من بين عشرات الصحافيين السوريين والأجانب الذين يغطون محادثات السلام السورية في جنيف ، تبرز أليسار معلا ، المذيعة السورية ذات الشعبية الواسعة التي تعمل لصالح التلفزيون السوري المملوك من قبل الدولة والتي لم تفوت فرصة لمواجهة وفد المعارضة وإمطاره بسيل من الأسئلة المحرجة.

بصوت عالي وهمة عالية توجه أليسار أسئلة صعبة في المؤتمرات الصحفية لممثلي المعارضة في المركز الإعلامي شبه الرسمي الواقع في حديقة مقر الامم المتحدة .

" هل تستطيع أن تقول لي لماذا تحتجز الجماعات المسلحة النساء والأطفال كرهائن في حمص ؟" توجه أليسار سؤالها بحدة للمتحدث باسم المعارضة ، في إشارة إلى المدينة التي سيطرت المعارضة على أحيائها القديمة وتمت محاصرتها من قبل القوات الحكومية لمدة 18 شهراً .

"أنت تدعي أنك تريد وقف القتال ، ولكن هل لديك نفوذ على الجماعات المسلحة ؟" تسأل أليسار معارضاً آخر.

المؤتمر الذي يعقد في سويسرا هو المرة الأولى الذي تتفاعل فيه مراسلة التلفزيون السوري مع المعارضة السياسية المدعومة من الغرب في محاولتها للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. التلفزيون السوري لا يستضيف أعضاء المعارضة في المنفى ، الذين تصفهم الحكومة " بأدوات للغرب " و أنصار " الإرهابيين " .

تقول أليسار أن ممثلي المعارضة " صدموا" عندما واجههم صحفيون من وسائل الإعلام الرسمية السورية " ، مضيفة "أنه على الرغم من تدريب هؤلاء للرد على أسئلة الصحفيين ، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إحراجهم من قبل الصحفيين القادمين من داخل سورية ، وهذا هو السبب في أنهم غير قادرين على توصيل رسائلهم بفعالية كما أرادوا " .

"لأول مرة أشفق على مقاتلي المعارضة لأنني أدرك مدى التضليل الذي تعرضوا له . إنهم يعتقدون أنهم يقاتلون من أجل قضية الحرية أو قضية دينية أو أي سبب آخر ولكن في الواقع، يخوضون معارك نيابة عن دول أخرى تتلاعب بهم". تشدد معلا في مقابلة مع قناة الجزيرة.

العديد من الجماعات المسلحة يعتبرون العاملين في وسائل الإعلام الرسمية أهداف مشروعة لهم لأنهم يناصرون الحكومة السورية. الظهور على شاشة التلفزيون السوري وتبني سياسته الإعلامية جعل معلا تدفع ثمن ذلك. تقول معلا أنها تلقت سيلا من التهديدات بالقتل و التقريعات الحادة ،مؤكدة أنها تلقت مكالمات هاتفية ورسائل لا تعد ولا تحصى تهدد بقتل والدها.

التنقل من منزلها في إحدى المناطق المضطربة في ضواحي دمشق إلى مكان عملها في وسط العاصمة يعتبر أيضاً تحدياً يومياً. لا تزال معلا تتذكر اليوم الذي ظنت فيه أن حياتها تقترب من نهايتها : " في إحدى المرات حاول ثلاثة مسلحين يرتدون عصابات سوداء حول رؤوسهم مهاجمتي أثناء قيادة سيارتي بعد أن تمكنوا من التعرف علي، لكنهم سرعان ما هربوا بعد وصول الشرطة" ، وتؤكد معلا :" لن أنسى ذلك اليوم أبداً " .

أما والديها الذين كانوا يعيشون في محافظة اللاذقية الساحلية ، مسقط رأسهم ، فقد انتقلوا إلى دمشق لأنهم قلقون على سلامة ابنتهم . ورغم كل التهديدات التي تتعرض لها فإن معلا لم تتوانى عن استمرار في وظيفتها. تتذكر زملائها الذين فقدوا حياتهم ، مشيرة إلى أن بعض الصحفيين الموالين للحكومة يتعرضون لمعاناة أكبر من معاناتها. حيث قتل ما لا يقل عن خمسة من موظفي التلفزيون السوري خلال فترة الصراع ، في حين يبقى مصير واحد من أصدقاء معلا في التلفزيون السوري، محمد سعيد ، غير معروفاً بعد اختطافه .

تؤمن معلا أن رواية الحكومة للأحداث في سورية أصبحت الآن حقيقة لا يمكن إنكارها ، تشدد معلا "لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك"، كما تقول "الحكومة السورية تدافع عن أراضيها في وجه الإرهابيين."

تعتقد معلا أن تغطية النزاع السوري من قبل معظم المؤسسات الإعلامية تتسم بالانحياز، سواء عن قصد أو عن غير قصد، وتقول "لم تتم تغطية الفظائع التي ارتكبتها قوات المعارضة بشكل متوازن ومهني من قبل وسائل الإعلام الأجنبية وحتى من قبل سائل الإعلام الرسمية السورية".

"الجيش السوري يقتل، لكنه يقتل الإرهابيين" تصر معلا قائلة "هناك حقيقة ينبغي الاعتراف بها : إنهم وحوش تم إرسالهم للقتال على الأراضي السورية ، إنهم ليسوا بشراً ، بعضهم يحملون الجنسية السورية ولكنهم فقدوا كل مقدرة على العيش في المجتمع كمواطنين عاديين". تطالب معلا بتقديم هؤلاء المجرمين إلى العدالة.

سوف تغادر معلا مدينة جنيف الهادئة عائدة إلى دمشق لنفس نمط حياتها السابق الذي انطبع بتهديدات القتل و أصوات القصف، و نشرة الأخبار المليئة برائحة الدم والموت.

  • فريق ماسة
  • 2014-01-30
  • 2955
  • من الأرشيف

أليسار معلا .. الوجه الآخر للإعلام السوري عندما يحرج خصومه / نقلاً عن الجزيرة الإنكليزية

من بين عشرات الصحافيين السوريين والأجانب الذين يغطون محادثات السلام السورية في جنيف ، تبرز أليسار معلا ، المذيعة السورية ذات الشعبية الواسعة التي تعمل لصالح التلفزيون السوري المملوك من قبل الدولة والتي لم تفوت فرصة لمواجهة وفد المعارضة وإمطاره بسيل من الأسئلة المحرجة. بصوت عالي وهمة عالية توجه أليسار أسئلة صعبة في المؤتمرات الصحفية لممثلي المعارضة في المركز الإعلامي شبه الرسمي الواقع في حديقة مقر الامم المتحدة . " هل تستطيع أن تقول لي لماذا تحتجز الجماعات المسلحة النساء والأطفال كرهائن في حمص ؟" توجه أليسار سؤالها بحدة للمتحدث باسم المعارضة ، في إشارة إلى المدينة التي سيطرت المعارضة على أحيائها القديمة وتمت محاصرتها من قبل القوات الحكومية لمدة 18 شهراً . "أنت تدعي أنك تريد وقف القتال ، ولكن هل لديك نفوذ على الجماعات المسلحة ؟" تسأل أليسار معارضاً آخر. المؤتمر الذي يعقد في سويسرا هو المرة الأولى الذي تتفاعل فيه مراسلة التلفزيون السوري مع المعارضة السياسية المدعومة من الغرب في محاولتها للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. التلفزيون السوري لا يستضيف أعضاء المعارضة في المنفى ، الذين تصفهم الحكومة " بأدوات للغرب " و أنصار " الإرهابيين " . تقول أليسار أن ممثلي المعارضة " صدموا" عندما واجههم صحفيون من وسائل الإعلام الرسمية السورية " ، مضيفة "أنه على الرغم من تدريب هؤلاء للرد على أسئلة الصحفيين ، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إحراجهم من قبل الصحفيين القادمين من داخل سورية ، وهذا هو السبب في أنهم غير قادرين على توصيل رسائلهم بفعالية كما أرادوا " . "لأول مرة أشفق على مقاتلي المعارضة لأنني أدرك مدى التضليل الذي تعرضوا له . إنهم يعتقدون أنهم يقاتلون من أجل قضية الحرية أو قضية دينية أو أي سبب آخر ولكن في الواقع، يخوضون معارك نيابة عن دول أخرى تتلاعب بهم". تشدد معلا في مقابلة مع قناة الجزيرة. العديد من الجماعات المسلحة يعتبرون العاملين في وسائل الإعلام الرسمية أهداف مشروعة لهم لأنهم يناصرون الحكومة السورية. الظهور على شاشة التلفزيون السوري وتبني سياسته الإعلامية جعل معلا تدفع ثمن ذلك. تقول معلا أنها تلقت سيلا من التهديدات بالقتل و التقريعات الحادة ،مؤكدة أنها تلقت مكالمات هاتفية ورسائل لا تعد ولا تحصى تهدد بقتل والدها. التنقل من منزلها في إحدى المناطق المضطربة في ضواحي دمشق إلى مكان عملها في وسط العاصمة يعتبر أيضاً تحدياً يومياً. لا تزال معلا تتذكر اليوم الذي ظنت فيه أن حياتها تقترب من نهايتها : " في إحدى المرات حاول ثلاثة مسلحين يرتدون عصابات سوداء حول رؤوسهم مهاجمتي أثناء قيادة سيارتي بعد أن تمكنوا من التعرف علي، لكنهم سرعان ما هربوا بعد وصول الشرطة" ، وتؤكد معلا :" لن أنسى ذلك اليوم أبداً " . أما والديها الذين كانوا يعيشون في محافظة اللاذقية الساحلية ، مسقط رأسهم ، فقد انتقلوا إلى دمشق لأنهم قلقون على سلامة ابنتهم . ورغم كل التهديدات التي تتعرض لها فإن معلا لم تتوانى عن استمرار في وظيفتها. تتذكر زملائها الذين فقدوا حياتهم ، مشيرة إلى أن بعض الصحفيين الموالين للحكومة يتعرضون لمعاناة أكبر من معاناتها. حيث قتل ما لا يقل عن خمسة من موظفي التلفزيون السوري خلال فترة الصراع ، في حين يبقى مصير واحد من أصدقاء معلا في التلفزيون السوري، محمد سعيد ، غير معروفاً بعد اختطافه . تؤمن معلا أن رواية الحكومة للأحداث في سورية أصبحت الآن حقيقة لا يمكن إنكارها ، تشدد معلا "لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك"، كما تقول "الحكومة السورية تدافع عن أراضيها في وجه الإرهابيين." تعتقد معلا أن تغطية النزاع السوري من قبل معظم المؤسسات الإعلامية تتسم بالانحياز، سواء عن قصد أو عن غير قصد، وتقول "لم تتم تغطية الفظائع التي ارتكبتها قوات المعارضة بشكل متوازن ومهني من قبل وسائل الإعلام الأجنبية وحتى من قبل سائل الإعلام الرسمية السورية". "الجيش السوري يقتل، لكنه يقتل الإرهابيين" تصر معلا قائلة "هناك حقيقة ينبغي الاعتراف بها : إنهم وحوش تم إرسالهم للقتال على الأراضي السورية ، إنهم ليسوا بشراً ، بعضهم يحملون الجنسية السورية ولكنهم فقدوا كل مقدرة على العيش في المجتمع كمواطنين عاديين". تطالب معلا بتقديم هؤلاء المجرمين إلى العدالة. سوف تغادر معلا مدينة جنيف الهادئة عائدة إلى دمشق لنفس نمط حياتها السابق الذي انطبع بتهديدات القتل و أصوات القصف، و نشرة الأخبار المليئة برائحة الدم والموت.

المصدر : هنا سورية/ ترجمة فادي مفرّج


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة