قبل استعراض المواقف التي رسمت صورة جديدة للمشهد الدولي انطلاقا من سورية ، التي ستكون الازمة المتعلقة بها موضوعا للبحث في مؤتمر جنيف 2 – اذا انعقد – نذكر بان المؤتمر العتيد هذا انقلب حقيقة الى ميدان لصرف نتائج المواجهة بين المتصارعين الدوليين على الارض السورية ،

و هو الصراع المستمر بين من اعتدى و هاجم ، و من صمد و دافع ، و بينهما اطراف يتفاوت انخراطهم بالمسألة دون ان يصل احدهم الى مرتبة الحياد ، فالازمة السورية هي حقيقة بمثابة الحرب الكونية الرابعة التي لم تدع لاحد من اللاعبين الرئيسين على المسرح الدولي ، او الطامحين او المستعملين على المسرح الاقليمي ، لم تدع له فرصة ادعاء الحياد و التزامه ، و كيف يكون محايدا او نائيا بنفسه من سيتأثر بنتائج هذا الصراع شاء ام ابى .

و عليه فاننا نرى ان مؤتمر جنيف 2 و ما سيليه او ما سيكون بديلا عنه (في حال صرف النظر عنه ) ، سيكون مؤتمرا دوليا لاعادة النظر بخرائط النفوذ الدولي و الفضاءات الاستراتيجية العالمية و ارساء القواعد التي ستنتظم العلاقات الدولية بموجبها. و بعبارة اخرى نقول انه و كما كانت سورية و نظام الحكم و الاصلاحات المدعاة فيه عنوانا للعدوان ثم ظهرت المواجهة بانها حرب كونية فعلية فان هذا المؤتمر سيتخذ من سورية عنوانا و مدخلاً ثم يكون الفضاء الدولي كله موضوعا له . و على ضوء هذه الحقيقة نفهم التنافس المحموم بين هذه الدولة او تلك ، و نسجل المواقف الاساسية المؤثرة مؤخرا على المشهد كما يلي :

1) سعي المملكة السعودية- التي تبدو الان قائدة الهجوم على سورية – الى صفقة مع روسيا تستبق بها مؤتمر جنيف 2 الذي حدد موعده في 2212014 ،سعي لتوزيع السلطة السورية وفقا لعرض قدمه امير مخابراتها بندر الى الرئيس الروسي بوتين ، عرض جاء بعد ان رفضت اميركا خطته العسكرية الرامية الى تشكيل فيلق اسلامي مسلح من 120.000 عنصرا مهمته استيعاب جميع التشكيلات الارهابية المسلحة و توحيدها في جبهة اسلامية واسعة بقيادة سعودية تتولى اسقاط النظام بمهلة ستة اشهر . و قد رفض الاميركيون الخطة و وصفوها ب “المضحكة التي تثير الشفقة” . لذا ذهب بندر الى روسيا بعرض سياسي لتقاسم السلطة بين النظام و المعارضة يكون للاول فيها سلطة صورية شكلية تحفظ وجوده المعنوي بعد افراغه من اي فعالية ، و تتولى المعارضة السلطة الفعلية و ترتبط مباشرة بالسعودية التي تتعهد بتعمير ما دمره مرتزقتها و تكفيرييوها . و طبعا كان من البديهي ان تسخر روسيا من العرض و تصد صاحبه الذي عاد خائبا بخفي حنين ، بعد ان اشعرته بانه لا زال محكوما بمحدودية الرؤية و الانفصال عن الواقع و ان عرضه يتجاوز قواعد المنطق و السيادة ما جعله ساقطا على اصله . لكن رغم عيوب العرض و فساده فقد يستفاد منه شيئاً اساسيا فحواه تراجع السعودية عن مواقفها المعلنة التي حكمت سلوكها منذ بدأ العدوان على سورية و التي كانت تتمحور حول القول ” لا محل للنظام القائم و لرجاله بقيادة الرئيس الاسد في مستقبل سورية “. لكن السعودية و بعد رفض عروضها العسكرية و السياسية غير الواقعية ، انفلبت الى ” ذئب جريح ” يسعى الى الانتقام باي طريقة ويريد افساد اي حل فاتجهت الى اعلان حلفها مع اسرائيل و انطلقت في اعمال انتحارية ارهابية في سورية و تتوسع الان الى لبنان بنارها..

2) خشية غربية من تمدد الارهاب الى الغرب و فتصاعد الاصوات محذرة من خطر الارهابيين الذين قد يعودون من سورية الى اوطان يحملون جنسيتها في اروبا و اميركا ، و قد تحدث وزراء و مسؤولون اروبيون و اميريكيون عن عدد لهؤلاء تعدى ال 2000 اروبي و 800 اميركي بحسب ما لديهم من احصاء رسمية كما تحدث الاعلام الغربي عن عدد قد يصل الى 4500 ارهابي من جنسيات اروبية او اميركية بامكانهم الدخول الى “وطنهم ” بشكل اعتيادي ، ثم بامكانهم استعمال الخبرات الارهابية التي حصلوها في سورية من اجل زعزعة الامن و الاستقرار في الغرب . و يستفاد من هذا التحذير ثلاثة امور ، الاول قناعة غربية بان حرب الارهابيين في سورية باتت من غير افق و لا يمكنهم الاستمرار ،و ان من لن يقتل في المواجهة مع الجيش العربي السوري سيضطر الى العودة الى وطنه في الغرب ، و الثالث ان الغرب سيكون ميدانا للارهاب ما ينبغي الحذر من الوقوع فيه . و على هذه الاستنتاج تبنى المواقف التي يأتي في طليعتها حاجة الغرب الى عمل حقيقي جدي لمحاربة الارهاب قبل ان يستفحل في مدنه ، ما يعني انه بات لمؤتمر جنيف2 (او مونترو بعد ان تم نقل المكان ) وظيفة هامة تعتبر مصلحة غربية و هي محاربة الارهاب و وضعه على رأس جدول الاعمال قبل اي عمل آخر و هنا سيكون الغرب الذي قاد العدوان مضطرا للعودة الى سورية ليبحث معها كيف تكون الحرب ضد الارهاب . و بهذا نفسر بعض المساعي التي بدأت و ان بخجل ما لجهة التواصل مع سورية ، و يفسر كلام الرئيس السابق للسي اي ايه بان السيناريو الافضل اليوم للعالم هو بقاء الرئيس الاسد و نظامه في سورية لان البديل هو الفوضى و التفتيت و تفشي الارهاب .

3) انهيار “الجيش السوري الحر” و القرار الاميركي – البريطاني بوقف المساعدات العسكرية له . قرار اعقب تشرذم جماعات ما يسمى “جيش حر” الذي سقطت مواقعه في الشمال السوري بيد ارهابيي ” جيش بندر القاعدية ” و تشتت ما يسمى اركان و قيادة له بين مقتول و مصاب و هارب . و الى جانب الفضيحة التي صفعت الغرب حيث ظهر علانية ما يمارسه من نفاق عندما كان يدعي انه لا يزود المعارضة المعتدلة ب”اسلحة فتاكة” تبين ان مساعداته هي صواريخ و متفجرات لا تستعمل طبعا طعاما او حليبا للاطفال او دواء للمرضى . الى جانب ذلك كان للقرار مفاعيل و دلالات هامة فهو اجهز على معنويات ما تبقى من شراذم “الجيش الحر” – الذراع العسكري للائتلاف الذي شاءته اميركا ممثلا حصريا للمعارضة السورية و هو ما كانت تعول عليه لتشكيل و فد المعارضة الى جنيف 2 – ما ادى الى تجريد اميركا من ورقتها هذه فتعقدت مهمتها في دعم ما تسميه معارضة معتدلة او في تعيين الوفد لتمثيلها في جنيف 2 و قد باتت اميركا الان امام تحدي كبيرفرض عليها الاختيار بين القبول بما تسميه ارهابيين لاشراكهم في المؤتمر كونهم هم من يسيطر على ما هو خارج يد السلطة من ارض (ترفض سورية ذلك خاصة و ان معظمهم غير سوريين ) او تجاوز هؤلاء و عندها لا يكون لمؤتمر جنيف انعكاس على الميدان . و في الحالين يكون الامر بمثابة تصفية الشان الداخلي من ملفات جنيف لان الحكومة غير مضطرة لمحاورة من لا يملك شيئا و لايمثل احدا في سورية . و هذا ما حذر منه وزير الدفاع الاميركي هايغل و وصفه بهزائم المعارضة المسلحة المعتدلة بانها عقدت الامور، و لا يغير من الصورة ما قال به السفير الاميركي فورد عن استمرار دعم اميركا للائتلاف السوري. او ما وعد به كيري من احتمال العودة عن قرار تجميد المساعدات العسكرية !

4) اما على صعيد الاجراءات التنفيذية المتعلقة بمؤتر جنيف يستوقفنا تحديد 27122013 اي بعد عشرة ايام ” موعدا نهائيا لتعيين الوفود السورية الرسمية و المعارضة و الا …. ” . و اذا كانت الحكومة السورية على اتم الجهوز و الاستعداد لتعيين وفدها هذا ان لم تكن عينته بعد لان تعينه لا يكلفها الكثير من الجهد لان كل شيء واضح و محسوم لديها ، لكن الامر على نقيض ذلك لدى ما يسمى المعارضة المشتتة و التي تزداد تفتتا يوما بعد يوم ما يجعل امر تشكيل وفد منها مهمة مستحيلة و يستتبع القول باحد امرين : تاجيل انعقاد المؤتمر و هذا هو الارجح كما يبدو ، او انعقاده للتعارف في غياب المعارضة و بحث شأن الارهاب حصرا و هو ما بات يعني القوى الدولية.

و في الخلاصة فاننا نرى استنادا لما تقدم و في مقابل صلابة جبهة الدفاع عن سورية منها الى ايران و المقاومة في لبنان و انتهاءا بروسيا و الصين ، صلابة تحقق و تراكم الانجازات الميدانية و السياسية نجد ان جبهة العدوان التي تصدعت سياسيا و ميدانيا انقسمت الى تيارات ثلاثة ، الاول تقوده السعودية و تدعمها اسرائيل و هي لا زالت تمني النفس بريح ما و تعتقد ان امتلاكها زمام “معظم الجهات الاسلامية المقاتلة ” سيمكنها من تحقيق الاهداف ، و الثاني يتمثل بقطر و تركيا و معهما فرنسا التي يعبر وزير خارجيتها عن اليأس و التشاؤم و هو تيار ادرك استحالة نجاح المشروع لكنه يخشى من الاستسلام السريع و لهذا فهو بحاجة الى وقت ما ليتكيف مع النتائج ، و الثالث و هو راس العدوان المتمثل باميركا و معها بريطانيا (يصف الاعلام الغربي سياستهما بالافلاس في سورية ) تيارادرك استحالة اسقاط النظام و تحقيق النجاح الذي يريد ، و بات يدرك حجم المخاطر التي تتهدد مصالحه مباشرة من جراء استمرار النار قي سورية لذا بدأ رحلة “التراجع الذكي المدروس ” و بات ملزماً باعادة ترتيب الاولويات لديه لجهة تقديم محاربة الارهاب على ما عداه ، خاصة بعد تشكل قناعة لديه باستحالة الانتصار على سورية مع ما يستتبع تسليمه باستمرارها في موقعها الجيوسياسي الذي كانت فيه قبل العدوان و تعزيز هذا الموقع في محور المقاومة….لكل ذلك نرى ان هناك صعوبة بالغة الان في انعقاد مؤتمر جنيف في الموعد المضروب ، و اذا انعقد فان محاربة الارهاب ستتقدم على اي بحث آخر .

  • فريق ماسة
  • 2013-12-17
  • 10379
  • من الأرشيف

خريطة المواقف الدولية و متغيرات المشهد السوري

قبل استعراض المواقف التي رسمت صورة جديدة للمشهد الدولي انطلاقا من سورية ، التي ستكون الازمة المتعلقة بها موضوعا للبحث في مؤتمر جنيف 2 – اذا انعقد – نذكر بان المؤتمر العتيد هذا انقلب حقيقة الى ميدان لصرف نتائج المواجهة بين المتصارعين الدوليين على الارض السورية ، و هو الصراع المستمر بين من اعتدى و هاجم ، و من صمد و دافع ، و بينهما اطراف يتفاوت انخراطهم بالمسألة دون ان يصل احدهم الى مرتبة الحياد ، فالازمة السورية هي حقيقة بمثابة الحرب الكونية الرابعة التي لم تدع لاحد من اللاعبين الرئيسين على المسرح الدولي ، او الطامحين او المستعملين على المسرح الاقليمي ، لم تدع له فرصة ادعاء الحياد و التزامه ، و كيف يكون محايدا او نائيا بنفسه من سيتأثر بنتائج هذا الصراع شاء ام ابى . و عليه فاننا نرى ان مؤتمر جنيف 2 و ما سيليه او ما سيكون بديلا عنه (في حال صرف النظر عنه ) ، سيكون مؤتمرا دوليا لاعادة النظر بخرائط النفوذ الدولي و الفضاءات الاستراتيجية العالمية و ارساء القواعد التي ستنتظم العلاقات الدولية بموجبها. و بعبارة اخرى نقول انه و كما كانت سورية و نظام الحكم و الاصلاحات المدعاة فيه عنوانا للعدوان ثم ظهرت المواجهة بانها حرب كونية فعلية فان هذا المؤتمر سيتخذ من سورية عنوانا و مدخلاً ثم يكون الفضاء الدولي كله موضوعا له . و على ضوء هذه الحقيقة نفهم التنافس المحموم بين هذه الدولة او تلك ، و نسجل المواقف الاساسية المؤثرة مؤخرا على المشهد كما يلي : 1) سعي المملكة السعودية- التي تبدو الان قائدة الهجوم على سورية – الى صفقة مع روسيا تستبق بها مؤتمر جنيف 2 الذي حدد موعده في 2212014 ،سعي لتوزيع السلطة السورية وفقا لعرض قدمه امير مخابراتها بندر الى الرئيس الروسي بوتين ، عرض جاء بعد ان رفضت اميركا خطته العسكرية الرامية الى تشكيل فيلق اسلامي مسلح من 120.000 عنصرا مهمته استيعاب جميع التشكيلات الارهابية المسلحة و توحيدها في جبهة اسلامية واسعة بقيادة سعودية تتولى اسقاط النظام بمهلة ستة اشهر . و قد رفض الاميركيون الخطة و وصفوها ب “المضحكة التي تثير الشفقة” . لذا ذهب بندر الى روسيا بعرض سياسي لتقاسم السلطة بين النظام و المعارضة يكون للاول فيها سلطة صورية شكلية تحفظ وجوده المعنوي بعد افراغه من اي فعالية ، و تتولى المعارضة السلطة الفعلية و ترتبط مباشرة بالسعودية التي تتعهد بتعمير ما دمره مرتزقتها و تكفيرييوها . و طبعا كان من البديهي ان تسخر روسيا من العرض و تصد صاحبه الذي عاد خائبا بخفي حنين ، بعد ان اشعرته بانه لا زال محكوما بمحدودية الرؤية و الانفصال عن الواقع و ان عرضه يتجاوز قواعد المنطق و السيادة ما جعله ساقطا على اصله . لكن رغم عيوب العرض و فساده فقد يستفاد منه شيئاً اساسيا فحواه تراجع السعودية عن مواقفها المعلنة التي حكمت سلوكها منذ بدأ العدوان على سورية و التي كانت تتمحور حول القول ” لا محل للنظام القائم و لرجاله بقيادة الرئيس الاسد في مستقبل سورية “. لكن السعودية و بعد رفض عروضها العسكرية و السياسية غير الواقعية ، انفلبت الى ” ذئب جريح ” يسعى الى الانتقام باي طريقة ويريد افساد اي حل فاتجهت الى اعلان حلفها مع اسرائيل و انطلقت في اعمال انتحارية ارهابية في سورية و تتوسع الان الى لبنان بنارها.. 2) خشية غربية من تمدد الارهاب الى الغرب و فتصاعد الاصوات محذرة من خطر الارهابيين الذين قد يعودون من سورية الى اوطان يحملون جنسيتها في اروبا و اميركا ، و قد تحدث وزراء و مسؤولون اروبيون و اميريكيون عن عدد لهؤلاء تعدى ال 2000 اروبي و 800 اميركي بحسب ما لديهم من احصاء رسمية كما تحدث الاعلام الغربي عن عدد قد يصل الى 4500 ارهابي من جنسيات اروبية او اميركية بامكانهم الدخول الى “وطنهم ” بشكل اعتيادي ، ثم بامكانهم استعمال الخبرات الارهابية التي حصلوها في سورية من اجل زعزعة الامن و الاستقرار في الغرب . و يستفاد من هذا التحذير ثلاثة امور ، الاول قناعة غربية بان حرب الارهابيين في سورية باتت من غير افق و لا يمكنهم الاستمرار ،و ان من لن يقتل في المواجهة مع الجيش العربي السوري سيضطر الى العودة الى وطنه في الغرب ، و الثالث ان الغرب سيكون ميدانا للارهاب ما ينبغي الحذر من الوقوع فيه . و على هذه الاستنتاج تبنى المواقف التي يأتي في طليعتها حاجة الغرب الى عمل حقيقي جدي لمحاربة الارهاب قبل ان يستفحل في مدنه ، ما يعني انه بات لمؤتمر جنيف2 (او مونترو بعد ان تم نقل المكان ) وظيفة هامة تعتبر مصلحة غربية و هي محاربة الارهاب و وضعه على رأس جدول الاعمال قبل اي عمل آخر و هنا سيكون الغرب الذي قاد العدوان مضطرا للعودة الى سورية ليبحث معها كيف تكون الحرب ضد الارهاب . و بهذا نفسر بعض المساعي التي بدأت و ان بخجل ما لجهة التواصل مع سورية ، و يفسر كلام الرئيس السابق للسي اي ايه بان السيناريو الافضل اليوم للعالم هو بقاء الرئيس الاسد و نظامه في سورية لان البديل هو الفوضى و التفتيت و تفشي الارهاب . 3) انهيار “الجيش السوري الحر” و القرار الاميركي – البريطاني بوقف المساعدات العسكرية له . قرار اعقب تشرذم جماعات ما يسمى “جيش حر” الذي سقطت مواقعه في الشمال السوري بيد ارهابيي ” جيش بندر القاعدية ” و تشتت ما يسمى اركان و قيادة له بين مقتول و مصاب و هارب . و الى جانب الفضيحة التي صفعت الغرب حيث ظهر علانية ما يمارسه من نفاق عندما كان يدعي انه لا يزود المعارضة المعتدلة ب”اسلحة فتاكة” تبين ان مساعداته هي صواريخ و متفجرات لا تستعمل طبعا طعاما او حليبا للاطفال او دواء للمرضى . الى جانب ذلك كان للقرار مفاعيل و دلالات هامة فهو اجهز على معنويات ما تبقى من شراذم “الجيش الحر” – الذراع العسكري للائتلاف الذي شاءته اميركا ممثلا حصريا للمعارضة السورية و هو ما كانت تعول عليه لتشكيل و فد المعارضة الى جنيف 2 – ما ادى الى تجريد اميركا من ورقتها هذه فتعقدت مهمتها في دعم ما تسميه معارضة معتدلة او في تعيين الوفد لتمثيلها في جنيف 2 و قد باتت اميركا الان امام تحدي كبيرفرض عليها الاختيار بين القبول بما تسميه ارهابيين لاشراكهم في المؤتمر كونهم هم من يسيطر على ما هو خارج يد السلطة من ارض (ترفض سورية ذلك خاصة و ان معظمهم غير سوريين ) او تجاوز هؤلاء و عندها لا يكون لمؤتمر جنيف انعكاس على الميدان . و في الحالين يكون الامر بمثابة تصفية الشان الداخلي من ملفات جنيف لان الحكومة غير مضطرة لمحاورة من لا يملك شيئا و لايمثل احدا في سورية . و هذا ما حذر منه وزير الدفاع الاميركي هايغل و وصفه بهزائم المعارضة المسلحة المعتدلة بانها عقدت الامور، و لا يغير من الصورة ما قال به السفير الاميركي فورد عن استمرار دعم اميركا للائتلاف السوري. او ما وعد به كيري من احتمال العودة عن قرار تجميد المساعدات العسكرية ! 4) اما على صعيد الاجراءات التنفيذية المتعلقة بمؤتر جنيف يستوقفنا تحديد 27122013 اي بعد عشرة ايام ” موعدا نهائيا لتعيين الوفود السورية الرسمية و المعارضة و الا …. ” . و اذا كانت الحكومة السورية على اتم الجهوز و الاستعداد لتعيين وفدها هذا ان لم تكن عينته بعد لان تعينه لا يكلفها الكثير من الجهد لان كل شيء واضح و محسوم لديها ، لكن الامر على نقيض ذلك لدى ما يسمى المعارضة المشتتة و التي تزداد تفتتا يوما بعد يوم ما يجعل امر تشكيل وفد منها مهمة مستحيلة و يستتبع القول باحد امرين : تاجيل انعقاد المؤتمر و هذا هو الارجح كما يبدو ، او انعقاده للتعارف في غياب المعارضة و بحث شأن الارهاب حصرا و هو ما بات يعني القوى الدولية. و في الخلاصة فاننا نرى استنادا لما تقدم و في مقابل صلابة جبهة الدفاع عن سورية منها الى ايران و المقاومة في لبنان و انتهاءا بروسيا و الصين ، صلابة تحقق و تراكم الانجازات الميدانية و السياسية نجد ان جبهة العدوان التي تصدعت سياسيا و ميدانيا انقسمت الى تيارات ثلاثة ، الاول تقوده السعودية و تدعمها اسرائيل و هي لا زالت تمني النفس بريح ما و تعتقد ان امتلاكها زمام “معظم الجهات الاسلامية المقاتلة ” سيمكنها من تحقيق الاهداف ، و الثاني يتمثل بقطر و تركيا و معهما فرنسا التي يعبر وزير خارجيتها عن اليأس و التشاؤم و هو تيار ادرك استحالة نجاح المشروع لكنه يخشى من الاستسلام السريع و لهذا فهو بحاجة الى وقت ما ليتكيف مع النتائج ، و الثالث و هو راس العدوان المتمثل باميركا و معها بريطانيا (يصف الاعلام الغربي سياستهما بالافلاس في سورية ) تيارادرك استحالة اسقاط النظام و تحقيق النجاح الذي يريد ، و بات يدرك حجم المخاطر التي تتهدد مصالحه مباشرة من جراء استمرار النار قي سورية لذا بدأ رحلة “التراجع الذكي المدروس ” و بات ملزماً باعادة ترتيب الاولويات لديه لجهة تقديم محاربة الارهاب على ما عداه ، خاصة بعد تشكل قناعة لديه باستحالة الانتصار على سورية مع ما يستتبع تسليمه باستمرارها في موقعها الجيوسياسي الذي كانت فيه قبل العدوان و تعزيز هذا الموقع في محور المقاومة….لكل ذلك نرى ان هناك صعوبة بالغة الان في انعقاد مؤتمر جنيف في الموعد المضروب ، و اذا انعقد فان محاربة الارهاب ستتقدم على اي بحث آخر .

المصدر : البناء / أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة