دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دخلت الإيجابيات النظرية التي رافقت المفاوضات الحكومية في الأيام الماضية مرحلة الاختبار العملاني بـ«الذخيرةالحية»، مع الغوص في التفاصيل ومحاولة ترويض شياطينها، تمهيداً لإنزال الجميع من سقوفهم العالية عبر «سلالم سياسية»، تعيدهم الى حضن التسوية.
وفي هذا الإطار، سُجلت «دفعة على الحساب» من طرفي النزاع، فتنازلت قوى «8 آذار» عن»9-9-6» ووافق «تيار المستقبل» على مبدأ الجلوس مع «حزب الله» حول طاولة حكومية واحدة من دون ربط ذلك بالانسحاب من سوريا، على أن تكون هناك تتمة في الأيام القليلة المقبلة، إذا صدقت النيات المحلية والإقليمية.
ويشكل اللقاء المرتقب اليوم بين الرئيس نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة محطة أساسية على طريق تظهير الصورة النهائية لموقف «المستقبل»، وقياس مدى إمكانية الوصول قريباً الى حكومة جامعة على قاعدة صيغة «8-8-8» المخصبة عددياً وسياسياً، علماً أن وظيفة زيارة النائب وليد جنبلاط، أمس، إلى عين التينة هي تهيئة الأرضية أمام اجتماع بري - السنيورة اليوم.
وإذا كان لا يمكن فصل الخيار النهائي لـ«تيار المستقبل» عن الحسابات السعودية، فإن مصادر واسعة الاطلاع أكدت لـ«السفير» أن الرياض أبلغت المعنيين أنها لا تمانع في تشكيل حكومة «8-8-8» تضم «حزب الله» إذا حصل توافق لبناني عليها، وأنها في الوقت ذاته لا تتحمس لها وليست مستعدة لممارسة أي ضغط سياسي من أجل الدفع في اتجاه تشكيلها.
وترافقت هذه الإشارات السعودية مع وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ليل أمس إلى بيروت للقاء عدد من المسؤولين والقيادات.
وقد أكد ظريف في مطار بيروت أن لبنان مقاوم وصامد «ونحن نعوّل على أهميته في المنطقة وعلى تعزيز العلاقات معه»، مؤكداً أن طهران تسعى إلى أفضل العلاقات مع الرياض، «لأنها تؤسس للاستقرار والسلام في المنطقة»، ورحب بأي لقاء إيراني سعودي وعلى أي مستوى من المستويات.
أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري فقد اعتبر في مؤتمر صحافي في باريس مع نظيره القطري خالد العطية ان «حزب الله» منظمة إرهابية، وانه «انخرط في عمليات اغتيال عبر الحدود وأنشطة إرهابية، وهو يشارك في المعارك في سوريا، وشارك في نشاطات في لبنان تساهم في زعزعة الاستقرار».
في هذه الأثناء، أفادت المعلومات المتصلة بالملف الحكومي أن الرئيس سعد الحريري اتخذ قراراً قاطعاً وحاسماً بالمضي في حكومة جامعة على أساس «8-8-8»، لكن «تسييل» القرار الإيجابي للحريري يتطلب تأمين الإخراج المناسب ومنح فريق «14آذار» ثمناً ما، ولو كان شكلياً، في مقابل موافقته على الدخول الى حكومة تجمعه مع «حزب الله»، لأن هذا الفريق محرج بعد السقوف المرتفعة التي بلغها في خطابه السياسي و«الفيتو» الذي وضعه على مشاركة الحزب، لا سيما أن مفاوضات التأليف تزامنت مع قرب انطلاق أعمال المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 16 الحالي.
كما اأن وجود رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على يمين الحريري يزيد من حراجة موقف رئيس «تيار المستقبل» الذي يسعى خلال المفاوضات الى الحصول على الحد الأدنى المتاح من المكاسب لتبرير الموافقة على الدخول الى حكومة جامعة.
ويبدو أن فريق «14 آذار» يحاول تسجيل بعض النقاط على مستوى البيان الوزاري، لحفظ ماء وجهه، وتحديداً لجهة نيل ضمانات بعدم الإتيان على ذكر معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، على أن يحل مكانها تأكيد الالتزام بإعلان بعبدا، علماً ان الرئيسين سليمان وسلام وفريق «8 آذار» يطرحون تأجيل البحث في هذه المسألة الى ما بعد تشكيل الحكومة.
وقال الرئيس بري لـ«السفير» ان أجواء المشاورات والاتصالات الجارية جيدة، مشيرا الى أن لقاءه مع النائب جنبلاط يندرج في إطار «المراجعة المشتركة لنتائج الجهد الذي يبذله كل منّا لتسهيل الولادة الحكومية».
ونوّه بري بالجهد الذي يبذله الرئيس الحريري على هذا الصعيد، وأضاف: ان الرئيس الحريري ليس متجاوباً فقط مع المساعي التي تُبذل لتشكيل الحكومة الجامعة، بل هو يساهم في تذليل العقبات التي تعترضها.
وردا على سؤال حول المهلة التي حددها الرئيس سليمان حتى 20الحالي لتأليف الحكومة، أجاب: أعتقد أن هذه مهلة حث للإسراع في تشكيل الحكومة، على قاعدة أن خير البر عاجله.
وعما إذا كانت قوى «8 آذار» قد قدمت أجوبة شافية رداً على الاسئلة التي تطرحها قوى «14 آذار»، قال: لا أسئلة أو أجوبة أو شروط بل مقترحات تحسينية، حتى تأتي الحكومة بأفضل صيغة ممكنة.
وعما إذا كانت المداورة في الحقائب قد حُسمت، لفت الانتباه الى ان «الرئيس المكلف تمام سلام كان أول من طرحها، وأنا أؤيدها على أساس العدالة والشمولية، بحيث تشمل المداورة كل الحقائب والطوائف، وحتى الطوائف الصغرى». وتابع: لقد حان الوقت لنضع حداً لعادة درجت في لبنان وهي أن تصبح الوزارة أو الإدارة ملكاً لمن يتولاها، خلافاً لمبدأ «لو دامت لغيرك ما وصلت إليك».
وقال النائب جنبلاط لـ«السفير» إن الجلسات مع بري هي دائما إيجابية ومريحة، لافتاً الانتباه الى أنه لمس لديه حرصاً على الاستقرار والحوار.
وأشار الى أن النقاش تناول الى جانب الملف الحكومي، الوضع في المنطقة، مؤكدا أهمية الحل السياسي في سوريا.
أما الوزير وائل ابو فاعور، فأكد لـ«السفير» أن اللقاء مع بري إيجابي والنقاش الذي دار معه حول الوضع الحكومي كان مثمراً.
وأبلغت أوساط سلام «السفير» أن الجو الإيجابي يطغى على الاتصالات، مشيرة الى أن ثلاثة من الأسئلة التي طرحها فريق 14 آذار» لا خلاف عليها وهي المتعلقة بشكل الحكومة، والمداورة الشاملة في الحقائب، وعدم فرض أي اسم للتوزير على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ويبقى موضوع البيان الوزاري والتزام إعلان بعبدا، وهو أمر يرى الرئيسان سليمان وسلام انه يجب أن يؤجل الى ما بعد التأليف.
وأشارت الى أن ما يجري خلال المفاوضات محاولات تطمين من الكل للكل، وقالت إن النصيحة على ما يبدو أُسديت لكل الأطراف اللبنانية ومن أغلب القوى الدولية والاقليمية بأن يعمل اللبنانيون على معالجة أزمتهم بأيديهم. وأضافت: «بناءً على هذه النصائح والتمنيات يبدو أن طرفي الأزمة اقتنعا بتدوير الزوايا وتقديم تنازلات أو تسهيلات متبادلة، وتبقى تفاصيل من شأنها أن تطمئن هذا الطرف أو ذاك، ستبحث خلال الأسبوع الحالي».
الى ذلك، وصل العماد ميشال عون أمس الى روما، حيث سليتقي البابا فرانسيس وعدداً من المسؤولين في الفاتيكان، للتباحت معهم في المخاطر التي تتهدد الوجود المسيحي في المشرق، الى جانب الوضع اللبناني، لا سيما ما يتصل منه بالشأن الحكومي والاستحقاق الرئاسي.
المصدر :
السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة