دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قالت صحيفة "الأخباراللبنانية " إن القيادة السورية تصرّفت مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس وزرائه سعد الحريري باحترام فائق. خصّتهما باستقبال لم يعهده لبنانيّ رسميّ قبلهما. نفّذت بعض طلباتهما، وحاولت بدبلوماسية مهذبة إعلامهما برغباتها. رغم ذلك، واظب الرئيس سليمان على ممارسة «السياسة الذكية»، متوهماً أن سكان دمشق بسطاء، يصدّقون «نيّاته الحسنة». فكان أن أطلّ وئام وهاب من الرابية قائلاً بحق الرئيس الأول ما لم يقله اللواء جميل السيّد أخيراً بحق الرئيس الثاني. وهكذا، أخذ السوريّون سليمان إلى «طريقة عملهم» في علاقتهم معه. يومها، قيل إن سوريا بريئة من كلام وهّاب، وإن الوزير السابق يثور «من عنده». تماماً كما يحاول البعض اليوم نزع الغطاء السوري عن جميل السيّد والتوهّم أنّ مشكلة اللواء المتقاعد شخصيّة، لا علاقة لسوريا بها".
العلاقة بين الحريري وسوريا، خلافاً لما يشاع، لم تصل يوماً إلى مستوى مقبول على صعيد تبادل الثقة. تقول دمشق إنها قدّمت مبادرات إيجابية عدّة لإثبات نياتها الحسنة، من موقفها في الانتخابات النيابية الأخيرة إلى ترحيبها بإعادة النظر في الاتفاقيات المشتركة بين البلدين. في المقابل، واظب الحريري على قول الشيء في دمشق وفعل عكسه في بيروت. والتقارير التي تشير إلى كلام الحريري عن لقاء الضرورة مع دمشق مكدّسة عند الضباط السوريين المتابعين للملف.
بقيت الأمور على حالها بين مناورات الحريري وتبسّم دمشق، إلى أن بدأ رئيس الحكومة التلميح أمام القيادة السورية إلى إمكان تدخّلها عند حزب الله ليقبل بالقرار الظني. في هذه اللحظة، تيقّنت القيادة السورية بوضوح من «الحجم الحقيقي لمن ينامون في أسرّة الكبار السوريين». لكن مرّة أخرى، لم ينفعل الرئيس بشار الأسد، وأبلغ ضيفه بشتى اللغات السياسية موقف سوريا من المحكمة الدولية ورأيها بالعدالة التي تديرها الدول الكبرى بحسب مصالحها السياسية. وتوقعت القيادة السورية من الحريري عملاً إيجابياً، أقلّه بعد الكلام السعودي الواضح أمامه بضرورة تجنيب لبنان الفتنة. لكن، يتابع المصدر الدمشقي، يبدو أن رئيس الحكومة آثر عدم الفهم، فعاد بعد أسابيع عدّة ليناقش في صفحة كان يفترض أنها طُويت، مجدِّداً القول أمام من يعنيهم الأمر إن تجاوز الفتنة لا يكون بسحب غطائه عن المحكمة الدولية، بل بتدخّل سوريا لدى حزب الله حتى يسلِّم ظهره للجلاد. وفي النتيجة، ضاق ذرع دمشق بالحريري كما سبق أن ضاق ذرعها بسليمان. وفي المحصلة يبدو أنّ دمشق راغبة البت سريعا بملفين عالقين من المرحلة الماضية هما: المحكمة الدولية وفرع المعلومات.
في البند الأول، يشرح أحد المطّلعين أن الحريري يقول اليوم إن المحكمة باتت شأناً دولياً لا يستطيع الوقوف في وجهه، فيما دمشق تراه المعني الوحيد بهذا «الشأن الدولي»، وهو قادر على قطع حبل الكذب، إن رغب في ذلك. ويؤكد المصدر نفسه أن كلام الوزير السابق وئام وهاب، الجمعة الماضي، على قناة «المنار» ووجود الوزير السابق ميشال سماحة في منزل اللواء جميل السيّد، السبت الماضي، يسهمان في تلوين الرسالة السورية لرئيس تيار المستقبل، وخصوصاً أن الحريري لن يستطيع هذه المرة أخذ وقته في الالتحاق بالنائب وليد جنبلاط الذي رأى أخيراً أن «إلغاء المحكمة الدولية يحصل بقرار مشترك لوأد الفتنة». ويبدو في هذا السياق أن القرار السوري جازم في مساندة اللواء السيّد على المستويات كافة، ليكون «شهود الزور» مجرد البداية في الطريق إلى إلغاء المحكمة الدولية وضرب كل صدقيّتها. وترددت في هذا السياق عبارات لافتة من حيث مقاصدها مثل القول «إذا أصرّ الرئيس الحريري على التمسك بها، فليغرق معها». ويؤكّد أهل السياسة في الشام أن دمشق معنية بـ«بهدلة» المحكمة الدولية، لا لأن القرار الظني يقلق حزب الله، بل للتأكيد أنها منذ البداية «مكذبة دولية».
وعلى هامش المحكمة، يستغرب المسؤولون في سوريا كيف ينادي الرئيس الحريري بأحسن العلاقات مع سوريا، فيما لا يزال يحتضن دون أية محاسبة قضاة لبنانيين تفرّجوا على الانحراف في عمل المحكمة الدولية. وفي أكثر من صالون سياسي وأمني، يتكرر التأكيد نفسه أن الحريري «لا يستطيع أن يوافق على وجود شهود زور ويبقي في الوقت نفسه سعيد ميرزا نائباً عاماً تمييزياً»، مع تأكيد المتحدثين أن لدى تيار المستقبل شخصيات مميزة عديدة قادرة على مساعدة الحريري لإثبات نيّاته الحسنة. أما في موضوع فرع المعلومات، فثمة إجماع في دمشق على أن هذا الفرع كان المحرك الأساسي لكل الحالة الأمنية ـــــ اللبنانية المعادية لدمشق. وطوال أربع سنوات، كان هو المحرّك للأصابع التي تشير إلى دمشق بالاتهام في ارتكاب جريمة 14 شباط، ناهيك بأن لهذا الجهاز «طابع سياسي وسلوك مذهبي» لا يريح سوريا «العلمانية».
يتوقع السوريون، وفق ما باتوا يعرفونه عن الحريري، أنه لا يفهم الرسائل سريعاً، وخصوصاً أن بعض المقرّبين منه «أذكياء» إلى حدّ إقناعه بمحاولة التآمر مع سوريا على حزب الله. كما يتوقعون أن يعاند الحريري كثيراً، وذلك رغم وجود حدّ أدنى من التناغم السوري ـــــ السعودي في هذه المسألة.
وأضافت الصحيفة ان "في دمشق، يمثّل العراق بوّابة المسؤولين السوريين للدخول إلى الملف اللبناني. يوجزون القول إن سوريا تلعب دون ثوابت مقدسة في العراق، مقابل تمسّكها بالتزامين مطلقين في لبنان هما حزب اللّه وميشال عون. وبالتالي، فإن «لدى السوري ما يبيعه في العراق، حين يضطر. أما في لبنان، فهو يشتري، ولا يبيع».
وبالنسبة إلى الشام، فإن مصلحة السعودية هي في العراق أولاً و... أخيراً. فضلاً عن أن «الوطن المصيَف» لم يأت للسعودية إلا بوجع الرأس.
وتجزم دمشق بأن السعودية لا ولن تملك دنانير عراقية، لكنها تواظب على الشراء بالدَّيْن من السوريين في العراق. أما اللبنانيون، فمشكلتهم الأساسية هي اعتقادهم أنّهم حقاً محور الكون.
المصدر :
الماسة السورية .. الأخبار اللبنانية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة