دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ثمة تخوف لدى الأجهزة العسكرية والأمنية المعنية، من احتمال حصول رد إرهابي على توقيف «أمير كتائب عبدالله عزام»، السعودي ماجد الماجد، يستهدف ثكنات عسكرية أو مناطق نفوذ تابعة لـ«حزب الله». وينقسم الضباط المعنيون إلى رأيين: الأول يقول إن الجيش والحزب هدفان أساسيان قبل توقيف الماجد، والثاني يؤكد أن الهدفين أصبحا في مرمى التهديد جدياً الآن أكثر من أي وقت مضى، مرجحين استهداف الحزب لا الجيش، وذلك لأسباب عدة.
أبرز الأسباب التي يستند إليها الضباط في رأيهم، مفادها أن «أي هجوم خطر على الجيش صعب من الناحية اللوجستية، ولديه انعكاسات يحسبها المنفذون جيداً: الأصوليون يعتبرون لبنان، حتى الساعة، أرض نصرة لسوريا وليس ساحة جهاد، وبالتالي يهمهم أن يتنقلوا من دون مضاعفة خناق أمني - عسكري عليهم».
لكن في حال تم استهداف الجيش، سيقوم الأخير بحملة دهم واعتقالات واسعة ومكثفة، من شأنها شلّ حركتهم في لبنان. أما استهداف مناطق مدنية محسوبة على الحزب، وفق الضباط، فيعتبره المنفذون أمراً أسهل من الناحية اللوجستية، علماً أن ضباطاً آخرين يرجحون استهداف الجيش ما إن تتسنى لهم الفرصة، سواء قبل استهداف الحزب أم بعده: السؤال الذي يتردد مفاده أن الرد سببه توقيف الماجد، أم تهمة «قتله» اثر توقيفه؟
التوجس من رد إرهابي لا يقتصر على الجيش والحزب، بل ثمة معلومات ترجّح احتمال تنفيذ عملية أمنية تستهدف السفارة الأميركية في بيروت. لكن أحداً لا يعرف، حالياً، ما هي القناعة التي تكتنف قيادة «القاعدة»: هل لدى التنظيم معلومات موثقة بأن الاستخبارات الأميركية، هي فعلاً من زوّد الجيش بتحركات الماجد من سوريا إلى لبنان، وبالتالي الرد سيشمل المصالح الأميركية لهذا السبب؟
وفي حين يعزز الجيش إجراءاته الأمنية تحسباً لرد على ثكناته ومراكزه العسكرية، علمت «السفير» أن سيارات بعض الوزراء والنواب والقضاة والضباط، تسبب حالة من البلبلة والتشويش لدى الجيش و«فرع المعلومات».
تشير المعلومات إلى أن الجهازين الأمنيين، تشتبه دورياتهما الأمنية بسيارات رباعية الدفع ذات زجاج داكن، لا تتطابق أرقام لوحاتها مع الأرقام الأصلية، فيتم ملاحقتها وفق إجراء وقائي، يستبق ركن السيارة في أماكن معيّنة قبل تفجيرها.
وتبين أن هؤلاء الوزراء والنواب والقضاة والضباط، قاموا أخيراً بتغيير لوحات السيارات وبدّلوها بأرقام وهمية مزوّرة، انطلاقاً من ذريعة مفادها انهم يقومون بتمويه أمني، خصوصاً بعد توقيف الماجد ثم وفاته.
قبل التوقيف وبعده
تؤكد مصادر رسمية واسعة الإطلاع لـ«السفير»، أن الماجد لم ينطق بحرف واحد منذ توقيفه لدى مخابرات الجيش في 27 الماضي إلى حين وفاته أخيراً، موضحة أن وجهة سير سيارة الإسعاف التي أقلته من «مستشفى المقاصد» لم تكن إلى سورية كما يتردد، بل إلى مستشفى آخر خارج العاصمة بسبب تدهور وضعه الصحي واقترابه من حافة الموت.
وتفيد معلومات «السفير» بأن السيناريو الذي اعتمده الماجد في انتقاله من سورية إلى لبنان لمعالجة الكلى، استند إلى الخطة التالية: طلبت مجموعة معارضة للنظام السوري من خ.ح. (لبناني من كامد اللوز) الاهتمام بالماجد صحياً ومالياً، من دون أن يَعرِف هويتَهُ الحقيقية، بل اكتفوا بإبلاغه أنه شخص (كان يحمل اسماً سورياً مستعاراً) تابع للمعارضة السورية، ويعاني من أمراض صحية خطرة.
تضيف المعلومات أن الماجد لم يرافقه أحد لأسباب أمنية ولإبعاد الشبهة، إذ يُفضل أن يظهر على أنه مثله مثل أي جريح أو مريض سوري، تجري العادة بأن يتم نقله إلى «مستشفى فرحات» في جب جنين، ثم لاحقاً إلى «المقاصد» في بيروت. وبالفعل، سدد خ.ح. نحو 17 مليون ليرة في «المقاصد» وطلب نقله إلى مستشفى آخر اثر تدهور حالته الصحية، وبعدما أبلغه الوسطاء أن وضع الرجل الأمني لم يعد محتملاً في «المقاصد» بسبب وجوده 13 يوماً هناك.
وكان المقرّبون من الماجد، الذين يمكثون في سورية، يعتمدون نظرية مفادها الآتي: نحن أمام خيارين، إما أن يبقى في سورية من دون معالجة وبالتالي يموت شيئاً فشيئاً، وإما المجازفة بنقله إلى لبنان للمعالجة. في لبنان، ثمة احتمالان أيضاً، إما أن يُشفى ويعود إلى سورية، وإما أن يُقبض عليه ثم يتماثل للعلاج ولاحقاً يتم تهريبه على غرار ما حصل في العراق. وفي كل الحالات، كان الهاجس الأساس لدى الحلقة المقربة من الماجد، يكمن في إنقاذ حياته مهما كلّف الأمر.
وعلمت «السفير» أن المعلومات التي ترددت عن محاولة تهريب الماجد في 15 الماضي، حين نُفذ اعتداءان على الجيش في الأولي ومجدليون، ليست دقيقة على الإطلاق: أولاً، الماجد نُقل إلى «مستشفى المقاصد» من 14 كانون الأول الماضي حتى 27 منه، أي أنه كان موجوداً في المستشفى عند وقوع الاعتداءين. ثانياً، لم تركن أي سيارة جانباً على حاجز الأولي العسكري، بل كان المعتدون يسيرون على الأقدام، وبالتالي لم يكن ثمة محاولة لتهريب سيارة معيّنة.
وأكدت مصادر رسمية مطلعة أن أمير «كتائب عبدالله عزام» لم يتم القبض عليه عبر ملاحقة سيارة الإسعاف وتوقيفها بغتة، ولا من خلال دهم المستشفى، بل نُصب حاجز عسكري انتظر مرور السيارة بين منطقتي الصياد والحازمية، فأوقفها وكان الماجد فيها وحيداً مع الطاقم الطبي. وتوضح مصادر رسمية واسعة الإطلاع لـ«السفير»: لو لم يكن وضع الماجد الصحي خطراً إلى حد يقترب من الموت، ما كان سيخاطر المقرّبون منه بمجيئه إلى لبنان وتنقله بين منطقة وثانية، لكن خطورة وضعه حتمت عليه خوض مجازفة تُوجت بتوقيفه.
«العقل المدبّر»
يؤكد ضباط مخضرمون أن «لا دليل دامغاً يثبت وجود الماجد في مخيم عين الحلوة منذ العام 2011، إذ تستند المعلومات عن مكوثه في المخيم إلى تقارير من مخبرين غير موثوقين»، لافتين إلى أن «الحديث الأمني حالياً يتمحور حول الشخصية التي ستخلف الماجد».
وتشير معلومات «السفير» إلى أن الإعلان رسمياً عن خليفة الماجد أمر مستبعد حتى الساعة، وذلك لأسباب أمنية ولإبعاد الشبهة وأصابع الاتهام عن مخيم «عين الحلوة»، إذ تفيد المعطيات الرسمية لدى الأجهزة الأمنية المعنية، أن الأمير الفعلي هو توفيق طه وليس الماجد، ومن المُرجّح أنه هو من سيخلف إمارة «كتائب عبدالله عزام» لكن من دون الإعلان عن ذلك.
ويوضح ضباط معنيون أن طه هو «العقل المدبّر» للكتائب، من حيث التخطيط والتجنيد والتمويل، ويستبعدون أن يكون خليفة الماجد خليجياً، لأن الكتائب تعتبر أن أميرها يجب أن يكون من بلاد الشام، ولذلك لم يكن ثمة صفة رسمية واضحة وموثقة تؤكد أن الماجد هو أمير الكتائب في المنطقة العربية، لأنه ليس من بلاد الشام.
وتظهر التحقيقات الرسمية مع موقوفين أصوليين، أن طه كان وما زال «الدماغ الخطير» في «كتائب عزام» التابعة لـ«القاعدة»، ويعتمد أسلوب الشبكات العنقودية في عمليات التجنيد، أي أن الخلايا لا تعرف بعضها.
وثمة شقيقان تبين أنهما يعملان مع طه لكن من دون معرفة أحدهما بالآخر، إلى حين توقيفهما. ويوضح ضباط معنيون أن «الصوَر التي انتشرت في وسائل الإعلام عن طه ليست دقيقة، بل تعود لأسامة الشهابي، بينما طه لا توجد له صورة واضحة وقريبة ومؤكدة لدى أي أحد».
المصدر :
السفير/ جعفر العطار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة