الأمن على الإنترنت هو أحد العناوين الحساسة في هذه المرحلة من التطور التكنولوجي. بعد المصائب التي كُشفت عن نشاط الأميركيين الاستخباري في هذا المجال، وفي ظلّ الاستغلال التجاري والجرمي للمعلومات الضخمة، يسعى الجميع إلى حماية بضاعته. ولعل التطوّر الأخير في هذا المجال تمثّل في استحواذ شركة «غوغل» على الشركة الإسرائيلية المختصة بالحماية الأمنية على الإنترنت، SlickLogin. لقد طورت هذه الشركة تقنية تستخدم الإشارات الصوتية العالية التردّد والهاتف الذكي في إطار تسهيل الولوج الآمن إلى الخدمات المختلفة على الإنترنت، لكن المفارقة أن الخبراء الثلاثة المؤسسين للشركة هم من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

عالم الإنترنت قرية كبيرة تجمع المليارات، لكنّ الجيران فيها، تماماً كما في القرى الفعلية، ليسوا دوماً خيرة الناس: أمن منزل ما معرّض للاختراق في أي وقت من قبل أي كان مهما كان صيته ومرتبته. «غوغل» تستعين اليوم بالخبرات الإسرائيلية لتعزيز أمنها. ماذا يعني ذلك؟

الأمن على الإنترنت هو أحد العناوين الحساسة في هذه المرحلة من التطور التكنولوجي. بعد المصائب التي كُشفت عن نشاط الأميركيين الاستخباري في هذا المجال، وفي ظلّ الاستغلال التجاري والجرمي للمعلومات الضخمة، يسعى الجميع إلى حماية بضاعته.

المسألة دقيقة لدرجة أنّ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ستبحث خلال لقائها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في نهاية الأسبوع الجاري إمكان بناء شبكة تواصل أوروبية خاصة تؤمّن تدفّق المعلومات والرسائل الإلكترونية، يكون بعيداً قدر الإمكان عن النفوذ الأميركي، وتحديداً عن عين وكالة الأمن القومي.

لكن يبدو أن شركات التكنولوجيا هي من يقوم بالجهد الأكبر على هذا الصعيد، وهو جهد يهمّ كثيرين أن يكونوا مطّلعين على تفاصيله؛ لأنه يمسّ الأمن القومي لمجتمعات برمّتها. فالتطوّر الأخير في هذا المجال تمثّل في استحواذ شركة «غوغل» على الشركة الإسرائيلية المختصة بالحماية الأمنية على الإنترنت، SlickLogin.

حرفياً، يعني اسم الشركة الإسرائيلية «الولوج السلس»، في تأكيد لهدفها تسهيل عملية تسجيل الدخول الآمن (Secure Login). لكن كلفة هذه السلاسة قد تكون باهظة على المستخدمين، وخصوصاً أولئك الذين يُشكّلون خطراً على «جيش الدفاع الإسرائيلي»!

بداية، ما هو المنتج الثوري الذي طوّرته هذه الشركة الحديثة الولادة الذي شدّ غوغل للانقضاض عليها؟

إنها تقنية تستخدم الإشارات الصوتية العالية التردّد (High Frequency Sounds) والهاتف الذكي في إطار تسهيل الولوج الآمن إلى الخدمات المختلفة على الإنترنت.

أي صفحة إلكترونية مجهّزة بالحماية التي توفرها الشركة يُمكنها استخدام مكبرات الصوت الخاصة بالحاسوب لكي تولّد موجة صوتية عالية التردّد لا تسمعها الأذن البشرية، لكن يُمكن الهاتف الذكي القريب من الجهاز التقاطها. هكذا يؤكد الهاتف هوية المستخدم ويُصبح هذا البروتوكول حيوياً في الولوج إلى الحسابات المصرفية أو شبكات الاستخدام الآمن عبر بروتوكول الخصوصية (VPNs) أو أي خدمة أخرى.

تتماهى هذه التقنية مع سعي «غوغل» إلى تطبيق نظام مزدوج لتأكيد هوية المستخدم: عندما يسجّل صاحب الحساب الدخول عبر اسم المستخدم وكلمة السرّ، يولّد هاتفه الذكي مباشرة شيفرة من ستة أرقام تتغيّر كلّ نصف دقيقة بعد إدخال كلمة السرّ. الهدف هو تعزيز الحماية عبر معطى يصعب على القرصان – أكان جزءاً من عصابة جرمية أم من وكالة استخبارية – اختراق الحساب، وإن لم يجعله مستحيلاً.

لكن من هم القيّمون تحديداً على هذه الشركة الإسرائيلية التي تتّخذ من البرج التجاري «إلكترا» في تل أبيب مقراً لها؟ وماذا يعني تحديداً للمستخدمين في لبنان أن تولد هذه الشراكة في مجال الأمن السيبراني؟

المعطى الأكثر حساسية هنا، هو أنّ الخبراء الثلاثة المؤسسين للشركة الإسرائيلية هم «متخرجون جدد من وحدة الأمن السيبراني النخبوية لدى جيش الدفاع الإسرائيلي»، حسبما يشرح الموقع الإلكتروني للشركة. هؤلاء «أمضوا أكثر من 6 سنوات يعملون في مشاريع خاصة بالأمن المعلوماتي عن أرفع المستويات».

المدير التنفيذي للشركة هو أور زيليغ، اختصاصي في إدارة المشاريع ومستثمر مخضرم. «شغوف بالتكنولوجيا وفكره يلمع دوماً بأفكار جديدة» كما تقول الشركة. «بعد تخرّجه في الجيش الإسرائيلي، حيث قاد مشروع تطوير الجيل الأحدث من أجهزة حماية المعلومات العسكرية، عمِلَ مستشاراً ثمّ مستثمراً مبادراً»، و SlickLogin هي مشروعه الاستثماري الثاني في مجال الأمن السيبراني.

إلى جانب أور، يبرز اسم رئيس قسم التكنولوجيا في الشركة، إيران غاليلي. يقول عنه الموقع إنه «شغوف بالتكنولوجيا، لدرجة أنه بدأ بقرصنة الحواسيب منذ عمر الثانية عشرة». تقنياً، هو باحث مختص في الأمن في مجالي البرامج والمعدات «يهوى الغوص في المجالات العميقة وغير المكتشفة لتعديلها والتلاعب بها، متمتعاً بخبرة معمقة في تصميم المنظومات الأمنية المعقدة وتفكيكها».

الخبير الثالث القادم طازجاً من الجيش الإسرائيلي هو نائب رئيس الشركة لشؤون الأبحاث والتطوير، أوري كابيلي. «مُتعته الكبرى تتمثّل في تحويل الأفكار إلى منتجات مبهرة؛ وكلما كانت (الأفكار) معقّدة، أعجبته». هو مبرمج مخضرم مع أكثر من سبع سنوات خبرة في تطوير المنتجات الخاصة بالحماية الأمنية «تحديداً للوكالات العسكرية والحكومية».

هؤلاء الخبراء الثلاثة هم خيرة ما أنتجه الجيش الإسرائيلي في مجال الأمن، وستكون لمستهم حاضرة في كلّ جانب من تواصل الحكومات والمستهلكين مع خدمات «غوغل». وهو تواصل أضحى أساسياً كشرب المياه في عالم شُحنت فيه في عام 2013 أكثر من مليار هاتف ذكي؛ نسبة كبيرة منها مرتبطة على الدوام بالشبكة الكونية.

حتّى كتابة هذه السطور، لم تكن الشركة الأميركية قد علّقت على الإعلان. غير أنّه شكّل حدثاً بارزاً على موقع الشركة الإلكترونية وفي عالم التكنولوجيا، وخصوصاً أنّ الشركة حديثة الولادة، وأُطلقت خلال مؤتمر تكنولوجي قبل أشهر قليلة.

قالت الشركة في بيان على موقعها: «اليوم نعلن أن فريقنا ينضم إلى غوغل، الشركة التي تشاركنا إيماننا الراسخ بأن تسجيل الدخول (على الإنترنت) يجب أن يكون سهلاً وليس محبطاً، كذلك فإن التدقيق بصحة البيانات يجب أن يتّسم بفاعلية من دون الإعاقة»

والتأخير.

ويُشير المراقبون إلى أنّ الاستحواذ هو جزء من استراتيجية «غوغل» لتعزيز الحماية الأمنية لخدماتها المختلفة، وتحديداً خدمة البريد الإلكتروني الشهيرة (Gmail) التي تبيّن أخيراً أنّ شهرتها في حفظ معلومات المستخدمين وخصوصيتهم ليست سوى نمر من ورق أمام الأطماع التجارية والاستخبارية.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-17
  • 13448
  • من الأرشيف

أمن «غوغل» بيد إسرائيل

الأمن على الإنترنت هو أحد العناوين الحساسة في هذه المرحلة من التطور التكنولوجي. بعد المصائب التي كُشفت عن نشاط الأميركيين الاستخباري في هذا المجال، وفي ظلّ الاستغلال التجاري والجرمي للمعلومات الضخمة، يسعى الجميع إلى حماية بضاعته. ولعل التطوّر الأخير في هذا المجال تمثّل في استحواذ شركة «غوغل» على الشركة الإسرائيلية المختصة بالحماية الأمنية على الإنترنت، SlickLogin. لقد طورت هذه الشركة تقنية تستخدم الإشارات الصوتية العالية التردّد والهاتف الذكي في إطار تسهيل الولوج الآمن إلى الخدمات المختلفة على الإنترنت، لكن المفارقة أن الخبراء الثلاثة المؤسسين للشركة هم من جيش الاحتلال الإسرائيلي. عالم الإنترنت قرية كبيرة تجمع المليارات، لكنّ الجيران فيها، تماماً كما في القرى الفعلية، ليسوا دوماً خيرة الناس: أمن منزل ما معرّض للاختراق في أي وقت من قبل أي كان مهما كان صيته ومرتبته. «غوغل» تستعين اليوم بالخبرات الإسرائيلية لتعزيز أمنها. ماذا يعني ذلك؟ الأمن على الإنترنت هو أحد العناوين الحساسة في هذه المرحلة من التطور التكنولوجي. بعد المصائب التي كُشفت عن نشاط الأميركيين الاستخباري في هذا المجال، وفي ظلّ الاستغلال التجاري والجرمي للمعلومات الضخمة، يسعى الجميع إلى حماية بضاعته. المسألة دقيقة لدرجة أنّ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ستبحث خلال لقائها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في نهاية الأسبوع الجاري إمكان بناء شبكة تواصل أوروبية خاصة تؤمّن تدفّق المعلومات والرسائل الإلكترونية، يكون بعيداً قدر الإمكان عن النفوذ الأميركي، وتحديداً عن عين وكالة الأمن القومي. لكن يبدو أن شركات التكنولوجيا هي من يقوم بالجهد الأكبر على هذا الصعيد، وهو جهد يهمّ كثيرين أن يكونوا مطّلعين على تفاصيله؛ لأنه يمسّ الأمن القومي لمجتمعات برمّتها. فالتطوّر الأخير في هذا المجال تمثّل في استحواذ شركة «غوغل» على الشركة الإسرائيلية المختصة بالحماية الأمنية على الإنترنت، SlickLogin. حرفياً، يعني اسم الشركة الإسرائيلية «الولوج السلس»، في تأكيد لهدفها تسهيل عملية تسجيل الدخول الآمن (Secure Login). لكن كلفة هذه السلاسة قد تكون باهظة على المستخدمين، وخصوصاً أولئك الذين يُشكّلون خطراً على «جيش الدفاع الإسرائيلي»! بداية، ما هو المنتج الثوري الذي طوّرته هذه الشركة الحديثة الولادة الذي شدّ غوغل للانقضاض عليها؟ إنها تقنية تستخدم الإشارات الصوتية العالية التردّد (High Frequency Sounds) والهاتف الذكي في إطار تسهيل الولوج الآمن إلى الخدمات المختلفة على الإنترنت. أي صفحة إلكترونية مجهّزة بالحماية التي توفرها الشركة يُمكنها استخدام مكبرات الصوت الخاصة بالحاسوب لكي تولّد موجة صوتية عالية التردّد لا تسمعها الأذن البشرية، لكن يُمكن الهاتف الذكي القريب من الجهاز التقاطها. هكذا يؤكد الهاتف هوية المستخدم ويُصبح هذا البروتوكول حيوياً في الولوج إلى الحسابات المصرفية أو شبكات الاستخدام الآمن عبر بروتوكول الخصوصية (VPNs) أو أي خدمة أخرى. تتماهى هذه التقنية مع سعي «غوغل» إلى تطبيق نظام مزدوج لتأكيد هوية المستخدم: عندما يسجّل صاحب الحساب الدخول عبر اسم المستخدم وكلمة السرّ، يولّد هاتفه الذكي مباشرة شيفرة من ستة أرقام تتغيّر كلّ نصف دقيقة بعد إدخال كلمة السرّ. الهدف هو تعزيز الحماية عبر معطى يصعب على القرصان – أكان جزءاً من عصابة جرمية أم من وكالة استخبارية – اختراق الحساب، وإن لم يجعله مستحيلاً. لكن من هم القيّمون تحديداً على هذه الشركة الإسرائيلية التي تتّخذ من البرج التجاري «إلكترا» في تل أبيب مقراً لها؟ وماذا يعني تحديداً للمستخدمين في لبنان أن تولد هذه الشراكة في مجال الأمن السيبراني؟ المعطى الأكثر حساسية هنا، هو أنّ الخبراء الثلاثة المؤسسين للشركة الإسرائيلية هم «متخرجون جدد من وحدة الأمن السيبراني النخبوية لدى جيش الدفاع الإسرائيلي»، حسبما يشرح الموقع الإلكتروني للشركة. هؤلاء «أمضوا أكثر من 6 سنوات يعملون في مشاريع خاصة بالأمن المعلوماتي عن أرفع المستويات». المدير التنفيذي للشركة هو أور زيليغ، اختصاصي في إدارة المشاريع ومستثمر مخضرم. «شغوف بالتكنولوجيا وفكره يلمع دوماً بأفكار جديدة» كما تقول الشركة. «بعد تخرّجه في الجيش الإسرائيلي، حيث قاد مشروع تطوير الجيل الأحدث من أجهزة حماية المعلومات العسكرية، عمِلَ مستشاراً ثمّ مستثمراً مبادراً»، و SlickLogin هي مشروعه الاستثماري الثاني في مجال الأمن السيبراني. إلى جانب أور، يبرز اسم رئيس قسم التكنولوجيا في الشركة، إيران غاليلي. يقول عنه الموقع إنه «شغوف بالتكنولوجيا، لدرجة أنه بدأ بقرصنة الحواسيب منذ عمر الثانية عشرة». تقنياً، هو باحث مختص في الأمن في مجالي البرامج والمعدات «يهوى الغوص في المجالات العميقة وغير المكتشفة لتعديلها والتلاعب بها، متمتعاً بخبرة معمقة في تصميم المنظومات الأمنية المعقدة وتفكيكها». الخبير الثالث القادم طازجاً من الجيش الإسرائيلي هو نائب رئيس الشركة لشؤون الأبحاث والتطوير، أوري كابيلي. «مُتعته الكبرى تتمثّل في تحويل الأفكار إلى منتجات مبهرة؛ وكلما كانت (الأفكار) معقّدة، أعجبته». هو مبرمج مخضرم مع أكثر من سبع سنوات خبرة في تطوير المنتجات الخاصة بالحماية الأمنية «تحديداً للوكالات العسكرية والحكومية». هؤلاء الخبراء الثلاثة هم خيرة ما أنتجه الجيش الإسرائيلي في مجال الأمن، وستكون لمستهم حاضرة في كلّ جانب من تواصل الحكومات والمستهلكين مع خدمات «غوغل». وهو تواصل أضحى أساسياً كشرب المياه في عالم شُحنت فيه في عام 2013 أكثر من مليار هاتف ذكي؛ نسبة كبيرة منها مرتبطة على الدوام بالشبكة الكونية. حتّى كتابة هذه السطور، لم تكن الشركة الأميركية قد علّقت على الإعلان. غير أنّه شكّل حدثاً بارزاً على موقع الشركة الإلكترونية وفي عالم التكنولوجيا، وخصوصاً أنّ الشركة حديثة الولادة، وأُطلقت خلال مؤتمر تكنولوجي قبل أشهر قليلة. قالت الشركة في بيان على موقعها: «اليوم نعلن أن فريقنا ينضم إلى غوغل، الشركة التي تشاركنا إيماننا الراسخ بأن تسجيل الدخول (على الإنترنت) يجب أن يكون سهلاً وليس محبطاً، كذلك فإن التدقيق بصحة البيانات يجب أن يتّسم بفاعلية من دون الإعاقة» والتأخير. ويُشير المراقبون إلى أنّ الاستحواذ هو جزء من استراتيجية «غوغل» لتعزيز الحماية الأمنية لخدماتها المختلفة، وتحديداً خدمة البريد الإلكتروني الشهيرة (Gmail) التي تبيّن أخيراً أنّ شهرتها في حفظ معلومات المستخدمين وخصوصيتهم ليست سوى نمر من ورق أمام الأطماع التجارية والاستخبارية.

المصدر : الأخبار/ حسن شقراني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة