منيت شركة «ركوتين» اليابانية، التي اشترت مؤخرا شركة «فايبر» الإسرائيلية، بخسائر فادحة في بورصة طوكيو حيث تعرض سهم الشركة لخسارة 10 في المئة من قيمته وفقدت الشركة حوالي 1,9 مليار دولار من قيمتها السوقية. ولكن كما يقول المثل، مصائب قوم عند قوم فوائد، حيث أنّ الاقتصاد الإسرائيلي هو المستفيد الأكبر من هذه الصفقة. وتتسم هذه الصفقة ومثيلاتها بأهمية فائقة للاقتصاد الإسرائيلي في هذا الوقت بالذات حيث كانت الحكومة ستضطر لفرض المزيد من الضرائب لكن عائدات مثل هذه الصفقات تقلل الحاجة إلى فرض ضرائب جديدة.

وأشارت المعطيات الاقتصادية من بورصة طوكيو أن شركة «ركوتين»، التي تعادل في اليابان شركة «أمازون» لتجارة التجزئة على الانترنت في أميركا، خسرت الكثير منذ الإعلان عن صفقة شراء شركة «فايبر». ففي اللحظة الأولى لإعلان الصفقة خسرت «ركوتين» حوالي 13 في المئة من قيمتها السوقية قبل أن تعود الأمور وتستقر لاحقا على خسارة 10 في المئة والتي عنت شطب 1,9 مليار دولار من القيمة السوقية.

وكانت «ركوتين» قد اشترت في الشهور الأخيرة بمئات ملايين الدولارات شركة «فينترست» للتواصل الاجتماعي وشركة «كوبو» لبيع الكتب الالكترونية. ومع شراء «فايبر» تكون «ركوتين» قد تخصصت في شراء شركات خاسرة ماليا على أمل أن تعيد تنظيمها وتحقيق أرباح لاحقا بعد دمجها في نطاق عملها التجاري العام. ومعروف أن شركة «فايبر» كانت قد حققت في العام 2013 خسائر بحدود 30 مليون دولار ومن دون أن تحقق أية عائدات جوهرية سوى بضع مئات من آلاف الدولارات نتيجة بيع خدمة الاتصال بالهواتف العادية.

وقد أشارت معطيات الاقتصاد الإسرائيلي، التي نشرت أمس الأول، إلى استمرار حالة الركود حيث لم تسجل في النصف الثاني من العام 2013 سوى نسبة نمو تبلغ 2,8 في المئة. وتعتبر هذه هي نسبة النمو الأدنى في إسرائيل منذ مطلع العام 2009 حين ما بدأت تظهر أبعاد الأزمة الاقتصادية العالمية وتم تسجيل نمو سلبي. وتشهد معطيات السنوات الأربع الأخيرة على استمرار تراجع نسب النمو في الاقتصاد الإسرائيلي من 5-6 في المئة في العام 2010 إلى 4-5 في المئة في العام 2011 إلى 3-4 في المئة في العام 2012 إلى أقل من 3 في المئة في العام 2013. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت فرض المزيد من الضرائب إلا أنها امتنعت عن ذلك لأسباب انتخابية واجتماعية. وساعدها على القرار وجود عائدات كبيرة جراء ضريبة الأرباح المفروضة على صفقات بيع الشركات وآخرها صفقتا حقل «لفيتان» و«فايبر». ومعروف أنّ ضريبة الأرباح تتراوح في إسرائيل ما بين 25 في المئة إلى 30 في المئة من الصفقة، وهو ما أدخل إلى الخزينة مئات ملايين الدولارات.

وتركز إسرائيل على هذه الصفقات نظرا إلى أنّ كل المحاولات لتعزيز قاطرة النمو الأساسية، وهي التصدير، تواصل المراوحة في مكانها جراء تراجع الصادرات ولو بنسب غير كبيرة خلال السنوات الأربع الأخيرة. وهذا ما دفع الخبراء إلى التأكيد بأن نسبة النمو كان يمكن أن تكون أقل لولا زيادة الاستهلاك الشخصي وبما يزيد عن نسبة النمو الطبيعي بل تقريبا بأكثر من الضعف. كذلك فإن لزيادة الاستثمار الحكومي أثر في عدم جعل نسبة النمو في الاقتصاد أقل من 3 في المئة بكثير.

وفي كل حال ينظر خبراء الاقتصاد في إسرائيل إلى صفقة «فايبر» باعتبارها إنجازا كبيرا خصوصا وأن الشركة تحاول منذ حوالي نصف عام تسويق نفسها لمنع المزيد من الخسائر. وكانت أنباء قد تحدثت عن استئجار «فايبر» خدمات بنك «غولدمان ساكس» للاستثمارات لتسهيل بيع الشركة وجرى الحديث عن مفاوضات مع شركة صينية لعقد صفقة بقيمة 300 مليون دولار قبل أن تبرم الصفقة مع «ركوتين» بقيمة 900 مليون دولار.

وكان أول من نشر نبأ شراء «ركوتين» لـ«فايبر» وزير الاقتصاد في الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت الذي اعتبر الصفقة شهادة لاختراعات إسرائيل ونقيضا للمتخوفين من المقاطعات الدولية.

وفي كل حال فإنّ «ركوتين» راهنت على «فايبر» لاعتقادها بأنها أفضل بكثير من نظير ياباني تبلغ قيمته السوقية حوالي عشرة مليارات دولار ولذلك اعتبرت الصفقة «لقطة». ومعروف أن «فايبر» بين أكثر مئة برنامج استخداما على شبكة الانترنت في العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وصارت منافسا قويا لبرنامج «سكايب».

وواضح أنّ «فايبر» ليست الشركة الإسرائيلية الأولى التي تنال هكذا مكانة على الصعيد العالمي وتجد طريقا سهلا للبيع في الأسواق العالمية. فالأنظار تتطلع الآن إلى بيع شركة «Tango» الإسرائيلية أيضا والمتخصصة في التواصل بالصوت والصورة والنص الكتابي وتبادل الملفات. وفي شهر أيلول الماضي أعلنت شركة الاتصالات العالمية «جينباند» نيتها شراء شركة «فرينغ» الإسرائيلية واشترتها بالفعل ولكن بمبلغ يصل إلى 40 مليون دولار. وكانت شركة «تيلفونيكا» العالمية قد اشترت في العام 2009 شركة «JahJah» الإسرائيلية بأكثر من 200 مليون دولار وأعلنت في نهاية العام الماضي عن إغلاقها.

وفي كل حال فإنّ في إسرائيل من يرى في الصفقة مع «فايبر» فتحا جديدا لأن الأسواق الآسيوية باتت تفتح أمام إسرائيل وتكنولوجياتها بعدما كان الأمر حكرا تقريبا على الشركات الأميركية والأوروبية. تجدر الإشارة إلى أن شركة «بوسون فارما» الصينية كانت قد اشترت شركة «أما لايزرس» الإسرائيلية في شهر نيسان الفائت بمبلغ 240 مليون دولار.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-17
  • 7953
  • من الأرشيف

شركة يابانية تخسر بشراء «فايبر»: الاقتصاد الإسرائيلي يبقى المستفيد الأكبر

منيت شركة «ركوتين» اليابانية، التي اشترت مؤخرا شركة «فايبر» الإسرائيلية، بخسائر فادحة في بورصة طوكيو حيث تعرض سهم الشركة لخسارة 10 في المئة من قيمته وفقدت الشركة حوالي 1,9 مليار دولار من قيمتها السوقية. ولكن كما يقول المثل، مصائب قوم عند قوم فوائد، حيث أنّ الاقتصاد الإسرائيلي هو المستفيد الأكبر من هذه الصفقة. وتتسم هذه الصفقة ومثيلاتها بأهمية فائقة للاقتصاد الإسرائيلي في هذا الوقت بالذات حيث كانت الحكومة ستضطر لفرض المزيد من الضرائب لكن عائدات مثل هذه الصفقات تقلل الحاجة إلى فرض ضرائب جديدة. وأشارت المعطيات الاقتصادية من بورصة طوكيو أن شركة «ركوتين»، التي تعادل في اليابان شركة «أمازون» لتجارة التجزئة على الانترنت في أميركا، خسرت الكثير منذ الإعلان عن صفقة شراء شركة «فايبر». ففي اللحظة الأولى لإعلان الصفقة خسرت «ركوتين» حوالي 13 في المئة من قيمتها السوقية قبل أن تعود الأمور وتستقر لاحقا على خسارة 10 في المئة والتي عنت شطب 1,9 مليار دولار من القيمة السوقية. وكانت «ركوتين» قد اشترت في الشهور الأخيرة بمئات ملايين الدولارات شركة «فينترست» للتواصل الاجتماعي وشركة «كوبو» لبيع الكتب الالكترونية. ومع شراء «فايبر» تكون «ركوتين» قد تخصصت في شراء شركات خاسرة ماليا على أمل أن تعيد تنظيمها وتحقيق أرباح لاحقا بعد دمجها في نطاق عملها التجاري العام. ومعروف أن شركة «فايبر» كانت قد حققت في العام 2013 خسائر بحدود 30 مليون دولار ومن دون أن تحقق أية عائدات جوهرية سوى بضع مئات من آلاف الدولارات نتيجة بيع خدمة الاتصال بالهواتف العادية. وقد أشارت معطيات الاقتصاد الإسرائيلي، التي نشرت أمس الأول، إلى استمرار حالة الركود حيث لم تسجل في النصف الثاني من العام 2013 سوى نسبة نمو تبلغ 2,8 في المئة. وتعتبر هذه هي نسبة النمو الأدنى في إسرائيل منذ مطلع العام 2009 حين ما بدأت تظهر أبعاد الأزمة الاقتصادية العالمية وتم تسجيل نمو سلبي. وتشهد معطيات السنوات الأربع الأخيرة على استمرار تراجع نسب النمو في الاقتصاد الإسرائيلي من 5-6 في المئة في العام 2010 إلى 4-5 في المئة في العام 2011 إلى 3-4 في المئة في العام 2012 إلى أقل من 3 في المئة في العام 2013. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت فرض المزيد من الضرائب إلا أنها امتنعت عن ذلك لأسباب انتخابية واجتماعية. وساعدها على القرار وجود عائدات كبيرة جراء ضريبة الأرباح المفروضة على صفقات بيع الشركات وآخرها صفقتا حقل «لفيتان» و«فايبر». ومعروف أنّ ضريبة الأرباح تتراوح في إسرائيل ما بين 25 في المئة إلى 30 في المئة من الصفقة، وهو ما أدخل إلى الخزينة مئات ملايين الدولارات. وتركز إسرائيل على هذه الصفقات نظرا إلى أنّ كل المحاولات لتعزيز قاطرة النمو الأساسية، وهي التصدير، تواصل المراوحة في مكانها جراء تراجع الصادرات ولو بنسب غير كبيرة خلال السنوات الأربع الأخيرة. وهذا ما دفع الخبراء إلى التأكيد بأن نسبة النمو كان يمكن أن تكون أقل لولا زيادة الاستهلاك الشخصي وبما يزيد عن نسبة النمو الطبيعي بل تقريبا بأكثر من الضعف. كذلك فإن لزيادة الاستثمار الحكومي أثر في عدم جعل نسبة النمو في الاقتصاد أقل من 3 في المئة بكثير. وفي كل حال ينظر خبراء الاقتصاد في إسرائيل إلى صفقة «فايبر» باعتبارها إنجازا كبيرا خصوصا وأن الشركة تحاول منذ حوالي نصف عام تسويق نفسها لمنع المزيد من الخسائر. وكانت أنباء قد تحدثت عن استئجار «فايبر» خدمات بنك «غولدمان ساكس» للاستثمارات لتسهيل بيع الشركة وجرى الحديث عن مفاوضات مع شركة صينية لعقد صفقة بقيمة 300 مليون دولار قبل أن تبرم الصفقة مع «ركوتين» بقيمة 900 مليون دولار. وكان أول من نشر نبأ شراء «ركوتين» لـ«فايبر» وزير الاقتصاد في الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت الذي اعتبر الصفقة شهادة لاختراعات إسرائيل ونقيضا للمتخوفين من المقاطعات الدولية. وفي كل حال فإنّ «ركوتين» راهنت على «فايبر» لاعتقادها بأنها أفضل بكثير من نظير ياباني تبلغ قيمته السوقية حوالي عشرة مليارات دولار ولذلك اعتبرت الصفقة «لقطة». ومعروف أن «فايبر» بين أكثر مئة برنامج استخداما على شبكة الانترنت في العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وصارت منافسا قويا لبرنامج «سكايب». وواضح أنّ «فايبر» ليست الشركة الإسرائيلية الأولى التي تنال هكذا مكانة على الصعيد العالمي وتجد طريقا سهلا للبيع في الأسواق العالمية. فالأنظار تتطلع الآن إلى بيع شركة «Tango» الإسرائيلية أيضا والمتخصصة في التواصل بالصوت والصورة والنص الكتابي وتبادل الملفات. وفي شهر أيلول الماضي أعلنت شركة الاتصالات العالمية «جينباند» نيتها شراء شركة «فرينغ» الإسرائيلية واشترتها بالفعل ولكن بمبلغ يصل إلى 40 مليون دولار. وكانت شركة «تيلفونيكا» العالمية قد اشترت في العام 2009 شركة «JahJah» الإسرائيلية بأكثر من 200 مليون دولار وأعلنت في نهاية العام الماضي عن إغلاقها. وفي كل حال فإنّ في إسرائيل من يرى في الصفقة مع «فايبر» فتحا جديدا لأن الأسواق الآسيوية باتت تفتح أمام إسرائيل وتكنولوجياتها بعدما كان الأمر حكرا تقريبا على الشركات الأميركية والأوروبية. تجدر الإشارة إلى أن شركة «بوسون فارما» الصينية كانت قد اشترت شركة «أما لايزرس» الإسرائيلية في شهر نيسان الفائت بمبلغ 240 مليون دولار.

المصدر : السفير/ حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة