يمكن القول إنّ «الجهاديين الأردنيين» هم العمود الفقري الذي تقوم عليه «جبهة النصرة» في مدينة درعا سواء لجهة القيادات والأمراء أو لجهة العناصر والمقاتلين. ولا يخفى أنّ التيار السلفي الجهادي في الأردن أعلن بوضوح تأييده لـ«جبهة النصرة» في خلافها مع «داعش»، وقد يكون هذا سبباً رئيسياً لانتساب معظم الجهاديين الأردنيين إلى «النصرة» وعدم توجههم إلى «داعش». وهو ما يفسر أيضاً أن درعا كانت المدينة الوحيدة التي لم تتأثر بالخلاف بين زعيم «النصرة» أبي محمد الجولاني وأمير «داعش» أبي بكر البغدادي، حيث لم ينشق أحد من أمراء «النصرة» أو عناصرها في أعقاب الخلاف، كما بقيت جميع المقارّ والمستودعات تحت يد «النصرة» وذلك على خلاف باقي المدن التي انهار فيها، تقريباً، تنظيم «جبهة النصرة» بسبب الانشقاقات الواسعة عنه وخسارته لغالبية مقاره ومستودعاته. ويبدو أنّ «داعش» يعتمد في اتصالاته الجديدة مع «الجهاديين الأردنيين» على تنظيم «جماعة بيت المقدس الإسلامية» الذي يتكون بمعظمه من فلسطينيين ومصريين. وهو تنظيم مقرب من «داعش» وقد يكون المفتاح الذي سيستخدمه لفتح أبواب درعا أمام عناصره. وبالفعل بدأت ترد معلومات خلال الأيام الماضية عن حالات انشقاق لجهاديين أردنيين عن «النصرة» ولجوئهم إلى مقارّ تابعة لجماعة «بيت المقدس الإسلامية». وفي حادثة واحدة انشقّ حوالي أربعين جهادياً أردنياً، ما يشير إلى أن الاتصالات بدأت تفعل فعلها. لكن «جبهة النصرة» ما زالت حتى الآن تنفي مثل هذه الأنباء وتؤكد عدم انشقاق أحد من عناصرها. إلا أنّ نفي «النصرة» لا يعني أن «داعش» لن يبذل جهده ليحجز لنفسه دوراً في معركة الجنوب.

المصدر : السفير/ عبد الله علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة