من دون التعهدات السورية، معارضة ونظاماً، للروس والأميركيين بالبقاء حتى الجمعة المقبل في فنادقهما السويسرية، لأغلقت أبواب المؤتمر، وعاد الوفدان أدراجهما، إلى اسطنبول لـ«الائتـــــلاف» والــــى دمشــــــق للوفـــــد الحكومي السوري.

وخلال الاجتماع الذي يبدأ العاشرة من صباح اليوم في جنيف، سيحتاج المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إلى الكثير من الدراية والخبرة الديبلوماسية للعثور على أرضية مشتركة للوقوف عليها، وتأمين بقاء الوفدين في مقاعدهما حتى نهاية الأسبوع على الأقل، بعد أن استنفد كل طاقته عبثاً، في إنجاح الشق الإنساني التمهيدي، واستكمال عملية حمص وفتح أبوابها أمام قوافل المساعدات الإنسانية، وإنجاز وقف للنار في المدينة القديمة حيث لا يزال ١٢٠٠ مدني ومسلح يعيشون تحت حصار الجيش السوري.

وكان الإبراهيمي يأمل، ولا يزال، البناء على العملية الإنسانية في حمص لإحداث اختراق في جدار الريبة بين الطرفين، والبناء عليها في مناطق أخرى. وخلال الساعات المقبلة، يدخل الرهان على إطلاق العملية السياسية في جنيف منعطفاً مهماً، عندما يضع كبير المفاوضين «الائتلافي» هادي البحرة، ورئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، لغمهما المنتظر في قلب «جنيف 1». إذ يدلي المفاوضان، «الائتلافي» والحكومي ببيان افتتاحي، في جلسة مشتركة هذا الصباح، تشكل اجتهاد وتفسير كل منهما لآليات تأليف «الحكومة الانتقالية» في سوريا، ومقاربتهما لبيان «جنيف 1».

وبديهي أن «الائتلاف» يأتي إلى جنيف بتفسير واحد، واكبته حملة أميركية - غربية شديدة، تجعل من المؤتمر عملية تسلم وتسليم للسلطة لا أكثر ولا أقل. وترى المعارضة في مقاربتها أن جل عملية جنيف هي البند العاشر من البيان، وما يحتويه من تفصيلات عن الهيئة الحاكمة الكاملة الصلاحيات، يمثل تشكيلها أساساً لإنهاء المواجهات وعزل الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة». وتحاول المعارضة الوصول إليها من دون المرور بالمقدمات التي تفترض اختبار مصداقيتها التمثيلية في امتحان التوصل إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار، أو تبادل المعتقلين والمختطفين، وفك الحصار عن كل المناطق السورية.

أما الوفد الحكومي فسيقدم، بحسب مصادر عربية، مقاربة تستند إلى ما انتهى إليه «جنيف 1»، من إعادة الأمر إلى الشعب السوري، وقبول ما يقبله ورفض ما يرفضه. ويدخل الوفد الحكومي جنيف من مقدمته التي تلتزم وقف العنف، مع التوسع في تفسيرها، للقول إنه لا حل سياسياً ولا حكومة انتقالية في سوريا، قبل إعادة الأمن والاستقرار، مكافحة الإرهاب ، والتزام دول الجوار، لا سيما تركيا والأردن، وكل ممولي الجماعات «الجهادية»، خصوصاً السعودية وقطر، بوقف التمويل والتسليح، وإغلاق الحدود أمام تدفق السلاح والمسلحين إلى سوريا.

واستبق الإبراهيمي المواجهة بين قراءتي اليوم، «الائتلافية» والحكومية، واقترح تقديم مداخلة خاصة تعرض لقراءة ثالثة محايدة، تستند إلى استشارات قانونية، والاستعانة بها كمرجعية لتنفيذ بيان «جنيف 1». وقال مصدر ديبلوماسي إن الوفدين السوريين يعتبران المداخلة الإبراهيمية غير ضرورية، وأنها تخرج الأمم المتحدة عن دورها الحيادي في الوساطة بين الطرفين.

وتبدو محاولة الإبراهيمي، وهي بديهية للإبقاء على احتمالات الحل قائمة، هروباً إلى الأمام، عبر التمسك بفرصة فرض تصور لجنيف، قبل الاضطرار إلى البحث في الورقتين على مشتركات، وهو أمر سيكون صعباً، بحسب ديبلوماسي أممي، للبناء عليها، ومواصلة المؤتمر في شباط المقبل. وقال الديبلوماسي، الذي يتابع العملية التفاوضية، إن شرط النجاح الآخر، الذي لم ينضج بعد، هو تعب المتحاربين السوريين، كما لم تتقدم عناصر النزاع الداخلي السوري على الإرادات الإقليمية والدولية، وعلى قدرتها على إدارة النزاع عبر وكلائها المحليين.

وقال مصدر ديبلوماسي إنه وعلى عكس ما أشيع فإن الجو داخل جلسة التفاوض كان أفضل من المتوقع، وإنه لم يكن هناك أجواء عدائية، وساد جو من الاحترام المتبادل، ولكن ذلك لم يصل إلى حد المصافحات.

وأبدى الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي في جنيف، «سروره» بكيفية حصول هذه المفاوضات. وقال «في الواقع أنا مسرور. لأن هناك عموماً احتراماً متبادلا، ولأن (المفاوضين) يدركون أن هذه المحاولة (المفاوضات) مهمة ويجب أن تستمر». وأضاف «آمل في أن تستمر هذه الأجواء». وتابع «أعتقد أن نكون بطيئين طريقة أفضل من أن نسرع، حيث يمكن أن نربح ساعة ولكن نخسر أسبوعاً».

وكانت محاولة فرض «حمص أولا» قد منيت بالفشل خلال المفاوضات، التي شهدتها جلسة الصباح بالأمس، وانتهت إلى اتفاق على إخراج النساء والأطفال، ولاحقاً المدنيين الآخرين بعد أن تقدم المعارضة لائحة بأسمائهم. وقال مصدر ديبلوماسي إن المعارضة التي فاجأت الوفد الحكومي السوري بالإصرار على «حمص أولا»، لم تقدم عناصر كافية في الملف للتقدم فيه بشكل كاف.

وقال وفد «الائتلاف» إنه يحمل معه تعهدات من الكتائب المقاتلة باحترام وقف إطلاق النار، وتيسير عملية إجلاء المدنيين، وإدخال قافلة المواد الغذائية، بعد أكثر من عام ونصف العام من الحصار. وقال المتحدث باسم «الجبهة الإسلامية» إسلام علوش إن الجبهة لم تقدم أي تعهدات من هذا النوع. وتقود «الجبهة الإسلامية»، وقائد «لواء الحق» أبو راتب، «المجلس العسكري» في المدينة القديمة المحاصرة. ولا تزال الخلافات قائمة بين المجموعات التي تنتمي إلى الشيخ أبو الحارث الخالدي، وعبد الباسط الساروت، التي تبحث عن حل تفاوضي لإخراج المدنيين من الحصار.

وكانت آخر محاولة خروج بالقوة، العام الماضي، أدت إلى مقتل أكثر من 70 مسلحاً في «مجزرة المطاحن»، بعد اكتشاف الجيش السوري محاولة تسلل من حمص القديمة عبر شبكة من الأنفاق، نسفت احتمالات اختراق الحصار، من دون مفاوضات. ويعتقد متابعون للملف الحمصي أن المعارضة تحاول إنقاذ المسلحين قبل كل شيء.

وأكثر ما توصل إليه «حمص أولا» هو تعهد حكومي سوري بتسهيل خروج الأطفال والنساء من المدينة القديمة، على أن تتقدم المعارضة بلائحة بأسماء المدنيين الآخرين، للتأكد من أن ليس بينهم أجانب أو مطلوبين للعدالة. والمرجح أن يبدأ تنفيذ العملية على دفعات في الساعات المقبلة، على أن تقدم المعارضة اللوائح المطلوبة. ويسعى «الائتلاف»، من خلال «حمص أولا»، إلى الحصول على مكاسب «إنسانية» على الأرض، تدعم قراره بالتفاوض مع النظام، فضلا عن تنفيذ نصائح من السفير الأميركي روبرت فورد، بالإصرار على هذه النقطة ، لتعزيز شرعية «الائتلاف».

وتلقى الإبراهيمي لائحة من 1300 طفل وامرأة معتقلة، لإطلاق سراحهم، فيما وعد بتقديم لوائح تضم 47 ألف معتقل في سجون النظام. وفي مواجهة «حمص أولا» نقل مصدر ديبلوماسي لـ«السفير» أن بشار الجعفري طلب خلال الجلسة الصباحية التفاوض على رزمة كاملة، فطالب المعارضة أن تبادر إلى إطلاق من تعتقلهم من الجنود والعائلات والمدنيين، لكي تشملهم عملية التبادل. (تفاصيل صفحة 14)

وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في مؤتمر صحافي، أن اللائحة التي قدمها «الائتلاف» بأسماء المعتقلين مضخمة جداً، موضحاً أنه لا يوجد أطفال في السجون السورية.

وكرر أن «أول بند يجب أن يناقش (في جنيف) هو بند الإرهاب»، متسائلا «كيف نناقش مستقبل سوريا وآلة القتل مسلطة على رقاب أطفال الشعب السوري؟». وقال «على من يقود جلسات الحوار أن ينتبه إلى إعطاء هذا الجانب الأهمية التي يستحق»، مؤكداً أن الوفد السوري أعدَّ «وثيقة حول الإرهاب سنقدمها إلى الإبراهيمي عندما يرغب بمناقشة الموضوع». وأعلن انه لن يتم تسليم الحكم إلى المعارضة في جنيف. وقال «هذا خط أحمر. إذا اعتقد البعض أنهم قدموا إلى هنا لنسلمهم مفاتيح دمشق، فهم مخطئون».

وقال مصدر في الوفد الحكومي إن المعارضة المسلحة تحتجز الآلاف من المدنيين في مناطق سيطرتها، ومن المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم، منذ استيلاء المعارضة على بعض المناطق لا سيما في الشمال، بالإضافة إلى الجنود والضباط، الذين لم تصرح المعارضة عن أعدادهم ولا هوياتهم. ووعد الوفد المعارض بالنظر في الطلب الحكومي، معترفاً انه لن يستطيع الحصول على لوائح كاملة، نظرا لعدم تأثيره على الجماعات «الجهادية» و«داعش» و«النصرة» التي لا تتبع «هيئة أركان الجيش الحر».

وقال ديبلوماسي، يشرف على الملف والوساطة في قضايا المعتقلين، انه من المستحيل أن تقدم المعارضة «الائتلافية» قوائم ذات مصداقية، بسبب تعدد الأطراف التي تحتجز الآلاف من المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، فضلا عن تشرذم الجماعات المقاتلة، وانعدام سلطة «الائتلاف» عليها.

وقال المصدر الديبلوماسي إن الجعفري عرض أن يشمل اتفاق «إنساني» أو اغاثي الأراضي السورية برمتها، ولا يقتصر على حمص وحدها، وتسهيل وصول قوافل المساعدات إلى جميع المناطق المحاصرة من دون استثناء. وتنظر السلطات السورية بشكل خاص إلى بلدات نبل والزهراء المحاصرتين بشكل كامل منذ أكثر من عام في ريف حلب الشمالي، والفوعة في الريف الادلبي، حيث يحاصر الآلاف من سكانها من قبل الجماعات «الجهادية». وبات «داعش» يشارك في الحصار، منذ شهر، بعد أن استولى على مواقع «الجبهة الإسلامية»، على بعد كيلومتر واحد من نبل، وهو ما يعقد التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

  • فريق ماسة
  • 2014-01-26
  • 10249
  • من الأرشيف

هدنة حمص تتقدم بحذر والإبراهيمي يبحث عن أي التقاء لغم "جنيف 1": هل ينفجر اليوم؟

من دون التعهدات السورية، معارضة ونظاماً، للروس والأميركيين بالبقاء حتى الجمعة المقبل في فنادقهما السويسرية، لأغلقت أبواب المؤتمر، وعاد الوفدان أدراجهما، إلى اسطنبول لـ«الائتـــــلاف» والــــى دمشــــــق للوفـــــد الحكومي السوري. وخلال الاجتماع الذي يبدأ العاشرة من صباح اليوم في جنيف، سيحتاج المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إلى الكثير من الدراية والخبرة الديبلوماسية للعثور على أرضية مشتركة للوقوف عليها، وتأمين بقاء الوفدين في مقاعدهما حتى نهاية الأسبوع على الأقل، بعد أن استنفد كل طاقته عبثاً، في إنجاح الشق الإنساني التمهيدي، واستكمال عملية حمص وفتح أبوابها أمام قوافل المساعدات الإنسانية، وإنجاز وقف للنار في المدينة القديمة حيث لا يزال ١٢٠٠ مدني ومسلح يعيشون تحت حصار الجيش السوري. وكان الإبراهيمي يأمل، ولا يزال، البناء على العملية الإنسانية في حمص لإحداث اختراق في جدار الريبة بين الطرفين، والبناء عليها في مناطق أخرى. وخلال الساعات المقبلة، يدخل الرهان على إطلاق العملية السياسية في جنيف منعطفاً مهماً، عندما يضع كبير المفاوضين «الائتلافي» هادي البحرة، ورئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، لغمهما المنتظر في قلب «جنيف 1». إذ يدلي المفاوضان، «الائتلافي» والحكومي ببيان افتتاحي، في جلسة مشتركة هذا الصباح، تشكل اجتهاد وتفسير كل منهما لآليات تأليف «الحكومة الانتقالية» في سوريا، ومقاربتهما لبيان «جنيف 1». وبديهي أن «الائتلاف» يأتي إلى جنيف بتفسير واحد، واكبته حملة أميركية - غربية شديدة، تجعل من المؤتمر عملية تسلم وتسليم للسلطة لا أكثر ولا أقل. وترى المعارضة في مقاربتها أن جل عملية جنيف هي البند العاشر من البيان، وما يحتويه من تفصيلات عن الهيئة الحاكمة الكاملة الصلاحيات، يمثل تشكيلها أساساً لإنهاء المواجهات وعزل الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة». وتحاول المعارضة الوصول إليها من دون المرور بالمقدمات التي تفترض اختبار مصداقيتها التمثيلية في امتحان التوصل إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار، أو تبادل المعتقلين والمختطفين، وفك الحصار عن كل المناطق السورية. أما الوفد الحكومي فسيقدم، بحسب مصادر عربية، مقاربة تستند إلى ما انتهى إليه «جنيف 1»، من إعادة الأمر إلى الشعب السوري، وقبول ما يقبله ورفض ما يرفضه. ويدخل الوفد الحكومي جنيف من مقدمته التي تلتزم وقف العنف، مع التوسع في تفسيرها، للقول إنه لا حل سياسياً ولا حكومة انتقالية في سوريا، قبل إعادة الأمن والاستقرار، مكافحة الإرهاب ، والتزام دول الجوار، لا سيما تركيا والأردن، وكل ممولي الجماعات «الجهادية»، خصوصاً السعودية وقطر، بوقف التمويل والتسليح، وإغلاق الحدود أمام تدفق السلاح والمسلحين إلى سوريا. واستبق الإبراهيمي المواجهة بين قراءتي اليوم، «الائتلافية» والحكومية، واقترح تقديم مداخلة خاصة تعرض لقراءة ثالثة محايدة، تستند إلى استشارات قانونية، والاستعانة بها كمرجعية لتنفيذ بيان «جنيف 1». وقال مصدر ديبلوماسي إن الوفدين السوريين يعتبران المداخلة الإبراهيمية غير ضرورية، وأنها تخرج الأمم المتحدة عن دورها الحيادي في الوساطة بين الطرفين. وتبدو محاولة الإبراهيمي، وهي بديهية للإبقاء على احتمالات الحل قائمة، هروباً إلى الأمام، عبر التمسك بفرصة فرض تصور لجنيف، قبل الاضطرار إلى البحث في الورقتين على مشتركات، وهو أمر سيكون صعباً، بحسب ديبلوماسي أممي، للبناء عليها، ومواصلة المؤتمر في شباط المقبل. وقال الديبلوماسي، الذي يتابع العملية التفاوضية، إن شرط النجاح الآخر، الذي لم ينضج بعد، هو تعب المتحاربين السوريين، كما لم تتقدم عناصر النزاع الداخلي السوري على الإرادات الإقليمية والدولية، وعلى قدرتها على إدارة النزاع عبر وكلائها المحليين. وقال مصدر ديبلوماسي إنه وعلى عكس ما أشيع فإن الجو داخل جلسة التفاوض كان أفضل من المتوقع، وإنه لم يكن هناك أجواء عدائية، وساد جو من الاحترام المتبادل، ولكن ذلك لم يصل إلى حد المصافحات. وأبدى الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي في جنيف، «سروره» بكيفية حصول هذه المفاوضات. وقال «في الواقع أنا مسرور. لأن هناك عموماً احتراماً متبادلا، ولأن (المفاوضين) يدركون أن هذه المحاولة (المفاوضات) مهمة ويجب أن تستمر». وأضاف «آمل في أن تستمر هذه الأجواء». وتابع «أعتقد أن نكون بطيئين طريقة أفضل من أن نسرع، حيث يمكن أن نربح ساعة ولكن نخسر أسبوعاً». وكانت محاولة فرض «حمص أولا» قد منيت بالفشل خلال المفاوضات، التي شهدتها جلسة الصباح بالأمس، وانتهت إلى اتفاق على إخراج النساء والأطفال، ولاحقاً المدنيين الآخرين بعد أن تقدم المعارضة لائحة بأسمائهم. وقال مصدر ديبلوماسي إن المعارضة التي فاجأت الوفد الحكومي السوري بالإصرار على «حمص أولا»، لم تقدم عناصر كافية في الملف للتقدم فيه بشكل كاف. وقال وفد «الائتلاف» إنه يحمل معه تعهدات من الكتائب المقاتلة باحترام وقف إطلاق النار، وتيسير عملية إجلاء المدنيين، وإدخال قافلة المواد الغذائية، بعد أكثر من عام ونصف العام من الحصار. وقال المتحدث باسم «الجبهة الإسلامية» إسلام علوش إن الجبهة لم تقدم أي تعهدات من هذا النوع. وتقود «الجبهة الإسلامية»، وقائد «لواء الحق» أبو راتب، «المجلس العسكري» في المدينة القديمة المحاصرة. ولا تزال الخلافات قائمة بين المجموعات التي تنتمي إلى الشيخ أبو الحارث الخالدي، وعبد الباسط الساروت، التي تبحث عن حل تفاوضي لإخراج المدنيين من الحصار. وكانت آخر محاولة خروج بالقوة، العام الماضي، أدت إلى مقتل أكثر من 70 مسلحاً في «مجزرة المطاحن»، بعد اكتشاف الجيش السوري محاولة تسلل من حمص القديمة عبر شبكة من الأنفاق، نسفت احتمالات اختراق الحصار، من دون مفاوضات. ويعتقد متابعون للملف الحمصي أن المعارضة تحاول إنقاذ المسلحين قبل كل شيء. وأكثر ما توصل إليه «حمص أولا» هو تعهد حكومي سوري بتسهيل خروج الأطفال والنساء من المدينة القديمة، على أن تتقدم المعارضة بلائحة بأسماء المدنيين الآخرين، للتأكد من أن ليس بينهم أجانب أو مطلوبين للعدالة. والمرجح أن يبدأ تنفيذ العملية على دفعات في الساعات المقبلة، على أن تقدم المعارضة اللوائح المطلوبة. ويسعى «الائتلاف»، من خلال «حمص أولا»، إلى الحصول على مكاسب «إنسانية» على الأرض، تدعم قراره بالتفاوض مع النظام، فضلا عن تنفيذ نصائح من السفير الأميركي روبرت فورد، بالإصرار على هذه النقطة ، لتعزيز شرعية «الائتلاف». وتلقى الإبراهيمي لائحة من 1300 طفل وامرأة معتقلة، لإطلاق سراحهم، فيما وعد بتقديم لوائح تضم 47 ألف معتقل في سجون النظام. وفي مواجهة «حمص أولا» نقل مصدر ديبلوماسي لـ«السفير» أن بشار الجعفري طلب خلال الجلسة الصباحية التفاوض على رزمة كاملة، فطالب المعارضة أن تبادر إلى إطلاق من تعتقلهم من الجنود والعائلات والمدنيين، لكي تشملهم عملية التبادل. (تفاصيل صفحة 14) وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في مؤتمر صحافي، أن اللائحة التي قدمها «الائتلاف» بأسماء المعتقلين مضخمة جداً، موضحاً أنه لا يوجد أطفال في السجون السورية. وكرر أن «أول بند يجب أن يناقش (في جنيف) هو بند الإرهاب»، متسائلا «كيف نناقش مستقبل سوريا وآلة القتل مسلطة على رقاب أطفال الشعب السوري؟». وقال «على من يقود جلسات الحوار أن ينتبه إلى إعطاء هذا الجانب الأهمية التي يستحق»، مؤكداً أن الوفد السوري أعدَّ «وثيقة حول الإرهاب سنقدمها إلى الإبراهيمي عندما يرغب بمناقشة الموضوع». وأعلن انه لن يتم تسليم الحكم إلى المعارضة في جنيف. وقال «هذا خط أحمر. إذا اعتقد البعض أنهم قدموا إلى هنا لنسلمهم مفاتيح دمشق، فهم مخطئون». وقال مصدر في الوفد الحكومي إن المعارضة المسلحة تحتجز الآلاف من المدنيين في مناطق سيطرتها، ومن المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم، منذ استيلاء المعارضة على بعض المناطق لا سيما في الشمال، بالإضافة إلى الجنود والضباط، الذين لم تصرح المعارضة عن أعدادهم ولا هوياتهم. ووعد الوفد المعارض بالنظر في الطلب الحكومي، معترفاً انه لن يستطيع الحصول على لوائح كاملة، نظرا لعدم تأثيره على الجماعات «الجهادية» و«داعش» و«النصرة» التي لا تتبع «هيئة أركان الجيش الحر». وقال ديبلوماسي، يشرف على الملف والوساطة في قضايا المعتقلين، انه من المستحيل أن تقدم المعارضة «الائتلافية» قوائم ذات مصداقية، بسبب تعدد الأطراف التي تحتجز الآلاف من المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، فضلا عن تشرذم الجماعات المقاتلة، وانعدام سلطة «الائتلاف» عليها. وقال المصدر الديبلوماسي إن الجعفري عرض أن يشمل اتفاق «إنساني» أو اغاثي الأراضي السورية برمتها، ولا يقتصر على حمص وحدها، وتسهيل وصول قوافل المساعدات إلى جميع المناطق المحاصرة من دون استثناء. وتنظر السلطات السورية بشكل خاص إلى بلدات نبل والزهراء المحاصرتين بشكل كامل منذ أكثر من عام في ريف حلب الشمالي، والفوعة في الريف الادلبي، حيث يحاصر الآلاف من سكانها من قبل الجماعات «الجهادية». وبات «داعش» يشارك في الحصار، منذ شهر، بعد أن استولى على مواقع «الجبهة الإسلامية»، على بعد كيلومتر واحد من نبل، وهو ما يعقد التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

المصدر : السفير / محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة