دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في سياق حرب كسر العظم بين رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان وجماعة فتح الله غولين، اخترقت الاتهامات المتبادلة بين الطرفين كل سقوف الاعتبار والحرمات.
وفي حين كانت جماعة غولين تكتفي بإطلاق تهم الفساد على فريق «حزب العدالة والتنمية»، كان اردوغان بالذات يفرغ كل ما في جعبته من مفردات التقذيع والحط من شأن «الجماعة»، وبطبيعة الحال رأسها رجل الدين الداعية فتح الله غولين.
وبعدما أفاض رئيس الحكومة في وصف «الجماعة» بالعصابة و«مربض الوحوش الكاسرة والفيروس والعميلة للخارج والأداة بأيدي الآخرين»، وبعدما اتُّهمت بأنها شكلت منظمة داخل الدولة ودولة داخل الدولة، وصل الأمر بأردوغان، الثلاثاء الماضي في كلمته أمام نواب حزبه، إلى حد تشبيه جماعة غولين بطائفة الحشاشين في العهد السلجوقي بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر، والتي اشتهر عنها أنها مارست، بزعامة مؤسسها حسن الصباح، الاسماعيلي، أعمال العنف والاغتيال ضد خصومها، ولا سيما الأنظمة.
كون الحشاشين جماعة مناهضة للحكم السلجوقي، دافع كاف لأردوغان، ذي النزعة السلجوقية - العثمانية، كي يصب جام غضبه عليها، لكن أن يُسقط هذا المصطلح على جماعة غولين فهذا، على ما يظهر ويرشح ويتسرب، إيذان أو كلمة سر لانطلاق حملة تصفية شاملة، أو بالأحرى المضي في حملة التصفية وبقوة اكبر لجماعة غولين.
أتباع غولين يعتقدون أن حملة اردوغان ووسائل إعلامه على «الخوجا» (غولين) هي مقدمة لتجريمه واتهامه بتزعم عصابة تهدد امن الدولة والأمن والاستقرار في البلاد، تماما، بل أكثر، كما حصل مع جنرالات الجيش الذين حُكموا بالمؤبد وبعشرات السنين، واليوم يعود أردوغان لكسب عطف العسكر إلى المطالبة بإعادة محاكمتهم.
لكن ما كشف عنه الكاتب في صحيفة «ستار» مصطفى كرت أوغلو، في برنامج تلفزيوني الثلاثاء الماضي، قد يفك «شيفرة» تشبيه اردوغان جماعة غولين بالحشاشين. إذ ألمح كرت اوغلو إلى أن اردوغان قد يتعرض لمحاولة اغتيال. مثل هذا التلميح من جانب كرت اوغلو يفضي تلقائيا، منذ الآن، إلى تحميل جماعة غولين أي محاولة من هذا النوع.
حرب الإلغاء بين اردوغان وغولين اتخذت مؤخرا أوجها عديدة، من أهمها محاولة الجماعة عبر بعض اذرعها في الشرطة إلصاق تهمة دعم الإرهاب بهيئة الإغاثة الإنسانية، المؤيدة لأردوغان.
وترى أوساط تركية أن المرحلة المقبلة، ولا سيما العام 2014، ستكون حبلى بمفاجآت أكبر من مفاجأتي انتفاضة تقسيم - جيزي وفضيحة الفساد.
وفي هذا السياق ينظر إلى التدابير الاجتثاثية من جانب اردوغان تجاه موظفي غولين في الدولة، ولا سيما في الشرطة، وعلى هذا النحو الواسع الذي يشكل مجزرة فعلية، كما الادعاء على القضاة الذين كانوا باشروا بعملية ملاحقة المتهمين بالفساد، على أنها تؤسس لمرحلة من هذا النوع، تتسم بالغموض والشراسة والحدة والمواجهة والفعل وردود الفعل، ولن تتوقف بسهولة أو بسرعة، نظرا لحجم القوتين المتواجهتين في الساحة التركية وخارجها.
وقد يكون هذا احد اكبر أخطاء «الزعيم الذي اجتمعت فيه كل صفات الله تعالى»، على حد قول النائب عن «حزب العدالة والتنمية» وفائي ارسلان، أي أردوغان الذي ما كان له أن يصل إلى مرحلة يفكر فيها بالتخلص من نفوذ شخصية متجذرة وعريقة في المجتمع، قبل أن تكون ذات علاقات قوية مع محافل دولية وحضور مؤثر في دول كثيرة، مثل فتح الله غولين.
المصدر :
السفير/ محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة